مواضيع جديدة

هل يجوز القراءة من المصحف في صلاة الفرض

هل يجوز القراءة من المصحف في صلاة الفرض؟ وهل يجوز في غير صلاة الفرض؟ اختلف الفقهاء بشأن هذه المسألة وتعددت الآراء، فكانت من آرائهم أنه جائز استنادًا على حالات معينة لا يمكن الصلاة دون القراءة من المصحف بشكل مباشر، لذا فسوف نقدم لكم من خلال موقع البلد إجابة لسؤال هل يجوز القراءة من المصحف في صلاة الفرض وأقوال الفقهاء في هذا الصدد.

هل يجوز القراءة من المصحف في صلاة الفرض

إن الأصل في الصلاة أن يقرأ فيها المسلم القرآن عن حفظ وظهر قلب، وليس تلاوة من مصحف، ولذلك كان تفضيل الحافظ للقرآن عمن لا يحفظه لأنه يتقنه ويتفهم معانيه أفضل من سامعه أو قارئه فقط.

أما بالنسبة لمن لا يحفظ القرآن فيجوز أن يقرأ من المصحف عن طريق وضعه على حامل، أو حمله باليد، نظرَا لوجود من لا يحفظ القرآن، في صلوات النوافل مثل: صلاة التراويح أو قيام الليل أو صلاة الكسوف، أما بالنسبة للفرض فهذا (مكروه) لعدم الحاجة إليه غالبًا، ولعلَ أسباب ذلك ترتد إلى:

  • من يقرأ في المصحف وهو يصلي ربما ينشغل بذلك عن الخشوع في صلاته بالنظر إلى المصحف أمامه.
  • كثرة النظر في المصحف أثناء الصلاة تحيد المصلي عن النظر في موضع السجود أمامه مما يفقده التدبر والخشوع.

استكمالَا للحكم في هل يجوز القراءة من المصحف في صلاة الفرض، نشير بجواز القراءة من المصحف في صلاة الفرض إن دعت الحاجة، فهو أمر مكروه وليس محرم، فلا تبطل صلاة من يقرأ من المصحف، فهي تبطل عند عدم قراءة الفاتحة في أي ركعة فهي ركن أساسي في الصلاة.

بالتالي هل يجوز القراءة من المصحف في صلاة الفرض بالنسبة للإمام؟ لاسيما في صلاة الفجر أو الصلوات التي يطول وقتها حتى لا يتم التعرض للغلط أو النسيان إذا كان عن حفظ؟

نشير أنه يجوز ذلك طالما دعت الحاجة خاصة في صلاة التراويح، كما أن الإطالة في الصلوات وصلاة الفجر سنة وليس فرضًا، فمن لم يستطع الحفظ السليم بضمان عدم الوقوع في نسيان أو خطأ غير مقصود، فلا يطيل في الصلاة أفضل، ومن يجتهد في الحفظ ييسر له ربه أمره.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: حكم مس المصحف بدون وضوء

أقوال المذاهب الأربعة في إمكانية القراءة من المصحف في صلاة الفرض

إن قراءة المصلي للقرآن من المصحف بشكل مطلق سواء في الجهر أو العلانية أمر اختلفت عليه المذاهب الأربعة، ولعلَ اختلافهم رحمة فيقول:

مذهب الشافعيّ وابن حنبل

جواز قراءة القرآن من المصحف في الصلاة سواء كانت فرضًا أو نافلةَ، إذًا لم يفرقوا بين الفرض والنافلة.

الإمام مالك

قراءة القرآن من المصحف في صلاة الفرض أمر مكروه مطلقَا، أما في صلاة النافلة فإنه أمر مكروه في أثناء الصلاة نظرَا لانشغال المصلي، أما في بدايتها فيجوز القراءة من المصحف من غير كراهة.

وردَا على ذلك نشير أن الكراهة تكون في العمل الذي لا فائدة فيه كالعبث واللعب، فبالطبع لا يحبذ المصلي أن ينشغل بمثل هذه الأعمال لأن فيها منافاة للخشوع المطلوب في الصلاة، وإنما النظر في المصحف لا يكون من قبيل هذا العمل، بل هو عمل يسير يفعله المصلي إذا وجدت حاجته لذلك، فتكون حاجة مقصودة فلا بأس أن يفعلها.

مذهب الحنفية

القراءة من المصحف في الصلاة أمر يفسد الصلاة سواء كانت صلاة فرض أو نافلة، متفقَا في ذلك مع مذهب (ابن حزم)، استنادًا إلى:

  • أن حمل المصحف أثناء الصلاة والنظر فيه والانشغال به هو عمل كثير أثناء الصلاة، وسوف يشغل المصلي عن أداء الصلاة صحيحة بخشوع وتدبر.
  • أن تلقي الآيات من المصحف الشريف أثناء الصلاة أشبه بالتلقي من المعلم، وهذا أمر لا يجوز مراعاة لآداب الصلاة.

