علاقات

الارتباط الروحي بين شخصين

الارتباط الروحي بين شخصين هو أحد القضايا التي شغلت علماء النفس مؤخرًا، حيث إنها تعد ظاهرة غريبة يحدث فيها ترابط بين شخصين يتأثران ببعضهما البعض وحتى وإن فصلتهما المسافات والتواصل المادي الملموس، فيظل بينهما تواصل روحي، والذي هو محط تساؤلات الكثير برغبة في البحث عن تفسير له، وهذا ما يعمل موقع البلد على كشفه اليوم.

الارتباط الروحي بين شخصين

لا بد وأنك مررت بموقف شعرت فيه بحالة غريبة تحفزك تجاه أحد المقربين منك، أو نوع من القلق المفاجئ الذي يثار تجاه أحد ما وترغب في التواصل معه للاطمئنان عليه.

أو أنك مررت بأحد القصص التي يرويها معارفك بأنه في لحظة ما دون أي تواصل مع شخص قريب منه شعر بقلق يساوره تجاهه وبالفعل عند التواصل معه وجد أنه بحاجته.

أود أن أتناول نموذج آخر يوضح معنى الارتباط الروحي بين شخصين وهو الأم مع أبنائها، والتي تعد أغرب الروابط التي يتساءل حولها العلماء، والذي هو بغنى عن تعريف مدى ارتباط الأم روحانيًا بهم.

كذلك قد تجد اثنان متحابان إلى درجة ارتبطت فيها روحهما ببعض، والتي تنعكس على الواقع بظاهرة عجيبة يكون فيها كل طرف منهما على الرغم من المسافات الفاصلة كأنما يعيش مع الآخر ويواكب أحداثه ويتأثر بكل انفعالاته ويشعر بها كأنها تواجهه هو شخصيًا مع العلم أنه لا يعلم بأي منها أصلًا.

هناك العديد والعديد من الروايات التي تحذو هذا المنوال، والتي تكشف بالفعل عن وجود نوع من الروابط غريب بين الأشخاص وبعضهم البعض، والذي أطلق عليه الارتباط الروحي بين شخصين، والذي دارت حوله كثير من النظريات والدراسات والتفسيرات التي تحاول ترجمة هذه الظاهرة.

ما هو الاتصال الروحي

إن الارتباط الروحي بين شخصين هو عبارة عن اتصال دائم بينهما ولكن بشكل لا يعتمد على أي نوع من أنواع التواصل المادي الحقيقي في الواقع، وإنما هو اتصال بالشعور فقط.

كما أنها قدرة خاصة وفريدة من نوعها تعمل على إرسال أو استقبال انفعالات وحالات وأفكار شخص على درجة من المقربة الروحية العالية، وتلك الحالة لا تكون في اتجاه واحد فقط، وإنما غالبًا ما تكون في كلا الاتجاهين، أي متبادلة إرسال وتلقي، ذهاب وعودة.

يكاد يكون في حياة الجميع شخص يتواصل معه روحانيًا ويشعر به، والعكس صحيح، أي أنها تعد ظاهرة شائعة جدًا لا تخلو حياتنا منها، ولكنها تتفاوت في الدرجات، وهناك من يتمتع بمزايا أكثر من الآخر وجدار روحي أخف وأكثر شفافية، كما أن هناك من يتمتع بقدرات أقوى وأفضل.

الارتباط الروحي بين شخصين يطلق عليه مسمى آخر ويعد علمي أكثر وهو “التخاطر” ويتم تعريفه على أنه مستوى نفسي يدعمه العقل بحيث لا يعتمد فيه على التواصل اللغوي، وإنما يقوم على المشاعر والطاقات، أي أن اعتماده الكلي على الأحاسيس والصور الذهنية.

عوامل الارتباط الروحي

هناك عدة أسباب يتوقف عليها حدوث الاتصال الروحي، ونتعرف عليها بالتفصيل في النقاط الآتية:

  • الحب: لا يمكن أن يكون هناك ترابط روحي بين شخصين ما لم يكن هناك حب يجمع بينهما، والذي يكون الدافع تجاه الشعور بالآخر.
  • الشفافية: يتمتع كل شخص بدرجة من الشفافية الروحية وتتفاوت تلك الدرجات بين شخص وآخر، والتي قد تصل إلى درجات قصوى لدى بعض الأشخاص، وتتناسب تلك الشفافية مع القدرة على التخاطر تناسب طردي، كلما زادت تمكن الشخص من التواصل مع الآخرين روحانيًا.
  • العقل اللاواعي: يعد العقل الباطن عامل هام فيما يعرف بالتخاطر حيث إنه يعتمد بشكل كبير عليه، وكلما تمكن الشخص من السيطرة على عقله اللاواعي كلما زادت قوته في الارتباط الروحي.
  • التفكير: هنالك علاقة وثيقة بين الارتباط الروحي بين شخصين، وبين ما يعرف بقانون الجذب، وهو عبارة عن تفكرك في شيء ما بتركيز، يمكنك بالفعل من جذبه إليك.
  • الاهتمام: لا يمكن أن تشعر بالترابط الروحي مع شخص بدون وجود اهتمام حقيقي داخلي تجاه هذا الشخص، والذي يجعل تركيزك ينصب عليه حتى وجدانيًا وبالتالي ترتبط روحك بروحه.
  • الإدراك: على الرغم من أن تأثير العقل الباطن أكثر في مثل تلك الارتباطات، إلا أن للإدراك دور هام كذلك، حيث إنه يسمح لك بوضع الشخص الذي ترغب في الاتصال الروحي معه نصب عينيك، وتدرك أنك متعلق به وترغب في الشعور به دائمًا.

مع من يحدث التواصل الروحي

في بداية المقال ذكرت أكثر من مثال على الارتباط الروحي بين مختلف الروابط، أي أنه نوع من المشاعر لا يقتصر فقط على شكل واحد من العلاقات كما يظن الناس، فهو ليس للعلاقات العاطفية فحسب.

الأكثر من ذلك قد يحدث مثل ذلك الارتباط في حالات استثنائية مع أشخاص غرباء أو تكاد تكون لم تقابلهم حتى، متدرجًا في ذلك إلى المعارف والزملاء، الأصدقاء والأقرباء، حتى الوصول إلى الدائرة الأقرب على الإطلاق.

أما الأغرب في هذا الباب أن يخرج هذا النوع من الارتباط عن كونه متعلق بشخصين فقط، وإنما يمكن أن يكون بين شخص وحيوان، فلا بد وأنك قابلت أحد الأشخاص الذين يتعلقون بشكل غريب مع حيواناتهم الأليفة، كما أنهم يشعرون بهم، أو العكس فمثلًا هناك كلاب تتأثر بحالة أصحابها النفسية إلى حد الموت من بعدهم.

أنواع التواصل الروحي

قام بعض المهتمين بهذا المجال بتصنيف الارتباط الروحي بين شخصين أو أكثر على النحو التالي:

  • توأم الشعلة: يتم تمييزه على أنه أكثر نوع قد ينطبق على أكثر من حالة مثل صديقين أو حبيبين، وهو عبارة عن تداخل تام بين كلا الروحين، إلى حد أن يقال روح واحدة بجسدين.
  • معلم الروح: تم وضع هذا التصنيف ليندرج تحته أنواع الترابط الروحي التي تجمعك بشخص تلقيت عنه علمًا والذي أثر في حياتك بشكل كبير، فتجد نوع غير مفهوم من الارتباط به، وهو أسر الامتنان للعلم الذي تلقيته على يديه، كما أن المعلم يشعر بالتبادل غالبًا مع ذات الشخص.
  • معابر الروح: وهو تصنيف للعابرين في الحياة، والذين لا تجمعنا بهم علاقات طويلة الأمد وإنما هناك شيء ما لامس الروح مع هؤلاء الأشخاص، والذين يتركون أثر ورسالة واضحة في حياتنا.
  • شركاء الروح: هم مجموعة من الأشخاص أو شخص واحد ولكن تجمعكم علاقة تتشاركان فيها شيء واحد للعمل عليه أو هدف ما.
  • رابطة روحية: هي نوع الروابط معبر عن العلاقات الحاجية، والتي يكون فيها كلا الطرفين بحاجة لبعضهما البعض بشكل أساسي في الحياة.
  • رفيق الروح: هو نوع معبر عن العلاقات العاطفية أكثر من غيرها، حيث إنه ارتباط يحدث بين كلا شخصين متحابين.
  • رفيق الكارما: هي علاقة ذات حدين، حيث إنه ترابط قد يكون سلبي أو إيجابي ويعد هذا النوع الوحيد من الترابط الذي يحمل في طياته معنى سلبي، وهو نوع من التأثر بموقف أو تصرف قام به أحد الأشخاص استدعى في نفسك مشاعر ما تجاه الشخص والتي ترسخت في الصورة الذهنية عنه.
  • الأرواح الطيبة: لا بد وأنه نوع غني عن التعريف، حيث إنك تقع في أسر التعلق ببعض الأشخاص الذين تشعر بحسن نواياهم وطيبة قلوبهم، ورحمتهم على من حولهم، والذي يعلق روحك بهم على الفور.
  • عائلات الروح: هو تعبير عن أن الارتباط الروحي هنا ليس قائم على شخصين فقط وإنما مجموعة كبيرة من الأشخاص، وليس بالضرورة العائلة فقط، وإنما هو مسمى على جماعة متقاربة.
  • أصدقاء الروح: هو التصنيف الذي يختص بالعلاقات التي تجمعك بأصدقائك، والتي تجعل أرواحكم مترابطة ببعضها البعض، تعيشون مشاعركم وانفعالاتكم سويًا تتشاركون أبسط التفاصيل من خلالها، مما يجعل الأرواح تتعلق ببعضها البعض.

كيفية إدراك الارتباط الروحي

إذًا نحتاج أن نعرف كيف يمكننا أن ندرك أن هناك ارتباط روحي بيني وبين الشخص الآخر؟ وهذا ما نجيب عنه من خلال النقاط التالية:

  • سريعًا ما يتم إدراك هذا الأمر حيث إنك تجد نفسك يراودك دائمًا التفكير في هذا الشخص، ويحضر في ذهنك في أوقات مفاجئة خلال ممارستك أي عمل.
  • تشعر تجاه بعض الأشخاص الجدد وكأنك تعرفه منذ وقت طويل، وتتآلف معه وترغب في التواصل معه.
  • تلاحظ أنك تتأثر بذلك الشخص، وأن حضوره يهمك وفي غيابه تحاول أن تستحضر روحه، أو تتذكر مواقفه.
  • تجد نفسك مرتبط كثيرًا بشيء يقدمه لك هذا الشخص أو أنك تميل إلى الاقتداء به والتعلم منه.
  • تشعر بالجاذبية الشخصية التي يمتاز بها هذا الشخص.
  • تأثر نفسيتك بكل ما يتعرض له هذا الشخص، فتفرح لفرحه وتحزن لحزنه.

هل يمكن التحكم في الارتباط الروحي

بالطبع يمكن ذلك، وهناك آليات وعوامل تساعد على ذلك والتي ذكرناها سابقًا، وكلما زاد وعي الشخص بقدراته النفسية تمكن في التحكم في نفسه ومشاعره وتواصله مع الآخرين وحتى التأثير عليهم.

لكن يجب العلم أن هذا التخاطر يحتاج إلى شعلة تلقائية أساسية والتي يقوم عليها الارتباط الروحي بين شخصين، ويبدأ في التنامي والتي إن لم تتواجد بشكل تلقائي يصعب التحكم بها أو فرضها على أحد.

إن الارتباط الروحي بين شخصين لا يمكن أن نستوفيه من خلال مقال واحد، وإنما هو ظاهرة عمل الكثير من الفلاسفة والعلماء على تفسيرها وسرد حيثياتها من خلال كتب ونظريات، إنما فقط حاولنا أن نعرض صورة شاملة حوله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى