تعليم

ابو نواس شعره وسيرته

ابو نواس شعر دائمًا ما يتضمن على العواطف والرومانسية، فقد اشتهرت أشعاره وقصائده في العصر العباسي لما تحتويه من صفات كان يفتقدها اغلب الشعراء في ذلك العصر، واشتهر كذلك بالخلاعة والفجور واللهو، لذا.. دعونا نتعرف على شعره ونأخذ نبذة صغيرة عن حياته من خلال هذا الموضوع.

ابو نواس شعر عربي فصيح

  • كانت أشعار أبي نواس عاطفية وشاعرية، كما كانت عفيفة في بعض الأشعار، ونرى ذلك عندما قام بالتغزل العفيف بامرأة أحبها فسبته وشتمته، فلم يوقفه ذلك بل إنه قد زاده شوقًا وحبًا، فقال مشعرًا:

أتاني عنكِ سبّكِ لي فسُبّي

أليسَ حريّ بفيكِ اسمي فحسبي

وقولي ما بدا لكِ أنْ تقولي

فما ذا كلّهُ إلّا لحبّي

  • قام أبو نواس كذلك بالمديح في أشعاره، ولكنه لم ينل التقدير الكبير لاحتوائه على التصنع، كما كان كثير المدح للخليفة هارون الرشيد، فيقول عنه:

تباركَ من ساسَ الأمورَ بقدرةٍ

وفضّلَ هارونًا على الخلفاء

نعيشُ بخير ما انطوينا على التقى

وما ساس دُنيانا أبو الأمناء

إمام يخاف الله حتى كأنه

يؤمل لقياه صباح مساء

  • اتصفت أغلب أشعار أبي نواس بالإباحية والفجاجة، فكانت كل الأشعار التي تحدث فيها عن الخمريات أو التغزل بها الجهر بالمحرمات واستمتاعه بها، وأوضح ذلك بنفسه في أحد الأبيات قائلًا:

غدوْتُ على اللذّاتِ مُنهتكَ السّتر

وأفْـضَتْ بنــاتُ السّـرِّ إلى الجـهْرِ

  • أشعر كذلك أبو النواس في الرثاء، وكان يتصف شعره بالعاطفة الجياشة والعميقة والحزن الشديد، كما كان يبتعد عن التصنع والمبالغة، فلما مات هارون الرشيد أرثاه قائلًا:

النّاسُ ما بينَ مَسرُورٍ ومَحزُونِ

وذي سَقامٍ بكفّ الموْتِ مرْهونِ

مَنْ ذا يُسَرّ بدُنْياهُ وبَهجَتِها

بعدَ الْخَليفَةِ ذي التّوفيقِ هارُونِ

  • كما تعد كلمات أبي نواس في الخمر هي أشهر ما قاله، فكان يجاهر بشربه لها ويتفاخر بذلك، فيقول:

ألَا فاسقِني خمرًا وقلْ لي: هيَ الخمرُ

ولا تسقني سرًّا إذا أمكنَ الجهرُ

  • كانت أغلب أشعار أبي النواس تتسم بالمعاني السهلة والألفاظ المعروفة، كما استخدم العبارات المرنة واللينة فكان لا يعتمد على حشو الكلمات في أشعاره، ومن تلك الأشعار التي تتسم بالوضوح والسلاسة:

دَعاني إِلى نَعتِ الطُلولِ مُسَلَّطٌ

تَضيقُ ذِراعي أَن أَجوزَ لَهُ أَمراً

فَسَمعٌ أَميرَ المُؤمِنينَ وَطاعَةٌ

وَإِن كُنتَ قَد جَشَّمتَني مَركَباً وَعرا

إقرأ أيضًا: يارب ان عظمت ذنوبي كثرة للشاعر أبو نواس

قالوا عن الشاعر أبو نواس

هو الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن صباح الحكمي، عرف بأبي النواس، ولد بعام 146 هجريًا وتوفي بعمر 52 سنة في عام 198 هجريًا، ولد في مدينة أهواز بإيران حاليًا، وهو أحد أشهر شعراء العصر العباسي والعراق، وانتقل لدمشق ومنها لمصر ومنها لدمشق مرة أخرى وبقي فيها بقية حياته حتى توفي، ونسب أبي النواس لجده مولى الجراح بن عبد الله الحكمي أمير خراسان، كما ينسبه البعض لأهل دمشق، على أنه كان أحد جنود مروان بن محمد.

  • قال أبو عبيدة عنه: كان أبو نواس للمحدثين كامرئ القيس للمتقدمين.
  • قال الجاحظ عنه: ما رأيت رجلا أعلم باللغة ولا أفصح لهجة من أبي نواس.
  • قال كلثوم العتابي عنه: لو أدرك أبو نواس الجاهلية ما فضل عليه أحد.
  • قال الإمام الشافعي عنه: لولا مجون أبي نواس لأخذت عنه العلم.
  • قال النظَّام عنه: هذا الذى جمع له الكلام فاختار أحسنه.
  • قال حنا فاخوري عنه: اتخذ المتعة منذ صباه، مذهبًا ودينًا.
  • قال أبي النواس عن نفسه: ما قلت الشعر حتى رويت لستين امرأة من العرب. فما ظنك بالرجال؟

شخصية أبو نواس

في تحليله لشخصية أبي النواس قال الأديب حنا فاخوري: “كان أبو نواس وسيم الطلعة، خفيف الروح، رقيق النفس، حسن القوام، يجمع إلى ذلك كله، ذكاءً فريدًا تثقف ثقافة عالية في الرواية واللغة، والنجوم والطبيعيات، والحكمة الهندية واليونانية.. وكان هذا الانسجام بين قوى جسمه وقوى عقله، هو ما يجعله رفيقًا من أطيب الرفاق وجليسًا من أخف الجلساء ظلًا، وأعذبهم لسانًا، وشاعرًا في أبلغ وأدق وأجمع ما تدل عليه الكلمة. وكان إلى ذلك، ميالًا إلى الخلاعة بفطرته. فزادته نشأته الشاردة الطائشة إغراقًا فيها، فاتخذ المتعة منذ صباه، مذهبًا ودينًا”.

ويقول أبي النواس في شعره:

طربتُ الصنج والمزهر

وشرب المدامة بالأكبر

وألقيت عني ثياب الهدى

وخضتُ بحورا من المنكر

وأقبلت أسحب ذيل المجون

وأمشي على القصف في مئزر

إقرأ أيضًا: اجمل ابيات المتنبي الشاعر الذي قتله شعره والذي وصفه غازي القصيبي بشاعر الأفلاك

قصائد شعر أبو نواس في الغزل

  • برع أبي نواس في الكثير من أنواع الشعر، كان أحد هذه الأنواع وأقربها إلى قلبه شعر الغزل، فتعدد أشعاره الجيدة في هذا النوع، ومنها:

حامِلُ الهوى تَعِبُ

يَسْتَخِفّهُ الطّرَبُ

تضحكينَ لاهيةً

والمحبّ ينتحِبُ

  • لم يكن أبو نواس محببًا للنساء، وذلك بسبب مجونه وشذوذه وعلاقاته الغرامية العديدة، وكانت اول هذه النساء هي “جنان” جارية لدى الثقفيين، فبالرغم من حب أبي نواس الشديد لها كانت تشتمه وتسبه كلما أرسل إليها أشعاره، ومن تلك الأشعار ما ذكرناه في مستهل كلامنا.. “أتاني عنك سبّك لي فسبّي… إلى آخره”.
  • بعد رفض النساء له، بدأ أبو نواس بالانجذاب للأطفال والشباب، خاصة عندما كان في حالات سكر، ومن غزله في الذكور:

قُل لِذي الطَرفِ الخَلوبِ

وَلِذي الوَجهِ الغَضوبِ

وَلِمَن يَثني إِلَيهِ الـ

ـحُسنُ أَعناقَ القُلوبِ

قَد رَضينا بِسَلامٍ

أَو كَلامٍ مِن قَريبِ

قِف إِذا جِئتَ إِلَينا

ثُمَّ سَلِّم يا حَبيبي

  • بالرغم من وجود بعض الأشعار العفيفة لأبي نواس، كانت معظم أشعاره تتصف بالفجور، مثل وصفه لجارية في إحدى المرات:

نضَتْ عنها القميصَ لصَبّ ماءٍ

فورّدَ وجهَها فرطُ الحياءِ

فلمّا أن قضَتْ وطراً وهمّتْ

على عَجلٍ إلى أخذِ الرّداءِ

رأت شخصَ الرّقيبِ على التّداني

فأسبلتِ الظّلامَ على الضّياءِ

فغابَ الصّبحُ منها تحتَ ليلٍ

وظلّ الماءُ يقطرُ فوقَ ماءِ

إقرأ أيضًا: شعر غزل عن الجمال ومراحل تطور الغزل في الشعر

أشعار مختلفة لأبو النواس

اِكسِر بِمائِكَ سورة الصَهباءِ

فَإِذا رَأَيتَ خُضوعَها لِلماءِ

فَاِحبِس يَدَيكَ عَنِ الَّتي بَقِيَت بِها

نَفسٌ تُشاكِلُ أَنفُسَ الأَحياءِ

صَفراءُ تَسلُبُكَ الهُمومَ إِذا بَدت

وَتُعيرُ قَلبَكَ حُلَّةَ السَرّاءِ

كَتَبَ المِزاجُ عَلى مُقَدَّمِ تاجِها

سَطرَينِ مِثلَ كِتابَةِ العُسَراءِ

نَمَّت عَلى نُدَمائِها بِنَسيمِها

وَضِيائِها في اللَيلَةِ الظَلماءِ

قَد قُلتُ حينَ تَشَوَّفَت في كَأسِها

وَتَضايَقَت كَتَضايُقِ العَذراءِ

—————————————-

شَجاني وَأَبلاني تَذَكُّرُ مَن أَهوى

وَأَلبَسَني ثَوباً مِنَ الضُرِّ وَالبَلوى

يَدُلُّ عَلى مافي الضَميرِ مِنَ الفَتى

تَقَلُّبُ عَينَيهِ إِلى شَخصِ مَن يَهوى

وَما كُلُّ مَن يَهوى هَوىً هُوَ صادِقٌ

أَخو الحُبِّ نِضوٌ لا يَموتُ وَلا يَحيا

—————————————-

قَد نَضِجنا وَنَحنُ في الخَيشِ طُرّا

أَنضَجَتنا كَواكِبُ الجَوزاءِ

فَأَصيبوا لَنا حُسَيناً فَفيهِ

عِوَضٌ مِن جَليدِ بَردِ الشِتاءِ

لَو تَغَنّى وَفوهُ مَلآنُ جَمراً

لَم يَضِرهُ لِبَردِ ذاكَ الغِناءِ

—————————————-

دَع عَنكَ لَومي فَإِنَّ اللَومَ إِغراءُ

وَداوِني بِالَّتي كانَت هِيَ الداءُ

صَفراءُ لا تَنزَلُ الأَحزانُ ساحَتَها

لَو مَسَّها حَجَرٌ مَسَّتهُ سَرّاءُ

مِن كَفِّ ذاتِ حِرٍ في زِيِّ ذي ذكر

لَها مُحِبّانِ لوطِيٌّ وَزَنّاءُ

قامَت بِإِبريقِها وَاللَيلُ مُعتَكِرٌ

فَلاحَ مِن وَجهِها في البَيتِ لَألأُ

فَأَرسَلَت مِن فَمِ الإِبريقِ صافِيَةً

كَأَنَّما أَخذُها بِالعَينِ إِغفاءُ

رقَّتْ عَنِ الماء حتى ما يلائمُها لَطافَةً

وَجَفا عَنْ شَكلِها الماء

في النهاية.. كان للشاعر ابو نواس شعر فاجرًا وفجًا للغاية وأثارت أشعاره العديد من المشكلات، ولكن لا يمكننا الإنقاص من الدور الذي قدمه في الشعر العربي خاصة بالعصر العباسي، وهذا ما يهمنا في الأمر، لذلك.. نتمنى أن يكون لموضوعنا الإفادة الكافية في بحثكم، وأن نكون قد ساعدناكم أكثر في التعرف على الشاعر أبي النواس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى