اسلامياتتفاسير قرآنية

آيات وأحاديث عن الصدقة وفضلها

توجد آيات وأحاديث عن الصدقة وفضلها من شأنها أن تبين كم أن الصدقات تعد بابًا للخير والفلاح في الدنيا والآخرة، فهي من أعظم العبادات والشعائر التي نصت عليها الشريعة السمحة، منها تزيد البركة في الأموال وتُطهّر النفس من الشرور والآُثام، ومن خلال موقع البلد بوسعنا أن نذكر بعض الآيات القرآنية والأحاديث التي تناولت فضل الصدقات.

أولًا: آيات عن فضل الصدقة

من أكثر البراهين الدالة على إيمان العبد هي الصدقات، ولا عجب في ذلك وهو يعلم أن التصدق مما أمر به الله سُبحانه وتعالى في غير موضع من القرآن الكريم، فالمال كله لله يُعطي من يشاء من العباد ويمنع عن آخرين، من هنا كانت الصدقات إعمالًا للرحمة الإلهية بالعباد.

فمن يحرص على إخراج الصدقات هو مُحبًا لله تعالى مطيعًا لأوامره، حريصًا على إقامة شعائر دينه الحنيف، ففي إعطاء الصدقة تنمية للأموال وزيادة للبركة فيها، فيرزق الله المتصدقين رزقًا مضاعفًا جراء إيثارهم، علاوةً على الثواب العظيم، وهذا ما تجلى في بعض آيات وأحاديث عن الصدقة وفضلها نذكرها فيما يلي:

  • “قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (31)” سورة إبراهيم.
  • “لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)” سورة البقرة.
  • “وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ (10)” سورة المنافقون.
  • “وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)“ سورة البقرة.
  • “وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ ۗ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (270) إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ۖ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271)” سورة البقرة.
  • “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ۖ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267) الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268)” سورة البقرة.
  • “فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ ۗ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)” سورة التغابن.
  • “فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18)” سورة البلد.
  • “انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (41)” سورة التوبة.
  • “لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)“ سورة آل عمران.
  • “قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)” سورة سبأ.
  • “إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (18)” سورة الحديد.
  • “فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ (7)“ سورة الليل.
  • “إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ ۚ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۖ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ۚ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَىٰ ۙ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ ۙ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ۚ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ۚ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (20)” سورة المزمل.
  • “مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى ۙ لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262) ۞ قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ۗ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263)“ سورة البقرة.

أمر الله بالتصدق لما في ذلك من الإنصاف والعدل في تلبية احتياجات الضعفاء والمحتاجين والفقراء والمساكين، وهذا ما علمناه في آيات وأحاديث عن الصدقة وفضلها، فتكون لهم الصدقات بمثابة العون المعين، فتُسعد نفوسهم وتجعلهم في رضا وقناعة، على أن الصدقات هي خير سُبل تحقيق التكافل الاجتماعي، بما ينطوي عليها من المودة والتآخي والرحمة بين الخلق أجمعين.

ثانيًا أحاديث عن فضل الصدقة

طالما أخبرنا أشرف الخلق –صلى الله عليه وسلم- في أحاديث عدّة بفضل الصدقات وجزاء المتصدقين، في إطار توضيح مكارم الأخلاق حتى يتحلى بها المسلمون جميعًا، على أنه أخبرنا أن من يحرص على الصدقات يدخل الجنة من باب الصدقة يوم القيامة، وما أجلّ من ذلك ثوابًا.. لذا نذكر من آيات وأحاديث عن الصدقة وفضلها بعض الأحاديث الشريفة التي تناولت فضل الصدقات كما يلي:

  • “سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى في ظِلِّهِ يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إمَامٌ عَدْلٌ، وشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّهِ، ورَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ، ورَجُلَانِ تَحَابَّا في اللَّهِ، اجْتَمعا عليه وتَفَرَّقَا عليه، ورَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وجَمَالٍ فَقالَ: إنِّي أَخَافُ اللَّهَ، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بصَدَقَةٍ فأخْفَاهَا حتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما تُنْفِقُ يَمِينُهُ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ” (صحيح البخاري).
  • “خَيْرُ الصَّدَقَةِ ما كانَ عن ظَهْرِ غِنًى، وابْدَأْ بمَن تَعُولُ” (صحيح البخاري).
  • “كنتُ معَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ في سفَرٍ، فأصبَحتُ يومًا قريبًا منهُ ونحنُ نَسيرُ، فقلتُ: يا رسولَ اللَّهِ أخبرني بعمَلٍ يُدخِلُني الجنَّةَ ويباعِدُني من النَّارِ، قالَ: لقد سألتَني عَن عظيمٍ، وإنَّهُ ليسيرٌ على من يسَّرَهُ اللَّهُ علَيهِ، تعبدُ اللَّهَ ولا تشرِكْ بِهِ شيئًا، وتُقيمُ الصَّلاةَ، وتُؤتي الزَّكاةَ، وتصومُ رمضانَ، وتحجُّ البيتَ، ثمَّ قالَ: ألا أدلُّكَ على أبوابِ الخيرِ: الصَّومُ جُنَّةٌ، والصَّدَقةُ تُطفي الخطيئةَ كما يُطفئُ الماءُ النَّارَ” (صحيح الترمذي).
  • “إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له” (صحيح مسلم).
  • “الصَّدقةُ على المسْكينِ صدقةٌ، وعلى ذي القرابةِ اثنتان: صدقةٌ وصلةٌ” (صحيح).
  • “مَن تَصَدَّقَ بعَدْلِ تَمْرَةٍ مِن كَسْبٍ طَيِّبٍ، ولَا يَقْبَلُ اللَّهُ إلَّا الطَّيِّبَ، وإنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كما يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ” (صحيح مسلم).
  • “كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عليه صَدَقَةٌ، كُلَّ يَومٍ تَطْلُعُ فيه الشَّمْسُ، قالَ: تَعْدِلُ بيْنَ الاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وتُعِينُ الرَّجُلَ في دابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عليها، أوْ تَرْفَعُ له عليها مَتاعَهُ صَدَقَةٌ، قالَ: والْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وكُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيها إلى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، وتُمِيطُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ” (صحيح مسلم).
  • “إِذَا أَنْفَقَتِ المَرْأَةُ مِن طَعَامِ بَيْتِهَا غيرَ مُفْسِدَةٍ، كانَ لَهَا أَجْرُهَا بما أَنْفَقَتْ، ولِزَوْجِهَا أَجْرُهُ بما كَسَبَ، ولِلْخَازِنِ مِثْلُ ذلكَ، لا يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ شيئًا” (صحيح مسلم).
  • “الضيافةُ ثلاثَةُ أيَّامٍ، فما زادَ فهو صدقَةٌ، وكُلُّ معروفٍ صدَقَةٌ” (صحيح).
  • “أَوَليسَ قدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ ما تَصَّدَّقُونَ؟ إنَّ بكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عن مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ، وفي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، أَيَأتي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكونُ له فِيهَا أَجْرٌ؟ قالَ: أَرَأَيْتُمْ لو وَضَعَهَا في حَرَامٍ، أَكانَ عليه فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذلكَ إذَا وَضَعَهَا في الحَلَالِ كانَ له أَجْرٌ” (صحيح مسلم).
  • “ما مِن مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ منه طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ؛ إِلَّا كانَ له به صَدَقَةٌ” (صحيح البخاري).
  • “دِينارٌ أنْفَقْتَهُ في سَبيلِ اللهِ، ودِينارٌ أنْفَقْتَهُ في رَقَبَةٍ، ودِينارٌ تَصَدَّقْتَ به علَى مِسْكِينٍ، ودِينارٌ أنْفَقْتَهُ علَى أهْلِكَ؛ أعْظَمُها أجْرًا الذي أنْفَقْتَهُ علَى أهْلِكَ” (صحيح مسلم).
  • “كُلوا واشرَبوا وتَصدَّقوا والْبَسوا ما لم يخالِطْهُ إسرافٌ أو مَخيَلةٌ” (صحيح).

كانت تلك بعض من آيات وأحاديث عن الصدقة وفضلها على أن فضل التصدق لا يمكن إحصاؤه، من شأنه أن يجعل المسلم يجتهد حتى يناله، ليبارك الله له في رزقه، ويعطيه من حيث لا يحتسب، وفيما يلي تفصيلًا لفضل الصدقات.

فضل الصدقة

كما رأينا في بعض آيات وأحاديث عن الصدقة وفضلها أن الصدقات لها من المنافع ما يجعل المسلم مجتهدًا لتحصيلها، فعلاوةً على كونها سبب في دعاء الملائكة للمرء حينما يتصدق، فهي من شأنها أن تطفئ الخطيئة، في معنى أنها تُجلي المرء من ذنوبه وآثامه، فيكون من شأن صدقاته محو ما اقترف من المعاصي.

على أن الصدقات على المتوفي تحد من عذاب القبر، وتجعله يستكين، وفي ذلك فضل عظيم، كذلك تعتبر الصدقات بذاتها ستر للمرء وتحصين له من عذاب النار.

كما أن الصدقات تطهر النفس من الكِبر، وتجعل من رزقهم الله من فضله يشعرون بما يقع على كاهل الفقراء والمحتاجين، ويتألمون من أجلهم، لذا يعطونهم مما أعطاهم الله، ففيها معانٍ جليلة من البر والتعاون والرحمة والعطاء والإيثار، وكلها من السمات التي حث عليها الدين الإسلاميّ.

فضلًا عما سبق، نجد أن الصدقات من شأنها أن تكون مدعاة للحماية من الأسقام، وهذا ما أشار إليه رسولنا الكريم، فقال إن علاج المرضى يكمن في التصدق، وتحصين الأموال يكمن في التصدق، وغيرها من الأمور التي ما إن أراد المرء حمايتها في معيّة الخالق عليه أن يتصدق.. وينفق من سعته.

من شأن الصدقات أن تدرأ عن المرء المضرات، فيكون مُحصنًا بها كما يتحصن بذكر الله، فتلك هي الرصيد المدخر عند الله لعباده، يجازيهم بها خير الجزاء، ويغدق عليهم بالنعم إثر كونهم من المتصدقين.. وهذا ما علمناه من خلال بعض آيات وأحاديث عن الصدقة وفضلها.

إن الصدقة هي العطية التي من خلالها نبتغي الثواب والفضل من الله، وكما وجدنا في آيات وأحاديث عن الصدقة وفضلها أنها تضاعف أجر المتصدق من الحسنات، في دنياه وآخرته.. وفي الصدقات دلالة على صدق إيمان العبد، كما أنه لن ينال البر حتى يكون من المتصدقين.

فلا شك أن كافة الأعمال الصالحة التي يسعى فيها العبد ابتغاءً لمرضاة الله يُكفر بها عن ذنوبه وسيئاته، وكذلك الحال في الصدقات، ففيها تكفير للسيئات، على أن اللمحة الإيمانية تكمن في التصدق سرًا لا جهرًا حتى لا يقع المرء تحت شُبهة الرياء والعياذ بالله.

من أجلّ ما وجدناه في آيات وأحاديث عن الصدقة وفضلها أنها تُطهر النفس وتزكيها عند الرحمن، بكونها تُبعد المؤمن عن البخل والطمع والجشع والقسوة والدناءة، لتستحيل تلك الصفات الشيطانية صفاتًا ربّانية حميدة تجعل مكتسبها أهلًا للسعادة في دنياه وآخرته.

لها فضل كبير على المجتمعات، حيث يتعاظم تماسك أفراد المجتمع تعزيزًا للتكافل فيما بينهم، فيرحم قويهم الضعيف، وتقل محاولات السرقة والجشع الناجم عن التفاوت، فقد جعل الله للفقراء في أموال الأغنياء حق معلوم بيّن، فإن أعطى الغني من ماله كما أمره الله زاد تواضعه، وقلّ معه سخط الفقير وحسرته، فيصبح المجتمع أشد ما يكون من الترابط والتماسك.

أنواع الصدقات

من الخطأ أن يحصر الناس مفهوم الصدقة في بذل الأموال، فالصدقة ذات معنى أبعد وأشمل من أن يُقتصر على المادة الواهية، ورأينا من خلال بعض آيات وأحاديث عن الصدقة وفضلها أن الصدقة بمثابة شكر العبد لله على النعم الكثيرة، وعليه كانت الصدقات كثيرة متعددة لا تقتصر على الإنفاق المادي.

فمن الصدقة ما يكون قولًا، ومنها ما يكون عملًا، على أن من صورها ما يؤخذ فيه بالنية والمقصد، فقد قال أشرف الخلق أن كل معروف هو بمثابة صدقة، وهذا خير دليل من آيات وأحاديث عن الصدقة وفضلها على أنها أوسع وأشمل من الإنفاق بالمال، على أن أوجه الصدقات متعددة يُمكننا توضيحها تفصيلًا في النقاط التالية:

  • الإحسان إلى الغير يُعد من الصدقات، وهو من الصور المعنوية.
  • احتساب الأجر والثواب عند الله من مكملات الصدقة وجزائها العظيم.
  • ما يبذله المرء في وقاية العِرض من أصحاب النفوس السيئة يعد من قبيل الصدقات وله جزائها.
  • أن يحرص أحدهم على أن يكون بشوشًا في وجه غيره فهو بذلك من المتصدقين، فمجرد التبسم في وجه الآخرين تعد من الصدقات.
  • أن يُقدم أحدهم نفعًا للآخر حتى وإن كان يسيرًا فإنه بذلك يأخذ أجر الصدقة.
  • الدال على الخير أجره كمن يتصدق لوجه الله، فيرشد الناس إلى الخير والمعروف ويبعدهم عن المنكر والشرور.
  • إفشاء السلام يعد من الصدقات، وهذا ما علمناه من خلال بعض آيات وأحاديث عن الصدقة وفضلها.
  • إن زيارة المريض ومحاولة التخفيف عما يشعر به من آلام تعد من الصدقات.
  • مد يد العون لمن يحتاج المساعدة سواء المادية أو المعنوية أو النفسية، وإغاثة الملهوف بكافة ما يُمكن فعله، لها أجر التصدق.
  • بل إن إماطة الأذى عن الطريق فلا يتعثر أحدهم في شيء عند سيره، لها ثواب الصدقة، فهي من صور البر والإحسان.
  • إن هداية التائه إلى طريقه دون انتظار مقابل تندرج تحت أنواع الصدقات.
  • كافة الأفعال والأقوال الحسنة التي لا ينتظر المرء منها مردودًا تعد من قبيل الصدقات.. حيث إن أعمال الخير بمثابة الصدقة الجارية التي يؤجر عليها العبد ولو بعد حين.
  • كذلك من صور الصدقات أن يسعى أحدهم للإصلاح بين المتخاصمين رغبة في الألفة والود لوجه الله تعالى.
  • الإحسان إلى الجيرة وحسن المعاشرة، والرفق واللين مع البشر ومع الحيوانات كذلك، لها من ثواب الصدقة وأجرها العظيم.
  • الصبر على البلاء والأذى من الغير يعتد به كالصدقات، وإحسان الظن بمن يستحق الإحسان، والعطف على اليتامى والدعاء للعالمين بالخير.
  • رد الحقوق إلى أصحابها دون انتظار مقابل، لا من أجل الرياء.
  • كما أن الكلمة الطيبة تعد من الصدقات فإن كل خطوة يسير فيها المرء إلى المساجد ودور الطاعات والعبادات ودروس العلم النافع وحلقات ذكر الرحمن ومجالس الخير كافة تعد في ثوابها صدقة.

فمن عظم ما علمناه في آيات وأحاديث عن الصدقة وفضلها نرى أنه من الأحرى بالمسلم أن يغتنم فضل الصدقات ويحرص عليها بالقول تارة، وبالفعل تارة، وبالنية الصادقة الخالصة لوجه الله تارة أخرى.

أفضل الصدقات عند الله

رأينا من خلال بعض آيات وأحاديث عن الصدقة وفضلها أن هناك من الصدقات هو الأقرب إلى الله والأفضل، وهي الصدقة في الخفاء، التي لا تكون ابتغاء إلا لوجه الله، فهي أقرب إلى الإخلاص من الصدقات في العلن، وتعبر عن صدق إيمان العبد.

رغم أن من الصدقات ما لا يُمكن إخفاؤه محض ضرورة، أو ربما يتطلب الأمر إظهارها لحكمة بالغة في إطار تشجيع الآخرين على التصدق، على أن هناك نوعًا آخر من الصدقات يُعد هو الأفضل، ألا وهي الصدقة في حالة الصحة والقوة.

في معنى أن يكون المرء صحيحًا قويًا ليس به علة أو داء، ولكنه يتصدق لوجه الله تعالى دون أن ينتظر ما يجعله يتصدق، كالمرض أو الاحتضار أو تخفيف الكرب، فلا مانع من أن التصدق عامة هو الخير والصلاح، ولكنها درجات بأي حال، فلا يتساوى الناس في نواياهم ولا جزاء أفعالهم.

على جانب آخر، نجد أن بذل المرء ما يقدر عليه من التصدق رغم قلة حيلته وكثرة حاجته تعد من أفضل أنواع التصدق لوجه الله، وتعبر عن أبهى صور الإيثار والإحسان، والله يرزق أولئك المخلصين خير الجزاء في الدنيا والآخرة، ويجعل أرزاقهم أضعافًا مضاعفة.

لزامًا علينا هنا ذكر أن من أفضل أنواع الصدقات وأجلّها أن يُنفق المرء مما يُحب، فهذا هو مدعاة نيل البر والتقوى والصلاح، على أن الأقربون أولى بالمعروف والصدقات.

بحلول شهر رمضان الكريم.. تكثر ألوان الطاعات والعبادات والتي من أهمها الصدقات، فإن كانت الصدقة تجزي العبد خير جزاء فإنها في رمضان ذات جزاء مضاعف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى