شعر رومانسي عراقي
شعر رومانسي عراقي هو ذلك الأدب رفيع المستوى صادق الوجدان لقد تميزت العراق بإنجابها أفضل الشعراء في هذا المجال منذ نشأته وحقًا قد أبدعوا وألهموا وذلك نظرًا لما تحتويه كلماتهم وأبياتهم على الوجدان الصادق وصوره الجميلة فبالرغم من نشأة هذا اللون قديمًا إلا أنه يوجد أبيات قديمة الأمد مازالت مصدر إلهام للشعراء الحاليين من العصر الحديث.
شعر رومانسي عراقي تاريخه ومنشأه
لقد نشأ الشعر العراقي كغيره من الألوان الشعرية القديمة ومرّ بمراحله المتعددة في التطوير والتغيير وتبنى هذا النوع من الشعر مجموعة من الشعراء ذو القدرة اللغوية والخيال الواسع والعاطفة القوية.
من شعراء الرومانسية بالعراق
الشاعرمحمد بن بهاء الدين بن مهدي الصيادي الحلبي الرافعي وشهرته محمد الرواس الذي ولد بمحافظة البصرة ومات بها كما أنه عاش في العراق ومصر والشام والحجاز وقد حفظ القران الكريم في مدرسة القرية ثم أتقن الأدب والشعر وله من الدوواوين العديد من المؤلفات الشعرية ذا قيمة عالية ومن اشعاره:
ما على عاشق الحبيب ملامة
إن تداعى وجدا وأبدى غرامه
هكذا العاشق المولَّهُ صبٌّ
ذو اصطلامٍ وناره ضرامه
لا تلم عاشقاً على الحنِّ والأَ
نِّ واعرض عن نفسك اللوامه
يا أخا العذل والمحبَّة دينٌ
هل ترى عاشقاً رأى من لامه
كم بصفِّ العشاق مطوي سرّ
نشر الصدق في الهوى أعلامه
شفَّهُ الشوق ثم أضحى خيالاً
فيه من طابع الغرام علامه
تعرق الواله المشوق إذا شا
هدت مرآه أو سمعت كلامه
قلبه دائم الخفوق ودهراً
عن سوى الحبِّ نفسه صوامه
ليت شعري والحبُّ أمرٌ عجيبٌ
كم دموعٍ من الهوى سجامه
انا يال الرجال صبُّ بحبٍ
شرب القلب من هواه مدامه
ما انزوى عن شهود عيني إلا
من قؤادي قامت عليه القيامة
قسماً بالهيام والخالص الح
بِّ نرى الحقَّ يرتضي أقسامه
ما سرى الركبُ للمدينة حتى
ناح قلبي بألسيَّر نوح الحمامه
ومضى يسبق الجنائب كالطي
ر ويبني للرَّكب فيه خيامه
يا حداة الجمال يوم تداعت
نحون أرض الهدى ودار الكرامه
قد سبقنا فبالهويناء سيروا
عرف الكلُّ في المسير مقامه
نحن قومٌ قمنا على قدم الصد
قِ وطرنا بالجدِّ والإستقامه
وبلغنا الحمى كراماً بدمعٍ
لم يشبه سحُّ السحاب انسجامه
وفرشنا الخدود فيه احتراماً
وسررنا فهنئونا السلامه….
قصائد الرومانسية في العراق
ومن الشعر الرومانسي العراقي نقدم لكم بعضًا من أشعار جميل الساعدي الذي ولد في بغداد عام 1952 وبدأ رحلته الشعرية مبكرًا حينما كان في الرابعة عشرة من عمره وله بحر ثري من الأشعار والدوواوين.
والسطور التالية سوف تتزين ببعض من أبياته الشعرية حيث يقول:
قصيدةٌ أنتِ ما أحلى معانيها
بالحُبِّ والسحْرِ قًدْ شعّتْ قوافيها
حكايةٌ أنتِ في نبضي مسافرةٌ
لمْ ألقَ بَعْدُ الذي يُصغي فاحكيها
وخمرتي أنتِ لا ما كنْتُ أشربُهُ
لمّا حضرتِ أراقَ الخمْرَ ساقيها
والأنْسُ أُنْسُكِ لا ما كانَ يؤنسني
وفرحتي بكِ لا شئٌ يُضاهيها
لُقياكِ حقْلُ ورودٍ , روضةٌ عَبقتْ
بالعطْرِ تُسكرُ أنفاسي أقاحيها
وأنتِ أجملُ أحلامي وأمنيتي
منْ بعدما طلّقَتْ نفسي أمانيها
** *
عوّذتُ مملكتي من كلِّ فاتنةٍ
أصونها من غواياتٍ وأحميها
وحينَ أطللْتِ منْ أسوارِ مملكتي
سلّمْتها لكِ طوعاً بالذي فيها
لمّا حضرْتِ وجدتُ النفْسَ حائرةً
أمامَ ساحرةٍ تدري مراميها
السحْرُ يسكنُ عينيها ومشْيتها
ومنْ أناملها يجري ومِنْ فِيها
سافرتُ مُنْذُ زمانٍ غيرَ مكترثٍ
أطوي المسافاتِ بحثاً عنْ مغانيها
وليْسَ في الرحْلِ مِنْ زادٍ سوى أملٍ
بأنني ذاتَ يومٍ قَدْ أُلا قيها
سامرْتُها في أحاسيسي وأخيلتي
وكُنْتُ في جُلِّ أحلامي أناجيها
انْتِ التي كُنْتُ أهواها وأعشقها
عرفْتُكِ الآنَ يا مَنْ لا أسميها
***
رِفْقاً بروحي فقد قاسيتُ في سَفري
رُحْماكِ كُثْرٌ جراحي لا تمسّيها
ضلَّت مسالكها في البحْرِ أشرعتي
فأصبحتْ سُفني تنعى موانيها
قدْ كسَّرَ الموجُ يا حسناء أشرعتي
وليسَ غيْرُكِ يا حسْناءُ يُحييها
في معْبدِ الحبِّ قد أعددتُ مبخرتي
وعفْتُ تقديسَ أصنامٍ لبانيها
روحي إلى الحبّ حبّ الروح ظامئةُ
لا الجاهُ, لا المالُ, لا الألقابُ ترويها
وإنّني شاعرٌ رَقّتْ مشاعِرُهُ
فراحَ خوفاً مِنَ الإيذاءِ يُخفيها
مشاعري هيَ أطفالي أدلّلها
ومثل كلِّ أبٍ دوماً أُداريها
أبثُّها لكِ يا حسناءُ صادقةً
كوني لها الأمَّ في لُطفٍ تناغيها
ولو تمكَّنتُ صغْتُ النجْمَ مبتكراً
قلادةً لكِ يا حسْنأءُ أهديها…
أبيات من قصائد الشعر الرومانسي بالعراق
ومن الأشعار ذات الطراز الفريد أشعار عبد الرازق عبد الواحد فقد ولد في عام 1930 في بغداد ثم في سنته الثالثة سافر مع أسرته إلى المجر وقضى بها طفولته ثم عاد إلى بغداد في المرحلة الإعدادية والثانوية وأكمل دراسته وتخرج من قسم اللغة العربية بدار المعلمين عام 1952 عمل مدرسًا ومعاونًا للعميد في أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد ومن أشعاره:
كنتُ أعلمُ كيف سترتجفينْ
كيف كلُّ مساماتِ جلدكِ تشهقُ مذعورةً
ثم تَسكنُ مبتلَّةً بالحنينْ..!
..
كنتُ أعلمُ كيف سيصفرُّ وجهُكِ
يَحمرُّ وجهُكِ
كيف أصابُعكِ الثَّلجُ
ينبضْنَ
تنهضُ فيهنَّ أشرعةٌ لا تَبينْ
ثم يُبحرنَ ملءَ دمي،
وفمي
..
مُطبِقٌ في جنونٍ على شفتيكِ
وشيئاً فشيئاً
صَهيلُكِ مُهرَتُهُ تَستكينْ..!
كنتُ أعلمُ كيف ستنخلعينْ
من جذوركِ يا زهرةَ الياسمينْ
وأعلمُ أنَّكِ
عند انخلاعِكِ
في كلِّ أوردتي تَنبُتينْ..!
شعراء الرومانسية في العراق
أنور خليل ذو الذوق الرفيع في اختيار كلماته وفي وجدانه فهو علم من أعلام شعراء العراق في العصر الحديث, ولد في عام 1919 وأكمل دراسته في بغداد حتى تخرج من كلية دار العلوم عام 1937 وعين مدرسًا في مدارس العمارة قام بنشر اشعاره في المجلات الأدبية في العراق ومصر ولبنان ومن أشعاره:
أنا اهواك وان لم تعلمي
فأعذريني الان ان باح فمي
انا اهواك فما شئت اصنعي
اغضبي او فاعجبي او فابسمي
لا تخالي في غرامي ريبة
ان حبي لك فوق التهم
ليس يدريه سوانا احد
فاكتميه حبذا ان تكتمي
انا عــــــــفٌ يافتاتي قانع
منك بالقرب, برئ المغنم
انت اغريت فؤادي بالهوى
فاسالي عينيك حتى تفهمي
انت في عيني ابهى طلعة
من ازاهيـــــــر الربيع المنعم
زهرة انت ولكن عطرها
مفعم روحي وقلبي ودمي
نجمة في افق احلامي بدت
بعد حرماني ضياء الانجم
احسب الساعات استدني بها
موعدا ارقبه في ضــــــرم
كلما سرت الى موعدها
كاد ان يسبق قلبي قدمي
واذا لاقيتها سرعان ما
يتلاشى الوقت مثل الحلم
سلسلي منك حديثا طالما
حنت النفس له في نهم
لفظك السحر وما اعذبه
واحاديثك خمر المغرم
رشفتها الروح يا فاتنتي
حلوة تقطر من احلى فم
حدثيني واطيلي انني
قانع منك بهذي الكلم
انا اهواك كانقى طفلة
عفة اللحظ طهور المبسم
انا راض بالذي ترضينه
لفؤادي من منى او الم
سائلي عني فما في سيرتي
غير طهر ناطق عن شممي
عفتي اثمن ما املكه
في زمان مستبيح مجرم
لا ابالي هازئا او لائما
انا فوق الهازئين اللؤّم…..
تزينت السطور الماضية بأبيات من شعر رومانسي عراقي من طراز فريد سطرت من خلال مجموعة من الشعراء الصادق وجدانهم والمؤثرة كلماتهم وقد قدمنا لكم مجموعة من الأبيات المتفرقة لشعراء العراق في العصر الحديث وليس غريبًا على دولة بمكانة العراق أن تقدم مثل هذا الجمال الأدبي فإنها تعتبر منارة الدول العربية في الأدب والشعر الرومانسي.