حكم الطلاق مرة واحدة هو العامل المتحكم في استمرار الحياة الزوجين بين الفردين أو انتهائها، كما أنه من الأمور الفقهية الضرورية التي ينبغي الوقوف عليها لتجنب الوقوع في المعصية.
لذا من خلال موقع البلد سنتعرف على حكم الطلاق مرة واحدة للزوجين، كما سنشير إلى بعض التفاصيل الخاصة بهذا الشأن.
حكم الطلاق مرة واحدة
نتيجة لوقوع الكثير من النزاعات المتكررة بين الأزواج والزوجات، فقد يؤدي هذا الأمر إلى الطلاق في كثير من الأحيان، لكن إن كانت تلك هي المرة الأولى فما حكم الطلاق مرة واحدة؟
بالاستناد إلى آراء أهل العلم نجد أنه في حال طلق الزوج امرأته طلقة واحدة فتلك الطلقة محسوبة ورجعية، أي أنه يحق له إعادتها إلى عصمته مرة أخرى، وفي تلك الحالة لن يكون بحاجة إلى عقد جديد أو مهر كما حدث في المرة الأولى للزواج.
تلك الحالة تُعرف باسم الرجعة، والتي ينبغي أن تتم خلال شهور العدة، كما أنها تتحقق بالاعتماد على كلا الصيغتين الأولى هي “راجعتك إلى عصمتي”، والأخرى تعتمد على الفعل بأن يقوم الفرد برد زوجته إلى عصمته وأن يحدث بينهما الجماع، وفي تلك الحالة لا يكون ذلك الفعل زنا.
هل الطلاق الرجعي يُنهي العلاقة الزوجية؟
عقب التعرف على حكم الطلاق مرة واحدة، نشير إلى أن تلك الحالة لا تعني نهاية العلاقة الزوجية بين الزوجين، ولكنها أيضًا تتطلب الالتزام بالشروط المقررة لاستكمال تلك العلاقة على النحو الصحيح.
الجدير بالذكر أن إحدى تلك الشروط هي أن يتم رد الزوجة إلى عصمة زوجها خلال شهور العدة، وفي تلك الحالة يجوز أن تبقى الزوجة المطلقة مع زوجها في البيت ذاته ويجوز لها التعامل مع على النحو الطبيعي.
ففي تلك الحالة من الممكن أن يُحفزه ذلك على ردها إلى عصمته مرة أخرى وهي من الأمور المستحبة بالتأكيد.
موافقة الزوجة على ردها لعصمة زوجها
بالحديث عن حكم الطلاق مرة واحدة، نجد أنه يمكن للزوج رد زوجته مرة أخرى دون الحاجة إلى الحصول على الإذن منها، كما أنه على المرأة في تلك الحالة الرجوع إلى الزوج والالتزام بهذا الأمر سواء كانت تفضله أو تكرهه.
إلا أن هذا لا ينفي أنه في بعض الأحيان لا ينبغي إكراه الزوجة على الرجوع إلى زوجها مرة أخرى، ففي حال كان يؤذيها ويُسيء معاملتها على سبيل المثال فبالطبع ستكره العيش معه، وهي من الأمور التي تستوجب الطلاق وانتهاء العلاقة على الفور.
هل تتطلب الطلقة الواحدة وجود شهود؟
في حال قام الزوج بتطليق زوجته مرة واحدة فقط ففي تلك الحالة يمكنه ردها على ألا يدفع مهر أو عقد، كما أن رد الزوجة يتم بشكل ودي ولا يتطلب التوجه إلى المحاكم، ولتجنب وقوع المشكلات ينبغي تواجد 2 من الرجال كشاهدين على الرجوع.
حكم الطلقة الأولى للحامل
ضمن إطار الحديث عن حكم الطلاق مرة واحدة، نشير إلى أن الحمل لا يمكنه التأثير بشكل أو بآخر على وقوع الطلاق، إلا أنه لا يُفضل الطلاق خلال تلك الفترة حفاظًا على المولود القادم لتلك الحياة، كما أن الرجوع في تلك الحالة من الأمور الجائزة بالاستناد إلى رأي العلماء والفقهاء.
في تلك الحالة يمكن رد الزوجة خلال فترة الحمل؛ لأن مدة العدة حينها ستظل مستمرة معها إلى أن تصل لمرحلة الولادة.
حكم الطلاق مرة واحدة في حال الغضب
في أغلب الأحيان قد يقع الطلاق بين الزوجين في حال الغضب، والسبب في ذلك يرجع إلى غياب العقل، وفي تلك الحالة يمكن ألا يتم الأخذ بطلاق الغضبان.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الرأي قد لاقى اتفاق الكثير من الفقهاء؛ لأنه يعني باستكمال الحياة الزوجية بدلًا من هدمها وتعرض الأطفال والزوجة إلى الأذى النفسي.
الطلاق مرة واحدة وحكمه قبل الدخول
أحد الأحكام الفقهية ذات الصلة بحكم الطلاق مرة واحدة تتمثل في كون الزوج قد طلق زوجته قبل الدخول بها، وفي تلك الحالة تُعرف الطلقة باسم الطلقة البائنة البينونة الصغرى، والتي يمكنها أن تحل عقدة الزواج من الأساس.
أما عن رد الزوجة في تلك الحالة فإنه لا يجوز شرعًا؛ إذ ينبغي الزواج وكتابة عقد زواج جديد من البداية؛ حتى تصح العلاقة الزوجية بين الفردين، كما ينبغي دفع المهر مرة أخرى من الزوج.
النفقة والطلقة الأولى
للمرأة المطلقة الحق في الحصول على النفقة من زوجها حتى وإن طلقها مرة واحدة فقط، وفي تلك الحالة تستمر النفقة إلى أن تنتهي شهور العدة، وقد عرف هذا باسم نفقة العدة، ومن الخاطئ أن يتم تسمية تلك النفقة باسم نفقة الزوجية.
الجدير بالذكر أن تلك النفقة تشمل بذلك الإنفاق على الزوج للإطعام والكساء والشراب، كما ينبغي على الزوج توفير المسكن المناسب لزوجته، وتجنب معاملتها على نحو يُثير سخطها.
مدة عدة الطلقة الواحدة
عقب التعرف على حكم الطلاق مرة واحدة، نشير على أن تلك الطلقة تتضمن مدة عدة أيضًا، والتي عادةً ما يتم احتسابها على 3 مرات للحيض.
ذلك استنادًا لما ورد في كتاب الله –عز وجل-: “وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا“، سورة الطلاق الآية (4).
أما في حال وقع الطلاق ولم يتم الدخول بالزوجة أي لم تتم ممارسة العلاقة الحميمة بين الزوجين، ففي تلك الحالة ينبغي أن تقضي المرأة شهور العدة أيضًا، ولكن هذا لا يعني أنه يمكن ردها من قِبل زوجها مرة أخرى دون وجود عقد جديد.
قضاء عدة الطلقة الأولى في بين الأهل
في حال تعرضت المرأة إلى الطلاق فينبغي عليها الرجوع إلى بيت أهلها الذي كانت تعيش به قبل الزواج، كما أنه ينبغي قضاء شهور العدة هناك، إلى أن يتم ردها إلى عصمة زوجها مرة أخرى.
قد ذهب بعض الفقهاء إلى أنه ينبغي قضاء تلك الفترة في بيت الزوجية بأمر من الله وأنه لا يوجد شيء يقف حائلًا دون تنفيذ هذا الأمر.
الدليل على ذلك قول الله –عز وجل-: “وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ“ سورة الطلاق، وهو ما يُفسر أنه من غير المستحب خروج المرأة من منزلها خلال شهور العدة وقبل انقضائها.
حكم رفض الزوجة لرد زوجها إليها
لا ينبغي للمرأة الامتناع عن تلبية أمر الزوج بخصوص رده إليها، وبالنسبة إلى الجانب الشرعي من الأمر فلا قيمة لرفض الزوجة استكمال حياتها الزوجية مع زوجها في تلك الحالة، ومن هنا نجد أنه ينبغي عليها تلبية هذا الأمر والحرص على طاعته والتفاهم معه ليسود الود بينهما مرة أخرى.
انتهاء العدة قبل رد المرأة المطلقة لعصمة زوجها
في تلك الحالة يتحول الطلاق من الرجعي إلى البائن بينونة صغرى، وفي تلك الحالة لا يملك الزوج الحق في رد زوجته إلى عصمته مرة أخرى كما في الحالة الأولى، ومن هنا ينبغي عليه عقد النكاح منذ البداية بعقد جديد ومهر جديد.
حكم الجماع بعد الطلقة الأولى
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يجوز رد المرأة المطلقة إلى عصمة زوجها مرة أخرى بالفعل، وذلك الفعل يتمثل في الجماع، ومن هنا نجد أنه يمكن القيام بهذا الأمر شرط ألا تتم شهور العدة فيحتاج الزوج في تلك الحالة إلى رد امرأته إلى عصمته بعقد جديد ومهر.
بالنسبة إلى اتباع المذهب الشافعي، فتلك الحالة تتطلب تجنب الجماع خلال الطلاق الرجعي، ولا يجوز القيام بهذا الفعل دون رد الزوجة إلى عصمة زوجها بالقول؛ تجنبًا إلى الوقوع في المعاصي والشبهات.
شروط إرجاع الزوجة عقب الطلقة الأولى
بالطبع توجد بعض الشروط التي ينبغي الالتزام بها عند رد المرأة المطلقة إلى عصمة زوجها مرة أخرى عقب الطلاق مرة وحدة، وتلك الشروط تتنوع بين أن يكون الطلاق رجعيًا أي أن يكون صادرًا أمام القاضي أو بين الزوج وزوجته طواعية، على خلاف ما يحدث في قضايا الخلع والافتداء.
أيضًا ينبغي أن يتم الطلاق عقب دخول الزوج بامرأته، استنادًا إلى ما جاء في كتاب الله –عز وجل-: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلً“ سورة الأحزاب الآية (49).
كما ينبغي ألا تكون شهور العدة قد انقضت، ففي تلك الحالة سيحتاج الزوج لعقد جديد ومهر جديد.
الدليل على الشرط السابق هو قول الله –تعالى-: “وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا” سورة البقرة (228).
كما ينبغي أن يكون الزوج لا زال على الدين الإسلامي، فإن ارتد عنه فلا يجوز له رد امرأته المطلقة منه إلى عصمته مرة أخرى، وينبغي في حال تعدد الزوجات أن يتم تحديد المرأة التي يود الزوج إرجاعها إلى عصمته.
شروط أخرى لصحة رد المرأة لعصمة زوجها
ضمن إطار الحديث عن حكم الطلاق مرة أخرى، نشير إلى أن أحد الشروط تتمثل في امتلاك الزوج الذي يود رد زوجته للأهلية التي تجعله على قدر من الوعي بما يقوم به.
من هنا نجد أنه لا يجوز للمجنون رد زوجته، كما لا يصح في حالة السكران والغائب عن الوعي بفعل تعاطي المواد المخدرة القيام بالأمر عينه.
أخيرًا ينبغي أن تكون تلك الرجعية منجزة، إذ لا يجوز أن يتم تعليقها على المستقبل، ولا يجوز أيضًا أن يتم تعليقها على شرط معين، يتم به رد الزوجة إلى عصمة زوجها في حال تنفيذ هذا الشرط.
يظل التعرف على حكم الطلاق مرة واحدة هو الفيصل بين الزوجين، وفي حال الجهل بهذا الحكم يمكن للفرد الوقوع في أحد الأمور المُحرمة.