ان اكرمت الكريم ملكته وان اكرمت اللئيم تمردا
ان اكرمت الكريم ملكته وان اكرمت اللئيم تمردا تلك الجملة تحمل الكثير من الحكم والعبر التي على المرء أن يتخذها في حياته قاعدة عند التعامل مع المحيطين به، فمعد الشخص هو الذي يغلب عليه دائمًا حتى وإن حولت إكرامه، لهذا سنتخذ هذا البيت الذي قاله المتنبي اليوم بموقع زيادة مقياسًا للتعرف على سمات الأشخاص.
ان اكرمت الكريم ملكته وان اكرمت اللئيم تمردا
اختصر المتنبي في بيت قاله ردود أفعال البشر وهو ما يمكن من خلاله التعرف على أصلهم، فقال ان اكرمت الكريم ملكته وان اكرمت اللئيم تمردا، والقصد من هذه المقولة أن الشخص الكريم بطبعه إن قدمت إليه الكرم وأحسنت إليه يبادلك بكرمه وبهذا فقد تعتبر ملكته بإحسانك إليه، وصار خادم لك في أي شيء تريد أن يساعدك فيه.
أما الشخص اللئيم إن قمت بتقديم الكرم له مهما كان حجم ما قدمته فسينكر نعمتك عليه، ولم يشكر لإحسانك، بل إنه يظن دائمًا أنك تحاول أن تكرمه خشية منه وكأنه يتعالى عليك ويمكن أن يؤذيك فتفعل أنت الكرم له تخدمه بسبب خوفك وليس كرم منك، فعلى هذا من الضرورة التمرد عند التعامل مع هذا الشخص اللؤم بطبعه.
أما عن قصة هذا المثال الذي اتخذه العديد من الناس عبرة في حياتهم، فهناك العديد من الروايات التي ذكروا عنه، وهو ما يدفعنا إلى أن نعرضهم لكم لتتعرفوا على الأصل الذي جاء منه تلك المقولة.
قصة زواج الرجل اللئيم من ابنه التقي
يحكى أن هناك رجلًا كان يريد الزواج من ابنة رجل عرف بالتقوى، وبالفعل تقدم لطلب يدها ووافق الأب بالفعل وبارك الزواج في المقابل إعطاء ابنته مهر يقدر بكيس من البصل، وكان الرجل قد تعجب لهذا المهر بشكل شديد، ولكن بعد أن مرت الأعوام اشتاقت الابنة إلى أبيها فطلبت أن تعود لزيارة أهلها، على أن يرافقها زوجها، خاصةً أنها قد أنجبت طفًلا رضيعًا تريد أن تريه أسرته.
حتى تصل الفتاة إلى أسرتها كان عليها أن تعبر نهرًا يفصل بين بينها وبين أهلها، فقام زوجها بحمل الطفل وترك وزوجته بمفردها تسير ورائهم، حتى تقطع النهر وحدها، فتعثرت قدميها أثناء السير وسقطت، فبدأت أن تستنجد بزوجها فرد عليها قائلًا “أنقذي نفسك فما ثمنك إلا كيساً من البصل”
أعان الله سبحانه وتعالى تلك الفتاة ولم يتركها بمفردها، فأرسل لها من ينقذها ويعيدها إلى منزل أهلها، وبدأت الابنة تحكي لأبيها عما بدا من زوجها وتصرفه معها وكان رد الاب أنه قال إلى زوجة ابنه “ خذ طفلك ولا تعود إلينا إلا ومعك كيساً من الذهب”
بالفعل غادر الزوج ومعه طفله، ومرت الأيام، وكبر الطفل وكان في حاجة شديدة إلى أن يرى أمه، فقرر الزوج أن يتزوج بامرأة أخرى ولكن كلما ذهب ليتقدم إلى إحدى الفتيات كان يتم رفضه، وكان الرد على هذا التصرف أن أهل زوجته الأولى عرفوا بالسمعة الطيبة، وربما قد يكون سوء التفاهم الذي أدى إلى انفصاله عنها هو ما بد منه من سوء بلا شك.
بعد محاولات عديدة في محاولة الزواج كانت جميعها تبوء بالفشل، قرر الزوج أن يقوم بجمع كيسًا من الذهب كما طلب أبو زوجته، وكان يعمل ليلًا نهارًا في شقاء، إلى أن استطاع بالفعل أن يجمع قدرًا من الذهب لإعادة زوجته التي أصبح في حاجة لها.
ذهب بعد ذلك إلى أهل زوجته لطلب إعادتها، فوافق أبيها على إعادتها وفي الطريق لعودتهم إلى المنزل أرادت الفتاة أن تعبر النهر وبمجرد أن وضعت قدميها بالماء قفز زوجها سريعًا ليحملها على ظهره وقال لها ” حبيتي انت غالية، ومهرك يقصم الظهر، فقد دفعت فيكِ ذهباً” وعندما علم الأب برده ضحك وقال” عندما عاملناه بأصلنا خان، وعندما عاملناه بأصله صان” من هنا جاءت هذه المقولة التي قالتها المتنبي ان اكرمت الكريم ملكته وان اكرمت اللئيم تمردا.
كيف يمكن التفرقة بين الكريم واللئيم من صفاتهم
قد يدفعك سماع مقولة ان اكرمت الكريم ملكته وان اكرمت اللئيم تمردا الرغبة في التعرف على الطرق التي يمكن من خلالها التفرقة بين الشخص الكريم والشخص اللئيم من صفاته، على الرغم من أن كلًا منهما يظهر المعاملة الحسنة في بداية التعامل معه، لهذا سوف أدلك على مجموعة من الصفات التي يتسم بها كلًا منهم:
صفات المرء الكريم
من الممكن أن تتعرف على الشخص الذي يتصف بالكرم من خلال حب الناس له، فهو يتصف بالعديد من الصفات الحسنة الأخرى التي تجعله يحظى بمكانة عالية بين الأشخاص المحيطين به في حياته.
كما أن الشخص الذي يتصف بالكرم ستجده يتمتع بنكرانه لذاته، بمعنى أنه ينظر إلى مصلحة الأشخاص المحيطين به ويجعلها في مقدمات الأمور قبل مصلحته الخاصة.
ستجده يتمتع بالشخصية ذات الثقة بالنفس وهو ما يجعله يقدم مصلحة الآخرين على مصلحته الخاصة، بما في ذلك من معنى يشير إلى منتهى النضج النفسي والوعي الراشد.
يتمتع الشخص الكريم كذلك بالحيوية وحب الخير للأخرين وذكر المعروف دائمًا الذي قدمته إليه مهما مرت السنوات ستجده ذاكر للعرفان.
جدير بالذكر أن هذا الشخص سيكون في سعي دائم لإسعادك بما قدمت إليه من كرم لا يمكن أن ينساه، كما إنه يتقن العديد من المهارات المختلفة والخبرات التي قد اكتسبها بفضل تلك الصفات الكريمة التي أتاحت له الفرصة في التعامل مع الناس بشكل أكبر وأكثر توسعًا.
ستجده دائمًا يتقدم بالعطاء إليك بكل ما يمتلكه من أمور غالية وتقدر بأثمان كبيرة دون أن ينظر إلى قدرها، بقدر أنه ينظر إلى أنها تعتبر من الأمور التي يلزم أن يشاركها معك.
صفات المرء اللئيم
على عكس تلك الصفات التي تشير إلى الشخص الكريم يتصف اللئيم، وكما قالت المقولة ان اكرمت الكريم ملكته وان اكرمت اللئيم تمردا، فستجد فيه العديد من الصفات الخبيثة التي تبدو واضحة من سمعته التي يعرف بها بين العديد من الأشخاص الذين تعاملوا معه.
حيث إن اللئيم شخص يماطل في معاملته في كافة الأمور التي يتعرض لها، ويتصف بالبخل الشديد في الغالب، بل إنه يستخسر أي شيء يمتلكه أن يشاركه فيه أي أحد.
ستراه دائمًا ناكرًا للعرفان أو تلك الخدمة التي قدمتها إليه، بل إنه يرى أن ما قدمته هو حق مكتسب وعليك أن تقوم بهن ولا تفعل أي شيء مميز.
سيريد منك دائمًا الكثير مقابل أن يمنحك القليل، متخذًا سياسة الاستغلال في التعاملات مع الأشخاص المحيطين به في حياته.
بل أن الغريب في هذا الشخص أنه يفرح في هموم الآخرين ويحب أن ينصت إلى المشكلات ويتلذذ بالظروف القاسية التي يتعرض لها الآخرين مقابل أنه ينعم في حياة بها رخاء وراحة.
يمكن القول إن الشماتة من طباعة التي ستراها عندما تتعرض لظروف صعبة وترى في أعينه سعيد بما تتعرض له، ولا يحمل أي مشاعر حزن، بل أن منهم ما يبتدع في ذلك ويحاول أنه يظهر أنه متأثر لتلك الظروف التي تتعرض لها لكن الأمور تكشفه وتبينه مع الوقت على حقيقته.
معنى إذا أكرمت الكريم ملكته وإذا أكرمت اللئيم تمردا
من الأمور التي يجب أن تتخذها قاعدة في حياتك حتى لا تصاب بخيبة الأمل والإحباط أن المعاملة بين الناس لا يمكن أن تتساوى، بل إن هناك العديد من أمور الأفعال الغريبة التي يمكن أن تبدي من المحيطين بك وقد لا تكون متوقع لحدوثها.
عند التعامل مع شخص سوي النفس وصادق ويحمل الكثير من الصفات الحميدة ستجد أنه يتعامل معك بشكل تلقائي دون وضع حسابات من قبل أن يتصرف معك ليقدم لك الخدمة، فهو يصون المعروف ولا يخدع.
أما إن كنت تتعامل مع شخص لئيم تجمع به الكثير من الصفات الذميمة، فمن الضروري أن يكون التعامل معه بحذر شديد لأنك مهما إن حاولت أن تتعامل معه بشكل جيد أو حتى بتقديم العون له والمساعدة سيقابل هذا بالمعاملة السيئة، بل وستراه يتمرد ويسخط على ما تقدمه ولا يصون المعروف أو حتى تلك المعاملة الطيبة التي قدمتها إليه.
أبيات شعرية عن الكريم واللئيم
في إطار التعرف على مفهوم مقولة ان اكرمت الكريم ملكته وان اكرمت اللئيم تمردا هناك العديد من الأبيات الشعرية التي تحمل نفس القصد من معنى هذا البيت الذي قاله المتنبي، ولعل أغلب الناس اليوم يتخذون تلك الكلمات عبرة وموعظة لهم في حياتهم بقولها على هيئة حكم ومواعظ، كما قال الشعراء فيما يلي من أبيات:
قال المتنبي عن اللئيم والكريم:
ثقْ بالكريمِ إذا تهلَّل بِشْرُه………فهو البشيرُ بنيلِ كلِّ مرادِ
والبِشْرُ في وجهِ اللَّئيمِ تملُّقٌ ……..فاحذرْ به استدراجَه بفسادِ
ولقد أَمُرُّ على اللَّئيمِ يسبُّني …..فأجوزُ ثمَّ أقولُ لا يعنيني
إنَّ الوفاءَ على الكريمِ فريضةٌ………. واللُّؤْمُ مقرونٌ بذي الإخلافِ
وترى الكريمَ لمن يعاشرُ منصفًا ……..وترى اللَّئيمَ مجانبَ الإنصافِ
وقال المتوكل الليثي:
إنَّ الأذلَّةَ واللِّئامَ معاشرٌ…….. مولاهم المتهضِّمُ المظلومُ
وإذا أهنتَ أخاك أو أفردتَه ………عمدًا فأنت الواهنُ المذمومُ
رأيتُ الحقَّ يعرفُه الكريمُ ………..لصاحبِه وينكرُه اللَّئيمُ
إذا كان الفتى حسنًا كريمًا ……..فكلُّ فعالِه حسنٌ كريمُ
إذا ألفيتَه سمجًا لئيمًا ……..فكلُّ فعالِه سمجٌ لئيمُ
قبل أن تتعامل مع أي شخص حاول أن تتعرف على تلك السمعة التي يتحلى بها بين الناس من خلال معاملته والتي قد تكشف لك الكثير من صفاته بكونه شخص كريم أم لئيم.