هل من حق الزوجة معرفة راتب زوجها.. دار الإفتاء تجيب، موضوع مطروح في الكثير من البيوت المصرية، وبالطبع لا تسأل عنه إلا الزوجات اللاتي لا يعرفن حقيقة دخل الزوج، أو اللاتي يظن أن الزوج له دخل آخر غير الذي يخبر به زوجته، وسنخبركم من خلال موقع البلد إجابة سؤال هل من حق الزوجة معرفة راتب زوجها.. دار الإفتاء تجيب.
هل من حق الزوجة معرفة راتب زوجها.. دار الإفتاء تجيب
عند الرجوع إلى السنة النبوية والشريعة الإسلامية، وردود دار الإفتاء حول هل من حق الزوجة معرفة راتب زوجها أو لا وجدنا أن الرد المباشر هو: ليس هناك دليل من الكتاب أو السنة على ذلك الأمر، فسواء كان الرجل قد أخفى مقدار راتبه عن الزوجة أو أخبرها به فإن ذلك راجع لما يراه الزوج من مصلحة لبيته طالما أنه يوفي جميع حقوق البيت ولا يقصر في حق الزوجة.
بالتالي فإن سؤال الزوجة لزوجها عن راتبه ليس محرما وليس واجباً، لكن الأمر الهام والذي لا شك فيه هو ضرورة أن ينفق الزوج على زوجته وبيته بما لا يدفعهم للمذلة أو الفقر أو سؤال غيره حتى يتم تلبية حاجتهم.
وقد أفادت بعض مصادر دار الإفتاء بأن للزوجة الحق في معرفة مال زوجها بحدود وشروط مثل ألا يكون سؤالها له مُلح وألا يكون بهدف الطمع في ماله، ولا يُباح لها أبدًا التجسس عليه لتعرف قدر راتبه أو ماله.
فتوى دار الإفتاء
وللتأكد من مسألة هل من حق الزوجة معرفة راتب زوجها يأتي رد دار الإفتاء، ففي رد الدكتور محمد عبد السميع مدير إدارة الفروع الفقهية وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال جاءه من سيدة تشتكي من أن زوجها لا يخبرها عن دخله الحقيقي.
قال: من حق الزوجة أن تعلم دخل زوجها الحقيقي وذلك ليطمئن قلبها من أن دخله يكفي لتغطية نفقات البيت ولا يسبب اضطرابًا ماديا، ويعمل على استقرار الوضع المالي للبيت.
فقد جاء هذا السؤال عبر اتصال مباشر من إحدى المتابعات فجاء نص السؤال كما يلي: “لا يحدثني زوجي عن قدر راتبه، وأخاف أن أطلب منه أي شيء، وينفق على نفسه فقط ولا يعطي البيت إلا القليل”.
فأضاف الدكتور عبد السميع: من الممكن أن يخبر الزوج زوجته ما يطمئنها حول كفاف البيت وعدم حاجته طالما أنه قادر بما آتاه الله من مال، وذلك ليستريح قلبها ولا تتنغص معيشتها حول المصاريف الهامة للبيت، ولكن من حقها فقط أن تعلم بأن دخل الزوج كافٍ لتغطية النفقات، أما أن تعرف فوق ذلك فليس من حقها وليس واجبًا عليه شرعًا.
فطالما أن الزوج وافى حاجات بيته بحسب مستواه ومستوى أهله الاجتماعي، فمن حقه أن يصرف على نفسه وأهله وأن يتصدق أو ينفق بما من الله عليه.
ويرى أغلب الحكماء أن المصارحة بين الزوجين على كل جوانب الحياة ومن بينها رواتبهم، خير من إخفائها، فقد يتعرض الزوج لحادث أو وفاة ويترتب على ذلك عدم معرفة الزوجة لراتب الزوج أو حقوقها الواجبة.
قد تصل بعض الحالات إلى أن الزوج يخفي ما يدخر من مال عن زوجته وأولاده، وبوفاته يضيع هذا المال ولا ينفع أهله ولا أولاده، بل من الممكن أن يلحقهم الفقر.
وبذلك تكون دار الإفتاء قد فصلت أمر هل من حق الزوجة معرفة راتب زوجها بوضوح.
أسباب إخفاء الزوج قدر الراتب عن زوجته
ولنعرف هل من حق الزوجة معرفة راتب زوجها، فمن اللازم معرفة أننا قد نجد الكثير من الأزواج قد يخفون عن زوجاتهم القدر الحقيقي لرواتبهم ولا يخبروهن به، ومن هذه الأسباب ما يلي:
- طمع بعض السيدات، مما يدفع الرجل لإخفاء الراتب كاملاً عن الزوجة ولا يخبرها إلا بجزء منه فقط.
- قد يرى بعض الأزواج أن الإدخار للمال أفضل من صرفه كله، فبعض السيدات لا تدخر من المال الذي يأتيها.
- قد يرى الرجل أنه من المحرج أو السوء إخبار زوجته بنفقته على والديه أو أهله من الراتب، أو أن تكون الزوجة لا تحب هذا الإنفاق وتؤثر نفسها أو بيتها على أهل الزوج مما يدفع الزوج لعدم إخبارها بكامل راتبه.
- عدم قبول بعض الزوجات بالمبالغ التي ينفقها الزوج في سبيل الله وفي الصدقات، فيضطر الزوج لإخفاء دخله عنها.
- قد تكون الزوجة من النوع الذي يفشي أسرار البيت ولا تنقطع عنها هذه العادة، فعندها يضطر الزوج إلى أن يخفي عنها أمور كثيرة وليس فقط مقدار راتبه الحقيقي.
ما هو الأفضل إخفاء الراتب أم إخبار الزوجة عنه؟
ليس الجواب بالصعب عند أي حكيم، فطالما أن الشرع قد ترك هذا الأمر لكل من الزوج والزوجة وكان فيه سعة بينهما فمن الطبيعي أن يكون التفاهم والمصارحة هما عماد هذا الأمر.
فليس من الحكمة أبدًا أن يخفي الزوج راتبه عن زوجته طالما أنه لا يرى في ذلك مفسدة أو ضرر، بل أنه من الصواب إبلاغ الزوجة بما لدى الزوج دائماً من مال ومدخرات، فلا يعلم الزوج متى تأتيه منيته، فيجب عليه أن يخبر زوجته عن كل كبيرة وصغيرة لكي تعطي كل ذي حق حقه عقب وفاته.
فأصل الأمر بين الزوجين هو المودة والتراحم، قال تعالى🙁 وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [سورة الروم: 21]
أما في الحالات الشاذة من القاعدة وهي أن يرى الزوج أنه من غير الصواب إخبار الزوجة بالمال لسبب كفيل بذلك مثل أحد الأسباب السابقة، فإنه من حقه ولا يخالف هذا الشرع أن يخفي جزءًا من راتبه، وذلك للمصلحة ودفع الضرر.
العلاقة المالية بين الزوجين في الشريعة الإسلامية
بعد أن تعرفنا على إجابة سؤال هل من حق الزوجة معرفة راتب زوجها، دعونا نتعرف على العلاقة المالية بين الزوجين من خلال رد دار الإفتاء في تنظيم الشريعة الإسلامية لهذه العلاقة بينم الزوجين.
تنقسم العلاقة المالية بين الزوجين في الشريعة الإسلامية إلى ثلاثة أقسام:
- محتوى عقد الزواج كالمتعة والمهر والمؤخر وملحقاتها.
- الميراث، وذلك بوفاة أحدهما.
- نفس المترتب حول الحقوق المالية بين الناس عامة في الشريعة وما قيدت به من أحكام.
العلاقة المالية في عقد الزواج
- تحديد المهر بمبلغ مالي حسب الاتفاق بين الزوج والزوجة أو وليها.
- تستحق الزوجة نصف المهر ونصف المؤخر في حالة الطلاق دون أن يبني بها الرجل أي دون أن يدخل بها.
- إذا ماتت الزوجة قبل أن يدخل بها الرجل يكون مهرها من جملة ميراثها.
- النفقة: وهي مستحقات المرأة في حال أن تكون في عصمة الرجل، وأثناء شهور العدة بعد الطلاق، تشمل المأكل والمشرب والعلاج والمسكن، بحسب قدرة الزوج.
- يقدر القاضي في حال الطلاق مبلغ من المال مستحق للمرأة هو نفقة المتعة.
العلاقة المالية في حال توفي أحد الزوجين
- يستحق الزوج نصف ميراث الزوجة في حال لم يكن لها أولاد، وفي حال وجود الأطفال فله الربع،
وفي حال وفاة الزوج يكون للزوجة ربع ميراثه إن لم يكن له ولد، أما لو وجد له أبناء فيكون لها ثمن الميراث، قال تعالى:
(وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ) [سورة النساء: الآية 12]
أما ما تبقى من معاملات مالية بين الزوج والزوجة فجميعها تخضع لنفس ما تخضع له التعاملات المماثلة في الشرع، كمثل أن يتشاركا بتجارة ما أو أن يختلط مالهما بتجارة أو تدخل أموالهما سويا في نفقات البيت، فهذه تجري عليها قوانين المصالحة في حال تم فض الشراكة بينهما، أو في حال الاختلاف واللجوء للقضاء فيقع الحكم بناءً على المصارحة واليمين بقدر ما شارك كل منهما في كل شيء، فإن لم يصلا إلى اتفاق وتضاربت أقوالهما يتم الحكم بالمقاسمة بالنصف لكل منهما من هذا المال.
أما أن يتم اقتسام المال بنسب ثابتة بعد الوفاة أو الطلاق، فذلك ليس من شرع الله تعالى.
فقد لا يكون الزوج والزوجة على نفس القدر من المال، أو أن يكون أحدهما قد تزوج الآخر طمعاً لماله فيتخلص منه بالطلاق المعقد أو بالقتل، وهذه حالات رصدت بالفعل وما أصبحت بالغريبة على مجتمعاتنا للأسف.
فكانت الشريعة الإسلامية هي الرادع لأهواء مثل هؤلاء، والتعامل بغيرها يسوق دائماً إلى المفاسد.
أما غير ذلك حول هل من حق الزوجة معرفة راتب زوجها، فلا حكم فيه إلا بالاتفاق وما يراه الزوج أنسب لبيته وزوجه، وذلك يرجع لما جعله الله تعالى من قوامة الرجل على المرأة.
شرط ألا يكون ظالماً لزوجته أو بيته وأن يكفيهما بكل متطلباتهما، أما غير ذلك من فضول أو طمع أو بخل من الزوجة، فالرجل يجوز له أن يخفي عنها ماله للمفاسد الناتجة.
إن أصل العلاقة بين الزوجين هي السكينة والرحمة التي أوجدها الله بينهما، وطالما أنها تواجدت واتفقا عليها فلا حاجة للزوج أن يخفي عن زوجته أي أمر.