ما هو الذكاء التواصلي؟ وما هي أهم أنواعه؟ فالذكاء التواصلي من الذكاءات النادرة والمميزة، والتي يحظى بها فئة قليلة من الناس، وهو يشير إلى قدرات عقلية معينة، عادة ما تكون متنوعة عند الشخص.
لهذا نحن في موضوعنا هذا ومن خلال موقع البلد سنعرف معًا ما هو الذكاء التواصلي وسنشرح كافة المعلومات المتعلقة به بشيءٍ من التفصيل.
ما هو الذكاء التواصلي
يشير مصطلح الذكاء التواصلي إلى نظرية الذكاءات المتعددة التي قام العالِم هوارد جاردنر بالتوصل إليها، وهو يدل على تمتع الشخص بذكاءات متعددة في آن واحد، وتختلف أنواعها من شخص إلى آخر، وقد توصل هوارد جاردنر إلى هذه النظرية من خلال تجربة قام بالكشف عنها.
حيث رفض المسلمات المتعلقة بالذكاء البشري حينما لاحظ الأطفال ما دون سن المدرسة، وقال إن الأطفال يمكن أن يكون لديهم مهارات عديدة مثل العلاقات مع الأشخاص أو ما أسماه بالذكاء الاجتماعي، بينما نجد أن طفلًا آخر يتمتع بذكاء رياضي وآخر ذكاء فني أو حركي.
من هنا توصل صاحبنا إلى النظرية الشهيرة الخاصة به وهي الذكاءات المتعددة، وعرفنا على ما هو الذكاء التواصلي من خلالها، وقام بإعادة النظر بشكل جذري في نظريات الذكاء التقليدية وأثرها في العملية التعليمية للأطفال، وكتب عن نظرية الذكاء التواصلي في كتابه الأطر العقلية.
رفض جاردنر في كتابه فكرة الذكاء الواحد المناقضة تمامًا لفكرته عن ماهية الذكاء التواصلي، حيث أكد على وجود الكثير من القدرات العقلية المستقلة عند كل فرد، وقد أطلق عليها “الذكاءات البشرية المتعددة” أو نظرية الذكاء التواصلي، وخصص لكل منها سمات معينة.
نظرية الذكاءات المتعددة
في سياق توضيحنا لما هو الذكاء التواصلي من المهم ذكر أهم المعلومات عن نظرية الذكاءات المتعددة، حيث تعبر نظرية الذكاءات المتعددة عن الذكاء التواصلي والذي له العديد من الأنواع، وكل نوع من أنواع هذا الذكاء يقاس بطريقة مختلفة عن الآخر.
تتواجد هذه الذكاءات بنسب مختلفة في كل شخص، وهو السبب الذي يجعل كل شخص مختلفًا عن الآخر أو مميزًا في مجال ما دون غيره.
تنطلق تلك النظرية من قاعدة مفادها أن كل الأطفال يولدون وهم يمتلكون قدرات ذهنية متنوعة، ومنها ما هو قوي، ومنها ما هو ضعيف، وبالطبع فإن التربية السليمة هي التي من شأنها أن تنمي هذه القدرات عند الأطفال أو تقللها، وتعزز ما هو بالفعل قوي عند الطفل فنجده بارز في ذكاء معين.
تتجنب نظرية الذكاءات المتعددة ربط الذكاء بالعوامل الوراثية، التي تسلب الإرادة في عملية التربية أو التنشئة والتعليم، كما أنها ترفض كل اختبارات الذكاء التقليدية؛ وذلك لأنها لا تصنف ذكاء الشخص، بل تقوم بالتركيز على جانب معين من جوانب الذكاء، وتتجاهل كل أنواع الذكاء الأخرى.
لهذا قامت نظرية الذكاءات المتعددة بتعريف ما هو الذكاء التواصلي، وقدمت تفسير جديد نحو إعادة النظر في نظرية العامل العقلي واختبارات الـ IQ، كما اهتمت بمحاولة فهم الطريقة التي تتكون بها القدرات الذهنية عند الإنسان والطرق التي تعني بها سيرورات التعليم أي طرق التعلم.
كانت أفكار جاردنر التي أوجدها في كتابه الأطر العقلية وكتاب أشكال العقل البشري، ترفض تمامًا أن الإنسان يمتلك نوع واحد من الذكاء، والجزم بأن هذا الشخص غبي وهذا الشخص ذكي، بل آمن بوجود مجموعة من الذكاءات المستقلة، كل واحد منها يشغل حيز معين في العقل.
جاردنر والذكاء التواصلي
عند التعمق في الحديث عما هو الذكاء التواصلي، يجب أن نتطرق لأهم ما قاله العالم جاردنر بصدد الذكاء التواصلي والتعددي، حيث قال إن الوقت قد حان كي نتخلص من المفاهيم المتعلقة بالذكاء الكلي الذي يقوم المعامل العقلي بقياسه.
أكد كذلك على أنه من الضروري أن نهتم بالطريقة التي تنمي بها الشعوب من الكفاءات والقدرات العقلية الخاصة بها، لأننا إن نظرنا مثلًا لأسلوب عمل البحارة في وسط البحر فسنجد أنهم يطلقون على البراعة في الملاحة ذكاء، وإن نظرنا إلى المهندسين والرسامين والمدربين والصيادين.
سنجد أنهم يطلقون على كل مجال يعملون فيه ببراعة “ذكاء”، وهنا نلاحظ أن كلمة ذكاء أصبحت مطاطة كل شخص يطلقها على ما يبرع فيه، على الرغم من أن ذلك قد لا يخضع للتعريف التقليدي للذكاء، وعلى الرغم من أن هذا الذكاء قد لا تثبته مقاييس الـ IQ.
لهذا أكد جاردنر أن كل تلك الأدوار التي يبرع فيها الأشخاص من الممكن اعتبارها ذكاء إذا قمنا بوضع تعريف جديد للذكاء، وثبتنا النظرية التي تشرح ما هو الذكاء التواصلي، واعتبرنا أن الذكاء هو الكفاءة والقدرة على حل المشكلات وإنتاج أشياء لها قيمة وجديدة.
أشار كذلك أن كل أشكال القدرات والكفاءات التي يظهرها الناس في حياتهم الشخصية أو في محيط العمل، أو في حياتهم الدراسية هي نوع من أنواع الذكاء، والذي لا يقتصر على الرياضيات واللغة والمنطق، التي تقيسها اختبارات المعامل العقلية.
لهذا وجدنا إن نظرية الذكاء التواصلي تأخذ موقف خاص وحازم من اختبارات الذكاء، التي تصدر أحكام على الأشخاص من غبي إلى ذكي، بدلًا من مساعدتهم في معرفة ذكائهم الحقيقي.
الأسس التي قامت عليها نظرية الذكاء التواصلي
في سياق عرضنا لموضوع ما هو الذكاء التواصلي من المهم ذكر الأسس المتعلقة بتلك النظرية، والتي قام بوضعها العالم جاردنر، والتي سنوضحها لكم فيما يلي:
- إن الذكاء ليس واحدًا بل هو مجموعة متنوعة من الذكاءات القابلة للتطور والنمو.
- إن كل شخص يتواجد به تكوين متميز من الذكاءات المتعددة والمتنوعة.
- إن الذكاءات تختلف في نموها داخل الفرد الواحد أو بين الأفراد عمومًا وبعضهم البعض.
- إنه لمن الممكن أن ينمى الذكاء بأنواعه المتعددة داخل الفرد إذا سنحت الفرصة بذلك.
- إن لمن الممكن قياس وتحديد الذكاءات المتعددة عند كل فرد، وكذلك القدرات المعرفية العقلية التي تقف وراء كل نوع من الأنواع.
أنواع الذكاء التواصلي
إن نجاح أي فرد في حياته سواء الشخصية أو العملية، يعتمد بصورة كبيرة على مدى وعيه بذاته، وقدراته ومواهبه وإمكانياته بشكل دقيق، ومن الممكن أن نتعرف على تلك القدرات من خلال التعرف أكثر على ما هو الذكاء التواصلي، وقد حدد لنا جاردنر أنواع الذكاء التواصلي وهي:
الذكاء اللغوي
إن الذكاء اللغوي يعتبر من أنواع الذكاء التواصلي الأكثر انتشارًا بين أغلب الناس وأعدل توزيعًا بين البشر، حيث أنه يشير بمفهومه البسيط إلى قدرة الفرد على التعرف على كل الحروف الأبجدية والجمل البسيطة مع القدرة على إنتاج الكلمات عبر الكلام أو الكتابة وما إلى ذلك.
بينما يعتبر الذكاء اللغوي في مفهومه المعقد هو قدرة الفرد على استعمال اللغة بشكل أكثر تعقيدًا وسلامة في التواصل والتعبير وفي فهم كل استعمالات اللغة داخل أكثر من سياق، بالإضافة إلى توفر قاموس لغوي واسع واستخدامه في الكتابة والكلام لتبليغ المشاعر والأفكار.
أما المستوى الأعلى من المفهوم البسيط والمعقد في الذكاء اللغوي، فهو مستوى التمكن، وهنا القدرة اللغوية على ابتكار أعمال أصيلة، واستخدام أساليب بيانية متنوعة، والتعامل مع اللغة كأنها لغة واصفة.
قد توصلت دراسات سيكولوجية إلى أنه توجد العديد من القدرات اللغوية التي تبدأ في الظهور عند الطفل في عمر مبكر، ومن الطبيعي أنها تكون متأثرة بالأصوات الدفينة التي يسمعها الجنين وهو في رحم أمه، إذًا من الممكن القول إن الذكاء اللغوي له ارتباطات مع الذكاء السمعي.
لكنه يختلف تمامًا عن الذكاء الموسيقي الذي له سمات أخرى، كما أن الذكاء اللغوي لا يرتبط بصورة وثيقة بعالم الأشياء المادية مثل الذكاء المنطقي الرياضي والذكاء الفضائي، ولا يرتبط بعالم الأشخاص كما هو الأمر في الذكاء الشخصي.
الذكاء المنطقي الرياضي
في سياق عرضنا لموضوع ما هو الذكاء التواصلي من المهم ذكر الذكاء الرياضي، حيث يعتبر الذكاء المنطقي الرياضي من الذكاءات المعبرة عن طبيعة الذكاء التواصلي.
يشير الذكاء الرياضي المنطقي في مفهومه البسيط هو قدرة الفرد على القيام بعمليات العد والتصنيف في أمور عينية.
كذلك في قدرة الفرد على معرفة الأرقام وربط الرموز العديدة بما يقابله من أشياء، واتخاذ تلك الأساليب في القيام بعمليات تحليل واستدلال بسيطة.
أما في المستوى المعقد منه، فهو قدرة الشخص على القيام بحسابات رياضية وعمليات منظمة، حيث يستطيع الفرد من خلاله القيام بتوظيف تلك القدرات في حل المشكلات وامتلاك القدرة على التفكير بشكل مجرد يستند على خطط منطقية متنوعة، وإجراءات رياضية.
أما مستوى النبوغ في هذا النوع من الذكاء، فيكمن في القدرة على توظيف العمليات الرياضية والكشف عن المقادير المجهولة خلال حل المسائل المعقدة، والتمكن من فهم واستخدام أنشطة فوق معرفية، مع استخدام التفكير المنطقي في القيام بتحليلات وعمليات استنباطية واستقرائية.
يمكننا ان نلاحظ هذا الذكاء بسهولة عند العلماء والرياضيين، والمحاسبين والعاملين في البنوك، ومعلمي الرياضيات والمبرمجين والمهندسين، وكل من يعمل في التعبئة الإحصائية، وغيرها من الأمور المتعلقة بالرسم البياني والأرقام، والقدرة على فهم الرموز الخاصة بالأفراد وفكها.
الذكاء الموسيقي
في سياق عرضنا لموضوع ما هو الذكاء التواصلي من المهم ذكر الذكاء الموسيقي، حيث يتضح لنا هذا الذكاء بمفهومه البسيط في قدرة الفرد على التعرف على مجموعة مختلفة من البنيات الصوتية والأنغام، والعديد من الإيقاعات، مع القدرة على الاستجابة لها بشكل فعال، والتجاوب معها، وتقليدها.
أما المفهوم المعقد من الذكاء الموسيقي فيشير إلى قدرة الفرد على إنتاج اللحن وأغاني سواء سائدة أو أصلية، وإدراكه لمختلف التأثيرات الموسيقية والإيقاعية، والقدرة على ربطها بالانفعالات والأحاسيس والحالة النفسية، والقدرة على التمييز بين أصناف مختلفة من الموسيقى.
أما الذكاء الموسيقى في مرحلة أعلى وهي المستوى الراقي منه، فتشير إلى قدرة الفرد على استخدام الموسيقي في التعبير عن الأفكار والمشاعر، والقدرة على تقاسم الحس الموسيقي مع الأخرين، وفهم كل قوالب الموسيقى وأشكالها والبنيات الإيقاعية لها.
هذا بالإضافة إلى القدرة على فهم الرموز الموسيقية، وكل المفاهيم المتعلقة بالموسيقى، وينتشر هذا النوع من الذكاء بين المطربين والموسيقيين، والملحنين وموزعين الأغاني، والمغنيين، والعازفين على كافة أنواع الآلات الموسيقية.
ارتباط الذكاء الموسيقي بذكاءات أخرى
إن الذكاء الموسيقي مثله مثل أنواع الذكاءات المتعددة التي يتضمنها موضعنا ما هو الذكاء التواصلي، حيث إنه يرتبط مع أنواع أخرى من الذكاءات، فهذا الارتباط البنيوي قائن بين الموسيقى واللغة الحركية أو الجسدية.
حيث نجد على سبيل المثال أن معظم الأطفال لا يستطيعون القيام بأداء أغنية دون ان ينخرطوا في نشاط حركي، كما أن الموسيقى تدرس كذلك من خلال مناهج تتمكن من دمج الحركة مع الصوت والجسد واليد.
يرتبط كذلك الذكاء الموسيقي بالذكاء الذاتي، حيث إن الموسيقى ترتبط بالحياة الوجدانية للأشخاص، ومدى تأثيرهم عليها وتأثرهم بها، بل من الممكن أن تكون الموسيقى أداة لمعرفة أشكال المشاعر عند المؤدين والمبدعين بل وكذلك المتلقين والمستمعين.
كما يرتبط الذكاء الموسيقي بالذكاء الرياضي، حيث إن الموسيقي منذ قديم الزمن قد أرتبط بالرياضيات، ويتضح ذلك في الاهتمام بالتماثلات بين نسب وتناغم الأصوات الموسيقية، ونسب وتناغم الأرقام.
الذكاء البصري
يطلق على الذكاء البصري أيضًا اسم الفضائي، وهو بمفهومه البسيط يعني قدرة الشخص على التعرف على مختلف الأشكال والألوان، والاستمتاع بها، والقدرة على الاستجابة لها، وفي القدرة على رسم نماذج وأشكال بسيطة، وفي معالجة الجوانب المادية للأشياء، وتجميعها بشكل يدوي.
هذا بالإضافة إلى القدرة على التحرك داخل أي فضاء أي مكان، والتنقل من مكان إلى آخر بذكاء، أما المستوى المعقد منه فيمكن في معرفة الأبعاد الفضائية والقدرة على إنتاجها، والتمكن كم إعادة إنتاج المشاهد والموضوعات من خلال النحت أو الرسم أو التصوير والمسرح.
بالإضافة إلى القدرة على قراءة المفاتيح والرموز والمساحات الخاصة بالخرائط، مع القدرة على استخدام الخيال بصورة إبداعية في تشكيل الصور الذهنية، ورؤية وفهم المشاهد والمواضيع من منظور مختلف.
أما بالنسبة للذكاء البصري في مستوى متمكن، فيتجلى في فهم طريقة إنجاز مهام معينة من خلال تصميم أو شكل محدد، مع وضع بطاقات أو خرائط محددة، كي تساعد في تحديد مسار محدد أو ترميز مكان، هذا بالإضافة إلى القدرة على إبداع أعمال فنية.
إن من يمتلك الذكاء البصري في مستوى التحكم والمهارة، يستطيع أن يفهم الرسوم والصور المكانية المجردة، مثل الرسومات الهندسية، ويعرف كيف ينتج علاقات بصرية مكانية معقدة بين العديد من الأشكال.
إن الذكاء البصري يرتبط بشكل وثيق بعالم الأشياء المادية وموضعها داخل العالم، وهو ما يفسر لنا وجود رواسخ مستمرة له، ويمكن استعماله في العديد من المجالات العلمية والفنية على نطاق واسع.
كما يرتبط بشكل كبير بأنواع ذكاء أخرى، لا سيما الذكاء الجسدي الحركي، والذكاء الرياضي المنطقي، وهذا بحكم تعلقهم بالموضوعات والأشياء، كما يرتبط بالذكاء الصوتي الموسيقي في العديد من الأمور، ومن ضمنها الإدراك الكلي للحن، والتوزيع.
الذكاء الحركي
يطلق على الذكاء الحركي أيضًا اسم الذكاء الجسمي، وهو في مفهومه الأولي يكمن في الحركات البسيطة التي يقوم بها الشخص، والأفعال الارتكاسية ومختلف النشاطات الجسدية التي تساعد الشخص في التحكم في الوسط المادي، وإتمام أعمال مقصودة لتحقيق أهداف معينة.
أما المستوى المعقد منه، فيكمن في قدرة الشخص على التعبير الملائم بحركات جسده، ولعب الأدوار، والتمكن من عرض الحركات التي تتناسق مع بعضها بشكل منظم، مع القدرة على ممارسة التمارين والألعاب والمغامرات الجسدية.
أما المستوى المتمكن من الذكاء الحركي فيكمن في قدرة الشخص على عرض حركات بدنية متكررة، والتمكن من العرض الدرامي للمشاهد المعبرة والمعقدة، التي توصل فكرة أو مفهوم ما، كما تشير إلى القدرة على الإنجاز الرشيق لحركات ذات هدف معين.
هذا بالإضافة إلى القدرة على معالجة المواضيع المادية التي تتطلب وجود حركة بدنية ويدوية بشكل دقيق ومحكم، والقدرة على تنفيذ نشاطات إبداعية واختراع إنجازات مادية مبتكرة وجديدة.
ارتباط الذكاء الحركي بذكاءات أخرى
إن الذكاء الجسمي مثله مثل الذكاءات الأخرى التي ذكرناها في موضوعنا ما هو الذكاء التواصلي يوجد لها ارتباطات مع ذكاءات أخرى، مثل الذكاء الفضائي أو البصري والذكاء الرياضي والذكاء الطبيعي، حيث إنهم يشكلون سويًا رباعي يرتبط بالشيء أو الموضوع.
حيث يمكننا أن الذكاء المنطقي يتضح في وضع الأشياء داخل نماذج متعددة، والذكاء البصري يساعد في التنقل داخل الفضاء، والذكاء البدني يتجه لاستعمال الجسد من الداخل إلى الخارج لإنجاز الأشياء، وبالتالي تتكامل كل هذه الذكاءات مع بعضها.
ينتشر هذا النوع من الذكاء بين الراقصين والراقصات، والرياضين، والممثلين، وأصحاب الفنون القتالية، ومدرسي الألعاب، والمدربين في الصالات الرياضية، وعارضي الأزياء.
ينتشر كذلك بين من يعملون في البناء، والسباحين، ولاعبي الجمباز والأشخاص الذين يحبون السفاري وتسلق الجبال، وممارسة الأنشطة التي بها مغامرات كثيرة، ويبدأ في الظهور على الفرد في عمر صغير.
الذكاء التفاعلي
يجب عند التطرق في موضوعنا ما هو الذكاء التواصلي أن نشير في البداية إلى أن جاردنر قد وصف كل من الذكاء التفاعلي والذكاء الذاتي من أنواع الذكاء الشخصين حيث قال إن كان مفتاح الذكاء الأول هو قدرة الفرد على تعرف على نفسية الأخرين.
فإن مفتاح الذكاء الثاني هو قدرة الفرد على التعرف على نفسيته ودوافعه، ويتميز هذا الذكاء ومعه الذكاء الذاتي بأن كلاهما يمتاز بسمات إضافية، حيث إنهما أقل تأثرًا بالعوامل البيولوجية أي الجينات الوراثية، فهم يرتبطان أكثر بالعوامل الثقافية.
حيث إن الأنساق الرمزية الخاصة بكل ثقافة تضيف هذه الأنواع من الذكاء على شخصية الفرد، ويمكن تنمية هذا النوع من الذكاء منذ عمر مبكر، فمنذ بدأ وعي الطفل وتفطنه على العالم، يمكن لوالديه أن يعلماه كيفية التعامل والتفاعل مع ما حوله، ويتطور هذا النوع من الذكاء بمرور الوقت.
يتمتع أصحاب الذكاء التفاعلي بقدرة فائقة على فهم الأخرين، ومعرفة رغباتهم الحقيقية، ومشاعرهم حتى الخفية منها، ونواياهم، ويتمكنون من العمل معهم، كما يمتلكون القدرة على مشاركة الآخرين بفعالية في تنفيذ الكثير من الأشياء.
إن الأشخاص الذين يمتلكون هذا النوع من الذكاء يميلون إلى العمل في شكل جماعي، ويفضلون العمل التفاعلي أو التعاوني الذي يعتمد على مشاركة العديد من الأشخاص، كما لديهم القدرات التي تؤهلهم ليكونوا في موضع الزعامة أو القيادة، من تنظيم أو تخطيط أو تفاوض أو وساطة.
ينتشر هذا النوع من الذكاء بين التجار، والعاملين في مجال العلاقات العامة، والموارد البشرية، والأطباء والمحللين النفسيين، والمعلمين، وبالطبع السياسيين والزعماء والدبلوماسيين، ورجال الدين، ومن يعملون في مجال المقاولات.
الذكاء الذاتي
لا بد من معرفة الذكاء الذاتي عند الحديث حول ما هو الذكاء التواصلي، حيث إنه من أنواع الذكاءات المهمة، التي يحتاجها الشخص حتى يعيش في سلام نفسي، وهو يتمحور حول مدى تأمل الشخص لنفسه، وقدرته على العمل بمفرده، وفهمه لطبيعة انفعالاته وأهدافه ودوافعه ونواياه الحقيقية.
حيث إن الأشخاص الذين يمتلكون هذا النوع من الذكاء لديهم إحساس قوي بالأنا وثقة كبيرة بالنفس، ويميلون إلى العمل بشكل منفرد، ويعلمون جيدًا قدراتهم الذاتية ومهاراتهم الشخصية، وقواهم الكامنة في داخلهم.
ينتشر هذا النوع من الذكاء بين الفلاسفة والعلماء، والأطباء النفسيين، والباحثين، والمهتمين بعلم النفس، والأنثروبولوجي.
قد أشار جاردنر بصدد هذا الذكاء في كلامه حول ما هو الذكاء التواصلي، أنه لمن الصعب ملاحظة الذكاء الذاتي في الأشخاص، حيث إن الطريقة الوحيدة لقياسه هي ملاحظة المتعلمين وعاداتهم في العمل وقدراتهم الإنتاجية.
كذلك فإنه لمن المهم عدم التسرع في الحكم على المنطويين على ذاتهم، أو من يعملون بشكل فردي على أنهم من الأشخاص الذين يتمتعون بالذكاء الذاتي، فهذا ليس مقياس وسيعرض الباحث أو المحلل إلى كثير من المغالطات.
إنه لمن المهم معرفة ما هو الذكاء التواصلي، حتى نتمكن من اكتشافه في أنفسنا والبدء في تنميته بكل نسبة وأنواع الموجودة بداخلنا.