إذا كان النظر إلي المصحف والقراءة منه أثناء الصلاة هو أمر محل جدل واختلاف بين الأئمة، ووصل ببعضهم إلي القول ببطلان الصلاة، فكيف بحكم الاستماع إلي القرآن؟ بالطبع سيكون أشد تأثيرَا في صحة الصلاة عند من قال ببطلانها.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: حكم قراءة القرآن للحائض في رمضان وما هو حكم لمس المصحف

فتاوى الأئمة بصدد قراءة القرآن من المصحف أثناء الصلاة

قال الله تعالى: “فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ” (المزمل:20)، وقوله: “وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ” (القمر: 17)، قد أوضح بعض الفقهاء حججًا وآراء خاصة بجواز قراءة المصلي للقرآن من المصحف، فيوضح كلَا من:

الإمام الغزالي

أوضح في كتابه “إحياء علوم الدين” أن الختمة في المصحف بسبع، دليلًا على أن النظر في المصحف من العبادات، وبالتالي كما أن قراءة القرآن عبادة والنظر في المصحف عبادة فكيف لا يزيد الأجر؟ فإن انضمام عبادة لأخرى لا يكون فيه منع أو بطلان.

إذا كانت القاعدة الشرعية أن (الوسائل تأخذ حكم المقاصد)، في معنى أن الغرض أو المقصود هو حصول القراءة، فطالما أنها تمت بوسيلة النظر إلى المصحف، فما المانع من أن يكون هذا الأمر جائزًا؟

الإمام الزهريَ

يقول إن خيارنا (أفضلهم) كانوا يقرءون من المصاحف، تأكيدَا على جواز القراءة من المصحف أثناء الصلاة بشكل عام سواء فرض أو نافلة.

ردَا على ذلك نقول إن القرآن يجب أن يتم تدبره، وليس فقط مجرد قراءته أو الاستماع إليه دون إنصات، استنادَا إلى قول الله تعالي: “وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون” الآية 204 (سورة الأعراف)،

بالتالي يكون تدبر القرآن متعذر في حالة من يقرأ القرآن في صلاته من المصحف فينشغل بالنظر دونما التدبر.

الإمام النوويّ

سواء كان المصلي يحفظ القرآن أو لا يحفظه فإن القراءة من المصحف أثناء الصلاة فرضُ كانت أم نافلة لن يبطل ذلك صلاته، بل أنه واجب عليه ذلك في حالة أنه لم يحفظ ما تيسر من القرآن سوى الفاتحة، ولا تبطل صلاته إذا قلب بين أوراقه أحيانَا، فإن تقليب أوراق المصحف من ضمن العمل اليسير المباح في الصلاة.

نشير أنه يكفي في الصلاة قراءة ما تيسر من القرآن دونما تطويل لأن هذا ليس فرضَا، طالما كان تجنب أمر القراءة من المصحف أثناء الصلاة محل جدل، فإن الأولي أن يقرأ المصلي من حفظه، فإن عجز عن ذلك، وكانت الصلاة طويلة كصلاة التراويح فلا حرج من القراءة من المصحف.

البهوتيّ الحنبلي

إذا كان المصلي حافظا للقرآن أو لم يكن يحفظ ما تيسر، فإن له القراءة من المصحف في صلاته وليس في ذلك حرج عليه، وأن الفرض والنافلة سواء في هذا الصدد.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: كيفية صلاة التراويح في البيت بالمصحف

أبو يوسف القاضي والشيباني

ينتمون إلى الحنفية، قالا بأن النظر إلى المصحف والقراءة منه في الصلاة مكروهة مطلقَا سواء في صلاة الفرض أو حتى النافلة، ولكنهما اختلفا مع أبي حنيفة في أن هذا الأمر لا يفسد الصلاة، وذلك لأنها عبادة انضافت إلي عبادة أخرى فكيف تبطل الصلاة؟ وإنما هو أمر مكروه لما فيه من تشبه بأهل الكتاب.

جدير بالذكر هنا أن نشير أن التشبه بصنيع أهل الكتاب يكون محققَا إذا وجدت النية لذلك، أي أن يكون المصلي قاصد فعل ذلك عن عمد، ومن أصول الدين أن نأخذ باعتبار النوايا والمقاصد.

قدمنا لكم الإجابة على سؤال هل يجوز القراءة من المصحف في صلاة الفرض أو النافلة، بالإضافة إلى مواقف الفقهاء والإفتاء في هذا الصدد، وأنه لا إنكار في مواضع الخلاف، وطالما أن القضية محل خلاف يكون الأمر فيها واسع وجدليَ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى