هل يجوز شرعًا مسامحة الزوجة الخائنة
هل يجوز شرعًا مسامحة الزوجة الخائنة؟ وما هي أسباب خيانتها؟ الإسلام لم يترُك لنا قضية إلا وبيّن حكم التصرف فيها، فلا نخطو خطوة دون الاطمئنان أنها الصواب بحق، والتعامل مع قضية تُثير الجزع كهذه يجب أن يكون بقدرٍ من الحكمة والتريث، وكثير من هذه الحكمة يعرضها لك موقع البلد تاليًا.
هل يجوز شرعًا مسامحة الزوجة الخائنة؟
ليست الخيانة بمعناها العام تشمل الحكم ذاته، إنما قد تحوي أشكالًا عِدة، فلا يُفترض بنا التعميم، فقد تُحادث الزوجة رجلًا على الإنترنت، أو تعرف شخصًا بالحقيقة وتقابله بالخارج، قد تكون الخيانة بمشاعرها، والمرحلة الأصعب هي الزنا.
على الرغم من تباين الدرجات.. إلا أنّها تقع سيان بالنسبة للزوج الذي يقهره هذا ويُشعره بالخيانة، ويجتاحه شعورًا بأنه مخدوع وقليل الحيلة.
لكن على الرغم من هذا فإن فعلتها لا تحرّمها عليه، ولكن بقائها على ذمّته تقتضي أن تتوب عن فعلتها، فليس من المعقول أن يُبقيها وهي مستمرة بهذه الخيانة، والدليل على ذلك قوله تعالى: “وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ” سورة النور الآية 3.
يجب أن تحاول جاهدة التكفير عن ذنبها، وعلى زوجها أن يتابعها ويُرشدها إلى أن تعود للطريق الصحيح، ويحاول استعادة الثقة بها من جديد ليكون هذا أدعى للحياة الزوجية أن تسير بسلام.
لكن إذا لم يستطع الزوج أن يستعيد ثقته بها ففي هذا الحال لا حل إلا الطلاق، فلا يستقيم البيت على هذا الحال أبدًا، فالزواج سكينة وود وليس تخوين وانعدام ثقة، ولا لوم على الرجل فيما يشعر فهذا حقه كاملًا.
لماذا يتحتم على الرجل طلاق الزانية؟
الزانية بهذا الصدد هي من بقيت مستمرة على الفاحشة ولا نية لها بالتوبة، ويتحتم على زوجها طلاقها لِما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: “ثلاثةٌ لا ينظرُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ إليهم يومَ القيامةِ؛ العاقُّ لوالِدَيهِ، والمرأةُ المترجِّلةُ، والدَّيُّوثُ، وثلاثةٌ لا يدخُلونَ الجنَّةَ: العاقُّ لوالِدَيهِ، والمدمِنُ على الخمرِ، والمنَّانُ بما أعطى” صحيح النسائي.
الديوث هو الذي لا يغار على أهل بيته إذا ما كانوا بهكذا موضِع من الفاحشة، ولعلّ الرجل يبرر بقاءها لديه لرأفته بحالها أو أنها ليس لديها غيره، فيأتيه قوله تعالى: “وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ” سورة النور الآية 2.
أسباب خيانة الزوجة
يجب أن نعي جيدًا السبب الذي أدى بهذه المرأة إلى الخيانة، فهو من الأكيد من باب تجنب الحدث قبل وقوعه، وأيضًا يبين جواز مُسامحة الزوجة الخائنة من عدمه.
- المرأة لا تقدر على أن تُحِب رجلين بذات الوقت، لذا فالتفسير المنطقيّ الأول هو أنها لا تُحب زوجها.
- بنسبة 71.4% من الأسباب التي تدفع الزوجة إلى الخيانة عدم حصولها على التقدير والأمان.
- المفاهيم التي تُصدّر من قِبل الإعلام لا تقوِّم الفتيات منذ نعومة أظفارهن على القيم المُثلى.
- يتعرض المُجتمع للكبت طُوال الوقت، وهو ما يُعزى إليه كون الممنوع مرغوبًا لدى الكثيرين، مع انعدام الرغبة الحقيقية في هذا الممنوع.
- صُحبة السوء، كصالونات التجميل التي تحوي نساءً من مُختلف الفئات، مما يثري الرغبة بتجربة ما يُحكى عنه هُنالك.
- أحيانًا تخون المرأة لأجل الانتقام من الزوج.
- إدمان الجنس.. يجعل المرأة غير مُكتفية بزوجها، وترغب دومًا بالقفز لتجربة كل جديد وغير طبيعي أو مواتي للفطرة.
- المشاكل الزوجية التي تؤدي بالزوجة إلى النفور من زوجها.
- حين تتعرض الزوجة للتعنيف الجنسي، أو عدم التقبل، أو الاضطهاد.. سيذهب بها هذا إلى البحث عنه في أي مكان آخر إذا ما سمحت لها الفرصة.
- العنف الأسري كذلك يولد النفور والكراهية.
أشكال الخيانة الزوجية
لا تخون كل النساء للأسباب ذاتها، ومن الأكيد أن هذا يُغير من إمكانية مُسامحة الزوجة الخائنة من عدمه بالتأكيد.
أولًا: النمط البغائي
هذا النوع من الخيانة لا يحمل أية مشاعر، بل الهدف منه ليس إلا جمع المال مقابل ممارسة الجنس مع رجال كُثر، وبالطبع هذه الزوجة يجب مفارقتها فورًا فور اكتشاف علّتها تلك.
لكن من يُمارسن هذا النوع رغم فسقهن إلا أنهن ضحية مُجتمعية، فقد وصل بهن الحال هُنا نتيجة التفكك الأسري والأوضاع المادية القاحلة، وافتقاد الحب والتقبُّل بالطفولة.
ثانيًا: الخلل الأوديبي
تُعرف عقدة أوديب بعلم النفس وفق ما ورد عن العالم فرويد أنه حب الأب الذي لا تقدر الفتاة على التخلص منه، يقع في مقابلة المعاملة السيئة من الأم، هذا التشوه هو ما ينتُج عنه هذه التصرفات المنحرفة.
ثالثًا: اضطراب الهستيريا
هذا الخلل يقع سببًا رئيسيًا في حث المرأة على الخيانة، حيث يظهر جليًا عليها في محاولة جذب الرجال جنسيًا بشتى الطُرق، وهي لا تكون هُنا مُنحرفة، إنما مريضة يُمكن علاجها من الاضطراب.
لكن هذا لا يعني أنها لا تُدرك ما تفعل؛ لأن مريض العُصاب يكون مُدركًا لحالته، ويسعى للعلاج.
رابعًا: المرأة السيكوباتية
هذا النوع من النساء هي من على الرجل طلاقها في الحال، فلا يُرجي منها توبة؛ فهي شخصية منحرفة وترغب بأن يكون لديها كل شيء، كما أنها ضد الجميع، ولا ترى إلا نفسها ورغباتها.
لديها ضمير ضعيف جدًا، بالتالي هي لا تشعر بتأنيب الضمير إذا ما اكتشفت فِعلها، حتى أنها لن تشعر بالأسف حيال الأمر، فبالتأكيد استنادًا إلى حكم مُسامحة الزوجة الخائنة، هذه الشخصية لا يجب مُسامحتها.
خامسًا: الخيانة بالوراثة
بعد تجارب عِدة أجراها علماء النفس، تبين لهم أن الصفات الشخصية يمكن لها أن تورّث، لذا فوفقًا للمنهجية العلمية عليك أن تتأكد من صلاح الراعي أولًا.
سادسًا: مريض الهوس
يُعد الهوس مرضًا نفسيًا يجعل الإنسان مُتخبطًا بين السعادة القصوى تارة، والاكتئاب الشديد بنوبة أخرى، وهذه السعادة المُفرطة تجعل المرأة فاقدة للسيطرة على سلوكها بشكل مرضي، ولا حرج عليها ويجب خضوعها للعلاج؛ فهي تكون غير مدركة لِما تفعل.
الحياة الزوجية عقب الخيانة
إذا كانت حالتك تقتضي جواز مُسامحة الزوجة الخائنة، فعليك أن تعي جيدًا أن الحياة ستسير بوتيرة من الشقاء وزوال المودة لا تُفضل أن تكون عليها، لذا يُفترض أن تبذل جهدًا كي يتوقف جُرحك عن النزف.
- تقبّل ما تشعر به من غضب، وصدمة وحزن، وعش كل المشاعر ولا تُحاول تجاهلها؛ فالتجاهل لا يعني الحل، وإنما تراكمه.
- لا تجعل الانتقام الوسيلة التي تُهدأ من روعك، فلن يُجدي نفعًا، وأنت من ستشعر بالاشمئزاز من ذاتك.
- شارك الأمر مع طبيب أو معالج نفسي لتتمكن من تناسي الأمر سريعًا.
- احرص على أن يكون الأطفال خارج هذه المشاكل تمامًا، فلا يُفترض بهم أن يختبروا هذه التجربة حتى لو كانوا كبارًا.
- لا تأخذ قرارًا أو تتحدث وأنت غاضب.
- استمع إلى الطرف الآخر، وناقش مع مبرراته، واستمع إلى ندمه واعتذاره.
- اطلب من شريكك فعل ما تريد حتى تتجاوز الأمر.
بالنهاية إن كان الأمر غير محتمل، ولم تتمكن من التجاوز، فلا يجدر بك الإكمال في هذا الزواج، لن تُربيا أطفالًا أصحاء مع بقايا علاقة محطمة، قال تعالى: “فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ” الآية 299 سورة البقرة.
الخيانة الزوجية ليس سهلًا على الجميع تجاوزها، وفي الحقيقة من يقدر على ذلك لهو من الحكمة التي يُثاب عليها خير الجزاء.