نص مسرحي قصير لشخص واحد
كتابة وتقديم نص مسرحي قصير لشخص واحد يمثل واحدًا من أهم الفنون المعروفة على مستوى العالم ومن أقدمها وأكثرها عراقة، ولقد شهد الفن المسرحي على مدار العصور السالفة وحتى الآن تطورات كثيرة جدًا، وسوف نتعرف إلى ما يخص هذا النوع من النصوص بالتفصيل من خلال موقع البلد، لكي يسهل على القارئ تميز مثل هذا النوع من النصوص ومعرفة إلامَ يرمي.
نص مسرحي قصير لشخص واحد
هذا النص المسرحي عبارة عن حوار بين شاب ونفسه، يعيد النظر إلى حياته ويسترجع معها شريط حياته والوضع الذي هو عليه الآن، ويسير هذا النص داخل إطار السؤال والجواب في أغلبه:
- ما هي مشكلتك؟
لقد تخرجت في كليتي بتقدير امتياز ولكنني حتى الآن لم أحصل على وظيفة مناسبة، وكل الشركات التي قدمت فيها ملفي العلمي يشترطون أن أكون ذو خبرة مهنية سابقة في نفس المجال.
- هل ترى أنك مقصر؟ أو ما هي المشكلة الأكبر في عدم قدرتك للحصول على وظيفة مناسبة لمؤهلك العلمي؟
إن الفرص المتاحة شحيحة للغاية وأنا لست مقصرًا، أنا قد اجتهدت في دراستي وتخرجت في الكلية بتقدير ممتاز، وأسعى دومًا من أجل الحصول على عمل.
- وهل ترى أن وضعك ينطبق على سائر الخريجين؟ أم أن الوضع الذي تمر به يختلف عن أوضاعهم جميعًا؟
إن كثيرًا من الشباب مثلي يعانون من انتشار البطالة وندرة الوظائف المناسبة لمؤهلاتهم العلمية، فأنا لدي الكثير من الأصدقاء الذين تخرجوا في كليات الطب والهندسة ولكنهم حتى الآن لم يحصلوا على عمل، ومنهم من بدأ يلوم نفسه لمجرد أنه اجتهد ودرس وتخرج في تفوق والنتيجة في النهاية أنه لا يوجد عمل لهم.
قليلًا ما نجد نحن كشباب لا نجد عملًا بسهولة والفرص نادرة جدًا، وهذا ما يجعلنا نسعى إلى السفر لإحدى الدول الخارجية، لأن الفرص هناك أكثر وفرة والرواتب مجزية، ولو أننا كنا نحصل على حقوقنا تلك في أوطاننا لما اضطررنا على الهروب إلى الخارج.
- كيف تمضي وقتك كل يوم؟
أقضي يومي بشكل روتيني فيما بين البقاء في المنزل أو الذهاب مع والدي إلى العمل لمساعدته قليلًا، وفي بعض الأحيان أذهب إلى شركات كثيرة لكي أقدم طلب توظيف، لربما أفلح في الحصول على وظيفة مناسبة.
- هل لديك أمل في أن تجد الفرصة التي تبحث عنها فيما بعد؟
إن تفاؤلي وأملي يضعفان يومًا عن يوم، فلقد كنت في بادئ الأمر متفائلًا وروحي مفعمة بالأمل، ولكن بريق الأمل بدأ في الضعف والانطفاء.
- هل تتلقى أي تعليق جارح أو سلبي من قبل الأشخاص المحيطين بك؟
بالطبع أنا دائمًا ما اسمع مثل هذه التعليقات المشوبة بشيء من التأنيب وأحيانًا الاتهام، لأنني حتى الآن لم أجد عملًا مناسبًا وأنني لدي فرص ذهبية تنترني في الحياة وعليَّ أن استغلها وأبدأ في العمل، وكأنني أرفض العمل بمحض إرادتي!
- هل تؤثر فيك هذه التعليقات؟
بكل تأكيد وخاصةً لأن هناك بعض الأشخاص منهم قد سبقوني في التخرج ولكنهم وفقوا في الحصول على العمل، وهذا الأمر يلحق بي الكثير من الأذى النفسي.
- ماذا ترى من وجهة نظرك أنه يجب عليك فعله لكي تزيد فرصتك في الحصول على وظيفة جيدة ومناسبة لك؟
من الممكن أن أكون في حاجة إلى قليل من الخبرة، إلا أنني أخذت الكثير من الدورات التدريبية مع أنني لا أعمل، ولكني أعتقد أنها سوف تنفعني في ملف السيرة الذاتية الخاص بي.
- هل يخجلك أنك لا تعمل حتى الآن؟
بالطبع هذا الأمر يشعرني بالسوء وهذا أمر يخجل أي شاب في عمري لم يحصل على عمل بعد، وأيًا كان المجال الذي سوف أجده حتى وإن لم يكن مناسبًا لي، المهم أنني أعمل وحسب.
- هل أنت متزوج أم لا تزال أعزبًا؟
بالطبع أن لا زلت أعزب فأنا لا يمكنني أن أذهب لطلب يد فتاة وأنا ليس لدي عمل أقوم به ووظيفة أتكسب منها، فأنا يجب أن أعمل أولًا لكي أكون قادرًا على تغطية تكاليف الزواج ومصاريف المنزل والحياة الزوجية، وتلك هي سنة الحياة وفطرتها التي يعرفها الجميع.
فحينما أتقدم لخطبة فتاة لكي أتزوجها فأول ما سيطرحها أهلها عليَّ هو ما هي وظيفتي، ثم يسألون فيما بعد عن السن والتفاصيل الأخرى مثل الراتب والشركة التي تعمل بها، ولن يرحبوا بي مطلقًا إذا لم تكن لديَّ إجابات وافقة عن تلك الأسئلة.
- كيف يمكنك تقييم وضع شباب بلدك من ناحية إمكانية الحصول على وظيفة مناسبة؟
أري أن هناك من يحبون العمل ويكافحون ويجتهدون جدًا من أجله، ويوجد على الجانب الآخر فريق من الكسالى المتواكلون الذي يعتمدون بشكل كلي على أهاليهم.
- من وجهة نظرك هل ترى أن مشكلة البطالة قد تكون هي السبب في دفع الشخص إلى ارتكاب سلوك سلبي تجاه نفسه أو تجاه أهله ومجتمعه؟
بكل تأكيد وذلك لأنها تؤثر في حالتهم النفسية كثيرًا، وبمجرد أن يقل الأمل لديهم ويضعف، يتراجع لديهم الشعور بأي شيء من حولهم ولا يهتمون لأي شيء مهما كان كبيرًا أو خطيرًا.
- هل ترى أن البطالة قد تودي بالفرد إلى التطرف والانضمام إلى الجماعات الإرهابية؟
بكل تأكيد لأن الشباب حينما يعانون لوقت طويل من مشكلة البطالة حتى أصابه اليأس، مما يجعله ضعيف النفس وغير قادر على رفض العروض والإغراءات المادية التي يقدمها هؤلاء المتطرفون للشباب لكي ينتموا إليهم، وذلك لأن حالة من اللا مبالاة قد تولدت في نفسه، ولكنني بالطبع على درجة عالية من الوعي ولن أضعف أمام هذه الأفكار.
- هل تحب توجيه رسالة معينة إلى الشباب في مثل وضعك؟
طبعًا أريد أن أنصحهم بالصبر وأوصيهم بالتمسك بالأمل، فيومًا ما سوف تحظى بالفرصة التي لطالما اجتهدت في البحث عنها، وعليك أن تتعب وتجتهد وتعاني قليلًا في صغرك وشبابك لكي تكون مرتاحًا وأنت كبيرًا.
ما هي النصوص المسرحية القصيرة
لا يمكننا أن نقدم نص مسرحي قصير لشخص واحد من دون أن نوضح لمن لا يعلم ماذا تكون هذه النصوص، ويمكننا تعريفها على أنها أحد الفنون المسرحية وهو يطلق عليه اسم المونولوج، والمونولوج هو حديث النفس أي أنه حديث بين الشخص ونفسه ولكنه يكون مسموعًا.
المونولوج هو أحد المصطلحات التي تطلق على الفن أو الأداء المسرحي المنفرد، وكلمة مونولوج هي كملة يونانية مركبة فكلمة مونو تعني أحادي، أما كلمة لوجوس فهي تعني الخطاب أو الحديث.
وهي تدل على وقوف شخص منفرد على المسرح، لكي يؤدي نصًا قصيرًا بأكثر من شخصية وقد يكون أسلوبه ساخرًا أو دراميًا، أما المؤدي فيطلق عليه اسم مونولوجست.
هناك نوع من المونولوجات يسمى بالمونولوج الغنائي، وهو مستوحى من الآريا في أوبرة إيطاليا، وفيها يقف بطل المسرحية بين حدثين مختلفين من أحداث الأوبرا، وينطلق بمشاعره ويشكو ما في قلبه وما يقره في نفسه وكل ذلك في أداء مسرحي متأمل وجداني بحت، وغالبًا ما يروي فيها البطل وقائع كثيرة ويصرح عن مشاعره من خلالها.
أهم ما يميز المونولوج الغنائي هو أنه حديث سردي ووصف وجداني، ولا يتكرر في لحنه المقاطع الغنائية ولا حتى يوجد أي تكرار في أي من الجمل الموسيقية، كما ويتميز المونولوج الغنائي بأنه لا يتضمن أغصان أو مذاهب متشابهة، وغالبًا ما يتميز بأنه يتضمن مشاهد موسيقية متتالية ومتباينة.
لقد ظهر المونولوج الغنائي للمرة الأولى خلال عام ألف وثمانمائة وخمسة عشر كنوع من التجديد في الموسيقى العربية، وكان ذلك على يد الموسيقار الراحل سيد درويش، ولقد ترسخ كفن في الوطن العربي بدءًا من عام ألف وتسعمائة وثمانية وعشرين بواسطة الموسيقار القصبجي، ولقد ظهر آنذاك في أغنية إن كنت أسامح على ما سلف.
المونولوجات المصرية
إن مصر هي أولى الدول العربية التي قدمت نص مسرحي قصير لشخص واحد، وبمجرد أن دخل فن المونولوج مصر على يد الموسيقار سيد درويش ثم محمد القصبجي.
بادر إلى تبني فكرته الشاعر الراحل أحمد رامي بالتعاون مع كوكب الشرق أم كلثوم، ولقد قدموا معًا أول مونولوج مصري خلال عام 1928م يحمل اسم إن كنت أسامح واسنى الأسية.
“إن كنت أسامح وانسي الأسية
ما اخلص عمري من لوم عيني
دبل جفونها كتر النواح
فاضت شجونها ونومها راح
وان كنت أرضى الهوان في حبي
ما اخلص عمري من عذل قلبي
طوول أنينه كتر العذاب
وزاد حنينه طول الغياب
يقول لي إنسى وأشفق عليٌ
وآجي أنسى يصعب عليٌ
العين عزيزة والقلب غالي
ومش عاجبهم في الحب حالي
ما تنصفيني وترقي لي
وترحميني منهم شويه
أوعى تجافيني يا نور عيني
أحسن بعادك يهون عليٌ”
انتشر المونولوج من مصر إلى سائر بلاد الوطن العربي، ولقد كانت هناك فرقًا كثيرة تقدم هذا الفن بالتحديد مثل فرقة ثلاثي أضواء المسرح، التي كانت هي الأكثر شهرة وانتشارًا على مستوى العالم العربي، وكانت تتكون من الفنانين الراحلين سمير غانم وجورج سيدهم والضيف أحمد، وكانت هذه الفرقة محبوبة إلى أقصى حد في مصر وخارجها.
مع هؤلاء ظهر فنانين متفرقين لا ينتمون إلى فرقة معينة ولكنهم كانوا يؤدون المونولوجات باحتراف شديد، ومن بينهم:
- محمود شكوكو في مصر.
- ثريا حلمي في مصر.
- سيد الملا في مصر.
- فؤاد الشريف في اليمن الديموقراطي.
- إسماعيل يس في مصر.
- باسم فغالي في لبنان.
- سامي عبد الحميد في العراق.
- أحمد العامر في الكويت.
- عبد العزيز الهزاع في السعودية.
- عزيز علي في العراق.
- محمد بكري في فلسطين.
- محمد السليم في السعودية.
- سلامة الأغواني في سوريا.
- سعد التمامي رائد فن المونولوج في المملكة العربية السعودية.
تقديم أي نص مسرحي قصير لشخص واحد يعد أمرًا مهمًا بالنسبة إلى الأشخاص الذين يريدون احتراف كتابة أو أداء مثل هذا النوع من النصوص، وكذلك الأشخاص الذين يهوون فن المونولوج وخاصةً من النوع الغنائي.