اسلامياتتفاسير قرآنية

فضل سورة النجم

فضل سورة النجم عظيم، وذلك نظرًا لما أوضحته الآيات من التأكيد على رسالة النبي، كما أنها أظهرت أمور أخرى سوف نوضحها لكم من خلال موقع البلد، ذلك من أجل التأكيد على أن فضل سورة النجم كبير، كما أننا سوف نوضح سبب تسميتها بهذا الاسم، وما تحتوي عليه من رسائل، تساعدنا على التقرب من الله سبحانه وتعالى.

فضل سورة النجم

لكل سورة أنزلها الله، وذكرها في كتابه العزيز فضل كبير، منَّ الله علينا بالقرآن الكريم ليذكرنا بقدرته، ويمنحنا العظة مما فعله من أشرك به.

فضل هذه السورة شاع حوله الكثير من الأقاويل الكاذبة على من يقرأها، فهناك من قال إن من يقرأ هذه السورة يكفيه الله من شر جهنم، ويحرم جسده على النار.

كما أن هناك من الناس من قال إن قراءة هذه السورة تُعادل قراءة القرآن الكريم كاملًا، جميع هذه الأقاويل ما هي إلا شائعات، ومن أجل أخذ الحكمة والموعظة الحقيقة من السورة، لا بد من معرفة فضل سورة النجم، وهذا ما سوف نوضحه من خلال الفقرات التالية.

1- تأكيد رسالة النبي

أعظم فضل يمكن ذكره لسورة النجم هو تأكيدها على رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، فهي أكدت على أن الرسول كان صادقًا لما جاء به من رسالة يدعو بيها الناس على اعتناق الإسلام، والإيمان بالله وحده، وعدم الشرك به، كما أنها سورة مكية.

2- التأكيد على وحي القرآن الكريم

أكدت سورة النجم على أن القرآن الكريم وحي من عند الله سبحانه وتعالى، وأن جميع سور القرآن جميعها أنزلها الله –عز وجل- لموعظة الناس ورشدهم، وتم توضيح ذلك في قوله تعالى (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) [الآيات 3-4].

3- أخذ العظة من المشركين

من الجدير بالذكر أن فضل سورة النجم على الإنسان هام جدًا، لأن الله ذكر في هذه السورة ما فعله المشركين، من عبادة الحجارة، والأشجار التي لا تضرهم ولا تنفعهم، وقد أتضح ذلك في قوله تعالى: (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى) [الآيات 19-20].

4- تعظيم مكانة الأنثى

ذكر الله سبحانه وتعالى في هذه السورة ما كان يفعله الناس في الجاهلية من وأد للإناث، معتقدين في ذلك أنهم يحمون أنفسهم من إصابتهم بالعار، وكأنهم قد وضعوا الأنثى في زمنهم كرمز ومثال للخزي والعار.

لكن كان لرب العالمين في هذه السورة الموعظة الحسنة، التي عظم بها شأن الأنثى، وعلَّم بها الناس أن ما يفعلونه باطل وأن الجميع خلق الله ولا يجوز لأحد أن يقتل نفسًا دون وجه حق مبررًا ذلك بجنسها، وذكر ذلك في قوله تعالى :

(أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى) [الآية 21].

توضيح ما ينتظر المشركين في الآخرة

عندما يقوم الله سبحانه وتعالى بذكر ما ينتظر المشركين في الآخرة من حساب يعمل بذلك على تذكير المسلمين بعظمة عقابه.

كما أوضح للناس أن العقاب لا يحمله غير صاحبه، أي أن الناس في الآخرة سوف يتحملون جزاء ما فعلوه، دون أن يخفف أحدًا عن الآخر، وذكر ذلك في قوله تعالى:

(أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى)

[الآيات 38-42].

تأثير سورة النجم على المسلم

بناءً على ما نتحدث عنه من فضل سورة النجم على الإنسان المسلم فلا بُد من توضيحنا أنه حتمًا يستفيد الإنسان منها في أمور حياته، ولا بد أن يأخذ الحكمة التي تجعله يعيش آمنًا مطمئنًا من جزائه في الآخرة، ومن الدروس التي يجب الاستفادة منها في هذه السورة:

