عبارات

فقدان الأمل في الحياة

فقدان الأمل في الحياة من أصعب الأمراض النفسية والعصبية التي قد تصيب الفرد، وهناك الكثير من الأمراض النفسية التي تحيَر فيها الأطباء بشتى الطرق الموجودة، حيث يكون فيها الشخص غير واعي لِما يفعله أو يريده أو كما يبدو فهو غير قادر على التفاعل مع المجتمع، لِذا من خلال موقع البلد سنقوم بالمناقشة التامة عن تفاصيل هذه الحالة اللاشعورية المعروفة بفقدان الأمل في الحياة، ومعرفة كيفية التخلص من هذا الشعور.

فقدان الأمل في الحياة

يعتبر فقدان الأمل في الحياة أول الأمراض النفسية، وتلك الحالة التي يصل إليها الإنسان بعد معاناة كبيرة مع المجتمع المحيط به، أو صدمة تعرض لها مؤخرًا، ولها الكثير من الأسباب التي تحدث للمريض، والتي أثبتتها العديد من الأبحاث التي أجريت على المرضى النفسيين، ونذكر بشكل مفصل من خلال الفقرات الآتية مراحل الشعور بفقدان الأمل:

1– الصدمة الحادة

تعتبر من أهم المشاكل النفسية التي يتعرض لها الفرد في المجتمع، حيث إنه يكون متفاني في التفكير في أمر ما يتمنى حدوثه بشدة ولكن يشاء القدر أن يختفي هذا الحلم فيحل محله صدمة كبيرة من الممكن أن تؤدي بحياة هذا الشخص سُدى، ومن الممكن أن يموت الإنسان بسبب فقدان الأمل في أمرٍ ما، حيث يتمكن منه اليأس التام باعتقاده أن الحياة أدت إلى هزيمته ولا يمكن تغيير الأمر.

2– الوفاة نفسية المنشأ

تحدث عادةً بسبب عدم قدرة تحمل الشخص الذي تعرض للإيذاء النفسي ضغوط أكثر، فيلجأ هذا الفرد الى الأفكار السلبية البحتة، حيث إنه يرى أن لا ملجأ من الحياة دوامة لصراعات سوى الموت سواء بإرادته عن طريق الانتحار، أو بسقوطه مرضيًا.

على سبيل المثال إصابته بهبوط حاد بالدورة الدموية، ولكن تكون هذه الوفاة قائمة على أساس نفسي ولا دخل للجوانب العضوية بها، وقد أكدت بعض الدراسات أن الوفاة في هذه الحالة تحدث خلال الثلاثة أسابيع الأولى التي تأتي بعد المرحلة الأولى من قرار الانسحاب من الحياة.

ذكر دكتور جون ليتش حول الوفاة نفسية المنشأ أن الاستسلام يُعتبر من أولى مراحل الانهزام النفسي عند الأشخاص، فقد يؤدي فعليًا بحياتهم لمجرد أنهم استسلموا للواقع.

كما قال الدكتور جون في مقاله: أن الناس من المحتمل أن يموتوا لمجرد أنهم شعروا أن الحياة هزمتهم ولا مفر منها، ومن هنا يأتي قرار التخلي عن الحياة ووفقًا لدراسة دكتور جون، أن الموت هنا لا علاقة له بالانتحار مطلقًا حيث إن الأشخاص يتلقون الصدمة ويبدأ العقل بعمل الإجراءات لكي يأخذ وضع التخلي عن الحياة ويبدأ الموت خلال الأسابيع الأولى.

4– التخلي عن الأمر

يُعتبر التخلي عن الأمر هو المصطلح المُتبني الذي يصف بدوره ما يُعرف طبيًا باسم “الموت النفسي المنشأ”، بعد تلقي الشخص الصدمة يرى أنها لا مفر من الحياة هكذا وأن النتيجة العقلانية الوحيدة هي الموت، وإذا لم يتم نجدة هذا الشخص بأسرع وقت فإن حالة الوفاة تحدث فعليًا بعد ثلاث أسابيع فقط وإنها لا تعتبر انتحارًا.

لا حتى يرتبط ارتباطًا فعليًا بالاكتئاب، ولكن فعليًا الاستسلام للموت وترك الحياة هي حالة فعلية موجودة وعادةً ترتبط بالصدمة الكبرى.

5– التدهور النفسي

في المرحلة الخامسة تتدهور الحالة النفسية للمريض، فإنها لا تتدهور بين ليلة وضحاها، ولكن هناك عوامل وأسباب أساسية قد أدت الى حدوث ذلك الأمر، فإن الكائن البشري لا يستطيع السقوط ويستسلم إلى الأمر السلبي، إلا إذا تعرض في بادئ الأمر إلى عدة أوامر أدت به إلى ذلك المنحدر ومنها:

  • الإنكار: قول “أنا بخير”، “لا يمكن حدوث ذلك لي”، غالبًا ما يكون الإنكار هو وسيلة دفاع قوية للفرد يوهمه بأنه هكذا يحمي نفسه من الصدمة، وعادةً ما تحدث هذه الحالة إلى الأشخاص الذين يتعرضون لصدمة كبيرة ولا يقدرون على تحملها كوفاة شخص عزيز مثلًا.
  • الغضب: قول “لما أنا؟؟” “هذا شيء غير عادل” “من المسئول عن ذلك الأمر؟”، حيث إنه أدرك أن الانكار لا يُمكن أن ينفي شيئا مما يحدث معه، ويسبب ذلك الغضب لا يستطيع أحد إيقافه بسبب ما يشعر به من صدمة وغضب وثوران وحسد إذا تعلق الأمر بنجاح شخص آخر.
  • المساومة: قول “سأفعل أي شيء من أجل أن أحصل على ذلك” “دعني أحصل عليه فقط وسوف ألبي أي أمر في الواقع”، يكون فيها الشخص مستعد لفعل أي شيء لتجنب حدوث هذه الصدمة.
  • الاكتئاب: التي تعتبر مرحلة ما قبل الاستسلام أو فقدان الأمل في الحياة لكل شيء قد يفقد فيها الشخص شغفه تجاه كل الأشياء حوله حتى ما كان شغوف بها في الماضي، فعلى سبيل المثال قول شخص ” سأموت عاجلًا أم آجلًا”.

في هذه المرحلة يبدأ الفرد حتمية الموت فيبدأ بالانعزال عمن حوله من أفراد ومجتمع وينفرد في حزنه بالصمت والبكاء عند بعض الأشخاص، منها لا يستطيع أي شخص إخراج الشخص المصاب من عزلته، ومن الأفضل تركه لمرور صدمته حتى يستطيع الانتقال المرحلة التي تليها.

  • التقبُل: وصول الشخص لنقطة تقبل والاستسلام للواقع المرير فمثلًا يبدأ بقول “ما حدث قد حدث وأصبح شيئًا من الماضي لنمضي قدمًا” وقد تمد هذه المرحلة الفرد بشيء أشبه بالسلام النفسي حيث يدرك الأمور بشكل أسرع.

لكن في هذه النقطة سيُفضل الشخص أن يبقى وحيدًا، بالإضافة لذلك فإن مشاعر الألم قد تبدأ ومن هنا تبدأ مرحلة الفقد وهي التي يكون فيها الشخص مستسلم لجميع الأشياء التي تدور حوله ولا يريد التعامل معها فيبدأ بالشعور بفقدان الأمل في الحياة.

6– الدائرة الحزامية الامامية

هي ما تُعرف بالمرشح المُحتمل في الدماغ، وتعتبر هي المسئولة عن تنبيه الدماغ ككُل نحو الهدف، حيث تقوم بتحفيز الدماغ ودفعها لسلوكيات وأفعال محددة ومخصصة للهدف المحدد.

قال جون ليتش في ذلك: “الصدمة الشديدة قد تؤدي لحدوث خلل في الدائرة الحزامية الأمامية لدماغ بعض الناس، والدافع ضروري للتأقلم مع العالم المحيط، فإذا فشل ذلك، فيجب اللجوء إلى اللامبالاة فهي هنا أمر حتمي”.

7– ضرورة الدافع

فكان يُقصد هنا أن لكل إنسان منّا يجب أن يكون لديه هدف ودافع يقوم بتحريكه في المسار الموجه إليه، فإذا فشل ذلك الأمر فإن عليه اللجوء للامبالاة، حيث إنه سيصبح كائن بلا مشاعر أو ما يُسمى فقدان الأمل في الحياة فالدافع أو الهدف يعتبر هو محور الحياة ف الإنسان بلا دافع أشبه بالجسد بلا روح.

8– مراحل الاستسلام

ذكر الدكتور جون ليتش خمسة مراحل للاستسلام التام عند الشخص حتى يصل إلى فقدان الأمل في الحياة، وتبدأ تدريجيًا كما المذكور في النقاط التالية:

  • الانسحاب الاجتماعي: يكون الأشخاص في هذه المرحلة إلى حدٍ ما يميلون إلى الوحدة والانطواء، حيث يكونوا متأثرين بدرجة كبيرة بسبب الصدمة التي تلقوها منذ فترة قصيرة فلا يستجيبوا للتعامل المجتمعي بسهولة، ولكن إذا تركت هذه الحالة لوقت طويل دون رادع فمن الممكن أن تتدهور لوضع أسوأ وتتحول إلى لامبالاة.
  • اللامبالاة: اتسمت هذه الفترة هكذا حيث يكون الشخص فيها غير مهتم لِما يحدث بحياته حتى لنفسه، وكل ذلك بسبب أنه لم يستطع تجاوز الأمر الذي حدث معه من البداية فيلجأ إلى الاستسلام والهروب إلى مساحته المظلمة لكي يتجنب أي صدمات أخرى.
  • نقص الدافع: تتصف هذه المرحلة بأنها نقطة التراجع، حيث يكون فيها الفرد مستسلمًا للغاية حتى فقدان شغفه ودوافعه للحياة، فيكون فيها بلا هدف أو طموح يسعى إليه، فوصفه جون أنه حتى لا يطيق التحدث أو الأكل أو الاستحمام، باعتباره الدوافع الأساسية لأي شخص على كوكب الأرض.
  • الجمود النفسي: يُعتبر هذا الأمر هو انخفاض إضافي في الدافع، يكون فيها الشخص واعيًا لِما حوله ولكنه في حالة من اللامبالاة وغير مُدرك حتى للألم الشديد، وغالبًا ما ينكر ما يقوم به حتى في أعلى درجاته.
  • الموت النفسي: هي المرحلة التي تتصف بتفكك الشخص فهي تكون المرحلة النهائية لاستسلام الشخص، وقام جون بوصف الأشخاص هنا حيث قائلًا: “عندما يستسلم شخص ما ربما يكون مستقل في فضلاته او لا شيء، ولكن لا يستجيبوا لأي رد فعل متوقع مثلًا كالضرب أو لا تستطيع أن تجعلهم يتوسلون من أجل العيش”.

كيفية استعادة الأمل في الحياة

الشعور بالأمل هو أمر واجب في الحياة اليومية حيث إننا بدون أمل وكأننا بدون حياة أي معيشة بلا هدف، وفقدان الأمل قد يؤدي إلى مشاكل غاية في التعقيد كما ذكرنا بالأعلى، لذلك سنقدم بعض الحلول التي من الممكن أن يقوم الشخص باتباعها لاستعادة حياته بشكل طبيعي وسهل، وتتمثل في الآتي:

 1– التصدي ضد الأفكار السلبية

يجب عليك التحكم في الأفكار السلبية التي تراودك مثل” لا يوجد أمل”، “الحياة لا فائدة منها”، وضع بدلًا منها أفكار أخرى إيجابية وتعطيك منها طاقة إيجابية خاصةً عندما تقوم بالتعبير عن مشاعرك جسديًا، وكلما شعرت أن المواقف القديمة تتحكم في أفكارك ومواقف حياتك الحالية عليك مواجهتها بكل التفاصيل الإيجابية الموجودة حتى القضاء عليها، ويتم ذلك من خلال:

  • قاطع الأفكار السلبية وقم باستبدالها بأخرى إيجابية للمستقبل، وذلك عن طريق الوقوف أمام عقلك والقول دائمًا حتى الاقتناع بذلك: ” ما مضى قد مضى أنا هنا الآن”، أو ” المستقبل يُمثل أهمية كبيرة لحياتي عوضًا عما فات في الماضي”.
  • الحد من مقارنة أفعالك بالآخرين، على سبيل المثال يُمكن ترديد الآتي: “كل شخص مختلف عن الآخر”، أو “حياتهم وتفاصيلهم مختلفة عني”، أو “يجب أن أفخر نفسي لمقدرتي على الوصول لهذه النقطة بعد كل ما حدث”
  • لا تنظر لنفسك نظرة الفشل في الحياة، فإذا تعرضت للنقد ممن حولك على المجهودات التي تقوم بها حاول تجاهلها بالإرضاء عما توصلت إليه مثلًا بقول: ” أنا فخور بما أفعله وما أستطيع أن أقوم به”.

فكلمات الآخرين في بعض الأحيان قد لا تكون لها أهمية كبيرة في حياتنا العملية، فلا يوجد أحد في نفس الموقف التي قد تكون فيه لكي تعطي له الفرصة بالحكم على حياتك للتقليل من شأنها.

  • عليك توقف عن التفكير السلبي المستمر نحو نفسك، مثل تفكيرك بشيء إيجابي تقوم به بدل من التفكير في كل الأفعال السلبية التي قد تسببت وصولك إلى الهلاك والقول دائمًا: “الحمد لله لِما توصلت إليه”، ولا يجب أن تفعل شيء آخر سوى الاهتمام بنفسك.

2– ترك فكرة الآمال المستحيلة (ماذا لو)

تخلى عن فكرة أن من الممكن أن يحدث التغيير من الطرف المقابل أو أن تحدث معجزة تغير ما هو واقع مرفوض، وإذا أردت أن يتغير شيء ترفضه قم بعزيمة تغييره بنفسك أولًا وقف أمام الشيء وعليك قول: “سأترك الأمل الموجود هنا…”

فعلى سبيل المثال قم بالتخلي عن فكرة الأمل في عودة شخصٍ قد توفي أو العثور على صديق وفي، وتخلى عن فكرة غضب أو تأثير سلبي بسيط وأمضي في حياتك.

3– عبر عما تُشعر به جسديًا

الاكتئاب من الممكن أن يستمر لفترة طويلة نسبيًا بسبب عدم الإفصاح عنه أو التخلص منه بأي شكل من الأشكال، كما من الممكن أن يؤدي بسهولة لمرض فقدان الأمل في الحياة، لذلك يجب عليك الجلوس بمكان آمن والتخلص من الشحنة السلبية المسيطرة عليك، ذلك حتى لو كنت تشعر وكأن هذا الشيء لا تريد القيام به.

لا تدع للاستسلام أو الحزن أن يأخذ ولو حيز بسيط من تفكيرك، فإذا كنت تشعر بالحزن فقط قل “أنا أشعر بالحزن وأمضي”، وعندما ينتابك شعور الخوف وتبدأ بالارتعاش يجب عليك قول “أنا أشعر بالخوف” ولا تخبئ هذا الشعور بداخلك.

أما إذا حدث شيء يستدعي غضبك الشديد قم بسحب الوسادة أو أي شيء أمامك وأصرخ بداخله وفرغ شحنة الغضب، أو قم بكسر كوب في مكان بعيد عن الخطر.

4– الحصول على الدعم من الأشخاص القريبون “الحضن”

لابُد أن تحصل على الدعم من الأشخاص القريبون سواء كان صديق أو من الأهل، يكون مستعد على دعمك نفسيًا والتخلي عن فكرة أن تكون وحيدًا بمشاعرك، في بعض الأحيان يجب عليك اللجوء لشخصٍ ما لاستشارته في قضية حزنك.

5– تناول الدواء

في معظم الأحيان عندما يصل الفرد لنقطة معينة من الاكتئاب أو الحزن، إذا لاحظ أن كُل السبل لا تستطيع أن تُخفف من حالته النفسية، يجب عليه التوجه مباشرةً لاستشارة الطبيب المختص لحالته، حيث إن الدواء باستطاعته أن يخفف حدة الاكتئاب والرهبة المجتمعية.

6– الحفاظ على الدوافع

لكُلًا منا دوافعه الخاصة والتي تساعده على استمرار حياته بشكل أفضل، فمن ضمن الاحتياجات الأساسية التي يحتاج اليها الأشخاص هي الطعام والشراب، كما أن هناك أناس تحتاج لنوع آخر من الدوافع من أجل الاستمرارية مثل الحب والقبول والاستماع والاهتمام وقدرة التعبير.

كما أن التركيز على دوافع معينة تتميز بالنقصان يجعلنا نجهل كم الوفرة التي يقدمها نوع آخر من الدوافع، فمثلًا إذا قمنا بالتركيز على دافع الحب الرومانسي يجعلنا نتجاهل وفرة الحب الموجودة في أبنائنا أو أهلنا بصورة عامة.

إن الشعور بفقدان الأمل في الحياة يمر بمراحل عدة، وقد تختلف من شخص إلى آخر، لكن هناك بعض الطرق السليمة التي تساعد على التخلص من المشاعر السلبية من أجل التمتع بحياة هنيئة مليئة بالأمل والحيوية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى