الفرق بين إن شاء الله وبإذن الله هو فرق لغوي وشرعي، فكلا الأسلوبين يرجع إلى الله سبحانه وتعالى ومشيئته في خلقه وتدبير الأمور والأقدار.
لذلك في السطور القادمة عبر موقع البلد سنعرض لكم الفرق بين إن شاء الله وبإذن الله في الشريعة الإسلامية، وفي اللغة العربية، وهل ورد أي من الاستفهامين في القرآن الكريم أم لا.
الفرق بين إن شاء الله وبإذن الله
اللسان العربي هو واحد من أكثر الألسنة ثراءً في العالم، فهو الذي يملك في عقله ولغته الأم ملايين المفردات والمعاني، ولكل مفردة من هذه المفردات العديدة مكان وقول تستخدم فيه، ولعل الشاهد من هذا هو قول الشاعر العربي المخضرم الحطيئة.
“فَإِنَّ لِكُلِّ مَقامٍ مَقالا“، وعملاً بمبدأ هذه المقولة البليغة فإنا في توضيح الفرق بين إن شاء الله وبإذن الله، فكلاهما عند النحويين استثناء بتفويض الأمر إلى الله عز وجل، فتعليق فعل الشيء بمشيئة الله سبحانه وتعالى من الواجبات على المسلم.
نعم إن الإنسان مخير في حياته لا مسير، لكن رب العزة سبحانه وتعالى هو الوحيد الذي يعلم الغيب وقدر كل امرئٍ من بني آدم، فإن قال الإنسان سآتيك غدًا إن شاء الله تساوي في القول سآتيك غدا بإذن الله، ومن السابق نستنتج ألا فرق بين الأسلوبين في الاستخدام.
لكن بعض الأستاذة في اللغة العربية قالوا إن المشيئة “إن شاء الله” يقولها المرء في حالة سعيه لأمر من الأمور، فيستحب بها الاستقبال على ذكر الاستقبال، أما ذكر لفظة “بإذن الله” فهي تدل على أن استحواذ الأمر كله بيدِ الله سبحانه وتعالى.
كما تطرق علماء اللغة العربية في التفريق بين إن شاء الله وبإذن الله، الأخطاء اللغوية الشائعة بين عموم الناس في كتابتهم، فيجب ألا يكتب المرء إن شاء الله “إنشاء الله” فإن فعل فقد فرق بين معنيي إن شاء الله وبإذن الله، بل وأزال معنى المشيئة من الأولى.
ذكر اللفظتين في القرآن الكريم
عرضنا في السطور السابقة أن الفرق بين إن شاء الله، وبإذن الله غير موجود تقريبًا في اللغة العربية، أو في أقوال العلماء، لكن هل ذكرت إن شاء الله في القرآن؟ أو هل ذكرت بإذن الله في القرآن؟ في هذه الفقرة سنجيبكم عن هذين السؤالين.
إن الإجابة هي بالإثبات، فقد ورد في آيات القرآن الكريم ذكر المشيئة في العديد من المواضع منها ما يلي:
- جاء في قصة البقرة الصفراء التي أمر كليم الله موسى بني إسرائيل بذبحها، والشاهد هو الآية السبعين من سورة البقرة: (قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ).
- ما جاء في الآية التاسعة والتسعين من سورة يوسف: (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ).
- أما الآية التي وضعت بسببها لفظة المشيئة عند المسلمين من السنة ما جاء في الآية الرابعة والعشرين من سورة الكهف: (إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ)، فقال عنها الإمام شمس الدين القرطبي في تفسيره للقرآن الكريم إن الذكر هنا يكون بكلمة إن شاء الله.
أما ما ورد في تفسير الطبري أنه كان تأديب من الله عز وجل لرسول الله، ولتعليم المسلمين من بعده بذكر لفظة المشيئة.
كما أن ذكر لفظة بإذن الله فجاء في أكثر من موضع في القرآن الكريم أيضًا، ولعل أشهر المواضع في قصة طالوت وجالوت في الآية 251 من سورة البقرة (فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ).
قال لطبري إن بإذن الله تعني أنهم قتلوا جالوت بقضاء الله ونصره وتأييده، وفي الشواهد الواردة عن إن شاء الله، وبإذن الله في القرآن الكريم ألا فرق بينهما.
قول كبار علماء السنة في الفرق بين العبارتين
أوضحنا في السطور السابقة ألا فرق بين إن شاء الله وبإذن الله، في قول علماء اللغة العربية، وما ذكر في القرآن الكريم، لكن هل هناك فرق بين إن شاء الله وبإذن الله شرعيًا؟ سنجيبكم عن هذا السؤال في سطور هذه الفقرة.
فمن أشهر العلماء الذين ذهبوا في قول الفرق بين إن شاء الله وبإذن الله هما العلامتان السعوديان الشيخان ابن باز وابن عثيمين، حيث قال ابن باز إن لفظة إن شاء الله وبإذن الله لا تقال إلا في فعل الاستقبال، أي إن قام العبد الليل لا يقول قمت الليل إن شاء الله.
لأنهما لفظتان تدلان على الاستقبال، ولا يجوز وضعهما في زمن الماضي، والشيخ محمد بن صالح آل عثيمين قال إنه لا فرق شرعي أو لغوي بين كلمتي إن شاء الله ومشبهاتها “بمشيئة الله”، أو كلمة بإذن الله.
المشيئة بيد الله وحده ولا يملكها أحد سواه، فهو سبحانه من يرجع إليه الأمر كله، وقول ألفاظ المشيئة يزيد من يقين العبد بالله سبحانه وتعالى، وثقته به.