لماذا سميت الدولة العباسية بهذا الاسم
لماذا سميت الدولة العباسية بهذا الاسم؟ وهل توجد علاقة بين اسمها وكامل تاريخها؟ إن الدولة العباسية تحتاج في الحديث عنها إلى مجلدات كاملة، لكي نتعرف إلى اسمها وسبب إطلاقه عليها وعلاقته القوية بتاريخها الطويل.
لذا سنجيب لكم من خلال موقع البلد عن سؤال لماذا سميت الدولة العباسية بهذا الاسم، كما سنوضح لكم كل ما يتعلق بها منذ النشأة الأولى وحتى الانهيار التام.
لماذا سميت الدولة العباسية بهذا الاسم
إن الإجابة عن سؤال لماذا سميت الدولة العباسية بهذا الاسم هو لأنها تنسب إلى مؤسسها أبو العباس عَبْد الله بن محمد بن علي بن عَبْد الله بن العباس بن عَبْد المُطَّلِب الهاشمي القرشي، أصغر أبناء أصغر عم من أعمام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سنًا وهو العباس بن عبد المطلب وكان أبو العباس يكنى بأبي الفضل، فهو الذي وضع اللبنة الأولى لقيام هذه الدولة في عام مئة واثنين وثلاثين من الهجرة، وعام سبعمئة وخمسين من الميلاد.
نبذة عن قيام الدولة الأموية وعلاقتها بالدولة العباسية
إن جزءًا هامًا من الإجابة عن سؤال لماذا سميت الدولة العباسية بهذا الاسم يكمن في الأحداث التي وقعت قبل قيام هذه الدولة، فجميعنا يعرف أن بعد مقتل الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه حدثت فتنة كبيرة فيما بين الأمويين بزعامة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه والعلويين بزعامة الحسن والحسين بن علي رضي الله عنهم جميعًا.
في عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه كان معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية واليًا على بلاد الشام منذ عهد الخليفة الراشد الأسبق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعندما قتل عثمان حدثت فتنة كبيرة راح ضحيتها الكثير من المسلمين.
كان مستصغر الشرر الذي اندلعت منه هذه الفتة هو انقسام صفوف المسلمين ففئة بزعامة معاوية بن أبي سفيان، والذي كان يريد القصاص من قتلة عمه عثمان بن عفان، أما الفريق الآخر فكان بزعامة علي بن أبي طالب والذي رأى أن يؤجل أمر القصاص لبعض الوقت ريثما تستقر أحوال المسلمين.
قيام الدولة الأموية وعلاقتها بالدولة العباسية
استمرت الأمور في الاضطراب حتى انتهت بالمواجهة العسكرية في معركة سميت بمعركة صفين فيما بين أواخر العام السادس والثلاثين ومطلع العام السابع والثلاثين من الهجرة، ولقد أسفرت المعركة عن التحكيم بعد حسمها في المرة الأولى ولكن في هذه المرة نجح معاوية بن أبي سفيان في تحقيق الكثير من الانتصارات والثأر من قتلة عثمان بن عفان.
تم اغتيال الخليفة الراشد الرابع والأخير علي بن أبي طالب على يد أحد الخوارج ويدعى عبد الرحمن بن ملجم، فأثار هذا غضب وحزن العباس بن عبد المطلب مؤسس الدولة العباسية ولكنه كان حديث السن فلم يتدخل في مجرى الأحداث السياسية.
نظرًا للموقف المعادي الذي كان ناشبًا بين علي ومعاوية رفض معاوية حينها أن يبايع علي بن أبي طالب بالخلافة، وبعد مقتله رأى البعض أن الخلافة من حق معاوية بن أبي سفيان تقديرًا لجهوده في خدمة الإسلام، بينما رأى الحسن والحسين بن علي أن هذا حقهم الشرعي أن يرثوا الخلافة عن والدهم فهو كان ابن عم النبي وأمهم هي فاطمة الزهراء ابنه النبي وهم أحفاده.
بدأ النزال واشتعلت الفتنة وقام أهل الكوفي بمبايعة الحسن بن علي رضي الله عنهما بالخلافة في العام الأربعين من الهجرة، ولقد بقي بعد مبايعته خليفة على كل من اليمن والحجاز والعراق وخراسان لمدة سبعة أشهر، وقد استمرت المراسلات والمفاوضات قائمة بين الحسن بن علي ومعاوية بن أبي سفيان لفترة.
انتهت المفاوضات وأسفرت عن تنازل الحسن بن علي عن الخلافة حقنًا لدماء المسلمين، وكذلك لأن فئة عريضة من المسلمين استقر اختيارهم على معاوية بن أبي سفيان، وكان ذلك في العام الأربعين من الهجرة والذي سمي بعام الجماعة لاجتماع الناس على معاوية، وكان أحد شروط هذه البيعة ألا يورث معاوية الخلافة لأحد من نسله وأن تعود إلى البيت العلوي مرة أخرى، ولقد وافق معاوية على ذلك وأسس دولته في نهاية العام الأربعين ومطلع العام الحادي والأربعين من الهجرة.
ضعف الدولة الأموية وميلاد الدولة العباسية
استكمالًا للإجابة عن سؤال لماذا سميت الدولة العباسية بهذا الاسم، في غمار تلك الأحداث كان العباس بن عبد المطلب يتابع ما يجري في صمت دون تدخل، ولكن صمته هذا لم يكن إلا تخطيطًا وتحينًا للفرصة المناسبة لكي يسترد حقه كواحد من بيت النبوة، وكانت الدولة الأموية آنذاك قد بدأت في التداعي والضعف لانشغال الولاة عن أمور الحكم بحياة الترف والمجن مما أدى إلى زوالها نهائيًا وبلا رجعة فقد سقطت الدولة الأموية في عام 132 من الهجرة وعام 750 من الميلاد.
كان العباس بن عبد المطلب يتابع تطور حالة التدهور وضياع الممتلكات التي تشهدها الدولة الأموية، فاستغل هذا الوضع المشين ووطد علاقته مع الفرس المعادين للدولة الأموية، وذلك لأن الأمويين استبعدوا العنصر الفارسي المسلم من مناصب الحكم كافة وقربوا إليهم العناصر العربية مما أثار حقد وضغينة الفرس ضدهم.
نجح العباس في استمالة صفوف الفرس إليه حتى وافقوا على الانضمام إليه ومساندته، ولقد اعتمد العباس على رجل يدعى أبو مسلم الخرساني في نشر وتوطيد الدعوة العباسية وإعلان قيام دولته في خرسان، كما استمر العباس في سعيه وضم إليه أيضًا شيعة علي بن أبي طالب والحسن والحسين لكرههم للخلفاء الأمويين وبني أمية بالكامل.
ثار الشيعة ثورة عارمة وانتقلت الثورة إلى دمشق التي تعد معقل بني أمية ثم امتدت الثورة حتى شملت الكوفة في العراق ثم على مدينة الأنبار، ولم تكن الدولة الأموية في حالة من القوة التي تسمح لها بمواجهة هذه الموجة من الغضب المشتعل يسبب انتشار الأوبئة وظهور النزاعات الانفصالية والشعوب القبلية، وكذلك الصراع بين أبناء البيت الأموي وقبل أي شيء وأهم من أي شيء هو انتشار الدعوة العباسية.
لم تصمد الدولة الأموية طويلًا أمام كل هذا الضغط فحدثت المواجهة بين صفوف الأمويين وصفوف العباسيين، في معركة الزاب في عام 132هـ وعام 750م التي أسفرت عن انتصار العباسيين بزعامة العباس واستيلائهم على الشام والعراق ومقتل آخر خلفاء البيت الأموي محمد بن مروان، ليطوي التاريخ بذلك ليل الدولة الأموية ليبدأ شروق الدولة العباسية.
قيام الدولة العباسية
يخلط الكثير من الناس فيما بين مؤسس الدولة العباسية وزعيم الدعوة العباسية مما يدفع إلى طرح سؤال لماذا سميت الدولة العباسية بهذا الاسم، إن الدعوة العباسية عندما بدأت كانت بزعامة إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس والذي يعرف باسم إبراهيم الإمام، ولكنه قتل في عهد الخليفة الأموي مروان بن محمد وبويع أخيه أبو العباس من بعده ليكمل ما بدأه الإمام، وليكون أبو العباس فيما بعد إجابة عن سؤال لماذا سميت الدولة العباسية بهذا الاسم.
كان أبو العباس هو أول خلفاء الدولة العباسية، ولقد لقب فيما بعد باسم السفاح وحدير بالذكر أن هذا اللقب قد أطلقه هو على نفسه، ولكن ليس من باب التخويف بل لأنه كان سمح الكف يعطي كل من يحتاج ويسارع في عمل الخير، ولكن هذا الاسم عرف معناه فيما بعد على أنه الجزار مما أثار الكثير ممن الشبهات حول هذا الرجل، وهذا أمر هام لمن يسأل لماذا سميت الدولة العباسية بهذا الاسم.
وطد العباس حكمه ونفوذ الدولة العباسية الناشئة واتخذ من مدينة بغداد حاضرة لدولته الجدية بدلًا من دمشق عاصمة الخلافة الأموية، ولقد ابتعدت الدولة العباسية في ذلك الوقت عن البحر الأبيض المتوسط ولم تنشأ أسطولًا للبحر كما فعلت الدولة الأموية، كما ساد العنصر الفارسي في تولي مقاليد الحكم في الدولة.
عمد أبو العباس إلى اتباع سياسة الكماشة في حكمه للدولة من أجل إحكام القبضة على فلول الدولة الأموية الهاربين إلى المغرب والأندلس، فوضع أقاربه وخاصةً أعمامه على ولاية الأمصار، فعلى سبيل المثال ولى عمه سليمان حكم البصرة وولى عمه صالح على حكم فلسطين.
بينما وضع عمه عبد الله على كل من حمص وقنسرين والأردن ودمشق، في حين ولى عمه داوود على المدينة المنورة ومكة المكرمة والطائف واليمن، ولقد استمر أبو العباس في الحكم حتى وافته منيته في عام مئة وستة وثلاثين من الهجرة في منطقة الأنبار العتيقة، عن عمر ناهز الثلاثة والثلاثين ودفن في قصر الإمارة.
عصور الدولة العباسية
جدير بالذكر في إطار الإجابة عن سؤال لماذا سميت الدولة العباسية بهذا الاسم توضيح أن الدولة العباسية مرت بأربعة عصور، ولكل عصر منها سماته التي تميزه عن سائر العصور الأخرى وتلك العصور تقسم على النحو التالي:
1ـ العصر العباسي الأول عصر النفوذ والقوة
إن هذا العصر يمتد من عام 132هـ: 232هـ، ويمتد بين عامي 750: 847 ميلاديًا ويعرف باسم عصر القوة والنفوذ كما يعرف أيضًا بالعصر العباسي الذهبي، وهو يبدأ بحكم عبد الله العباس أو السفاح الذي يعد اسمه إجابة واضحة عن سؤال لماذا سميت الدولة العباسية بهذا الاسم.
قضى أبو العباس فترة حكمه القصيرة في محاولات مستمرة للقضاء على حركات الاسترداد التي سعى فيها الأمويون لاسترداد ملكهم، كما ظل يحاول توطيد دعائم حكمه بحصره لزمام الحكم بين يدي الأسرة العباسية، ثم توفي وجاء من بعده أخيه جعفر المنصور الذي سار على نفس نهج أخيه ولكن اختلف عنه في طريقة التخلص من الأعداء، فبدلًا من المواجهة عمل على الإيقاع فيما بينهم ليقتلوا بعضهم دون أن يتدخل بشكل مباشر.
خلف أبو جعفر المنصور ابنه المهدي الذي قام أبوه بأخذ البيعة له قبل وفاته، حيث قام بإجبار ابن أخيه فيما بين الترغيب والترهيب لكي يقوم بخلع نفسه، ولقد عرف عن المهدي حسن سيره وسلوكه وحبه للحق وحرصه على تطبيق العدل فكان دائمًا ما يجلس للقضاء في أمور رد المظالم ويصل رحمه ويمتاز بفطنته ورجاحة عقله.
لم يستمر المهدي في حكمه حتى توفي بسبب قيام ابن عمه عيسى بخلعه وأخذ البيعة إلى كِلا ولديه موسى الهادي وهارون الرشيد، فعندما تولى موسى الهادي كان كل همه تناول الطعام بشراهة حتى أنه لم يقضِ فترة طويلة في الحكم حتى مات بسبب التخمة، وقيل إنه مات مسمومًا.
بلغت الدولة العباسية أوج مجدها وعزها في عهد الخليفة هارون الرشيد الذي جعل سلطانه وقوته يجبران أكبر ملوك وعاهلي أوروبا على التقرب إليه لنيل رضاه وتجنب بطشه، ولقد كان عادلًا يحرص على استطلاع أحوال الناس وهو متنكرًا، وكانت فتوحاته عظيمة ويشهد له التاريخ بسلسلة مشرفة من المعارك مع الدورة البيزنطية.
بعد وفاة الخليفة هارون الرشيد خلفه الأمين ثم جاء من بعده المأمون والمعتصم فالخليفة الواثق بالله، واستمر في ظل عهد هؤلاء الخلفاء زهاء ورخاء وقوة وأمجاد الدولة العباسية، كما استمرت الفتوحات وحركات التوسع مستمرة إلى أبعد مدى حتى وفاة الخليفة الواثق بالله آخر خلفاء هذا العصر الذهبي.
2ـ العصر العباسي الثاني عصر النفوذ التركي
يجب أن يعلم كل من يطرح سؤال لماذا سميت الدولة العباسية بهذا الاسم أو المهتم بالتعرف إلى الدولة العباسية أن عصرها الثاني الذي امتد فيما بين 847م: 946م كان يختلف كل الاختلاف عن العصر الأول، وذلك بسبب اختلاف شخصية الخلفاء أنفسهم التي كانت ألعوبة أو أداة لأشخاص آخرين لهم أهداف أخرى بعيدة عن مصلحة الدولة العباسية.
بسبب التوسع الكبير لنطاق الدولة العباسية في عصرها الأول أصبح الخليفة غير قادر على إدارة كل تلك المساحة بمفرده، كما أن سياسية الحرية المطلقة التي منحتها الدولة العباسية لكل من العنصر التركي والعنصر الفارسي أدت إلى ظهور ما يعرف بالحركات والنزعات الاستقلالية عن الدولة العباسية.
قام العباسيون بوضع الكثير من العناصر التركية في المناصب العليا بالدولة، فمثلًا عملوا على تولية العناصر التركية بعض الولايات البعيدة النائية عن مقر الخلافة العباسية والتي يصعب السيطرة عليها لبعدها، فعمل هؤلاء القادة الأتراك على تنحية العنصر العربي واستقدموا العنصر التركي لينوب عنهم في الحكم وعاشوا ينعمون برغد الحياة في بلاط الخلافة.
أهمل الخلفاء العباسيين محاسبة القادة الأتراك حتى زاد تطاولهم وقاموا برفع الضرائب على الناس دون الرجوع إلى الخليفة في بغداد، فظهرت الكثير من الثورات التي قادتها عامة الشعب ضد الدولة العباسية وأشهرها حركة الزنج، التي كان لها أثر عميق في تاريخ الدولة العباسية.
خاضت الدولة العباسية غمار الحرب مع الزنج فانتهز الأتراك هذه الفرصة، وعملوا على الانقسام بالأملاك التي يحكمونها عن كيان الدولة العباسية، ولقد حققت العناصر التركية نجاحًا في ذلك وفي الواقع أرضى هذا النجاح نفوس المستضعفين الذين يعانون من الحكم العباسي وضعف ولاته.
لقد ظهرت على الساحة السياسية والعسكرية آنذاك عناصر تركية كثيرة وخاصةً في عهد الخليفة المعتصم الذي كانت أمه من الأتراك وكان ولائه لعائلتها وأخواله الترك، ومن أشهر مظاهر هذا انتقال الخلافة العباسية من بغداد إلى سامراء لتكون حاضرة جديدة وقوية للأتراك.
3ـ العصر العباسي الثالث عصر النفوذ الفارسي
في إطار الحديث حول إجابة سؤال لماذا سميت الدولة العباسية بهذا الاسم، يمكن اعتبار هذا العصر بمثابة ردة فعل قوية على ما حدث في العصر العباسي الثاني، فكما كان العصر الثاني عصرًا لنفوذ الترك، كان العصر الثالث عصرًا يشهد سيادة ونفوذ الفرس، فقد كان الفرس ينظرون إلى أنفسهم دومًا على أنهم ذوو فضل على الدولة العباسية منذ بدية الدعوة العباسية حتى قيام الدولة على أكتافهم وأن لهم الحق فيها أكثر من غيرهم.
يسمى هذا العصر أيضًا بعصر نفوذ الدولة البويهية الفارسية، والحركة البويهية هي حركة انفصالية حدثت في بلاد فارس التابعة للخلافة العباسية ولقد بدأها وتزعمها على بن شجاع بن بويه، الذي نجح في دعوته تلك من خلال استمالة صفوف الناس إليه بما تمتع به من شجاعة وحسن تدبير وإدارة للأمور.
لقد كان الفرس في ذلك الوقت شديدو الحقد على الخلفاء العباسيون العرب وكذلك على الأتراك، لذا انشقوا عن الدولة العباسية وخرجوا عنها معلنين قيام دولتهم البويهية، والتي نجحوا في تأسيسيها في كل من فارس والأهواز والري وكرمان وأصفهان وهمذان، ولقد استمر الوضع على ذلك طيلة فترة العصر العباسي الثالث والتي امتد من 334هـ: 447هـ، 946م: 1055م.
4ـ العصر العباسي الرابع عصر السيادة السلجوقية
إن هذا العصر جزء لا يتجزأ عن إجابة سؤال لماذا سميت الدولة العباسية بهذا الاسم، فلقد بلغ الضعف والاضمحلال مبلغه من الدولة العباسية في عصرها الرابع والي يمتد من 447هـ: 656هـ، 1055م: 1258م ولقد بدأت هذه الحقبة الزمنية من تاريخ الدولة العباسية بتولي الخليفة القائم، ولقد تركزت مقاليد السلطة ولنفوذ في هذا العصر في يد الأتراك السلاجقة الذين أسسوا وجودهم في الأقاليم الجبلية الباردة.
لقد كانت علاقة الأتراك السلاجقة ودولتهم المستقلة الناشئة غاية في السوء مع الخلافة العباسية العربية، بينمها كانت في أفضل حال مع الدولة البويهية الفارسية وجمع بينهما كرههما للخلافة العباسية، وخلال هذه الحقبة اندلعت نيران الفتنة فيما بين السنة والشيعة حتى ساد الاضطراب في شتى أرجاء الدولة العباسية.
ظهر في تلك الآونة أحد سلاطين الدولة السلجوقية الأقوياء، وهو طغرل بك في إقليم خراسان في عام 431هـ، وكان هذا السلطان يعتنق المذهب السني بينما اعتنقت الدولة البويهية المذهب الشيعي فاندلعت الحروب على أشدها.
عمل طغرل بك على تحسين وتوطيد علاقته مع الخليفة العباسي لكي يضمن مساندته ضد الدولة البويهية حتى يقضي عليها مما فتح المجال للسلاجقة بأن يفرضوا هيمنتهم على الدولة العباسية حتى سيطرت عليها تمامًا وغاب دور الخليفة العباسي فلم يبقى منه سوى القيادة الأسمية فقط.
ضعف وانهيار الدولة العباسية
جدير بالذكر عند الإجابة عن سؤال لماذا سميت الدولة العباسية بهذا الاسم توضيح أن الدولة العباسية بالرغم من قوتها وصلابة دعائم تأسيسها، إلا أن انهيارها ونهايتها قد جاء بشكل مخزي لا يليق بدولة عظيمة كهذه، وللأسف كان سبب الانهيار الرئيسي نابع من داخل البيت العباسي.
لقد انغمس المجتمع العباسي بالكامل بدءًا من الخليفة وحتى أصغر شخص في الرعية في حياة الترف وأصبحت المادة هي الأسلوب السائد، وانحرف الناس واتبعوا تيار اللهو والفساد فشجعوا انتشار الغناء والرقص وأهلموا أمور دينهم ودولتهم حتى أصبحت الدنيا وملذاتها المحرمة هي شغلهم الشاغل.
كما انتشرت فكرة الشعوبية والرغبة في الاستقلال عن الدولة العباسية في نطاق واسع، وساعد ذلك أيضًا انتشار الحركات المتعصبة الانفصالية التي كانت ترى أن العجم خير من العرب وأرفع منهم قيمة ومقامًا، كما انتشرت فكرة قيام الدولة داخل الدولة وكثرت الدولة التي استقلت بجزء كبير من أملاك الدولة العباسية عن سيطرة الحكم العباسي.
ذلك بالإضافة إلى ظهور طبقة من الملاحدة والزنادقة وطوائف المتكلمين والمعتزلة وغيرهم مما كان له الأثر في تفكك المسلمين إلى طوائف مختلفة، كما ازداد النزاع والصدام على الحكم بين أبناء البيت العباسي وزادت أطماعهم وكان الخلفاء في حالة من الضعف والوهن.
في ظل تلك الأحداث تعرض الخليفة العباسي إلى الخيانة من بعد رجاله الذين ساعدوا المغول أو التتار بقيادة هولاكو في الانقضاض على بغداد، حيث قاموا بحرق مكتبة بغداد وقتلوا ما يقرب من مليون وثمانمائة ألف من المسلمين، كما قاموا بقتل الخليفة المستعصم بالله آخر خلفاء الدولة العباسية، وبذلك ينتهي وجود الدولة العباسية إلى الأبد، وتنتهي معها الإجابة عن سؤال لماذا سميت الدولة العباسية بهذا الاسم، فتلك الإجابة هي التاريخ الكامل للدولة العباسية.
بعد التعرف إلى الإجابة المفصلة عن سؤال لماذا سميت الدولة العباسية بهذا الاسم، يجب توضيح أن هذه الدولة عمرت نحو ما يقرب من ستة قرون قدمت فيها الكثير للكيان الإسلامي.