من هو أبو هريرة رضي الله عنه
من هو أبو هريرة رضي الله عنه؟ وهل هو من أصحاب الحديث الصحيح؟ كثير من المسلمين لا يعلمون شيئًا يذكر عن الصحابي الجليل أبو هريرة، فكل ظنهم أنه أحد رواة الحديث الشريف الذي يحتمل نقلهم للحديث التفنيد والمغالطة، لذا سنتعرف من خلال موقع البلد إلى من هو أبو هريرة رضي الله عنه، وما هي سيرة حياته من المولد وحتى المثوى الأخير.
من هو أبو هريرة رضي الله عنه
إنه عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني الذي كني بأبو هريرة، ويرجع السبب في إطلاق لقب أبو هريرة عليه إلى أنه كان محبًا للقطط ويحب أن يلاعبها ويجلسها في حجره أو في كمه ويداعبها، مما جعل أهله والمحيطون به يطلقون عليه تلك الكنية، ولقد كانت ولا زالت هناك بعض الخلافات بين العلماء والمؤرخين حول الاسم الصحيح لأبي هريرة.
إن العارف بالأحاديث النبوية حتى لو بشكل سطحي من المؤكد يعرف بأبو هريرة، فهو من أشهر رواة الحديث الصحيح الذي نقل عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وكان يعرفه بشكل شخصي وعاصره وكان يجلس إليه ليستمع إلى أحاديثه الشريفة فيحفظها عن ظهر قلب ليقوم بنشرها والإخبار بها فيما بعد.
لقد أصبح أبو هريرة بمجرد دخوله إلى الإسلام محدثُا وفقيهًا في الدين، حتى إنه أصبح أكثر الصحابة مجالسة للرسول وأكثرهم حفظًا ورواية للحديث النبوي، مما جعله موضع عناية واهتمام والتفاف من قبل المحيطين به من الصحابة والتابعين وعامة الناس الطالبين لسماع الحديث النبوي على لسان أبي هريرة، حتى لم يصبح أحدًا لا يعرف من هو أبو هريرة رضي الله عنه.
لقد قدر الإمام البخاري عدد الصحابة الذين تجمعوا حول أبي هريرة بحوالي الثمانمائة أو يزيدون من الذين رووا الأحاديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، وإلى جانب حفظ الحديث لقد أتم أبو هريرة حفظ القرآن الكريم عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فكان من خيرة وأشهر قراء القرآن الكريم في منطقة الحجاز بأكملها، كما أنه بعد حفظه للقرآن قام بعرضه على الصحابي أُبي بن كعب ولقد أخذ عنه عبد الرحمن بن هرمز أيضًا.
استمرت مكانة أبي هريرة رضي الله عنه في السمو والترقي حتى حين بلغ عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عهد إليه الخليفة بولاية البحرين ثم تولى إمارة المدينة المنورة لمدة عام واحد، ثم قرر بعدها أن يلزم البقاء في المدينة المنورة لكي ينقل للناس الأحاديث النبوية التي حفظها ويعلمهم إياها فلا تضيع ولا ينسوها فيضلوا في أمور دينهم، واستمر على ذلك حتى وافته منيته في العام التاسع والخمسين من الهجرة.
اسم أبي هريرة رضي الله عنه ونسبه
في إطار الإجابة عن سؤال من هو أبو هريرة رضي الله عنه، يجب أن نوضح أمرًا هامًا ألا وهو بالرغم من اختلاف العلماء على الاسم الأول أو الأصلي للصاحبي الجليل أبي هريرة، إلا أن فريقًا كبيرًا منهم أجمع على أن الاسم الأساسي له هو عبد شمس ويكنى بأبي الأسد، فلما نور الله بصيرته بنوره واعتنق الإسلام قام النبي بتغيير اسمه وأطلق عليه اسم عبد الرحمن.
بذلك أصبح عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني بدلًا من عبد شمس الدوسي اليماني، ويقول المؤرخون أيضًا أن إطلاق الناس على عبد الرحمن الدوسي لقب أبو هريرة لا يرجع فقط إلى مجالسته للقط في كبره، بل لأنه أيضًا كان في صغره يقوم برعي أغنام أهله وصادف قطة صغيرة لا تزال هريرة، وأخذها ليراعها ويلعب معها دومًا.
أما بالنسبة إلى أمر نسب أبو هريرة رضي الله عنه فهو من الدوس، أي أنه دوسي من قبيلة دوس بن عدنان بن عبد الله بن كعب بن الحارث، وجده هو شنوءة بن الأزد ومن المعروف أن الأزد كانت من أقدم القبائل العربية وأكثرها شرفًا وعراقة، أما والدته فهي ميمونة بنت الدوسي وقال البعض أن اسمها الحقيقي هو أميمة بنت صبيح بن الحارث بن سابي بن أبي صعب بن هنية الدوسية.
أبو هريرة ما بين المولد والنشأة
لقد ذهب المؤرخون والمتتبعون المتقفين لأثر الصحابة الكرام وسيرهم، إلى أن الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه قد ولد في عام ستمائة واثنين ميلاديًا، أي في مطلع القرن الخامس الميلادي بأحد أقاليم اليمن، ولقد كان والدا أبي هريرة وثنيان بطبيعة الحال السائدة في ذلك الوقت.
لقد نشأ الصحابي الجليل في بيئة ترتكب الفواحش والمعاصي وتجهر بها دون خشية أو حياء، وهذا الطابع هو ما اتسمت به البيئة الجاهلية قبل بزوغ شمس الإسلام على عتمة ليلها، ولكن أبو هريرة دومًا كان ذو قلب نقي لين الجانب وحسن الطباع.
حتى عرف عنه منذ صغره مرورًا بشبابه وصولًا إلى كهولته، حبه الشديد للحيوانات وخاصةً القطط ورفقه بهم على الدوام، كما أوضح المؤرخون أن والدا أبي هريرة قد توفيا وهو في سن صغيرة، لذا نشأ وترعرع يتيمًا وسط مساكن قبيلته دوس الأزدية في أرض اليمن.
حياة أبي هريرة في الجاهلية وإسلامه
لقد كان عبد الرحمن بن صخر الدوسي يعيش حياة كسائر حياة الناس في عصره هذه وطبيعة حياتهم تلك، فلقد كان يشتغل برعي الأغنام نظرًا لطبيعة أراضي اليمن والحجاز الصحراوية القاحلة، حتى أتاه أحد أقربائه أو أبناء قبيلته وكان يدعى الطفيل بن عمرو الدوسي، ودعاه إلى الإسلام موضحًا له مدى الخير والبركة التي بعث بها هذا الدين الكامل العظيم، وما كان من عبد الرحمن إلا أن لبى تلك الدعوة على الفور واعتنق الإسلام.
بمجرد أن اعتنق أبو هريرة الدين الإسلامي وهو في سن الثامنة والعشرين، هاجر من موطنه في أوائل العام السابع من الهجرة، قاصدًا المدينة المنورة والتي صادف أنها كانت تشهد غزوة خيبر في ذلك العام، ولقد اختلف العلماء وتفرقوا عند هذه النقطة.
قال فريق من المؤرخين أن أبو هريرة وصل إلى المدينة المنورة في عز اشتعال المعارك بين صفوف المسلمين ويهود خيبر وانضم إلى المسلمين وشارك في القتال، بينما قال البعض الآخر من المؤرخين بأن أبو هريرة لما بلغ المدينة المنورة كانت الحرب في خيبر، وكانت قد وضعت أوزارها فلم يشارك فيها.
حياة أبي هريرة مع النبي بعد الإسلام
عندما وصل أبو هريرة إلى المدينة المنورة نزل في المسجد النبوي وبالتحديد في أهل الصفة، وأهل الصفة كان جزءًا مخصصًا للمسلمين المقيمين في المدينة ولا مأوى لهم أو أهل، ثم ذهب إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال المؤرخون أن أبو هريرة قضى مع النبي ثلاثة أو أربعة أعوام متصلة حتى وفاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
ما زلنا نذكر لكم من هو أبو هريرة رضي الله عنه فهو ذلك الرجل الخيّر الذي انصرف عن متاع وملذات الدنيا بأكملها، لكي يلازم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مثل ظله، هو الذي فضل حياة المساكين عن حياة المرفهين يدور مع النبي في جميع بيوت زوجاته، ويعمل على خدمتهن وخدمة الرسول فيغزو معه ويحج معه، حتى أنه شهد فتح مكة فأصبح أعلم الناس بأحاديثه على الإطلاق.
من شدة وغزارة ما حفظه أبو هريرة عن النبي من أحاديث، أصبح الصحابة الذين يعدون من أوائل من اعتنقوا الإسلام مثل الزبير بن العوام، وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله، يأتون إليه ليسألوه عن الأحاديث النبوية لمعرفتهم بأنه أكثر الناس ملازمة للنبي وحفظًا لأحاديثه.
لقد نجح أبو هريرة رضي الله عنه في استيعاب أكبر قدر يمكن تخيله من أحاديث النبي وسلوكه وتصرفاته وأفعاله، ولقد ساعده على ذلك موهبته وقدرته الفائقة على الحفظ، كما تمتع أبو هريرة بقدر مناسب من الجرأة فقد كان يسأل الرسول عن أمور لا يجرؤ أحد أن يسأله عنها.
لقد كان أبو هريرة مقربًا جدًا من الرسول ومن المحببين لديه، ودليل على ذلك في إطار الإجابة عن سؤال من هو أبو هريرة فلقد كان النبي موكلًا إياه بعض الأمور الهامة مثل حفظ الأموال الخاصة بزكاة شهر رمضان، بالإضافة إلى أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعث به لكي يكون مؤذنًا مع العلاء بن الحضرمي عندما أوكل إليه ولاية إمارة البحرين.
حياة أبي هريرة في عهد الخلفاء الراشدين
إن شق كبير من الإجابة عن سؤال من هو أبو هريرة رضي الله عنه يتمثل في حياته بعد وفاة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو بمعنى آخر مسيرة حياته في عهد الخلفاء الراشدين، فلقد كان أبو هريرة من أبرز الصحابة الذين شاركوا الخليفة أبو بكر الصديق في حروب الردة.
بعد ذلك قام أبو هريرة بالمشاركة في الفتح الإسلامي لبلاد فارس الذي بدأ في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، ونظرًا لدوره في هذا الفتح قلده عمر بن الخطاب ولاية البحرين، فأتى من ولايته عليها إلى المدينة بعشرة آلاف فاتهمه الخليفة عمر باختلاسه لتلك الأموال، فأنكر أبو هريرة ذلك الأمر وقال بأنه من نتاج خيله وتجارته في الغلال وما تجمع له من عطايا.
فاستقصى عمر بن الخطاب ما أدعاه أبو هريرة حتى تبين له صدقه فيما قال، فعزم إلى إرجاعه إلى ولاية البحرين مرة أخرى، فرفض أبو هريرة أن يرجع، مقررًا أن يبقى في المدينة ليخبر الناس بأحاديث النبي ويعلمهم إياها، وبالرغم من ذلك لم يكن في معزل عما يدور حوله من اضطراب سياسي وفتن.
نعني بتلك الفتن التي حدثت في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان، فلقد قام بمناصرة عثمان يوم الدار، وذلك ما جعل الأمويون يكنون الاحترام والمحبة لأبي هريرة، ولكن أبو هريرة قام بتعنيف مروان بن الحكم، ولم يكن آنذاك واليًا على المدينة المنورة بعد.
أما السبب في ذلك فكان أن مروان قد مانع في دفن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما مع جده النبي، فقال لمروان: “تدخل فيما لا يعنيك ولكنك تريد رضا الغائب“، وكان أبو هريرة يعني بهذا أو يقصد معاوية بن أبي سفيان.
تعرفنا إلى إجابة سؤال من هو أبو هريرة رضي الله عنه، وجدير بالذكر أن العام الذي توفي فيه غير محدد بدقة، فقيل إنه مات عام 58 من الهجرة، وقيل في عام 59.