ثقف نفسك

طرق السيطرة على العقل اللاواعي

تتعدد طرق السيطرة على العقل اللاواعي وتدور جميعها حول هدف الوصول للشخصية السوية، فالعقل اللاواعي هو الذي يحوي القمع النفسي والترسبات والمشاعر المكبوتة، هكذا فالعقل الواعي هو ما نستطيع تحريكه، أما العقل اللاواعي هو من يُحركنا، فكيف يكون بإمكاننا السيطرة عليه؟ هذا ما سنشير إليه من خلال الحديث عن طرق السيطرة على العقل اللاواعي من خلال موقع البلد.

طرق السيطرة على العقل اللاواعي

إن عالمك الخارجي يأتي نتاجًا لما هو داخلي، ونقصد بهذا أن ما تفكر فيه سيؤثر بشكل أو بآخر على ما تراه، وسيظهر في سلوكياتك، هذا هو قانون المراسلات، والذي يرتبط بقانون الانعكاس الذي يشير إلى المعنى ذاته بأن عالمك الخارجي ما هو سوى انعكاسًا لعالمك الداخلي.

إن الإنسان يمتلك نوعين من العقل، بل الأحرى بنا أن نقول إنهما وظيفتي العقل أولاهما العقل الواعي، الذي يُمكن للفرد أن يتحكم فيه ويوجهه، بمعنى آخر هو المسؤول عنه ومدرك لكل ما يصدر منه.

أما النوع الثاني فهو العقل اللاواعي، ذلك الذي لا يقدر الفرد على التحكم فيه إلا في حالات معينة متعلقة بتدريب النفس وكبح الذات، فيستحيل ما يصدر عن اللاوعي إلى الوعي، وهذا ليس بشيء يسير على كل حال.

فغنى عن البيان أنه من غاية الصعوبة أن يسيطر المرء على ما يصدر منه في اللاشعور، وهذا ما يفسر تلك التصرفات الغريبة والغير مفهومة الصادرة والتي لا يستطيع الفرد التحكم فيها، لأنها لم تدخل بعد في نطاق العقل الواعي.

كما أن العقل اللاواعي لا يمكن معرفة مكانه المحدد، فهو تلك القوة الخفية الكامنة المرتبطة بالأفكار والمشاعر والرغبات الجامحة، وهو ذلك الجزء الذي لا يكل عن العمل حتى أثناء النوم، كما أن له بالغ التأثير على السلوك، إما سلبًا أو إيجابًا.

إذا ما أردت اتباع طرق السيطرة على العقل اللاواعي يُمكنك التركيز على تحقيق أهدافك فهي بداية الشخصية السوية القادرة على التحكم في زمام أمرها والسيطرة على مشاعرها وأفكارها، في إطار التقويم والإصلاح، هذا ونجد أن طرق السيطرة على العقل اللاواعي متعددة ومنها ما يلي:

1– الاستشعار بعظمة الخالق

إن الله خلق العباد في أحسن صورة، وأعطى الإنسان من الطاقات والقدرات ما يؤهله من القيام بأكثر مما يفعله بدرجات، ويتجلى إبداع الخالق في الدقة البالغة في تكريب الإنسان، وسبحانه قد يسر لعباده الظروف المؤهلة للعيش بطريقة سوية.

فطالما ظل المرء مستشعرًا عظمة خالقه في كل الأمور تنتابه حالة من السكينة والصحة النفسية، والانسجام مع تركيبته العضوية والعقلية، فيتسنى له الأمر واضحًا ويكون هو المتحكم في نفسه لا تابعًا لها.

2– البحث عن الأهداف

غنى عن البيان أن العقل الباطن يعني بالأفكار والمشاعر التي تتشكل وفقًا لها توجهات المرء، لذا إن أراد التحكم في العقل اللاواعي عليه بالبحث في أغوار نفسه البشرية عما تكنه من أهداف، عليه بالتعرف على أفكاره عن كثب وتدوينها، فلا يضيع الوقت هباءً بل يعمل على معرفة ما يدور في عقله الباطن.

على أن تخيل تلك الأهداف وجعلها كصورة ذهنية واضحة على أن يتم استحضارها دومًا يهيئ من السيطرة على العقل اللاواعي، فإذا ما وضعت تلك الصورة أمامك دائمًا سوف تصبو إلى ما تريد.

عليك أيضًا أن تظل مثابرًا حتى تستحيل أهدافك حقائق واضحة، فلا تتوقف عن تصور أحلامك وتخيلها، ولا تكف عن التعبير عنها حتى لا تكون أسيرة عقلك اللاواعي فقط.

3– التفكير الإيجابي

لا شك في أن التفكير الإيجابي له بالغ الأثر في الشخصية السوية وتدعيمها، ذلك لأن الطاقة السلبية من شأنها أن تفقدك السيطرة على زمام الأمور.

فقط قم باستحضار كل ما هو جميل من أفكار ومشاعر، وابتعد عن الكبت الذي يحاصرك من كافة الزوايا، امنح عقلك مزيدًا من الاسترخاء، فالعقل المشتت غير أهلًا للإنجاز.

لا تقلل من قيمة الكلمات وأثرها على النفس والعقل، بل كرر تلك الكلمات الإيجابية التي تبعث المشاعر الطيبة والرضا عن الذات، هذا كله يعد من طرق السيطرة على العقل اللاواعي.

هناك قاعدة تقول إن ما تفكر فيه تجده إن قمت بالتركيز عليه فقط، في معنى أن التركيز على السعادة في أفكارك، سيجعلك تلقى الأحداث السعيدة دائمًا.

هذا ما يرتبط بقانون السبب والنتيجة، وهو من أهم قوانين العقل اللاواعي، فيشير إلى أن النتيجة من نوع الفعل ذاته، فإذا أردت أن تصحبك السعادة لابد من البحث عما يجعلك سعيدًا لتسعد، الأمر يرتبط بأن التغيير الداخلي من شأنه أن يُحدث تغييرًا خارجيًا.

4– الحديث مع النفس

من ضمن طرق السيطرة على العقل اللاواعي أن تترك لنفسك الفرصة التي تجعلك تتحدث معها، ما نعنيه هو استشارة النفس، فقط تحتاج إلى ترك العنان لخيالك الخصب الذي من شأنه أن يرسم لك محادثة بين عقلك الواعي وعقلك اللاواعي لمعرفة أي منهما القادر على السيطرة.

إن معرفة الحكمة من عقلك الباطن ليس بشيء عجاب حتى وإن كانت تصرفات الإنسان ذاته بعيدة تمام البعد عن الحكمة، هذا باعتبار أن العقل اللاواعي هو المستشار الحكيم الذي يجيب على استفسارات الإنسان التي تجول في رأسه وتؤرقه.

5– الحصول على قدر من الهدوء والتأمل

عندما تجلس بعيدًا عن صخب الحياة والضوضاء، وتمارس رياضة التأمل وغيرها من الرياضات التي تدفعك إلى الشعور بالراحة النفسية والجسدية، هذا يعتبر من ضمن طرق السيطرة على العقل اللاواعي.

حيث تترك مجالًا للاتصال بين الوعي واللاوعي من خلال التأمل، فيعود الأمر بالنفع عليك، ويصبح تفكيرك أكثر إبداعًا ويقظة.

برمجة العقل اللاواعي

إن العقل الباطن يحتفظ بما ترسمه من صورة عن نفسك، فهو الذي يتحكم في أحاسيسك ومشاعرك، والطبيعي أنه هو من يسيطر على العقل الواعي وليس العكس.

جدير بالذكر أن العقل اللاواعي لا يقوم بتصحيح معلوماتك، فهو لا يميز بين الصواب والخطأ أو الخير والشر، أو ما هو سلبي أو إيجابي، لأن تلك هي وظائف العقل الواعي، أما عن العقل اللاواعي فيقتصر على الاحتفاظ بتلك المعلومات لجعلها مركزًا لبث الانفعالات والمشاعر دونما تمييز.

على سبيل المثال، إن كنت طالبًا، وأقنعت نفسك بأنك فاشل لا تجيد الفهم أو التذكر، وما زلت تردد تلك المقولة على آذانك، ستجد عقلك الباطن يحتفظ بتلك الصورة التي رسمتها لنفسك ويعمل بناءً عليها، وبالفعل ستجد نفسك فاشلًا حتى إن لم تكن كذلك.

لذا من طرق السيطرة على العقل اللاواعي هي برمجته للعمل بشكل معين، لتكون أنت المتحكم وليس هو من يُملي عليك تصرفاتك، فقم بوضع الصورة الذهنية التي تريدها أنت إملائها عليه، وبناءً عليه سيتعامل على أساسها.

عليك بتكرار الرسالة التي تُمليها على عقلك، فتلك من أهم وسائل التحكم في عقلك اللاواعي، كما أن تلك الرسالة يجب أن يصاحبها إحساسًا قويًا حتى يتسنى للعقل الباطن أن يتقبلها ومن ثمّ يقوم ببرمجتها وتنفيذها بشكل تطبيقي.

كما يُمكنك اتباع الطرق التالية للسيطرة على عقلك اللاواعي:

  • عدم الشكوى الدائمة، ومعرفة أن الجميع معرضون للمشكلات، تجنبًا لترسيخ الطاقات السلبية.
  • الترويح عن النفس بالتنزه أو المشاركة في الفعاليات.
  • عليك بالاستفادة من تجارب الآخرين.
  • استعد لرؤية التغيير في حياتك.
  • ابتعد عن الشكوك في نفسك والآخرين.
  • استمع إلى حديثك الداخلي، واسمح لحياتك أن تكون جيدة.
  • لا تترك مخاوف الآخرين أن تصل إليك.
  • اجعل التعزيز الإيجابي رفيقًا لك على الدوام.

يُمكنك برمجة العقل الباطن على الثقة بالنفس من خلال التركيز على مواطن القوة لديك، على أن ذلك يعتمد على عدم الاقتناع بما يراه الآخرين، فالأجدر أن تنظر إلى نفسك كيف تراها أنت.

تجسيد الأفكار المكبوتة

أما عن التواصل بين الوعي واللاوعي يكون من خلال المشاعر والأحلام، ولا يزال العقل اللاواعي هو المؤثر على السلوكيات لدى الكثيرين في ظل عدم إدراك خطورة الأمر أو تأثيراته السلبية هذا لأن العقل اللاواعي بدوره يحتوي على كل ما هو غير مقبول أو سلبي.

إن العقل اللاواعي كما نذكر يقوم بالاحتفاظ بكافة المواقف التي يتخذها الفرد معيارًا لبناء توجهاته، وقد أفرد في الحديث عن العقل اللاواعي كثير من المفكرين كأنصار مدرسة التحليل النفسي المعني بفهم طبيعة النفس البشرية وكمائنها.

على أن العقل اللاواعي يقوم بالتعبير عن تلك المعلومات المخزنة بداخله عن طريق زلات اللسان تارة، والأحلام تارة أخرى، ولتبسيط الأمر ربما عليك معرفة ذلك المتحكم في إيقاظك من النوم لأمر ما ربما لا تنتبه إليه إلا حينما استيقظت دون إرادتك!

جدير بالذكر الإشارة إلى إسهامات رائد مدرسة التحليل النفسي وهو “فرويد” الذي استطاع من خلال أبحاثه ودراساته أن يقدم تحليلًا للنفس البشرية، فقسمها إلى 3 فئات، (الهوى، الأنا، الأنا العليا) على أن تلك الفئات تدور حول معيارين أو مستويين هما الوعي واللاوعي.

ذلك وأضفى على تحليله أن العقل اللاواعي هو الذي يجسد الأفكار الدفينة داخل المرء، تلك المشاعر المكبوتة التي بداخله، والتي لا تخرج إلى الواقع على هيئة سلوك مراعاةً للمعايير المجتمعية، إذًا فربما نجد أن تلك المشاعر التي يعبر عنها العقل اللاواعي هي المشاعر الحقيقية للفرد والتي يسعى دومًا لإخراجها.

يُمكن للإنسان العاقل أن يستخدم عقله اللاواعي ويسيطر عليه تمام السيطرة إن قام هو بالتركيز على عقله الواعي، وهو ما يجعله سويًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى