اسلامياتفقه

تأخير قضاء رمضان لعدة سنوات

تأخير قضاء رمضان لعدة سنوات له عواقب تتعلق بما إن كان صاحب الأمر جاهل بالأحكام الإسلامية أم متناسي، حيث إن الإفطار في رمضان رخصة أتاحها الله لبعض عباده رأفة بهم، ولكن استغلال هذه الرخصة دون وجه حق أو التأخير في قضائها يورث ذنوبًا على صاحب المشكلة، لذا سنقدم لكم اليوم من خلال موقع البلد حكم الدين في تأخير قضاء رمضان لعدة سنوات.

تأخير قضاء رمضان لعدة سنوات

فرض الله الصيام على أمة محمد (ص) في شهر واحد في العام وهو شهر رمضان، ومع الأمر الإلهي بالصيام جاء أمر آخر في ظاهره وباطنه الرحمة، وهو السماح للبعض بإفطار بضعة أيام في رمضان، وذلك لقوله تعالى:

“أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184)” سورة البقرة.

لكن أحيانًا يقع المسلم في السهو أو الخطأ سواء كان هذا الخطأ متعمدًا أم لا، وهو عدم تعويض الأيام التي تم الإفطار فيها في رمضان، ولكن حكم ذلك يختلف وذلك كالآتي:

  • إذا قامت المسلمة بعدم تعويض أيام الفطر في رمضان، ولكن كان هذا عن طريق الجهل بالحكم الشرعي للأمر ففي هذه الحالة يجب أن تقوم الأنثى بتعويض أيام الصيام التي تم الفطور فيها في أي وقت، لكن المهم أن يتم قضائها.
  • إذا لم تقم الأنثى التي أفطرت في رمضان بتعويض أيام الصيام ولكن عن علم، وكان هذا بسبب التكاسل أو التناسي ففي هذه الحالة يجب تعويض أيام الصيام، بالإضافة إلى إطعام مسكين عن كل يوم تم إفطار نهار رمضان فيه.

تم تخصيص الأنثى في الأمثلة السابقة لأن كل أنثى من الطبيعي أن تُفطر بضعة أيام كل رمضان بسبب الحيض، ولكن هذا ينطبق على أي رجل أيضًا أفطر لعذر شرعي أي أفطر لسفر أو مرض.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل يجوز نية الصيام بعد طلوع الشمس

صيام أيام القضاء

عند تأخير قضاء رمضان لعدة سنوات ثم الرغبة في تعويض هذه الأيام ففي هذه الحالة يجب أن يتم التعامل مع أيام القضاء على إنها أيام رمضانية أي لا يجوز أبدًا الإفطار فيها، وذلك يختلف عن أيام التطوع التي قد تضعف نفس المؤمن فيها أمام الشهوات ويرغب في الإفطار.

عدم تذكر عدد أيام القضاء

إذا تم تأخير أيام القضاء لسنوات قد تنسى المرأة عدد هذه الأيام، وبالتالي تحتار إلى متى يجب الصيام، لكن في هذه الحالة يجب أن تقوم المرأة بتقدير عدد الأيام من خلال معرفة حدود الأيام التي تُفطر فيها كل عام، وليكن إنها في المتوسط تُفطر 6 أيام كل رمضان، فيتم ضرب عدد الأيام× عدد السنوات التي لم تقم المرأة بصيام القضاء فيها.

بعد هذا يجب أن تصوم عدد الأيام التي حصلت عليها كناتج، ويُفضل أن تُزيد بضعة أيام إن استطاعت.

أما في حالة لم يتم بتعويض الصيام لمدة عامين مثلًا فالمسألة أبسط، فما عليها إلا أن تصوم متوسط الأيام التي يغلب الظن عليها، فمثلًا إن كان تُفطر 6 أيام من كل رمضان فعندها يجب أن تصوم 12 يوم، وإن زادت فهو خير إن ظنت إنها أفطرت أكثر من هذا.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل يجوز صيام ثاني ايام عيد الفطر وتصريح الفقهاء في صيام الست أيام من شوال

حالات تثير التساؤلات في مسألة قضاء رمضان

هناك حالات محددة قد يقع أصحابها في الخطأ ظانين إن ليس عليهم إثم في عدم تعويض أيام القضاء لحالة خاصة يعانون منها، نعرض أمثلة على تلك الحالات في الآتي:

  • إذا لم يتم تعويض أيام القضاء جهلًا أو تكاسل، ولكن كبرت المرأة في السن وأصبحت عجوزًا مريضة لا تتمكن من تعويض أيام القضاء.
  • المرأة التي أفطرت للحمل والرضاعة.
  • شخص يعاني من مرض متقطع، أي إنه أفطر بسبب المرض في رمضان، ولكن المرض لم ينتهي ويزوره كل فترة، فيظن أنه ليس عليه القضاء لمرضه.

الحالات السابقة يتوجب عليهم الصيام كلما استطاعوا، نعم إن الدين يسر وهنا يكمن اليسر، حيث يمكنهم القضاء كلما تمكنوا من ذلك أو وجدوا الفرصة للصيام، ففي حالة المرأة المسنة مثلًا يجب أن تصوم كلما شعرت بالقدرة على ذلك، ولا يجب أن يكون الصيام متتابع إن كانت مريضة، ولكن عليها أن تصوم أيام متفرقة على حسب حالتها.

أما الأم الحامل أو المرضعة فهذه الأيام واجبة القضاء لا محالة، أما في حالة المرض المتقطع، فهنا الإنسان لا يعاني من مرض مزمن طوال الوقت أي إنه تأتي عليه أيام يمكنه الصيام فيها لهذا عليه تعويض الأيام، هذه اجتهادات العلماء في الأمر والله أعلم.

جدير بالذكر أن أحد علماء الفتوى أشار إلى أن الأم التي أفطرت بسبب الحمل والرضاعة، ثم اتبع هذا حمل آخر أو مرض، ففي هذه الحالة يجوز لها إطعام مسكين عن كل يوم مخافة أن تتراكم الأيام عليها ولا تتمكن من صيامها، والله أعلم.

كما أن المريض الذي لديه مرض مزمن لا يفارقه ويحول بينه وبين الصيام، وقد أقر الأطباء بعدم قدرته، فلا حرج عليه ألا يصوم هذه الأيام إن لم يتمكن من هذا، وذلك مقابل ان يطعم مسكين عن كل يوم تم الإفطار فيه، وينطبق هذا أيضًا على العجوز الذي يعجز عن الصيام لأنه يرهقه ولا طاقة له به، والله أعلم.

إطعام مسكين كبديل للصيام

في بعض من الحالات إذا لم يتمكن المسلم لمرض أو عذر شرعي من إمكانية تعويض الأيام التي قام بالإفطار فيها، فإنه يجب عليه إطعام مسكين كبديل، ولكن المقدار الذي يجب إخراجه لكل مسكين على حدى هو: ½ صاع من الأرز أو التمر وهكذا، ويقدر هذا بمثابة كيلو ونصف جرام.

صيام متتابع أم متقطع؟

يجب تعويض أيام القضاء سواء بشكل متتابع إن كانت هناك القدرة الجسدية لذلك، أو على أيام متفرقة، وليس هناك قاعدة فقهية تنص على هذا أو ذاك، ولكن الأمر متروك لصاحبه.

صيام الستة أيام بعد رمضان

هناك حديث شريف في السنة النبوية يقول:

  • “من صامَ رمضانَ ثمَّ أتبعَه بستٍّ من شوَّالٍ كانَ كصومِ الدَّهرِ” صحيح ابن ماجه.

طبقًا لهذا الحديث يقوم كثيرًا من المسلمين بصيام 6 أيام بعد رمضان في شهر شوال، وذلك لاعتبار هذا الصيام وكأنه متمم لرمضان ليكون حصيلة الصيام كصيام الدهر، ولكن البعض يعتقد أن هذه الأيام تُعامل معاملة الأيام الرمضانية ويجب تعويضها، إلا أن هذا ليس صحيح فيمكن للمسلم أن يختار صيامها أم لا.

أيام القضاء والأيام الست من شعبان

يريد البعض ضرب عصفورين بحجر ودمج نية صيام القضاء مع نية صيام الـ6 أيام من شعبان، أي إنه يصوم الأيام بنيتين، وهذا لا يجوز، حيث يجب أن تكون نية التعويض خالصة أن هذا اليوم بديل لليوم الذي تم الإفطار فيه.

أما حكم صيام القضاء قبل الأيام الست من شعبان فهو جائز، فإذا كان تم تأخير قضاء رمضان لعدة سنوات، ثم أتي رمضان جديد فيجب صيام رمضان الجديد أولًا ثم بعد الانتهاء منه يتم تعويض أيام القضاء، ويُسمح أيضُا بالعكس أي صوم الأيام الـ6 أولًا ثم صيام أيام القضاء.

قدمنا لكم حكم الدين في تأخير قضاء رمضان لعدة سنوات، وعرضنا كافة الحالات والأسئلة التي ترتبط بالموضوع، هذا لتسليط الضوء على قضية إسلامية هامة لا يجب الاستهانة بها، فالصيام فرض على كل بالغ وعاقل وقادر، وإذا أكرم الله المسلم بإباحة رخصة له يستخدمها وقت الحاجة، فيجب التعامل بأدب مع الله، وعدم الاستخفاف بأوامره وكرمه مع عباده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى