الفرق بين الاعتكاف والعكوف يتمثل في الجانب المعنوي، فالتشابه بينهما يكون لفظيًا فقط الأمر الذي تسبب في اختلاط المعنى، لذا يجب إدراك أن هناك فروقًا شاسعة بينهما من حيث الحُكم ومكان كُل منهما.. وغير ذلك، ويمكننا التعرف على هذه الفروقات من خلال موقع زيادة.
الفرق بين الاعتكاف والعكوف
هناك مجموعة كبيرة من الفروقات التي يمكنك إيجادها بين كلًا من الاعتكاف والعكوف حيث يمكننا التعريف بهما على هذا النهج:
- الاعتكاف: هو لزوم المسجد تقربًا إلى الله عز وجل لفترة زمنية طويلة مؤديًا المعتكف كل شروط الاعتكاف، وهي سنة مشروعة، قد فعلها رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- وتبعه أزواجه من بعده.
- العكوف: هو الإقامة في المقابر بجانب الموتى ظنًا من زائر القبور أنهم سيشفعون له أو يرفعون عنه البلاء.
من خلال التعريف بكلٍ منهما على حدة يمكنك الإيمان بمدى أفضلية إحداهما دون الآخر، إذ يمكنك التعرف على مجموعة من الآيات القرآنية التي تدل على عظم ذنب الشرك والعكوف بالموتى؛
فهو من الكبائر، إذ قال الله تعالى “إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ” (النساء: 48).
أولًا: أحكام الاعتكاف
- لا يوجد حد أدنى من الزمن للاعتكاف.
- الصوم ليس شرطًا في الاعتكاف إلا إذا كان المعتكف معتكفًا في رمضان.
- من أهم شروط الاعتكاف الإسلام / العقل / التمييز.
- لا يصح الاعتكاف للمجنون / الكافر / الصغار.
- الطهارة من الجنابة والحيض والنفاس.
- إذا أصبحت المرأة حائض في فترة اعتكافها يتعين عليها الخروج من المنزل فور ذلك، تصديقًا لقول الله -عز وجل- وقوله الحق “وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ” (النساء: 43)
- لا بد للمعتكف استحضار النية، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) رواه البخاري ومسلم.
- لا بد أن يكون الاعتكاف للرجل في مسجد تقام به الجماعة، على عكس المرأة فهذا ليس شرط أساسي لاعتكاف المرأة.
- أن تعتكف المرأة بإذن زوجها، وإن لم يوافق فليس لها الحق في الاعتكاف.
محظورات المعتكف
- لا يجوز للمعتكف مغادرة المسجد الذي يعتكف به إلا لأمر هام.
- لا يجوز مباشرة الزوجة أو الجماع بها، إذ قال الله تعالى “وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ” (البقرة: 187)
- لا يجوز للمعتكف زيارة مريض أو شهادة جنازة ولا الخروج العام من المسجد بغير الضرورة؛ لأن هذا يفسد اعتكافه.
آداب الاعتكاف
يمكن تناول الفرق بين الاعتكاف والعكوف من خلال التعرف على آداب الاعتكاف فمن خلاله يمكنك التعرف على آداب التعامل مع الله عز وجل ومن أهم الآداب التي لا بد ذكرها هي أن تذهب إلى الله إن أردت شيئًا فمن يغنيك سواه عز وجل.
لا تلجأ أبدًا للعكوف بل فر إلى الله بالتقرب من صلوات القيام من الصوم والصدقة وأخيرًا يمكنك الاعتكاف، إذ قال الله تعالى على لسان سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- قال الله: “أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه؛ ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ؛ ذكرته في ملإ خير منه، وإن تقرب إلي شبرًا؛ تقربت منه ذراعًا، وإن تقرب مني ذراعًا؛ تقربت منه باعًا، وإن أتاني يمشي؛ أتيته هرولة”
ضوابط المسجد الذي يصح فيه الاعتكاف
على مذهب الحنابلة والحنفية إن كان الاعتكاف يتضمن صلوات جماعة؛ فلا بد من أن يكون الاعتكاف في مسجد به صلاة جماعة حتى يضمن صحته.
هذا الضابط من أهم الضوابط التي لا بد من ابتاعها والأخذ بها حين يشرع الرجل في الاعتكاف.
مدة الاعتكاف
يمكن للمسلمين والمسلمات الاعتكاف خلال السنة كلها، ولكن من الأفضل اختيار خير أيام السنة شهر رمضان الكريم، حيث أنه يمكنك الاعتكاف في غير رمضان بدون صوم، وفي هذا قالت السيدة عائشة رضي الله عنها:
“أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِن رَمَضَانَ حتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أزْوَاجُهُ مِن بَعْدِهِ”
أما عن المدة التي يمكنك مكوثها في المسجد؛ فهي يمكن أن تطول أو تقصر حيث أن الاعتكاف في اللغة يعني الإقامة ولم يحدد مدة هذه الإقامة قد تطول وقد تقصر ولكن النبي صلى الله عليه كان يعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان.
هل يجوز الاعتكاف في المنزل
تتفاوت الأقاويل وتتغير في التعرف على الفرق بين الاعتكاف والعكوف ولكن يظهر الرأي الصواب المتبع من جميع المسلمين والمسلمات فهو لا خلاف فيه.
إنما الاعتكاف في المنزل اختلف عليه مجموعة من العلماء فانقسمت العلماء في هذه الآراء بين جواز ورفض:
- الخراسانيون والعراقيون: ذهبوا إلى جواز اعتكاف المرأة في المنزل والرجل في المسجد أو المصلى الخاص بهم في المنزل.
- الإمام النووي والقاضي: رفضا هذا القول تمامًا، بل وأنكروه، وقال النووي بأنه لا يصح الاعتكاف للمرأة أو للرجل في المنزل.
فضل الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان
- الإكثار من عبادة الله -عز وجل- دون وجود العديد من المشتتات والملهيات.
- التفرغ لقراءة القرآن والذكر والصلاة.
- البعد عن شهوات الحياة، مما يساعد هذا المعتكف في الزهد وعدم التعلق بالدنيا على الدين.
- يمثل المعتكف بيئة مناسبة للتقرب من الله عز وجل دون وجود أية ملهيات.
ثانيًا: أحكام العكوف
صُنف العكوف من قبل إجماع من العلماء أنه من الشرك الأكبر في حالة كون العاكف متقربًا إلى الله ومسلم، وذلك من خلال قول الله تعالى “إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ” (الأنبياء: 52)
كذلك قول الله تعالى: “أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَىٰ” (سورة النجم: 19 – 20)
في الحديث والسنة حديث أبي واقد الحارِثِ بْنِ عَوْفِ الليثي رَمضي الله قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ الله الله إلى حنين وَنَحْنُ حُدَثَاء عهد بكفر، والمشركين سدرة يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا، وَيَنُوطُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُمْ يُقَالُ لَهَا: ذَاتُ أَنْوَاط قَالَ: فَمَرَرْنَا بالسدرة، فقلنا : يَا رَسُولَ اللهِ اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطِ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطِ، فَقَالَ رَسُولُ الله : «اللَّهُ أَكْبَرُ، إِنَّهَا السَّنَنُ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَتْ بنو إِسْرَائِيلَ “اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ” (الأعراف: 138) لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ.
على هذا فإن الكفار كانوا يعكفون في المقابر ومحاولة التحدث مع الموتى لطلب الخير والبركة منهم، ومن يفعل ذلك من المسلمين فقد خسر خسرانًا كبيرًا، هذا هو الفرق بين الاعتكاف والعكوف، هناك فروقًا جوهريًا أدت إلى الظهور ووضح الصحيح ومن الخطأ.
يعد الفرق بين الاعتكاف والعكوف واضحًا كالفرق بين الأبيض والأسود، حيث إن الاعتكاف قد يكون سببًا لا في دخولك الجنة، أما العكوف عكسه.. لذا من المُهم أن يدرك المرء التعاليم الصحيحة لدينه.
