جمع قصص معبرة عن عالم المخدرات
جمعنا قصص معبرة عن عالم المخدرات من واقع حيّ لا ترهات ولا محض خيال، إنما هي غصّة الحياة المريرة التي تدفع البعض إلى كتابة مصيره المأساويّ بنفسه.. ربما نجد أقوالًا مدافعة عمن تجرّهم الرذائل إلى الإدمان، باعتبار أنهم ضحايا غيرهم وليسوا بمجرمين، لكن ما يسعنا قوله إنهم مجرمين في حق أنفسهم، وهذا أشد أنواع الإجرام ظُلمًا وقساوة، وفي موقع البلد يُمكننا اتخاذ العبر من تلك القصص.
جمع قصص معبرة عن عالم المخدرات
تفرض علينا الحياة أحيانًا واقعًا نكون سببًا فيه ونستنكر لم حدث؟ وننسى أن المرء مخيرًا ما بين انتهاج طريق الخير أم الشر، النجاح أو الرسوب، القوة أو الهوان.. هكذا يأتي عالم المخدرات بأحداثه القاسية التي نسمع بعضها، ونجد بعضها في أسرنا وعائلاتنا، وأحيانًا ما نعاصرها نحنُ.
إما أن تكون قصصًا معبرة وكان بها من اللطف ما جعل نهايتها عبرة وعظة، وإما أن تنتهي بمأساة لا ينفع ندم فيها ولا رجوع، لذا كان بوسعنا أن نقدم جمع من قصص معبرة عن عالم المخدرات، لا نُجزم أنها واقعية بذات الأحداث، إنما هي حقيقية وتحدث بالفعل، ويوجد ما هو أشد قساوة.. ومنها ما يلي:
أولًا: أصدقاء السوء والشاب الجامعيّ
شاب جامعي، كان في ريعان شبابه وقوته، كان رياضيًا إلى الدرجة المثيرة للإعجاب، وكان علاوة على ذلك متفوقًا في دراسته، إلى الحد الذي يثير حفيظة أقرانه تجاهه، لم يكن لك أن تتخيل للوهلة الأولى بالنظر إلى حياة ذلك الشاب أن نهاية مطافه ستكون في غياهب السجن المظلم، بين سارقين ولصوص وقاتلي أنفس.
لا داعي للعجب، دعونا أن نخوض في تلك القصة المعبرة عن عالم المخدرات، فلم يكن الشاب بمعزل عن مجموعة من الأصدقاء ممن يدبرون له المكائد ويظهرون أمامه اللين والرفق، يتظاهرون وكأنهم رفاقه، وهو أقرب ما يكون عدوّهم اللدود، بالفعل وجد أولئك الشباب الفاسدين ضالتهم في شاب متفوق تتداعى له سبل الحياة الهانئة، فقرروا أن يكون مصيره كمصيرهم الحتميّ الذي أدركوه منذ سنوات، وما كان لهم إلا أن يستثيروه بكل الوسائل والمحفزات، لدفعه إليهم تدريجيًا.
بالفعل، في بادئ الأمر أقنعوه بالنزول معهم إلى السهرات الليلة، جلسات السمر التي يكثر لغوهم فيها، وهو لم يكن معتادًا على تلك الأمور، إنما ما دفعه أنهم جعلوه قائدهم، وأشعروه بالتميز والريادة، وكانت تلك هي نقطة ضعفه، فقبل أن تُذهب المخدرات عقله أذهبه حديثهم المعسول.
كانوا يتفننون في إغرائه للمكوث معهم وقت أطول في كل مرة، وفي إحدى الجلسات الشيطانية، جاء أحدهم بالقرب منه ليهمس بأذنه، أنه بحاجة إلى التركيز في الدراسة هذا العام، فالامتحانات على مشارف الأبواب، وهو قد ضيع الكثير من الوقت تلك الفترة ولم ينصف المذاكرة حقها.. وقد اقترح عليه بتناول بعض الحبوب التي تستدعي الحيوية والنشاط وتجعله أكثر تركيزًا.
نهاية مأساوية ومستقبل مظلم
إنه مُغيب الآن، لم يكن بعقله الواعي ليتفكر فيما يأخذ، إنما كان تحت تأثير غطرسته وغروره بأنه متفرد بينهم، وهذا ما نجحوا في زرعه فيه، لقد بدأ الشاب في أخذ الحبوب تباعًا، واحدة تلو الأخرى.. لا يدري لم لا يتوقف عنها! أحقًا هو بحاجة إلى ذلك القدر من التركيز ليذاكر؟ أم أن الأمر رغم إرادته الفعلية؟
بدأت شهوة الشاب في التحرك تجاه شياطين الإنس، ممن مهدوا له الطريق وتركوه ليلجأ لهم فيما بعد، ولم لا وعندهم ضالته، التي أصبح لا يتوق الابتعاد عنها.. ومع الوقت أصبح مدمنًا بشراهة، وكأنما شراهته على الجد والاجتهاد في سنواته المنصرمة استحالت شراهة من نوع آخر في وقت قليل.
ضعفت قواه، وبنيانه الجسدي لم يكن كسابق العهد، أصبح مغيبًا تمامًا لا يتصرف بعقله، بل ما يدفعه رغبته في الحصول على جرعة تُخمد لهيبه، وما إن نفذت أمواله وقد باع كل ما يملك في سبيل التعاطي.. إذ في ليلة تعيسة كانت هي المصيرية في حياته، قرر الهجوم على أحد المارة لأخذ ما معه من المال، ولم يشعر بنفسه إلا وهو يطعنه وينهب كل ما معه ليفر بعيدًا.
وقف لبرهة.. وانتظر، ماذا حلّ بي؟ ماذا فعلت؟ هل أنا في ظلام دامس بالفعل أم أنني أحلم بكابوس مفزع؟ لكن هناك نور يأتي من بعيد لا أتحمله! إنها الشرطة.. لقد انتهيت، ما كان بالشاب إلا أن يجد نفسه بعد وقت لم يتذكر مداه في حجرة أقل ما يُقال عنها إنها مكان للقمامة، حيث كل شيء يخلو من الآدمية، وهو يقبع على نفسه، لا يستطيع التفكير، لا يدرك ماذا فعل ولم.. كل ما يرغب فقط جرعة من حبوب التركيز!!
ثانيًا: ثراء مفاجئ من تجارة المخدرات
تبدأ أحداث تلك القصة من عالم المخدرات من واقع مداهم لنا دومًا.. رجل لا يسعه الحصول على العمل، حيث لا مال ولا حياة ولا نوع من الاستقرار، ماذا عساه أن يفعل بشهادته المصون التي شكي منها حائط منزله؟ وكيف يفكر وهو في الثلاثينات من عمره في الزواج والإنجاب؟ بدأ يستشعر أن العمر يسرقه، وبلا هوادة قسى كثيرًا في الندم واليأس.
محض صدفة سيئة.. جائه خبر من صديق له يتسامرون معًا على المقهى ليلًا، بأن هناك تاجرًا للسيارات يريد رجال يعملون معه، يتسمون ببعض الخصال التي وجدها تتوافر في صديقه، فلم يلبث وسرعان ما أخبره.. ليطير إلى التاجر عدوًا، راضيًا بذلك العمل مهما تكلف الأمر، فلقد كان على مشارف الاكتئاب.
أعجب به التاجر من جملة المتقدمين للعمل، عندما علم ظروفه، وصاحبنا لم يكن يعلم ما السبب الذي يجعله الأفضل إلا أنه لم يجعل لنفسه فرصة التساؤل، فقط قبل بالوظيفة واضعًا في نيته العزم على جمع أكبر قدر من المال.
فهو يريد الزواج والاستقرار، مرت الليالي والأيام والرجل يعمل ليلًا نهارًا مع التاجر، لا يكل ولا يمل، لكنه كان يجد اتفاقيات وصفقات خارج مجال السيارات، لم يكن يعلم ماهية الأمر ولم يرغب في إرضاء فضوله.
إلا أن فضوله قد أُرضي بالفعل دون سعي منه، فقد عزم التاجر على استخدام ذلك الرجل أخيرًا بعدما أثبت له ولائه، في “تجارة المخدرات” فما السيارات إلا واجهة خارجية حتى لا تتبعه أعين الضباط، وعندما علم الرجل صدم بعض الشيء، وقد أصابه التاجر في مقتل، حينما أخبره أن له نسبة الثلث في صفقة رابحة له أن يثبت جدارته فيها.
الثلث! مكث برهة يقوم بحسبة سريعة لما سيدر عليه من المال! ثم ظهرت على وجهه علامات الدهشة؟ حقًا سيكون لي ذلك القدر؟ أنا سأفعل ما تريد وأكثر مما تتوقع.. لم يكن ذلك المبلغ هو الأكثر على الإطلاق، إنما كان بداية لكثير من الأموال غير المشروعة، التي ارتضاها الرجل بل وفرح بها، وكأنما هي نتاج عادل لانتظاره واحتماله الفقر لسنوات!
جزاء تجارة المخدرات
لم يكن صاحبًا عاملًا فقط، بل يستحق أن يُنعت بالتاجر الآن، فهو من امتلك أموالًا طائلة جراء عمله مع تاجر السيارات المصون، ولم يكن يعلم أنه يكتنزها فقط، فقد ضاع حلمه في الزواج والاستقرار، فكان حلم زائف.. أنتج خواء بداخله، وأصبحت شراهته ولذته في جمع المزيد من الذهب والفضة على حساب إدمان شباب وفتيات، يعلم بمصيرهم مما يفعله، ولا ينتابه شعورًا بالأسى!
كان التاجر من الحنكة ما جعل الشرطة لم تستطع الوصول إليه لسنوات، لكن صاحبنا كان يفتقرها، فلم يستطع التملص من الشرطة حين إتمام صفقة كانت مدبرة للإيقاع به، ولم يدرك حقيقة واقعه إلا وهو يُجر إلى الحبس.. فما كان منه إلا أن يقتل نفسه، نعم.
قتل نفسه عمدًا دون أن يفكر قليلًا، فقد رأى أنه انتهى، فإن كان انتهى سلفًا من الفقر، فها هو الآن قد تجرد من إنسانيته وأصبح عبدًا للمال ما إن سُلب منه فقد روحه معه.
إدمان فتاة العشرين عامًا
قصة أخرى جمعناها لكم من قصص معبرة عن عالم المخدرات، وهي التي تحكي عن الفتاة العشرينية، التي تعيش حكاية تعيشها أغلب فتيات في عمرها.. خلافات أسرية، مشادات كلامية، لا تلقى اهتمام، لا تجد رعاية من أب أو أم، ذلك الخلل الاجتماعي الذي يغفل البعض آثاره المحققة.
فما كان من تلك الفتاة ضحية العنف الأسري إلا أن تنجرف وراء التيار الذي كان حولها.. في ظل عقيدة غير محكمة، وإيمان ضعيف، كانت ضحية وجانية في آن واحد.
شعور قاسي ألا يسمعها من أهم أقرب الناس إليها، وهي المراهقة التي تفيض مشاعرها رغمًا عنها، لا تدري أين تجد النصح وهي في قرارة نفسها تشعر بالأسى والحزن، لم تجد من والدتها إلا السباب والإهانات التي تنال من أبيها لا منها فحسب، ولم تجد من أبيها إلا التذمر على وجودها وأمها معًا، فلو كان بوسعه ما كان أنجبها من الأساس.
استشعرت اليتم وهي تحت أجنحتهما، أحيانًا كانت ترغب في احتواء ولو بالقليل، كلمة حانية، أو نظرة دفء، تكون لها العون الذي تتكئ إليه، إلا أنها لم تجد إلا المهانة والقسوة البالغة، فما كان لها إلا أن تصبح النسخة الأكثر قساوة من أبويها، ساخطة عليهما وعلى نفسها وعلى الحياة بأسرها، فلو كانت ستعيش فيها القليل ستعزم على الانتقام من كل لحظة حزن، لتستبدلها بسعادة تصنعها هي.
لم يكن حولها من أصدقاء السوء ممن يحفزونها على شيء، إنما هي من بحثت عنهم بنفسها، عزمت على دخول صداقات مع شباب وفتيات ليسوا بمستواها الاجتماعي إنما وجدت فيهم سبيلًا للخلاص.. سمحت للفرص باستغلالها وهي راضية، تزعم أنها بذلك تختار حياتها بإرادتها، وأن فيه سعادتها التي كانت تنتقصها.. ذاقت ولأول مرة تجربة الإدمان.
كان بالفعل هو ما تبحث عنه، أن تُدمن، أن تُذهب وعيها في كل مرة تستمع فيها إلى الإهانة من أبيها وأمها، وفي كل مشاحنة بينهما ربما تؤول تارة إلى الشرطة وتارة أخرى إلى السباب اللعين.. كانت تستنشق وبال خيبة أملها في المخدرات، ومرة بعد مرة، تمكن الإدمان منها، وقد لوحظ عليها الأمر بعد أن تفاقم، وما إن أفاق والديها على صدمة ابنتهما المُدمنة، التي أضاعت نفسها وعرضها، أرسلاها إلى مصحة علاجية ونفسية.
كانت في المشفى رافضة الحياة، بعدما فعلت واقترفت من آثام تعلمها وكانت تعمد ارتكابها، أفاقت من شرودها لوهلة، ونظرت إلى أبويها آسفة على حالهما حزينة منهما أكثر من حزنها على ذاتها، ففي نظرها كانا هما بداية انهيارها.. وبعد أشهر من العلاج، فقط كانت ترغب في أن تزول السموم من قفصها الصدري حتى تجد متنفسًا مرة أخرى للحياة.
إدمان المخدرات هو اضطراب عقلي وذهني مزمن، يستتبع سلوكيات أبعد ما يكون عن الصواب، يُحدث تغيرات أخلاقية واجتماعية لا تنم إلا عن خطر محقق.. وهذا ما وجدناه في القصص المعبرة عن عالم المخدرات المرير.