الفرق بين الخلع والطلاق
الفرق بين الخلع والطلاق من شأنه أن يثير الجدل، كما أن البعض لا يعرف دلالة كلًا منهما، ومن هنا تظهر العديد من الآراء ومنها الصائب ومنها ما يزيد من الضلال والتعرف على معنى تلك المصطلحات بشكل خاطئ؛ لذا حرصنا في موقع البلد على التمييز بين الخلع والطلاق، والتعرف على الدلالة الخاصة بكلًا منهما.
الفرق بين الخلع والطلاق
على الرغم من أن الطلاق أو الخلع من الأمور الغير مستحبة إلى الله –عز وجل-، إلا أنه قد يكون الحل الأمثل في بعض الحالات، فقد تصل الأمور إلى أسوأ الحالات بين الزوجين وفي بعض الأحيان قد تؤثر تلك الخلافات والنزاعات على الأطفال إن وجودوا.
لذا توجب الإشارة إلى الفرق بين الخلع والطلاق، للتعرف على ماهية كلًا منهما، والتعرف على الحالات التي يتوجب فيها اللجوء إلى هذا الحل، ومن هنا نشير إلى أن الطلاق ينبغي أن يتم بإرادة الزوج.
حيث يقوم بقول بعض الكلمات التي تحمل في طياتها الدلالة على انتهاء الحياة الزوجية، بينما الخلع فيتم اللجوء إليه في حال رفض الزوج تطليقها، ومن هنا نجد أن الخلع لا يتوجب أن يقول الزوج أيٍ من الألفاظ الدالة على الطلاق وإنهاء الحياة الزوجية.
كما أنه في حال أن وقع الطلاق فمن الممكن أن يقوم الزوج برد امرأته ليُكمل حياته معها، بينما العكس لا يمكن حدوثه في حال الخلع، فهو بمثابة حل للعصمة الزوجية في مقابل شيء مادي ملموس من قِبل كلا الزوجين.
الجدير بالذكر أنه في حال الطلاق فمن الممكن أن يقوم الزوج برد الزوجة إلى عصمته دون أن يُخبرها، إلا أن الأمر نفسه ليس متاحًا في حال الخلع، إذ ينبغي توافر شرط الرضا في تلك الحالة، كما يجب توافر اثنين من الشهود وأن يتم دفع مهر جديد إلى الزوجة.
كما يجب أن يتم عمل عقد زواج جديد، بينما في حالة الطلاق فمن الممكن الاستغناء عن تلك العناصر السابق ذكرها، ورد الزوجة إلى عصمة الزوج عقب انتهاء أيام العدة، فيما يعرف باسم الطلاق الرجعي.
الاختلاف بين الطلاق والخلع
لا زلنا بصدد التعرف على الفرق بين الخلع والطلاق، ومن هنا نشير إلى أنه في حالة الطلاق فمن الممكن أن يُعيد الزوج امرأته إلى عصمته بعد الطلقة الأولى أو الثانية دون الحاجة إلى عقد جديد للزواج.
على النقيض تمامًا نجد أن الخلع لا يتم التعامل معه بحسب عدد الطلقات التي نطق بها الزوج، إذ أن الأمر نهائي ولا رجعة فيه، أيضًا يعد الطلاق ضمن حقوق الزوج، وهو ما يفسر كونه لا يتطلب تدخل القضاء والمحكمة.
أما بالنسبة إلى الخلع فينبغي فيه تدخل هيئة القضاء، ومن هنا نجد أن الطلاق يمكنه أن يتم بالتراضي بين الزوجين مع مراعاة حصول كلًا منهما على حقوقه، والعكس يمكنه أن يحدث في حال اللجوء إلى الخلع.
تعريف الطلاق
ضمن إطار الحديث عن الفرق بين الخلع والطلاق، نشير إلى أن الطلاق في اللغة مشتقًا في الأساس من فعل طلق، أي أطلق سراح الشيء، كما يشير الطلاق لغةً إلى رفع عقد الزواج وزال ماهيته، أي أن المرأة لم تعُد تحت عصمة زوجها، كما يتطلب قول بعض الكلمات التي تشير إلى معنى الطلاق نفسه.
من هنا نجد أنه في حال وقوع الطلاق فلا يتوافر شرط ضرورة دفع مقابل مادي؛ لأن الأمر يمكنه أن يحدث في أغلب الأحيان بالتراضي بين الزوجين.
من هنا نشير إلى أن الطلاق يتضمن بعض الأنواع، والتي تتمثل في الطلاق البائن والطلاق الرجعي، وسبق وأن تعرفنا على نبذة مختصرة عن النوع الأخير.
لذا نشير إلى أن الطلاق البائن هو الذي يتم فيه إخراج الزوجة من بيت زوجها إلى منزل آخر يكون منزل الأهل على سبيل المثال بغرض قضاء شهور العدة.
أحكام الطلاق بين الزوجين
بالحديث عن الفرق بين الخلع والطلاق، نجد أنه لا يجوز تطليق المرأة خلال فترة الحيض؛ لأن الأمر حينها سيكون نافذًا؛ لذا يتوجب على الرجل الانتظار والتريث في اتخاذ تلك الخطوة بشكل عام، وأن يتذكر أن أبغض الحلال عند الله الطلاق.
على الرغم من أن الله –عز وجل- يكره ذلك الأمر إلا أنه بمثابة رخصة يمكن الاستفادة منها في بعض الأحيان، وهو ما يفسر كونه مذكورًا في كتاب الله وسنة رسوله، ولكن هذا لا ينفي ضرورة الالتزام بكل ما ورد في أحكام ذلك الأمر.
من هنا نشير إلى أن القيام بتلك العملية ينبغي النظر فيه إلى بعض العناصر، فعلى سبيل المثال لا لغير الزوج أن يقوم بتطليق امرأة لا يملك عصمتها؛ لذا فينبغي أن يكون القرار نابعًا من الزوج؛ نظرًا لكونه هو الذي يملك عقدة النكاح.
كما ينبغي أن يتم استخدام الكلمات التي تفيد بمعنى الطلاق، كأن يقول: “أنا أطلق سراحك” أو “أنا أطلقك” أو “أنتِ طالق”، أو “أنا أفارقك”؛ وعليه فينبغي أن تُقترن تلك الكلمات بحضور النية لدى صاحب الأمر، بالإضافة إلى ذلك فالقصد يأتي ضمن العناصر الواجب توافرها لإتمام الطلاق بين الزوجين.
في تلك الحالة نشير إلى أنه لا يجوز الاعتماد على السفيه أو المجنون أو الزوج الذي يتعاطى المخدرات أو يتناول الكحول والأخذ بقوله حين يُطلق زوجته؛ إذ أنه لا يعي ما يتلفظ به من الأساس ولا يقصده.
ناهيك عن ضرورة تواجد الزوجة خلال الطلاق؛ نظرًا إلى أنها الطرف الواقع تحت عصمة زوجها، وفي حال وقوع الطلاق بالفعل فينبغي عليها في تلك الحالة الالتزام بقضاء شهور العدة حتى اليوم الأخير.
دلالة الخلع
بالنظر إلى التعريفات المتوافرة بخصوص مفهوم الخلع، نجد أن اسم المفعول منه مخلوع أي تمت إزالته بالقوة، وكان ذلك ما ورد في المعنى اللغوي، أما عن مفهوم هذا المصطلح في الشريعة الإسلامية فنجد أنه يشير إلى فراق الزوجين وانتهاء الحياة الزوجية بينهما في مقابل دفع شيء مادي.
من هنا نجد أن الزوجة ينبغي عليها أن تمنح الزوج شيء مادي في حالة الخلع لكي يتسنى له تركها وتطليقها، وهو ما يُتمم عملية تطليق الزوجة لنفسها من زوجها بغض النظر عن المبررات والدوافع التي تملكها حينها؛ لذا فإن الفرق بين الخلع والطلاق واضح بشكل كافي إلى الجميع.
الجدير بالذكر أن الخلع لا يعني بالضرورة إعلان الحرب على كلا الزوجين، والأمر كذلك فيما يخص الطلاق؛ إذ يتوجب على كليهما التحلي بالأخلاق والحرص على ود الطرف الآخر وتمني الخير لبعضهما البعض.
كما أن الخلع يعني بتنازل الزوجة عن كافة حقوقها إلى الزوج بغرض انهاء الحياة الزوجية فيما بينهما، كما أن ذلك الأمر يتطلب ضرورة تنفيذه عن طريق المحكمة عكس الطلاق.
حُكم الخلع شرعًا
سبق وأن ذكرنا الفرق بين الخلع والطلاق، ونحن الآن بصدد التعرف على بعض أحكام الخلع التي وردت في الدين الإسلامي، فمن الممكن أن يصل بعض الأشخاص إلى درجة صعبة لا يمكنهم فيها تقبل بعضهم البعض.
من هنا تستحيل الحياة وتكثُر المشاكل بينهما، ويكون الحل الأمثل هو فك عقدة النكاح، ولكن ماذا إن لم يرضخ الزوج إلى رغبة زوجته بالطلاق؟ في تلك الحالة سيتوجب عليها التوجه إلى الخلع كحل بديل وفعال لإنهاء تلك المأساة التي تعيش بها.
الجدير بالذكر أن الخلع لا يعني بالضرورة أن الزوج هو الطرف المقصر أو المتسبب بحدوث المشكلات؛ إذ نجد أن بعض الزوجات تلجأ إلى الخلع لخوفها من عدم الالتزام بتطبيق شرع الله، أو أنها لا تستطيع الحفاظ على حقوق الزوج.
ذلك الرأي يستند في الأساس على الآية الكريم الواردة في سورة البقرة الآية 229: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّـهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ)، كما أن الأمر ذاته قد ورد في السنة النبوية الشريفة وذلك في الحديث الآتي:
عن حبيبة بنت سهل الأنصارية –رضي الله عنها- قالت: “أنَّها كانت تحتَ ثابتِ بنِ قيسِ بنِ شمَّاسٍ، وأنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ خرجَ إلى الصُّبحِ، فوجدَ حَبيبةَ بنتَ سَهْلٍ عندَ بابِهِ في الغَلَسِ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: مَن هذهِ؟ قالت: أنا حبيبةُ بنتُ سَهْلٍ يا رسولَ اللَّهِ.
قالَ: ما شأنُكِ؟ قالَت: لا أنا ولا ثابتُ بنُ قيسٍ لزوجِها، فلمَّا جاءَ ثابتُ ابن قيسٍ قالَ لَه رسولُ اللَّهِ: هذهِ حبيبةُ بنتُ سَهْلٍ قد ذَكَرت ما شاءَ اللَّهُ أن تذكُرَ فقالت حبيبةُ: يا رسولَ اللَّهِ كلُّ ما أعطاني عندي فقالَ رسولُ اللَّهِ لثابتٍ: خُذْ منها فأخذَ منها، وجلَسَت في أهْلِها”.
أركان الخلع
ضمن إطار التعرف على الفرق بين الخلع والطلاق نشير إلى أنه يلزم توافر بعض الأركان التي يصح من خلالها الخلع، وذلك بالاستناد إلى ما ورد بخصوص هذا الأمر في الدين الإسلامي الجليل.
تلك الأركان تشمل ضرورة توافر الزوج الذي يرفض تطليق زوجته، كما ينبغي توافر الزوجة التي تود الحصول على قرار الخلع، وتلك الزوجة تعرف في هذه الحالة باسم المختلعة، بالإضافة إلى ذلك فتلك الأركان تشتمل على العوض، والذي يتمثل في ذلك المبلغ الذي تدفعه الزوجة إلى زوجها نظير تطليقها.
الجدير بالذكر أن ذلك المبلغ من الممكن أن يتمثل في المهر الذي منحه الزوج إلى زوجته عند إتمام عقد الزواج، ومن الواجب توافر ركن الصيغة أي أنه في تلك الحالة يتوجب على كلا الطرفين قبول الأمر والموافقة عليه.
أما عن صيغة الخلع فإنها تتم بشكل لفظي، كأن يقول الرجل إلى امرأته: “في حال أن ضمنتِ لي مبلغ كذا فستكونين طالق”، أو “سأطلقكِ حين تمنحينني مبلغ كذا”، وحينها ينبغي على المرأة أن توافق على ذلك الشرط وتشير بأيٍ من الكلمات التي تؤدي إلى هذا الغرض؛ حتى يتسنى لها إتمام إجراءات الخُلع.
الآثار المترتبة على الخلع والطلاق
بالحديث عن الفرق بين الخلع والطلاق، نشير إلى أن كليهما يؤثر بالسلب على الزوجين والأولاد، وإليكم بعض الآثار الناتجة عن كلا الأمرين في النقاط المقبلة:
- تشرد الأطفال وضياع المستقبل.
- من الممكن أن تتعرض الزوجة إلى الديون في حال الخلع لكي توفر لزوجها المبلغ الذي من خلال الحصول عليه سيقوم بتطليقها.
- نشوب بعض المشكلات الشخصية وتفاقم المشكلات بين الزوجين المنفصلين بسبب الخلع أو الطلاق.
- تدخل الأهل في الحياة الزوجية في كل الأحوال، وزيادة الضغط على الزوجة.
بعض المصطلحات المتشابهة يمكن أن يخلط بينها الكثيرين؛ لذا فإن التعرف على المعنى الخاص بكلًا منها يتيح لك إمكانية التمييز بشكل صحيح.