مواضيع جديدة جديدة

كيف يكون الابتلاء في النفس

كيف يكون الابتلاء في النفس؟ وما الحكمة منه؟ فالابتلاء هو اختبار من الله لقياس قدرة الإنسان على الصبر والتحمل، كما أنه مقياس لمدى إيمان الفرد وثقته بالله وحسن ظنه بأن الله ما يصيب المرء إلا بما مراده الخير.

لذلك لا يُمكننا التعامل مع الابتلاء كأنه سخط من الله، بل يجب التذكر دائمًا أن الله إذا أحب عبدًا ابتلاه، ومن خلال موقع البلد سنقوم بالحديث عن نوع من هذه الابتلاءات وهو ابتلاء الأنفس، من خلال الإجابة على سؤال كيف يكون الابتلاء في النفس.

كيف يكون الابتلاء في النفس؟

يجب أن تدرك أولًا أن الابتلاء ليس دلالة على وجود الشر، فمثلًا لم لا نتعامل مع المرض بأنه تطهيرًا للعبد من ذنوبه الغارق فيها صغيرها وكبيرها؟ فلو نظر المرء لما للمرض من ثواب وجزاء عند الله لطلب من عفو الله وكرمه ما يجعله مُبتليًا طيلة عمره لعلّ الله يغفر ذنوبه ويطهره كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس.

تتعدد الابتلاءات، وكل ابتلاء من ورائه حكمة بالغة إذا علمها الناس لتقبلوا ما هم فيه برضا وقناعة بالمكتوب، فهذا من قبيل الإيمان بالقدر خيره وشره.

كما تختلف الابتلاءات التي يُرسلها الله على عباده، تختلف أيضًا ردود أفعال العباد لهذه الابتلاءات، حيث هناك من يشكر الله سبحانه وتعالى في أصعب أوقات المحن، ومنهم من يعترض ويتذمر ويسخط ويصل به الحال إلى الاعتراض على الإيمان بشر الأقدار فيضعف إيمانه.

من الابتلاءات التي يُصاب بها العباد هي ابتلاء النفس، فعند الحديث عن إجابة كيف يكون الابتلاء في النفس، نستند إلى قول الله تعالى تأكيدًا على هذا النوع من الابتلاء في سورة البقرة:

“وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ” (الآية 155).

كما قال الله تعالى في سورة آل عمران:

“لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ” (الآية 136).

الابتلاء دليل على محبة الله

كما قلنا فالابتلاء دائمًا دليل على الخير، فهو يرفع العبد درجة ويقربه من الله عز وجلّ ويطهره من الذنوب، ونستند هنا إلى ما ذُكر عن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال:

“إنَّ اللهَ إذا أَحَبَّ قومًا ابتلاهم، فمن صبر فله الصبرُ، ومن جزع فله الجزَعُ” (صحيح).

حديث آخر يدل على أن المؤمن يُبتلى على قدر محبة الله له، ففي حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:

“قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، أيُّ النَّاسِ أشدُّ بلاءً؟ قال: الأنبياءُ ثمَّ الأمثلُ فالأمثَلُ، فيُبتلى الرَّجلُ على حسْبِ دينِه، فإن كانَ في دينهِ صلبًا اشتدَّ بلاؤُهُ، وإن كانَ في دينِهِ رقَّةٌ ابتليَ على حسْبِ دينِه، فما يبرحُ البلاءُ بالعبدِ حتَّى يترُكَهُ يمشي على الأرضِ ما عليْهِ خطيئةٌ” (صحيح الترمذي).

الوسواس القهري من الابتلاء في النفس

ارتباطًا بحديثنا عن إجابة كيف يكون الابتلاء في النفس، نشير إلى نوع من هذا الابتلاء وهو الوسواس، نقصد هنا ما يتخذه الشيطان من مسالك ليصل بالعبد إلى مرحلة الشك الذي يصل إلى الشك بوجود الله والعياذ بالله.

فالشيطان يوسوس للمرء حتى ينحرف عن طاعة الله والإيمان به، فيبتليه في نفسه لتكون نفسًا سيئة بل آمرة بالسوء، بدلًا من أن تكون راضية مرضية، فيبدأ المرء الواقع تحت تأثير الشيطان وشركه بالاستهانة بشعائر الدين وتركها تباعًا وعدم الالتزام بحدود الله، فيصبح في سلك الضالين من عباد الشيطان وليس عبدًا ربانيًا.

فهذا يعد أكثر الابتلاءات قوة، يرسلها الله لاختبار عباده الصالحين، لأن الابتلاء في الدين والنفس أخطر من الابتلاء في البدن أو المال، حيث إن المال فداء الأنفس، والنفس فداء الدين، والدين لا فداء له.

يستطيع العبد التخلص من كيد الشيطان من خلال الإكثار من الأدعية والأذكار والتقرب إلى الله تعالى بأحب العبادات إليه، فليثبت للشيطان أنه عاجزًا عن تحييده عن الإيمان بالله.

فقد قال الله تعالى في سورة العنكبوت:

“أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)”.

كما قال الله في كتابه الحكيم في سورة الأنعام:

“وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (43)”.

فالدعاء من أهم أسباب رفع البلاء، فكما نقول أن القدر يُرد بالدعاء، فالابتلاء أيضًا يُرفع بالتضرع إلى الله عز وجلّ، فالدعاء هو سلاح المؤمن وعدو البلاء.

الحكمة من ابتلاء النفس

إنَّ حكمة الخالق عزّ وجل من ابتلاء النفوس هي إظهار الطيب والخبيث منها، كما أن النفس البشرية ظالمة جاهلة يجب أن يتم تنقيتها وتطهيرها مما هي فيه ذلك من خلال الابتلاءات التي يُمهدها الله في طريقها، فإن هي آمنت واتعظت وتهذبت، كان لها من الجنة النعيم، أما إن ظلت على جهلها وظلامها، فجهنم وبئس المهاد.

كما أن الابتلاء عندما يقع على المؤمن الصابر المُحتسب ينل منه فائدتين، أولهما ما يكمن في الابتلاء من تطهير الذنوب، وثانيهما ما يرتبط بصفاء المؤمن ورفعه درجة في الصابرين، ففي كلا الحالتين يعد هذا جزاء المؤمن الصادق المخلص لله تعالى والصابر على ما ابتلاه الله به.

الابتلاء هو مقدمة التمكين، والتمكين هو العاقبة الحسنة سواء في الدنيا أو الآخرة، ففي قول الإمام الشافعيّ: “المؤمن لا يُمكن حتى يُبتلى”، إذًا لا يكون التمكين في الدنيا إلا بعد الإصابة بالابتلاء.

فقد قال الله تعالى:

“وَجَعَلْنَا مِنْهُم أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُون” (سورة السجدة الآية 24).

قدمنا لكم إجابة سؤال كيف يكون الابتلاء في النفس، وأشرنا إلى ضرورة الصبر على البلاء وتحمل الألم القصير في الدنيا من أجل نيل رضا الله في الآخرة، ونتمنى أن نكون أفدناكم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى