حكم تنازل الأب عن بيته قبل وفاته لأحد أبنائه من شانه الحد من وقوع الكثير من الاضطرابات والخلافات بين الأبناء والتي قد تجعل الأبناء يتفرقون بسبب البحث عن المال.
قد تكون بعض قرارات الآباء بشأن توزيع الثروة على الأبناء بها الكثير من الخطأ أو التسرع في أخذ تلك القرارات، وفيما يلي سوف يقدم موقع البلد حكم تنازل الأب عن بيته قبل وفاته لأحد أبنائه.
حكم تنازل الأب عن بيته قبل وفاته لأحد أبنائه
في بعض الأحيان يحظى أحد الأبناء بالكثير من الحب من الأب، ويكون ذلك غير مماثل لباقي الأخوة، مما يجعل أخوته يشعرون بالكثير من الضيق والغضب، فتتوتر العلاقة بين الأب وابنائه، وهو ما يجعله يقوم بتوزيع ثروته بشكل غير متساوي وإعطاء مزيد من الأملاك والأموال للابن المقرب منه.
يختلف البعض في حكم تنازل الأب عن بيته قبل وفاته لأحد أبنائه، فالبعض يرى أن هذا البيت وكل ما يملك الأب من أموال هي ملك خاص له ولا يوجد لأي شخص الحق في التحكم في ذلك على الإطلاق.
لكن البعض الآخر يرى أن ذلك ليس صحيح وأن الأموال يجب أنه توزع ضمن الميراث الشرعي، أما ما يخص حكم تنازل الأب عن بيته قبل وفاته لأحد أبنائه وحسب إجماع الأئمة فهو كالآتي:
لا يجوز للأب أن يقوم بتقديم منزل أو أي أموال أخرى تخصه لأحد الأبناء دون الآخر لأن ذلك يخالف شرع الله في ضرورة توزيع الميراث بما يرضي الله ورسوله.
الفرق بين العطية والميراث
هناك فرق كبير بين فكرة تقديم العطية وبين الميراث فنجد أن، بعض الآباء يقومون بتوزيع جزء من أموالهم في شكل عطية أو منحه ويجب أن تكون تلك المنحة أو العطية التي يتم تقديمها، متساوية بين جميع الأبناء دون التميز بين الذكر أو الأنثى.
في حالة تقديم لميراث لابد أن يكون ذلك مطابقًا لشرع الله، الذي أقامه بحيث لا يتم فيه التفريق في توزيع الثروة حسب المحبة أو حسب رغبة الأب في التميز بين الأبناء.
الحقوق التي تسبق تقسيم الميراث
بعد الحديث عن حكم تنازل الأب عن بيته قبل وفاته لأحد أبنائه، نجد أن هناك بعض الحقوق التي يجب رعايتها قبل تقسيم الميراث بين الأبناء، لكي يكون ذلك بما يرضى الله ورسوله ومنها:
1ـ الديون التي تتعلق بالأعيان التي يمتلكها المتوفي
هناك بعض الديون المتعلقة بالأعيان التي تخص المتوفي، والتي يجب تحديدها من التركة وإخراجها قبل القيام بتوزيع التركة على الأبناء.
2ـ القيام بتجهيز الميت
ضرورة القيام بتجهيز الميت بكل ما يحتاج له من أمور تتعلق بترتيبات الغُسل ومراسم الدفن والعزاء، وذلك من إكرام المتوفي، ويجب أن يتم تجهيز كل تلك الأمور من الأموال الخاصة للمتوفى، وفي حالة إن كان الميت فقيرًا يتم التجهيز له من بيت مال المسلمين وإن كان غني يتم التجهيز له من ماله الخاص.
3ـ الديون الشخصية
هي الديون التي تعلقت في ذمة الميت لأشخاص آخرين وهي الديون المطلقة أو الديون المرسلة لأنها غير متعلقة بعين من الأعيان، ومن هذه الديون هي الديون التي تتضمن: القروض والديون المتعلقة بحق الله وأجرة الدار وغير ذلك.
4ـ الوصية
الالتزام بالوصية وما يفرض بها وضرورة تنفيذه، وذلك بإجماع جميع الأئمة، والدليل في ذلك (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ) وقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ)]سورة المائدة: الآية 106[.
ويدل ذلك على ضرورة الالتزام بالوصية وبتنفيذ كل ما فيها من شروط يوصي بها المتوفى قبل وفاته.
آيات من سورة النساء تدل على ضرورة الالتزام بتوزيع الميراث
هناك بعض الآيات الكريمة التي تؤكد ضرورة الالتزام بتوزيع الميراث على الأقارب والأبناء بالعدل، وأن يكون ذلك بعد الوفاة أو في حالة إن كان الشخص مازال على قيد الحياة وتشمل تلك الآيات:
- (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا) ]سورة النساء: الآية 7 [.
- (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا)]سورة النساء: الآية 11[.
- (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ)]سورة النساء: الآية 12[
- ) يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ]سورة النساء: الآية 176[.
الصراعات النفسية التي تسببها المواريث بين الأبناء
هناك الكثير من الأمور السيئة التي يسببها تفريق الآباء في توزيع الميراث بين الأبناء والتي تشمل:
- اضطرابات نفسية عند الأبناء تجعلهم في معاناة دائمة.
- وجود وانتشار الاضطرابات النفسية بين الأبناء والآباء.
- حدوث الكثير من الاضطرابات والخلافات بين الأخوة.
- محاولة سيطرة الأخوة على أموال الأب دون علمه.
- لجوء الأبناء إلى بعض الطرق الملتوية بهدف الحصول على الأموال.
- شعور الأخوة بالكره والحقد على الأخ أو الأخت الذي يحاول الأب تميزهم.
- انتشار الصفات السيئة بين الأبناء مثل الطمع والحقد والكراهية.
- وجود الكثير من الخلافات العائلية وقطع صلة الأرحام.
- شعور الأبن المميز بين أخوته دائمًا بالخطر.
نصائح للعدل بين الأبناء
هناك العديد من النصائح التي يمكن للآباء والأمهات للقيام بها بهدف العدل بين الأبناء وعدم جعل ابن من الأبناء يضمر في قلبه الغل والحقد للآخر ومن هذه النصائح:
1ـ السماح للأبناء بالاعتراض
يجب السماح للأبناء بالاعتراض على معاملة الآباء في حالة الشعور بالعنف أو الشعور بالظلم والتفريق بينهم وبين الأخوة الآخرين، فإن ذلك يعطي الفرصة للآباء بتحديد المشكلة والتغلب عليها.
2ـ قضاء وقت مع كل ابن بمفرده
من الضروري على الآباء محاولة ترك بعض الوقت الجيد لكل ابن من الأبناء، لكي يتحدث عن كل الأمور التي يشعر بها والأفكار التي تتراكم في عقله ومخاوفه ورغبته في البكاء أو الشكوى من تصرفات حدثت معه.
يساعد ذلك في تحسين العلاقة بين الآباء والأبناء وجعل العلاقة بينهم قائمة على الود والاحترام ومنع حدوث التفرقة بين الأبناء، وأو جعل أحد الأبناء يشعر بالكره للابن الآخر.
3ـ توضيح الفارق العمري بينهم
يجب على الآباء والأمهات توضيح الفارق في العمر بين كل ابن من الأبناء والابن الذي يقرب له وذلك بهدف معرفة كل ابن أن الأمور التي تحدث مع الأخ الأكبر سوف تحدث له أيضًا في يوم من الأيام حينما يكبر ويحل محل أبوه.
4ـ الامتناع عن التدخل بين الأبناء بصورة مستمرة
يسبب ذلك شعور الأبناء بنوع من التحيز من الآباء لأخ دون الآخر، وهو ما يزيد شعور الابن بالغيرة من أخوه وعدم التعامل معه بحب كما كان يفعل في السابق.
5ـ استخدام سياسة التعويض
في حالة إن أصبحت الأمور سيئة بين الأبناء فلابد من استخدم السياسة الخاصة بالتعويض، بحيث نحاول تعويض الابن الذي يشعر بنوع من وقوع الظلم عليه بقدر مناسب من الرعاية والحب حتى يعود في شعوره بالأمان والطمأنينة.
بذلك نجد أن حكم تنازل الأب عن بيته قبل وفاته لأحد أبنائه، التزام يلزم الآباء بكل ما يخص أحكام المواريث، وعدم التميز بين الأبناء وإشعال المشكلات بينهم.