هل ندمتِ بعد الطلاق
هل ندمتِ بعد الطلاق؟ وكيف تقبلك المجتمع كمطلقة؟ تلك الأسئلة كثيرًا ما يتم طرحها على امرأة التي خاضت تجربة الطلاق ذات مرة، أو تطرح من قبل سيدة تفكر جديًا في الطلاق ولكنها تخشى من العواقب فتسأل وتستشير شخصًا قد جرب الأمر بالفعل، لذا سنجيب لكم من خلال موقع البلد عن سؤال هل ندمتِ بعد الطلاق على لسان سيدة خاضت تجربة واقعية مع الطلاق.
هل ندمتِ بعد الطلاق؟
كثيرًا ما يتم توجيه سؤال هل ندمتِ بعد الطلاق إليَّ من بعد أن انفصلت عن زوجي، وفي الواقع لم أجد حتى الآن إجابة محددة له يمكنني أن أرد بها، فأنا في بادئ الأمر لم أحزن ولم أندم لكوني كنت أعاني في حياتي الزوجية حق معاناة، ولكن بمرور الوقت كنت دومًا أرى نفسي على صواب، ولكن الناس لا يتركون المرأة المطلقة وشأنها بطبيعة الحال في الوطن العربي بشكل عام.
لا يوجد شخص من الأصدقاء أو الأهل والأقارب بالذات لم يسألني هل ندمتِ بعد الطلاق؟ ألم تشتاقي إلى حياتك الزوجية السابقة؟ ولعل هذا في حد ذاته هو ما خلق لدي شعور الندم، بالفعل خلقه من العدم فبت أشعر أنني قد تسرعت أو أن المعاناة التي عانيتها في حياتي الزوجية كانت أهون بمراحل من نظرات الشفقة والنقص والاستنكار والاشمئزاز التي أتلقاها في كل وقت وحين.
تجربتي مع الحياة الزوجية
إن من يسألني هل ندمتِ بعد الطلاق لا يعرف كم عانيت هو فقط أنني امرأة غير كفء ولست جديرة بالمسئولية، وقد فشلت في إدارة حياتي الزوجية، أنا لم أفضل في إدارة حياتي الزوجية مطلقًا بل عانيت كثيرًا واجتهدت أكثر وأكثر لكي تدوم، ولكن الأمر لم يجدِ في النهاية ولقد استنزفت من عمري وطاقتي وكرامتي الكثير ولم يعد لدي أكثر مما أهدرته.
لقد تزوجت منذ ثلاثة أعوام وكان الزواج نتاجًا لقصة حب دامت لخمس سنوات ولقد تعرفت عليه للمرة الأولى في عامي الجامعي الأول، وعن طريق المصادفة حدث نوع من الانجذاب وتبادل النظرات حتى بدأنا في التعارف والكلام بشكل متقطع ثم بصفة مستمرة.
استمر الوضع هكذا حتى صرح لي بحبه وأنا في الحقيقة كنت أكن له مشاعر إعجاب من نوع خاص فقبلت بمشاعره تلك وبمرور الوقت بادلته نفس الشعور، كان كل ذلك يتم بمعرفة الأهل ولقد تمت الخطبة بشكل رسمي معلن وتحدد الزواج بعد التخرج، وبعد التخرج من الجامعة اضطررنا إلى الانتظار عامًا آخر حتى أصبحت لديه وظيفة ثابتة في شركة هندسية مرموقة.
تزوجنا بالفعل وقضينا معًا عامًا كاملًا من السعادة ولقد ساعدته كثيرًا لكي يترقى في منصبه في العمل حتى أصبح يحتل مكانة جيدة جدًا، وبعد انقضاء هذا العام لاحظت أن حاله قد تبدل مائة وثمانين درجة، فأصبح يقضي معظم وقته خارج المنزل، ويتأخر إلى ما بعد منتصف الليل بساعات كان عمله بطبيعة الحال ينتهي في الخامسة أو السادسة مساءً على حد أكثر.
بدأت طريقته في التعامل والحديث حتى ذوقه كذلك تغير تمامًا وأصبحت أشعر أنني أعيش مع رجل غريب أعرفه لأول مرة، وكنت كلما فاتحته في أمر تأخره وغيابه عن المنزل كان يتهرب أو يدعي أن لديه عمل مكثف أو أنه مضغوط من العمل ويحتاج إلى قضاء بعض الوقت مع أصدقائه لكي يروح عن نفسه.
بقيت على هذا الوضع لمدة ستة أشهر ولقد حاولت كثيرًا أن أضع معه حلًا حاولت أن أغير من نفسي، بدأت أكرر التغيرات في شكلي وفي إطلالتي وفي ديكورات المنزل وفي كل شيء، ولكن كل هذا لم يجدِ نفعًا حتى الكلام العاطفي المعسول الذي يحبه كل الرجال كان يرد عليه ببرود واستهتار وكأنه غير موجه له.
فشل حياتي الزوجية
إن من يسأل هل ندمتِ بعد الطلاق لا يعرف أنني عرفت أنه يخونني طيلة الوقت ولم أواجهه بالخيانة في بادئ الأمر، اعتقدت أنني مقصرة في حقه وأنني السبب وحاولت بكل السبل أن أستميله وأجذبه إليَّ ولكن دون جدوى، استمر في خيانته لي واضطررت أخيرًا إلى مواجهته ولكنه انتفض ثائرًا وأتى بالخطأ عندي أنا وقال إنني السبب وأنني أتتبعه وأراقبه.
وعدني أنه كان خطئًا وأنه لن يكرر الأمر مرة أخرى وسامحته وقلت أن جميع الرجال يخطئون ولا بأس طالما لن يكررها، ولكنه عادها مرات ومرات حتى يئست وفقدت الأمل في أن يتغير ولكن الأمر ساء حتى أصبح مدمنًا لشرب الخمر والمقامرة، وكثيرًا ما كان يتعدى عليَ بالسب والضرب وحاولت إصلاحه كثيرًا ولكنه بالفعل لم يعد إنسانًا حتى لكي تنفع معه محاولات الإصلاح.
ما جعل أمر الانفصال بشكل عاجل غير آجل هو أنني اكتشفت حملي بشكل مفاجئ وبقدر ما كنت أريد هذا الحمل في بادئ الأمر إلا أنني حزنت كثيرًا عندها، ولكنه قضى على كل أمل لاستمرار هذه العلاقة بأن تعدى عليَّ بالضرب ذات مرة وأنا حامل في شهري الثالث حتى تسبب في إجهاض الجنين وكدت أفقد حياتي حينها بسبب النزيف.
حدث الانفصال بالفعل ولكن بعد نزاع ومناوشات طويلة ومُنهكة في المحاكم والمراسلات العائلية وغيرها، ولكني كنت ثابتة على موقفي حتى حكمت المحكمة لصالحي، وذلك لأن الأدلة على التعدي الجسدي واللفظي كانت واضحة أمامها، فقامت المحكمة بقبول دعوى الطلاق وأعطتني كافة حقوقي الزوجية وعرضت عليَّ سجنه ولكني رفضت ذلك، وفضلت أن أترك له موقفًا نبيلًا إنسانيًا يجعله يندم على خسارته لي طيلة حياته.
بعد حدوث الطلاق شعرت أنني قد خلقت من جديد بالفعل بالرغم من كوني خرجت من تلك التجربة محطمة كأنثى وكإنسان إلا أنني كنت سعيدة وأحمد الله على أنني خرجت منها حية أصلًا، ولم يفاتحني أهلي في الحديث عن تلك التجربة لفترة طويلة ولقد قدروا إلى حد كبير الوضع المرير الذي كنت أعيش فيه وخرجت منه شبه ميتة وخاصةً لأنني كنت الابنة الوحيدة لديهم.
المجتمع الشرقي وفكرة الطلاق
لا أحد يدرك كم هو مؤلم سؤال هل ندمتِ بعد الطلاق بالنسبة إلى المرأة المطلقة في المجتمع العربي إلا التي عانت من تجربة قاسية في حياتها، ولن يشعر بذلك الألم أبدًا إلا الذي تعانيه فعليًا فمهما حاولت المرأة وصفه لن يكون الوصف كافيًا وافيًا، ولكن إجابتي كمطلقة عن سؤال هل ندمتِ بعد الطلاق ستكون لا بكل تأكيد بالرغم من تأنيب المجتمع بما فيه ومن فيه فأنا لست نادمة.
إن المجتمع الشرقي ولا سيما العربي بالذات ينظر للمرأة المطلقة على أنها فاشلة ينقصها الكثير حتى وإن كانت ذات منصب وجاه ومال ونجاح منقطع النظير، وذلك لأنهم قد حصروا المرأة في بوتقة المنزل والمطبخ وخدمة الزوج والأولاد وليس لها أي دور آخر، وتلك الأفكار لا يمكن نعتها بوصف أقسى من كونها من أفكار الجاهلية الأولى التي ولّىَ زمانها منذ أمد بعيد.
لا ينظر أحد للمرأة بعين الرحمة ولا يعرف كم وكيف تعاني لكي تتحمل أعباء الحياة الزوجية والحياة العملية، ولا يدركون ما الذي تعانيه النساء اللاتي مررن بتجارب زواج فاشلة أقسى مما مررت بها بمراحل، ولكنهم يتحملن ويصبرن ويصمتن من أجل الأولاد أو من أجل الخوف من نظرات المجتمع والأهل والأصدقاء لها كمطلقة أو بمعنى أصح للمجتمع كفاشلة.
إن المطلقة ليست فاشلة المطلقة شخصية ذكية رأت أنه بالرغم من قسوة الحياة لا يزال هناك أمل في الغد وعليها أن تنفد من معاناة اليوم لكي تلحق بشمس الغد، ولكن هذا لا يجعلنا نبتعد عن الحيادية والعدل هناك بعض السيادات فعلًا يقصرن في حياتهن الزوجية.
تلك الفئة من السيدات هن الأحق في سماع سؤال هل ندمتِ بعد الطلاق لأن هذا السؤال يجعلها تعيد حساباتها وتراجع نفسها، فلا تندم بعد الطلاق إلا المرأة التي تسرعت في أخذ هذا القرار أو كانت مقصرة بالفعل ولم تحاول بجدية أن تحافظ على كيانها الزوجي وحياتها مع زوجها في بيتهما بشكل عام.
من خلال الإجابة عن سؤال هل ندمتِ بعد الطلاق، يمكننا استنتاج أنه لن تعرف قيمة هذا السؤال وتجيب بنعم أو لا إلا من كانت تعاني من زواجها السابق أو من ارتاحت بمجرد الانفصال.