  • يجب أن يعلم المسلم أن باب التوبة دائمًا مفتوح امامه، ومهما كانت عظمة الذنوب التي يرتكبها، لا بد أن يعود لله ثانيةً، ولا بد من التوبة عما فعل، ولكن يجب أن تكون هذه التوبة نابعة من القلب، توبة نصوحة يعتد الله بها ويغفر لمن قصدها.
  • الإقلاع عن الظنون، فهي لا تُهدي إلى الطريق الصحيح، الظن إثم يرتكبه الإنسان دائمًا دون الإحساس بعظمته.
  • الإيمان بالغيب، عاجلًا أم آجلًا سوف تؤمن به، ولكن يجب الإيمان به الآن قبل أن يمر الوقت وتتمنى أن تعود الدنيا مرة أخرى من أجل أن تُزيد من إيمانك بالله والآخرة.
  • الابتعاد عمن يشككون في وجود الله، والكافرين المشركين به، وترك أمرهم لله فهو أولى بهمن قادرًا على حسابهم، فهو يعلم الغيب وظواهر الأمور وبواطنها.
  • أخذ النبي صلى الله عليه وسلم قدوة، لا بد أن يقتدي الإنسان بالرسول، فهو كان صادقًا لا يدعي ولا يحرف في قوله، كان ناقلًا للرسالة دون تحريف فيها بالزيادة أو النقصان.
  • الموعظة من تحذير الله للمشركين عما يكنّه لهم من عذاب في الآخرة، والاجتهاد لإصلاح النفس وتغيير الحال إلى ما يحبه الله ويرضاه.

جمال وحي الله للرسول

في إطار حديثنا عن فضل سورة النجم فهناك جمال ذكره الله في هذه السورة لا بد أن نتأمله، وهذا الجمال يوجد في حديثه عن رؤية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم للوحي، وقال تعالى (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) [الآيات 10-18].

أوحى الله سبحانه وتعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالشرع العظيم والنبأ المستقيم، واتفق فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم ورؤيته للوحي الذي توطأ عليه سمعه وبصره، مما يدل على كمال الوحي.

قد تلقى النبي من الوحي جبريل تلقيًا لا شك فيه، ولم يكذب فؤاده ما رآه بصره، وأتى تيقنه الحقيقي من قلبه ورؤيته للوحي، الذي اتصف بالكمال والجمال الذي لا مثيل له، فعندما رآه النبي لم يستطع إلفات نظره.

ليلة الإسراء والمعراج

كما تم الحديث عن ليلة الإسراء والمعراج وتكليم الوحي للرسول، فقد رأى الرسول جبريل عليه السلام في صورته الصحيحة مرتين، وكانتا (الأولى في الأفق الأعلى والتي هي تحت السماء الدنيا، والمرة الثانية فوق السماء السابعة).

كانت المرة الثانية عند سدرة المنتهى، وهي شجرة عظيمة توجد فوق السماء السابعة، وسميت هذه الشجرة بالمنتهى لأنها ينتهي إليها ما يأتي من الأرض، وينزل إليها ما يأتي من الله، كما أن هناك من قال إن تسميتها تعود إلى انتهاء علم الخلق وذلك لكونها فوق السماوات والأرض، والله أعلم.

كما توجد هذه الشجرة عند جنة المأوى، وهي جنة جامعة لكل النعيم، فهي التي تنتهي إليه الأمنيات، وتأوي إليها جميع ما نرغبه، والتي تُعد أكبر دليل على وجود الجنة في أعلى مكانة والتي هي فوق السماء السابعة.

تبين في رؤية النبي للوحي أدبه وحسن أخلاقه، فعندما رآه لم يزوغ بصره يمينًا أو يسارًا، فقد وضع الله النبي في مقام لم يتجاوزه ولا يتعدى حده فيه.

هذا هو الأدب العظيم، عدم الإخلال بما يقوم العبد بما أمر الله به، أو يقوم العبد بما أمر به الله بالتفريط، أو يقوم به على الحيدة يمينًا ويسارًا، وهذه الأمور جميعها لم يفعلها الرسول الكريم عند تنفيذه لما أمر به الله.

سبب تسمية سورة النجم بهذا الاسم

استكمالًا لحديثنا عن فضل سورة النجم فمن الأمور ذات أهمية توضيحًا تسمية السورة بهذا الاسم، وهو ذكر النجم فيها، فقد بدأت آيات السورة بالقسم بالنجم، مما يدل على أهمية النجم.

أهمية النجم في هذه السورة تعود إلى أن الله سبحانه وتعالى لم يقسم بشيء إلا وكان ذلك الشيء عظيم.

حسرة أهل القبور على ما فاتهم من خير كان بإمكانهم فعله في الدنيا لنجدتهم من القبر والآخرة، كافية من أجل الاستفادة من فضل سورة النجم والعمل به.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى