حكم الإنصات والاستماع لخطبة الجمعة
حكم الإنصات والاستماع لخطبة الجمعة لم يختلف فيه الفقهاء، فقد وردت النصوص الصريحة التي توضح الأحكام الخاصة بآداب خطبة الجمعة في السيرة النبوية الشريفة.
فقد نصح الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ المسلمين بالتمسك بتلك الأحكام نظرًا لعظيم فضل أجر يوم الجمعة، لذا فيما يلي لنعلم معًا حكم الإنصات والاستماع لخطبة الجمعة من خلال موقع البلد.
حكم الإنصات والاستماع لخطبة الجمعة
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: “خيرُ يومٍ طلَعَت فيهِ الشَّمسُ ، يومُ الجمعةِ فيهِ خُلِقَ آدمُ وفيهِ أُدْخِلَ الجنَّةَ ، وفيهِ أُخْرِجَ منها” [حديث صحيح النسائي].
حكمة الله تعالى أنه قد فضل المخلوقات عن بعضها، كذلك قد فصل سبحانه وتعالى الأيام فمنها ما يكون فضله عظيم للمسلم.. كيوم الجمعة خير أيام الأسبوع، فقد خُلق فيه سيدنا آدم ـ عليه السلام ـ وفيه دخل الجنة، كما فضله الله تعالى بكثير من الشئون العظيمة.
كل تلك الأحداث العظام التي حدثت في يوم الجمعة من بداية الخليقة تجعل منه يوم عظيم فهو عيد للعبد المسلم، ففي ذلك اليوم ترتفع راية المسلم لتنصر إيمانه، وما يحدث الآن من ترك لصلاة الجماعة من الأمور التي تستدعي الحديث عن موضوع جلل، ألا وهو حكم الاستماع والإنصات لخطبة الجمعة.
فحكم الإنصات إلى خطبة الجمعة واجب على كل مسلم، كما أنه واجب على المسلم الحق أن يصلي الجمعة في المسجد، وذلك اقتداءً برسولنا الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ فقد أمر المسلمين بأن يتم الاستماع بإنصات إلى خطبة الجمعة.
الفرق بين الإنصات والاستماع إلى الخطبة
من الهام التنويه إليه أثناء الحديث عن حكم الإنصات والاستماع لخطبة الجمعة، العلم أن المطلوب من المسلم هو الإنصات وليس مجرد الاستماع، قد تتساءل إذًا وما الفرق! إلا أنه فارق عظيم وكبير، يميز القلب النقي المحب لله تعالى.
فالإنصات هو إرهاف السمع لكل كلمة يتفوه بها الخطيب، مع محالة التدبر والفهم، فقد نهت تعاليم الدين الإسلامي عن اللغو أو الانشغال أثناء صلاة وخطبة الجمعة، وأمر المسلم بأن يحث أخيه على الإنصات، وليس مجرد الاستماع إلى الكلمات دون انتباه أو محاولة للفهم والتلذذ بالفقه.
ما هو اللغو؟
صلاة الجمعة لها آداب على المسلم أن يراعيها، من ضمن تلك الآداب وأهمها أن ينصت للخطبة ولا يلغو أو تحدث مع الغير، حتى وإن كان ينصحه بأن ينصت إلى الخطبة ولا يلغو، وذلك حسب ما علمنا إياه رسولنا ـ عليه الصلاة والسلام ـ.
فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام قال: “إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَومَ الجُمُعَةِ: أنْصِتْ، والإِمَامُ يَخْطُبُ، فقَدْ لَغَوْتَ” [حديث صحيح البخاري].
اللغو معناه الكلام الساقط الباطل، وجميع أنواع الكلام منوعة في وقت خطبة الجمعة، حتى وإن كانت نصيحة أو بمجرد القليل من الكلمات، فإن نبهنا الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ بعدم الأمر بالمعروف في وقت الخطبة حتى، فكيف نبحث عن دليل آخر لحكم الإنصات والاستماع لخطبة الجمعة ثانيةً!
إلا أن هناك اختلاف بين الفقهاء بخصوص حكم رد السلام أو أن يتم تشميت العاطس، فقد أشاد البعض بجواز أن يتم رد السلام على الداخل للمسجد، أو العاطس، بينما قد كرّه بعضهم الأمر، ويحبذ أن يتم الابتعاد عن اللغو.
حكم الإشارة في يوم الجمعة
عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ عن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ: “ أنَّ رجلًا دخَلَ المسجدَ والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُبُ يومَ الجُمُعة، فقال: يا رسولَ الله، متى السَّاعةُ؟ فأشارَ الناسُ إليه أنِ اسكُتْ، فسألَه ثلاثَ مرَّاتٍ، كلَّ ذلك يُشيرونَ إليه أنِ اسكُت، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وَيْحَك! ما أعددتَ لها؟”. [حديث صحيح].!
لا شك أو اختلاف بين فقهاء الدين على أن حكم الإنصات والاستماع لخطبة الجمعة واجب، باستثناء حديث الإمام مع الناس، أو خطبة الخطيب، في وقت الحاجة أو المصلحة.
أما بخصوص الإشارة فقد قد أشاد بعض الفقهاء أن الإشارة لمن يتحدث في وقت الخطبة من الأمور الجائزة، إن كانت للحاجة أو لنصح الشخص الذي يتحدث أو يلغو في وقت الخطبة.
على ألا يستمر الحديث أو الإشارة لدة طويلة، ذلك وفقًا لأن الاستماع إلى خطبة الجمعة من الأمور التي تجعلها كاملة، واللغو يجعل منها ناقصة.
الصلاة على النبي في وقت خطبة الجمعة
قد شرّع الفقهاء أن يتم الصلاة على النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ في خطبة الجمعة، ولا يعتبر ذلك من اللغو أو يأثم المسلم عليه، خاصةً إن تم ذكر اسم النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ في خطبة الإمام.
ذلك لأن الصلاة على النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ مستحبة بشكل كبير في اليوم الجمعة ولها فضل عظيم وأجر على المسلم ألا يضيّعه، كما أن سببها موجود، وهو ما يوقع الإثم، وهو أن الإمام قد ذكر سيرة النبي ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ.
آراء الفقهاء في رد السلام وقت الخطبة
من الجدير بالذكر أثناء الحديث عن حكم الإنصات والاستماع لخطبة الجمعة، التنويه أنه في مذهب الحنفية والمالكية لا يجوز، كذلك في قول الشافعي القديم واختاره ابن عثيمين وابن باز.
كما أشاد الفقهاء بأنه لا يجب على المسلم إلقاء السلام عند دخوله إلى المسجد في وقت خطبة الجمعة، لذلك من الهام ألا يحاول المسلم رد السلام أو اللغو بأية أمور أثناء سماع خطبة الجمعة، لتجنب الوقوع في الإثم.
حكم الحديث بين الخطبتين
بعد التعرف إلى حكم الإنصات والاستماع لخطبة الجمعة، فمن الواجب العلم أن الفقهاء قد أشادوا بجواز الحديث بين الخطبتين في حالة الحاجة أو غيرها، بشرط ألا يكون الكلام غير مباح أو في أمور محرمة كالغيبة أو النميمة خاصةً بين النساء.
استشهدوا على ذلك بحديث الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ المذكور أعلاه، بأن قوله “والإمام يخطب”، أي أنه لا مانع من الكلام في ذلك الوقت، وأنه يخرج من حكم المنع، فلا يتواجد خاطب في وقتها.
حكم قراءة القرآن في الخطبة
قد أوضح الفقهاء أن خطبة الجمعة لها آداب لابد من الالتزام بها، من ضمن تلك الآداب أن يترك المسلم أي شيء في يديه وقت الخطبة، حتى وإن كانت تلاوة القرآن الكريم.
أي أنه على العبد ترك التلاوة ما إن صعد الإمام على المنبر، وبدأ في إلقاء خطبة الجمعة، بينما أن يقرأ القرآن كيفما يشاء، وبعد أن يفرغ من أداء صلاة الجمعة يمكنه إكمال تلاوة القرآن والتدبر فيه.
كما أن جمهور الفقهاء قد أجمعوا على وجوب سماع خطبتيّ الجمعة، وألا يترك المسلم الخطبة الثانية من أجل قراءة القرآن، بل يسمع وينصت إلى تعاليم الله تعالى التي تقال في تلك الخطبة ويتدبرها وإلا تكون الصلاة ناقصة.
تصنيف الرسول للناس في الخطبة
عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنه ـ أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: ” يَحْضُرُ الجُمُعةَ ثلاثةُ نَفَرٍ ، رجلٌ حضرها يَلْغُو ، وهو حَظُّه منها ، ورجلٌ حضرها يَدْعُو ، فهو رجلٌ دعا اللهَ عَزَّ وجَلَّ ، إن شاء أعطاه ، وإن شاء منعه ، ورجلٌ حضرها بإنصاتٍ وسكونٍ ، ولم يَتَخَطَّ رقبةَ مسلمٍ ، ولم يُؤْذِ أحدًا ، فهو كفارةٌ إلى الجُمُعةِ التي تَلِيها ، وزيادةُ ثلاثةِ أيامٍ ، وذلك بأنَّ اللهَ يقولُ : مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا” [حديث صحيح الجامعٍ].
الجمعة يوم عيد أسبوعي للمسلمين، وفي حضورها أجر كبير جدًا، وحسن الاستماع إلى خطبتها، لكن ليس كل من يحضر لصلاة الجمعة على نفس الدرجة من الإيمان، وذلك ما ظهر منذ تصنيف الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ للحاضرين لها.
أولهم من أتى إلى الصلاة وهو يلغو، ويتحدث في الأمور الغير مفيدة، أما النوع الآخر فهو من يدعو الله تعالى ويتضرع له طالبًا للعفو والخير في الدنيا والآخرة، وذلك لعلمه بفضل يوم الجمعة، وساعة الاستجابة الموجودة فيها.
النوع الثالث هو العبد الذي يحضر إلى خطبة الجمعة، فلا يتحدث ويبقى صامت ومنصت لها طيلة تحدث الخطيب، ول يتحرك أو يؤذي أحدًا أثناء تواجده في المسجد، فكان حسن الاستماع، وحصل على كفارة ما بين الجمعتين.
يجب على المسلم أن ينصت ويستمع للإمام أثناء إلقاء الخطبة، باستثناء الحديث مع الخطيب، ويجوز الحديث في حالة منع شخص من السقوط أو أمر معروف..