كيف يكون بر الوالدين، وما هو جزاء بر الوالدين، فبر الوالدين من أهم ما أمر الله – تعالى – به، بل إنه جعل برّهما مقترنًا بالإيمان به، وسوف نحاول أن نعرض لكم عبر موقع البلد كيف يكون بر الوالدين، مع توضيح مظاهر بر الوالدين في الإسلام.
كيف يكون بر الوالدين
بر الوالدين من الفرائض والواجبات والشروط الأساسية ليكتمل إيمان العبد، وقد أمر الله – تعالى – به في أكثر من موضع في كتابه الكريم.
فقال – تعالى – في بر الوالدين: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) [36 النساء]
ففي الآية السابقة قَرَن الله – تعالى – شرط عدم الإشراك به، وهو أكبر الكبائر بإحسان العبد لوالديه، فأصبح التوحيد لله – تعالى – وبر الوالدين من شروط إيمان العبد.
كما قال – تعالى –:(وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24))
[23-24 الإسراء]
نفس المعنى تكرر في الآيات السابقة من سورة الإسراء، حيث قَرَن الله – تعالى – التوحيد وترك الشرك بإحسان العبد لوالديه، ثم بين الله – عز وجل – أهمية رعاية الابن لمن لأبويه عند كبرهما، والتأكيد الشديد على عدم إغضابهما، أو زجرهما لأي سبب كان.
بل أن تذلل الإنسان للوالدين شرطًا أساسيًا من شروط البر بالوالدين، إضافة إلى أن الله بيّن للعبد مدى الرحمة التي وضعها في قلب الأبوين لتربية العبد، فيجب أن يفهم الابن ويرحم أبويه الكبر كما رحماه وهو صغير.
بر الوالدين في الحياة يكون بالإحسان والرعاية والإنفاق، كما أمر الله لهم بالسمع والطاعة في غير ما يغضب الله – تعالى – والتأكد من انخفاض الصوت عند الحديث إليهما، كما يتوجب أن يدافع عنهما بروحه.
طرق البر بالوالدين
لا توجد طريقة واحدة ليبر الإنسان أباه وأمه، لكن من أوجه الخير ذكر كيف يكون بر الوالدين، بالطرق المختلفة، ومنها:
- تلبية رغبات الأبوين فيما فيه من الطلبات والمستلزمات والحاجات.
- طاعة الوالدين فيما لا يغضب الله تعالى.
- التواضع التام مع الوالدين، فهما سبب ما أنت عليه اليوم.
- خفض الصوت عند التحدث، ففيه دلالة على الأدب الذي يحبه الله – تعالى – منك لهما.
- إذا تحدثا إليك فعليك بالاستماع والإنصات حتى ينهيا حديثهما ولا تقاطعهما فيه.
- المناقشة مع الوالدين بطريقة محترمة فيها رقي وأدب.
- التأفف من الوالدين ذنب عظيم، فإذا تحدثا أو افتعلا ما يُغضبك فاصبر، واحتسب على الله – تعالى – الأجر في ذلك.
- لا تعبس بوجهك لهم، بل إن تبسمك لهما فيه لك من الأجر العظيم عند الله تعالى.
- تقبيل اليد للوالدين من الأمور التي تعبر دائمًا عن الأدب وحفظ الجميل لما صنعاه معك.
- انتظارهما عند الطعام لحين بدئهما من الأدب الواجب، فلم يطعما من طعام في صغرك إلا وسبقا بإطعامك أولًا.
- الاحترام الدائم للوالدين أمام الناس ومن خلفهم، فالله – تعالى – يراك على الدوام.
- اسبقهما بما أرادا أن يعملا من أي عمل، سواء في الأعمال المنزلية أو غيرها.
- ترك الجدال معهما تمامًا، والتفاهم بالهدوء والدليل من الدين الحنيف.
- التعامل مع الوالدين يكون بالحكمة والولد أكثر من يفهم مداخل عقل الوالدين، فكن حكيمًا في التعامل معهما.
- في حال طلبهم لأي أمر لا تتأخر عليهم في تنفيذه، بل نفّذه بأسرع ما يمكنك فعله.
- إذا دخلت عليهما أي غرفة فاستأذن قبل الدخول، ولا تدخل حتى يأذنا لك.
- لا تتردد في أن تأخذ مشورة الوالدين في أمورك الشخصية، فذلك يشعرهما بالرضى الكبير.
- لا تخفي عن أبويك أمرًا لهم الحق في معرفته، بل إن لهم الحق في معرفة كل ما يخصك.
كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما
علمنا كيف يكون بر الوالدين في الحياة، فكيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما، هذا ما نبينه في التالي:
- أن تكون عملًا صالحًا لهما بعد مماتهما فكل ما تفعله يعود عليهما من حسنات.
- لا تغضب الله – تعالى – فهما يتأذيان من رؤيتك على هذه الحال، فالميت يتأذى من حال أقربائه الذين يفعلون السوء.
- الدعاء لهما بالرحمات والمغفرة من الله – تعالى – من الأمور التي ترفع من رصيد حسناتهم، كما أن ذلك هو أكثر ما يخفف عليهم في حياتهم بالبرزخ.
- التصدق لهما باستمرار وكأنهم مازالا في الدنيا فكل ذلك في أجرهما بإذن الله، كما أن النبي – صلى الله عليه وسلم – بيَّن أن الصدقة تطفئ غضب الله – تعالى – كما أنهما في حاجة ماسة لذلك بعد أن انقطعت بهما الحيل، ولا حيلة لهم إلا الولد الصالح.
- قضاء الدين والكفارة والنذر والحج، من الأمور التي يجب على الولد الصالح أن يأخذها في الاعتبار للوالدين بعد الموت، فما زالت هذه الأمور معلقة عليهما حتى بعد الموت حتى يقوم الولد بسدادها وإراحتهما منها.
- تنفيذ الوصية التي وصّى بها الوالدان كما أمر الله – تعالى – وألا يخالفها، ففي ذلك من الإفساد والتفريط ما قد يؤدي إلى سبل بغيضة.
- صلة رحمهما فهي صلة لرحم الولد والوالدين خاصة الأعمام والأخوال، فبرهما من بر والديك، وأقرب ما يكون ثوابك في برهما من ثواب والديك، فصِلْ رحمك كما أمرك الله تعالى، ففي ذلك فضل كبير من الله.
- راقب من كان الوالدان يحبانهم ويكرمانهم، وواظب على ذلك مع هؤلاء بعد موت والديك، ففي ذلك رحمة لهم، وأجر عظيم يصب في ميزان حسناتهم وحسناتك.
بر الوالدين في الإسلام
إن السؤال بـ كيف يكون بر الوالدين؟ هو من شروط وآداب الإسلام التي أمر بها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
- عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال “سَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلَاةُ علَى وقْتِهَا قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: برُّ الوَالِدَيْنِ قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهَادُ في سَبيلِ اللَّهِ قالَ: حدَّثَني بهِنَّ، ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي“
[صحيح البخاري]
فرغم أن الجهاد في سبيل الله هو ذروة سنام الإسلام، كما أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – إلا أن النبي تلاه مباشرة ببر الوالدين، ففي ذلك دلالة كبيرة على أن بر الوالدين من أشد ما يقرب العبد من الله تعالى.
- بر الوالدين من أهم الوسائل التي يجتهد بها العبد طالبًا الرزق الوفير من الله تعالى، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “من سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، أوْ يُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ” [صحيح البخاري]
- عندما يدعوا الولد لوالديه يستجدي دعاءهم له، ودعاء الوالد لولده لا يردها الله تعالى، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (ثلاثُ دعَواتٍ لا تردُّ دعوةُ الوالدِ ودعوةُ …) [صحيح الجامع]
- بيَّن الإسلام أن البر بالوالدين والسعي في قضاء حوائجهما بأنه كالجهاد في سبيل الله تعالى، فعن كعب بن عجرة (… إنْ كان خرج يسعى على ولدٍ صغارٍ فهو في سبيلِ اللهِ، وإن كان خرج يسعى على نفسِه يعفُّها فهو في سبيلِ الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيلِ اللهِ، وإن.. إلى آخره).
[صحيح-المتجر الرابح]
لم يكن السؤال كيف يكون بر الوالدين لمكافأة الوالدين على إحسانهم، بل هو فرض من الله تعالى، فمن تركه فهو تارك لأصل من أصول الدين.