اسلامياتثقافة إسلامية

سيرة أبو بكر الصديق

لسيرة أبو بكر الصديق حكايات عدة، حيث إنه من أفضل صحابة الرسول ولُقب بأسماء كثيرة ومتعددة لشدة وفائه لصاحبه رسول الله، تداولت الحكايات والأقاويل عن مواقف أبو بكر الصديق سواء كانت في حياته قبل الإسلام أو مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكان من خير الرجال في هذا العهد، لذا ومن خلال موقع النيل سوف يتم نذكر سيرة وافية عن حياة أبو بكر الصديق وكيف نشأ منذ بدايته وحتى وفاته.

سيرة أبو بكر الصديق

أبو بكر الصديق هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة التيمي، وُلد عبد الله في مكة المكرمة بعد مرور عام الفيل بعامين وترعرع ونشأ فيها، منذ ولادة أبو بكر في قريش وحتى الكبر كان من كبار الأشراف فيها ومن كبار وجهائها، كان أبو بكر الصديق شجاعًا مقدامًا وأيضًا تاجرًا عظيمًا.

كان منذ نشأته وهو صديق الرسول صلى الله عليه وسلم وظلوا حتى البعثة النبوية ولم يتخلى عنه قط مما جعل سيرة أبو بكر الصديق حسنة طيبة طيلة حياته وحتى هذه اللحظة، كما قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: “ماوطئ الأرض بعد الأنبياء خير من أبي بكر” فهو أول من آمن به وأول خليفة للإسلام.

نشأة أبي بكر الصديق

ولد الصحابي الجليل في مدينة مكة المكرمة، وكانت تلقب مكة حينها بأم القرى، فقد عقبت ولادته ولادة النبي -صلى الله عليه وسلم- بثلاث أعوام، حيث كان ذلك بعد مرور عام الفيل بسنتين وستة أشهر، وقد نشأ الصحابي مع رسول الله منذ الصغر وترعرع في بيت والده.

فقد كان أبو بكر متواضعًا ومقدامًا على رغم من كونه من أشراف بني قومه بني تيم، فقد حسنت سيرة أبو بكر الصديق رضي الله عنه منذ الصغر.

صفات أبو بكر الصديق

كان جميل المظهر فقد حكت عنه ابنته عائشة رضي الله عنها قائله:” رجل أبيض، نحيف، خفيف العارضين أجنأ، أي أنه منحني الظهر، معروق الوجه، أي أنه قليل لحم الوجه_ غائر العينين”

على الرغم من مكانة أبي بكر المرموقة في مجتمعه، وقربه من الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أنه كان يتصف بالتواضع الشديد فكان متأثرًا بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان يستشف الأخلاق الحميدة المُحببة للبشر أجمع فكان محبوبًا بين الناس، لا يُفرق بين غني وفقير، فكان يرق بالمحتاج ويرأف بالمسكين وهين لين التعامل والقلب بين الناس لا يستصعب عليه أمرًا.

كما جاء في وصفه أن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام قال عنه:” أرحمُ أُمتي بأُمتي: أبو بكر”، فكان إذا جلس يلتف من حوله الناس يحبون مجالسته وحسن معاشرته لهم، فكان أبو بكر حسن المنطق، رزين العقل، لين كريم وسخي على المحتاج.

كان صادق في قوله وفعله، فحُكيَ عنه أنه لم يكذب قط، وكان يتصف بالوقار والعزة بالنفس، كان كثير الخيال والحلم، فقد أجمع الله فيه أفضل الأخلاق وأعرقها وأرفعها.

قصة إسلام أبو بكر الصديق

كان الصحابي أبو بكر الصديق هو أول من آمن من الرجال بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم للإسلام، وعندما قام الرسول صلى الله عليه وسلم بدعوته لم يتردد لحظة في تشكيك الرسول وآمن على الفور وقد روى عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما دعوت أحدًا إلى الإسلام إلا وكانت له كبوة، غير أبي بكر فإنه لم يتلعثم”

حيث إن الرسول قد ذهب إلى أبي بكر، ومن ثم أخبره عن نزول الوحي إليه عندما كان يتأمل الكون في غار حراء، وأخبره أن هذا الدين يدعو إلى إله واحد لا شريك له وأنه يجب عليه ترك عبادة الأصنام، فلم يتردد أبو بكر وقال للرسول “صدقت”، ونطق الشهادة مباشرةً.

فذكر الرسول وقتها أنه لم يتردد حتى، حيث إن الرسول لم يصدر عنه كذبًا منذ ولادته قط، ومن هنا خضع أبو بكر -رضي الله عنه وأرضاه- مستسلمًا للإسلام، وكان أول من أسلم من الرجال.

سبب لقب أبو بكر بالصديق

روى عبد الله بن عباس أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال:” ما مررتُ بسماءٍ إلاَّ رأيت فيها مَكتوبًا مُحمدٌ رسولُ الله أبو بكرٍ الصديق”، وقد سمي بالصديق حيث إنه يأتي بالمرتبة الثانية في الصدق بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد حُكيّ أن سبب تسمية أبو بكر الصديق بالصديق لأنه كان أكثر الناس تصديقًا برسول الله في دعوته فقد قال الرسول حينها:

(إنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إلَيْكُمْ فَقُلتُمْ: كَذَبْتَ، وقَالَ أبو بَكْرٍ: صَدَقَ، ووَاسَانِي بنَفْسِهِ ومَالِهِ، فَهلْ أنتُمْ تَارِكُوا لي صَاحِبِي؟ مَرَّتَيْنِ).

حينها قد أسماه الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك الاسم على لسان جبريل تيمنًا بالصدق الذي أتصف به أبو بكر حينها حيث إنه لم يسمع الرسول يقول شيئًا إلا وتبعه بـ “صدق”، وعلى سبيل ذكر مواقف صدقه للرسول يُحكى أنه جاء إليه كفار قريش يشككون في خبر الرسول بأنه بُعث إلى الإسراء والمعراج في ليلة واحدة.

كان حينها الإبل تحتاج لشهر كامل حتى تذهب إلى القدس وتعود آملين في إقناعه أن يرتد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فما كان منه حينها إلا سائلًا: أهو قال؟ قالوا: نعم   قال: صادق قالوا: تصدقّه في هذا؟؟ قال: والله إني لأصدّقه في أبعد من هذا، إني أصدّقه في خبر السماء”.

كما أن من ألقابه الشهيرة أيضًا لقب العتيق: حيث إن الله سبحانه وتعالى عتقه من النار كما أطلق لحسن وجهه ولشرف نسبه.

أعمال أبو بكر في عهد النبي

قد ذُكر في سيرة أبو بكر الصديق العديد من الأعمال الحسنة التي قام بها في حياته سواء كانت في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- أو بعد وفاة، النبي وتولي أبو بكر الخلافة الإسلامية، ومن ضمن أعماله ما يلي:

  • أول من أسلم من الرجال، فما إن سمع بخبر نبوَّته حتى صدقه على الفور وأسلم دون تردد منه.
  • ساند الرسول في كل المحن وصدقه عندما كان يكذبه جميع الخلق، خاصةً في حادثة الإسراء والمعراج عندما أُسرى بالرسول إلى بيت المقدس وعاد يسرد للناس ما قد حدث معه، فلم يصدقه أحد بسبب بُعد بيت المقدس وقتها فقد يستغرق الإبل شهرًا كاملًا للوصول.

فما كان من أبو بكر أن صدق الرسول ووقف بصفه ضد أهل مكة المكرمة وقتها وأخذ يقول: “نعَمْ، إِنِّي لَأُصَدِّقُهُ فِيمَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ، أُصَدِّقُهُ بِخَبَرِ السَّمَاءِ فِي غُدْوَةٍ أَوْ رَوْحَةٍ”، ومن بعدها أسماه الرسول الصديق لذلك.

  • عندما عزم الرسول على الهجرة إلى المدينة ما كان من أبو بكر إلا ويزعم قراره بالذهاب معه، ثم أخذ يجمع أمواله وينفقها استعدادا للهدرة حتى أنه أنفق كل ماله وأملاكه ولم يترك لأهل بيته شيئًا.
  • صاحب الرسول في رحلته على المدينة المنورة وما كان منه إلا كل الصدق والمحبة لرسول الله في رحلتهم وجابوا الصحراء سويًا، ونام معه في غار ثور لليالٍ عدة حتى أنزل الله سبحانه وتعالى فيه آية يقول: (إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا).
  • أنفق أمواله في تجهيز الغزوات ومنها غزوة تبوك، كما أنه أنفق كل ما يملك لأجل تحرير العبيد.
  • حج بالصحابة في السنة التاسعة للهجرة بدون رسول الله صلى الله عليه وسلم.
  • زوج ابنته عائشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ونال بسبب ذلك درجة رفيعة عنه ومن ثم تحولت بعدها السيدة عائشة إلى أحب زوجات الرسول إليه.
  • كان الأجدر بين الصحابة ودل ذلك عندما مرض رسول الله ولم يقدر أن يأمم بهم، فإن أبو بكر قد قام بذلك وكان إمامهم وهذا يدل على رفع مكانته.

تولي أبو بكر الخلافة

من أقدر القصص التي يجب ذكرها في سيرة أبو بكر الصديق حيث كان من أعظم الخلفاء المسلمين وأولهم، عندما توفى الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان في العام الحادي عشر من الهجرة قاموا الصحابة -رضوان الله عليهم وأرضاهم- ببيع أبو بكر الصديق الخلافة، حيث كان أجدرهم بها وبويع في يوم وفاة الرسول وكان هو وقتها أول خليفة للمسلمين.

كان لأولويته أن يحكم الخلافة عدة أسباب منها: أنه كان أقربهم لرسول الله كما كان الرسول يوليه إمامًا في الصلاة دون غيره في الصحابة، والكثير من صفاته الحسنة كصدقه لرسول الله وأخلاقه الطيبة وحب المسلمين والفقراء له، وعلى الرغم من توليه الخلافة سنتين وثلاث شهور فقط إلا أنها كانت من أعظم الخلافات وقتها وكانت فرصة عظيمة لنشر الدين الإسلامي في الأرجاء.

أعمال أبو بكر أثناء تولي الخلافة

استكمالًا في توضيحنا لسيرة أبو بكر الصديق بعد وفاة صاحبه وصديقه رسول الله، وبعد ما تولى الخلافة استكمل مشوار النبي وشهد التاريخ بالكثير من الأعمال له بعد تولي الخلافة، ومن أبرزها ما يلي:

  • قد فتح الكثير من المدن والبلاد وقتها واكتسب الكثير من الحروب ومنها: تصد لحروب الردة، معركة أجنادين ومرج الصفر ومعركة اليرموك ورغم شدتهم إلا أنه انتصر فيهم.
  • أفتتح في عهده الحيرة والبعض من مدن العراق والشام.
  • أنتصر في معركة اليمامة والتي تُعد من أصعب المعارك حينها، حيث قُتِل فيها مسيلمة الكذاب وأستطاع أبو بكر فيها إعادة الكثير مما ارتدوا عن الإسلام وقتها بسبب حروب الردة.
  • عندما استشهد عدد كبير من الصحابة حفظة القرآن في حرب اليمامة قام أبو بكر بأمر زيد بن حارثة بجمع القرآن الكريم في كتاب واحد حتى لا يهمل من بعدها.

وفاة أبو بكر الصديق

تروي السيدة عائشة -رضي الله عنها وأرضاها- زوجة الرسول وابنة أبو بكر الصديق، أن الخليفة قد تلقى حتفه بسبب حمى شديدة تلقاها وبقي على أثرها ثلاثة أسابيع في الفراش دون حراك، كما أوصى عمر بن الخطاب بإمامة المسلمين أثناء صلاة الجماعة نيابة عنه في مرضه.

قد توفي الخليفة بعدما أوصى زوجته السيدة أسماء -رضي الله عنها- وابنه عبد الرحمن بغسله ووصى السيدة عائشة بدفنه بجوار النبي صلى الله عليه وسلم في قبره، فقد تبعه بعد وفاته بسنتين وقد أتم عام الثلاثة وستون، كما كان عمر النبي صلى الله عليه وسلم فقد توفي الصحابي الجليل سنة 634 ميلاديًا.

قد حمله الصحابة على نفس الخشبة التي حُمل عليها الرسول صلى الله عليه وسلم، وصلوا عليه صلاة الجنازة ودفنوه، وقد نفذوا جميع وصاياه ودُفن بجانب الرسول صلى الله عليه وسلم، ليتم ختم أعظم السيّر على مر التاريخ وهي سيرة أبو بكر الصديق.

قد اُختتمت سيرة أبو بكر الصديق بعد وفاته أثناء تولي الخلافة، وقد كان من أعظم الرجال خُلقًا وعملًا، وكان ثاني اثنين في الغار، وأول خليفة للمسلمين وأول من آمن من الرجال بسيرة الرسول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى