مواضيع جديدة

معنى التدليس في القانون

معنى التدليس في القانون يعتبر من المسائل الموضوعية القانونية التي يجب على المتعاقدين العلم بها، فبالنهاية القانون لا ينوب عن المغفلين، لذا يجب على كل فرد قبل الشروع في مسألةٍ ما يترتب عليها أبعادًا قانونية بها من الحقوق والواجبات ما يدفع للتأني كالعقود مثلًا، أن يتوخى الحذر ويدرك كل الشروط اللازمة، ومن خلال موقع البلد سنتحدث عن معنى التدليس في القانون.

معنى التدليس في القانون

التدليس هو عبارة عن استعمال الوسائل الاحتيالية بهدف دفع المتعاقد إلى الوقوع في الخطأ حتى يدخل في التعاقد، على سبيل المثال: أن يبيع أحد الأشخاص أرض معينة ولكن بتصاميم مزورة حتى يوهم المشتري أنها مثلًا أرض مباني يمكنه بناء عليها عمارات أو ما شابه، ويتم التعاقد، لحين يتفاجأ المشتري بعدها أنها أرض موقوفة أو ملك للدولة.

في معنى التدليس في القانون هو أنه عمل غير مشروع يستحق العقاب، وهو لا يعيب الإرادة ذاتها وإنما ما يعيبه هو الخطأ الذي يقع فيه المتعاقد نتيجة للأفعال التي قام بها الشخص الآخر في العقد.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ما هو القانون المدني واختصاصاته

شروط التدليس

إن التدليس في نظام القانون المدني يعتبر كل ما هو استعمال لطرق احتيالية ينجم عنها إيقاع المتعاقد في خطأ أو خداع يدفعه إلى التعاقد، فبالتالي هو نوع من أنواع الغش يجعل من العقد فاسدًا لأنه يُفسد عنصر الرضا عند المتعاقد.

يُشترط أن تكون الحيل المخادعة التي يتبعها الذي يقوم بالتدليس من الجسامة بحيث لولاها لما كان الطرف الثاني من العقد أن يبرمه، وفيما يلي نذكر شروط واقعة التدليس في القانون.

الشرط الأول

أن يقوم الشخص الذي يقوم بالتدليس باستعمال وسائل احتيالية وهي تقوم على عنصرين أحدهما مادي والآخر معنوي.

العنصر المادي

كل الوسائل التي يمكن أن يستعملها الشخص المخادع منها الوثائق المزورة أو الشهادات الباطلة، وكل أنواع الحيل التي يمكنه استخدامها حتى يتم دفع الطرف الآخر للتعاقد.

العنصر المعنوي النفسي

نية الشخص المخادع في تضليل الطرف الآخر، فإذا كان المتعاقد وقع في الخطأ من تلقاء نفسه فلا يوجد تدليس، وإنما يجب توافر نية الشخص المخادع وقصده في إيقاع الطرف المتعاقد الآخر في الخطأ.

أما عن الركن المعنوي فيُشترط ثبوت القصد الجنائي لدى المتهم الذي قام بالتدليس، بأن يكون مخادعًا بإرادته وعن قصد، وأن يقصد إدخال هذا الخداع على الشخص المتعاقد معه، علاوةً على إثبات علم المتهم بالغش الحاصل في البضاعة.

بالتالي حتى يتم إثبات النية في الخداع، نشير أنه يجب أن يعلم البائع بحقيقة البضاعة التي يبيعها، فيعتبر الإهمال أو عدم المعرفة بأمر التدليس غير معادلًا للخداع، حتى لو كان الإهمال جسيمًا، لذلك يأتي دور احتساب القصد والنوايا هنا كأمر هام.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: أسباب سقوط الحضانة عن الأم في القانون المصري

الشرط الثاني

أن يكون الأسلوب الاحتيالي المتبع وإيقاع المتعاقد في الخطأ هو دافع التعاقد، فلولاه ما كان ليدخل في التعاقد من الأساس، فمثلًا لو كان الطرف المتعاقد يعلم أن الأرض غير مخصصة لبناء العمارات ما كان ليتعاقد على الشراء، وهذا هو التدليس الأصلي، أو التدليس ذو الدافع.

تجدر الإشارة هنا إلى نوع آخر من التدليس وهو التدليس العارض أو بدون دافع، فهنا يكون مع وجود أو عدم الوسيلة الاحتيالية التي يقوم بها الشخص المخادع لا يتأثر المتعاقد في إبرام العقد، بمعنى أنه ليس تدليسًا دافعًا للطرف الآخر للتعاقد، وهو تدليس يقع على توابع الالتزام وملحقاته، ولا يخول للمتعاقد إلا المطالبة بالتعويض دون الإبطال للعقد.

على سبيل المثال: رغبة أحدهم في شراء منزل، فيقوم البائع بتقديم عقود تثبت أن ثمن المنزل مرتفع عما هو عليه في الواقع، فهذا هو التدليس، فعندما يتم شراؤها من الشخص المخدوع بناء على هذه العقود يكون هنا من حقه المطالبة بالتعويض عن الضرر الناجم عن الشراء وهو الدفع بثمن أعلى من ثمنها الحقيقي.

لكن هو تدليس عارض لأنه حتى لو كانت بثمنها الأصلي أو بعد التدليس فإنه كان سيقوم بإتمام الشراء، لأنه راغب في المنزل وعقد العزم على شراءه، فإذا علم أن ثمنه مرتفعًا كان بمقدوره وإرادته ألا يشتريه.

الشرط الثالث

يجب أن يكون التدليس صادرًا من المتعاقد الآخر وعلى علم به، حتى يحق للشخص المخدوع أن يطالب بإبطال العقد، فلا يجب أن يكون التدليس واقع من شخص آخر غير المتعاقد في العقد إذا لم يتم إثبات وجود صلة أو علاقة بجهة أو بأخرى بين الشخص المدلس والشخص المتعاقد.

فيكون من حق الشخص الذي وقع عليه التدليس هنا أن يطالب فقط بالتعويض من الشخص الصادر عنه التدليس، وليس المطالبة بإبطال العقد، فسيظل العقد صحيح ومرتبًا لكافة آثاره ونتائجه.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل يجوز الطلاق بدون حضور الزوجة وما حكمه في القانون

أنواع التدليس

استكمالًا للحديث حول معنى التدليس في القانون، نشير أن التدليس له أنواع مختلفة كما أن له طرق مختلفة، فهذا يحدد الشروط التي من الممكن أن تتخذها المحكمة كذريعة لصدور الحكم، وهو نوعان إما أن يكون مدنيًا أو جزائيًا، وهو مختلف عن جريمة خداع المتعاقد في عدة أمور.

التدليس المدني

إما أن يكون إيجابيًا بأن يتخذ الشخص الذي يقوم بالتدليس تصرفات مادية احتيالية تظهر في السلوك، من شأنها إيقاع الشخص المتعاقد في الضلال والخطأ والخداع، كتقديم مخططات غير مطابقة للواقع أو وثائق مزورة.

أو يكون سلبيًا من خلال إخفاء أو كتمان بعض الحقائق من شأنها أن تكن كمسألة جوهرية دافعة للمتعاقد لإبرام العقد، مثل كتمان المؤمن لأمور معينة من المفترض أن يوضحها عقد التأمين لأنها لها أهمية لشركات التأمين.

إذًا يدخل في نطاق أنواع التدليس المدني السكوت عمدًا عن أمر ما إذا تم إثباته ما كان المتعاقد أن يبرم العقد في حالة علمه بها.

كما أن التدليس المدني يُقسم إلى أن يكون تدليسًا أصليًا دافعًا لإبرام العقد، أو تدليسًا فرعيًا غير دافع لإبرام العقد، فهنا لا يقصد الشخص دفع المتعاقد بإغرائه بإبرام العقد، وإنما يقول له الشروط بشكل أبهظ ثمنًا مثلًا، وهو أقرب لفكرة المزاد العلني الذي يُطرح فيه أسعارًا وهمية، وتمت الإشارة إليه سلفًا.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: حقوق الطفل في مصر في القانون والدستور

التدليس الجزائي

يكون احتيالًا وخداعًا بشكل أكثر دهاءً وخطورة على الشخص المتعاقد، فبذلك يختلف عن التدليس المدني في أن الاحتيال في التدليس الجزائي:

يجب أن يكون بالطرق الخداعية وليس بالكذب العادي أو الكتمان، فهما يشكلان تدليسًا مدنيًا وليس جزائيًا.

يجب أن يتوافر النية الإجرامية لدى الشخص الذي يقوم بالتدليس والخداع بأنه يريد الاستيلاء والتدليس عن عمد، فلا يُفترض هنا مجرد الحصول على شروط تعاقدية أفضل كثمن مرتفع كما الحال في التدليس المدني.

التدليس الجنائي

في إطار الحديث عن معنى التدليس في القانون، نشير أن التدليس يختلف عن جرائم خداع المتعاقد والنصب والغش والكذب والخداع، فجريمة خداع المتعاقد تعني التدليس الجنائي، ويتحقق بالطرق الآتية المذكورة في القانون المصري في صدد قمع الغش والتدليس:

  • البضاعة نفسها في حالة أن ما تم تسليمه منها مخالف للذي تم التعاقد عليه في الأصل.
  • الخداع في طبيعة البضاعة أو العناصر الداخلة في تركيبها أو صفاتها.
  • أصل مصدر البضاعة إن كان مخالف للذي تم التعاقد عليه وهو سبب أساسي للتعاقد، أي معرفة مصدر البضاعة.
  • المعيار الكمي في البضاعة، أي مقدارها أو عددها.

الخداع هو القول بأكاذيب معينة من شأنها أن تُظهر الأمر على غير حقيقته، فبالتالي يكون الواقع مخالفًا للحقيقة الفعلية، وبناءً عليه نُعرف خداع المتعاقد أنه فعل أو قول يجعل الطرف الآخر المتعاقد واقعًا في الخطأ والخطأ حول البضاعة المتعاقد عليها.

بالتالي مجرد الكذب هو شرط أساسي للوقوع في جريمة خداع المتعاقد، وهو شرط كافي أيضًا فلا يلزم استعمال طرق احتيالية أخرى، أما مجرد الكتمان فلا يكفي لقيام جريمة خداع المتعاقد.

يتم معاقبة من يقوم بجريمة خداع المتعاقد أو حتى الشروع فيها بالحبس وبالغرامة، على اختلاف الحالات، فتشدد العقوبة مثلًا مع استخدام آلات أو دمغات أو موازين مزيفة لتمكن من الخداع في البضاعة المتعاقد عليها.

يتشابه التدليس المدني مع التدليس الجنائي في فكرة الكذب، كما أنه مصحوب بوقائع وأفعال مادية تساهم في تعزيز اعتقاد المتعاقد على صدق العقد وبالتالي التسليم الرضائي منه بالتعاقد لعدم معرفته الأمور الخداعية.

إذا ترتب على مجرد الخداع دخول المدعى في عقد واتفاق، فإنه يجوز له أن يرفع دعوى تدليس مدني ضد المدعى عليه.

إذا كان الكذب له أثر في دفع المتعاقد المخدوع إلى اتخاذ القرار بالتعاقد بحيث يكون لولا هذا الكذب ما أبرم العقد، يعد هذا الكذب البسيط تدليسًا، أما إذا كان غير ذلك فلا يمكن اعتباره من أنواع التدليس، مثل كذب العامل بشأن الوظائف التي سبق أن مارسها، أو كذب البائع حول مواصفات المنتج.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: خاتمة عن القانون التجاري وأهم مصادره وأسباب إنشائه

التدليس في نظام القانون العام

يعتبر نوع من أنواع التضليل باستخدام وسائل غير مشروعة، والتضليل من قبيل الكذب، فهو إقرار كاذب مضلل للطرف الآخر، يكون سببًا وافيًا لتوقيعه على التعاقد، وتوجد هنا ثلاث شروط:

  • يعتبر عدم إفصاح المعلومات أو كتمانها ليس تضليلًا، بالتالي توجد ضرورة للإقرار بواقعةٍ ما، فنستبعد هنا الإقرار من خلال نية أو اعتقاد، أو مديح مبالغ فيه دون معلومات محددة حازمة.
  • أن يكون الإقرار موجه للشخص المخدوع إما له مباشرةً أو توجيهه إلى الغير لإبلاغه به.
  • أن يكون الإقرار دافع جوهري كافي للتعاقد ولقبول الشخص المخدوع بالتعاقد.

بالتالي يكون التدليس هنا هو التضليل المقترن بالاحتيال والخداع، وفقًا لنظام القانون العام وليس مجرد التضليل المقترن بالإهمال أو التضليل البريء.

يمكن للشخص المخدوع أن يطالب بالتعويض المدني، إلا إذا كان الإقرار الكاذب هذا موجود بالعقد، ففي هذه الحالة، حتى تتم المطالبة بالتعويض عن الضرر يجب الاستناد إلى خرق العقد والطعن فيه.

نصوص القانون المدني في التدليس

نشير إلى نصوص القانون المدني الواردة في الحديث عن معنى التدليس في القانون، تحديدًا في المادة 125.

مجرد كتمان العاقد للواقعة الجوهرية التي يجهلها المتعاقد الآخر يعتبر تدليس يبطل العقد، ولكن الشرط هنا مقترن بأن يتم إثبات أن المجني عليه بالتدليس ما كان ليبرم هذا العقد لو علم ما كان يكتمه الشخص العاقد عن عمد.

إن الغش والتدليس في التعاقد مشروطًا بأن تكون الحيلة التي تم استعمالها في خداع المتعاقد من الوسائل الغير مشروعة التي من شأنها أن تجعل حكم المتعاقد حكمًا غير سليمًا بالمرة.

الحيلة الغير مشروعة المتبعة في التدليس إما أن تكون حيلة إيجابية من خلال استعمال طرق ذاتها، أو تكون سلبية من خلال الكتمان من المتعاقد.

يكمن التدليس توقيع الشخص الواقع عليه التدليس على محرر أو وثيقة مثبتة لا تنصرف الإرادة الواعية إلى إبرامها، فهو تزوير معنوي ولو كان ذو طرق احتيالية.

إن مسألة إثبات علم المجني عليه بالتدليس أو عدم علمه بوقائع التدليس ليست من شأن اختصاص محكمة النقض، فتقدرها فقط محكمة الموضوع.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: حساب نهاية الخدمة مكتب العمل حسب القانون

بعد أن أوضحنا معنى التدليس في القانون وأنواعه وشروطه، نتمنى أن نكون قد أفدناكم، وبناءً عليه يجب مراعاة التوخي والحذر قبل الشروع في إبرام التعاقدات لا سيما التجاري والمالي منها حتى لا تقع خسائر فادحة، ونتمنى أن نكون قد أفدناكم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى