اسلاميات

ام موسى عليه السلام

لقد ولدت ام موسى عليه السلام وعاشت وتربت في مصر من أسرة كريمة وعريقة وصالحة، وقيل إن اسمها يكون محيانة، أو يوخابذ، أو يارخا، وتزوجت أحد أبناء سيدنا يعقوب عليه السلام، وهو يكون عمران بن قاهت بن لاوي بن سيدنا يعقوب عليه السلام، وذكرت قصة أم موسى في سورتين من القرآن الكريم، أولهما في سورة طه، والأخرى في سورة القصص، وتتحدث تلك الآيات عن قصتها من حيث تلقيها وحيًا بأن ترضع طفلها موسى ثم تقوم بوضعه في صندوق وتلقيه في النهر خوفًا من غضب فرعون.

قتل رجال فرعون لأبناء بني إسرائيل

كان وقتها يقتل رجال فرعون كل أبناء بني إسرائيل لأنه رأي حلمًا أن موته سيكون على يد طفل من بني إسرائيل ومع ذلك الوحي، كان هناك وعدًا من الله عز وجل إلى أم موسى  بأنه سيحفظ ابنها ويرده إليها ويجعله من المرسلين.

يمكن التعرف على معلومات عن اين كلم الله موسى؟ وتفاصيل تكليم الله لنبيه موسى وفضل تكليم الله لموسى أضغط هنا: اين كلم الله موسى؟ وتفاصيل تكليم الله لنبيه موسى وفضل تكليم الله لموسى

ظلم فرعون وبطشه على عامة الشعب

  • كانت تصرخ امرأة قتل ابنها، ففتحت أم موسي الباب، بعد أن أبتعد رجال فرعون، ومضت إلى جارتها تخفف عنها آلامها، وتواسيها في أحزانها.
  • كان بنو إسرائيل في مصر يمرون بصعاب كثيرة بسبب ما يفعله فرعون بهم من سوء و يستعبدهم، نتيجة ما رآه في منامه على طفل بني إسرائيل، حيث عندما دعا المنجمين لتفسير رؤياه فقالوا: سوف يولد في بني إسرائيل غلام سيأخذ منك العرش، ويغير دينك، ويغلبك على سلطانك، ولقد جاء زمانه الذي يولد فيه حينئذ.

قلق زوجة عمران وخوفها على ولادة ابنها في هذه الظروف

كان الخوف والحزن يسيطر على قلب زوجة عمران، وأخذت تفكر عميقًا وكثيرًا، و يوسوس لها الشيطان الذي يريد أن يقلل من ثبات إيمانها، لذلك كانت تدعي ربها، وتستعيذ به من وسوسة الشيطان لها.

واستجاب الله عز وجل لدعاء هذه المرأة الصالحة فقبل أن تلد ببعض الشهور ذهب رجال فرعون يشتكوا إليه من خوفهم، من أن قلة الصغار في بني إسرائيل، بسبب قتل الأطفال الذكور قد يسبب إلى تعطل الأحوال وعدم وجود من يمتهن أعمالًا لا يصلح لها عليه القوم من أمثال رجال فرعون فأمر فرعون بقتل الأطفال عامًا وأن يتركوهم عامًا فولدت هارون في عام المسامحة عن قتل الأبناء.

ميلاد موسى عليه السلام

وما بقت أم موسى تهنأ بطفلها وتسعد بأنه لم يقتل كغيره حتى عاد إليها القلق والخوف من جديد بعد أن شعرت أن هناك طفلًا جديدًا يتحرك في أحشائها، فكان أصعب اختبار توضع فيه هذه المرأة الكريمة مرة أخرى وكانت لها ابنة كبرى اسمها كلثوم فأخبرته بأمر الحمل واتفقنا على ألا يقوما بذكر أنها حامل وأن تتوارى بارتداء الثياب الفضفاضة والواسعة حتى لا يظهر عليها من حملها شيء، وعندما أتى المخاض إلى السيدة (يارخا) تحاملت على نفسها وانتظرت حتى جاء الليل فولدت ابنها موسى عليه السلام وأوحى إليها ربها وحي إلهام وإرشاد ليس بوحي جبريل عليه السلام الذي لا يأتي فقط للأنبياء.

إخفاء أم موسى لطفلها الرضيع

  • فجاء في القرآن الكريم  “وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين”، وكيف لا تخاف وقد ولدت طفلها في العام الذي يقتل فيه الذكور، فكان أصعب بلاء من ربنا لها فإن خافت أو قلقت عليه فترميه في النهر فسبحان الله في علمه وقدرته ولكن ماذا فعلت أم موسى عليه السلام هل أطاعت أمر ربها؟ نعم أطاعته وشعرت أن إلهام ربها لها فيه حماية لطفلها.
  • وكانت السيدة (أيارخا) تعيش بجانب نهر النيل في مصر وكانت كلما أرضعت طفلها وضعته في تابوت خشبي وربطه بحبل على ضفاف النيل حتى إن جاء رجال فرعون يفتشوا، ربطته على الضفاف وتركته وإذا ذهبوا أحضرت طفلها مرة أخرى وظل هذا الحال  إلى أن جاء يوم انقطع حبل التابوت وسار التابوت في عرض النهر وكان قلب أم موسى ينفطر، حتى جعلت ابنتها الكبرى تذهب خلف الصندوق لتعرف آثار أخيها الرضيع.
  • لكن كانت هذه اللحظات الأصعب في حياة هذه المرأة العظيمة أم موسى عليه السلام وأصبح قلبها خاليًا من كل شيء ماعدا القلق على ابنها موسى الذي لم تعد تعرف أي شيء عنه.
  • وكانت أم موسى في هذه اللحظات الصعبة على وشك أن تصرخ، وتعلن أنه طفلها إلا أن ربنا عز وجل ربط على قلبها وطمأنها بل وبشرها بعظمة هذا المولود فجاء في القرآن الكريم سورة القصص آية 10 “وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كانت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون”.
  • حتى جاء عند قصر فرعون ثم أخذته زوجة فرعون وتمسكت به كطفل لها فيحكي القرآن الكريم لنا كيف كان حال هذا الطفل الرضيع فيقول سبحانه وتعالى “وحرمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون”.

اتخاذ فرعون موسي أبناً له

  • كانت السيدة آسيا زوجة فرعون لا تنجب فلما أتى إليها الخدم بهذا الرضيع في الصندوق، فرحت به وطلبت من زوجها فرعون أن يتخذوه طفلًا لهم، فوافق زوجها على ذلك، وطلبت السيدة آسيا أن يأتوا بمرضعة لكي ترضع الطفل.
  • حزنت السيدة آسيا وأيضا فرعون عندما وجدوا أن الطفل لا يرضى بالرضاعة من أي أحد، وكان يبكي من الجوع، فاحتار ماذا سوف يفعلان له، حتى تحدثت أخت موسى الخادمة هناك في القصر، حيث كان لا يعرف أحد أنها أخته، فقالت إنها تعرف مرضعة جيدة له.
  • فعاد إلى والدته مع رواتب ونفقات وهبات وجمع الله شملهم وجزاها كل خير من صبرها سبحان الله ومشيئته.
  • عندما أتت أم موسى لكي ترضعه، فعندما رأت ابنها فرح قلبها، وحاولت كتم نفسها عن البكاء، وأخذت الطفل وأرضعته، وحينها استجاب الطفل لها مما أسعد السيدة كثيرًا.
  • وعلى مر السنين نضج موسى وأصبح شابًا ناضجًا، وكان الكل يعاملونه ويعتبرونه بأنه ابن فرعون، ولكنه في داخل نفسه كان يعرف أنه ليس ابنه، بل إنه فتى من فتيان بني إسرائيل.

يمكن التعرف على معلومات عن قصة النبي عيسى ابن مريم من الميلاد وحتى رفعه إلى جوار ربه أضغط هنا: قصة النبي عيسى ابن مريم من الميلاد وحتى رفعه إلى جوار ربه

معجزة من معجزات موسى عليه السلام

  • لقد رأى نارًا فوق الجبل، فأراد موسى أن يذهب ليحصل على شعلة منها؛ لكي يشعلوا منها الحطب، ويستدفئوا من البرد، فأمر لزوجته بأن تنتظر وتبقي في مكانها حتى يحضر شعلة من النار ويعود، عندما وصل إلى هناك في هذا المكان، لم يجد شيء، فتعجب أشد عجب، وفجأة سمع موسى صوتًا يناديه قائلا ” إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طوي، وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى، إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي”، لم يعرف موسى ماذا يفعل عند سماعه ذلك الصوت، وخاف ووقف في مكانه لا يخرج صوتًا، حتى نادى عليه الصوت مرة أخرى، يسأله عن العصا الذي يمسكها في يده، فقال موسى أنها عصاه التي تساعده في تربية الغنم، ويستخدمها في أشياء أخرى أيضًا، فأمره الصوت أن يرمي بعصاه على الجبل، وبمجرد أن رمى موسى العصا تحولت العصا إلى ثعبان يتحرك، خاف موسى من هذا المشهد، وحاول الهرب فناداه الصوت ألا يخاف، وأن يأخذ عصاه مرة أخرى، فهي لن تضره بشيء، فأمسكها موسى فعادت عصا مرة أخرى، فاندهش موسى من ذلك اندهاشاً كبيرًا.
  • أمره الله مرة أخرى أن يقوم بإدخال يده في جيبه، فقام بفعل ذلك ثم وجد يده تخرج بيضاء يظهر بياضها في الظلام الأسود، فخُيل له أنه أصيب بمرض في يده، فأجابه الصوت ألا يخاف شيئا، فهو ليس مرض لكنه معجزة من الله له.
  • وأمر الله موسى في ذلك الوقت أن يعود إلى مصر، ويذهب ليدعو فرعون وأهله وعشيرته إلى الإيمان بالله، ويريهم هذه المعجزات التي منحها الله له، أصيب قلب موسى بالخوف أن يقتله فرعون انتقامًا لقتله المصري، لأن لسان موسى ليس فصيحًا، فقال له الله ألا يخاف، وأنه سيذهب معه أخيه هارون، كي يسانده ويكون سنداً له، حتى لا يخاف، ثم عم السكون في المكان فلما وجد موسى أن الصوت قد ذهب، عاد مسرعًا إلى زوجته وأخبرها، أنهما سيعودان إلى مصر، ذهب موسى عليه السلام إلى منزل أخيه في مصر، وأخبره بما أمره الله سبحانه وتعالى به، فوافقه أخيه على ذلك، وذهبوا إلى قصر فرعون، وحينما دخل موسى على فرعون أطلق الله لسانه، فأخبره أنه رسول من الله جاء إليه يدعوه إلى الإيمان والتقوى بالله، عرف فرعون أنه موسى الطفل الذي رباه فقال له بأنه رباه وهو صغير، ورغم ذلك تمرد عليه، وقتل رجلًا قبطياً مصريًا؛ فرد عليه موسى، وقال أنه ندم على ما فعله وتاب عليه الله، وأنه الآن جاء بمعجزات من الله إلى فرعون وعشيرته، يدعوهم للإيمان .

أخيرًا وليس أخرًا، كل فضل هذا ما حدث يرجع إلى أم موسى عندما أطاعت ربها، فكرمها وكرمه بإذن الله، حيث أن طاعة الله الطريق لكل خير ونجاة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى