الشمس الاصطناعية في الصين
الشمس الاصطناعية في الصين كانت حديث العالم في الشهور الماضية، فقد تناولتها العديد من الصحف والمواقع حول العالم، وذكرهم لتحقيقها أرقام قياسية غير مسبوقة، فما هي شمس الصين الاصطناعية وما هي فائدتها؟ هذا ما سنعرضه لكم في هذا المقال من موقع البلد.
الشمس الاصطناعية في الصين
مؤخرًا تم اعتبار أن الشمس الاصطناعية أحد أهم الاختراعات في الصين، حيث ترى الصين في شمسها الاصطناعية الأمل في حل العديد من الأزمات والمشكلات لديها.
شمس الصين الاصطناعية أو ما يعرف بمفاعل (توكاماك)، هي أخر ما توصل إليه علماء الصين في مجال الطاقة النووية، وهي أقوى المفاعلات النووية الانصهارية حول العالم وأكثرها تطورا.
جاء في تصريح (لي مياو) وهو مدير قسم الفيزياء لجامعة العلوم والتكنلوجيا في شينزين في حديثه عن المفاعل الصين الاندماجي النووي، وهو ما يطلق عليه الشمس الاصطناعية في الصين، أن الهدف الأساسي والأول لها هو الحفاظ على درجة الحرارة عند درجة ثابتة لأطول وقت ممكن.
أعلنت الصين أنها قد سجلت رقما قياسيا، حيث سجلت شمسها الاصطناعية درجة حرارة بلغت 120 مليون درجة مئوية مع الحفاظ على هذه الدرجة لمدة 101 ثانية وهو أمر غير مسبوق.
إضافةً إلى العديد من التجارب الأخرى المنفصلة التي أشارت إلى إمكانية وصول الشمس الاصطناعية في الصين إلى 160 مليون درجة مئوية في أقصى طاقتها والحافظ على درجة الحرارة تلك لمدة 20 ثانية.
قد أدهش هذا الرقم العديد، فيكفيك علماً أن درجة الحرارة الصادرة عن هذا المفاعل تبلغ أكثر من عشر أضعاف درجة حرارة مركز الشمس التي تصل إلى 15 مليون درجة مئوية، وهو نتيجة ما يطلق عليه اندماج الكأس المقدس، وهو ما يمد الشمس بالطاقة.
أما عن الهدف القادم فهو المحافظة على درجة حرارة البلازما عند 100 مليون درجة مئوية، ولمدة 17 دقيقة، وهو ما يعادل 1000 ثانية، ومن ثم الحفاظ عليها لمدة أسبوع او أكثر.
الشمس الاصطناعية في الصين هي مستقبل الطاقة النظيفة
يرى علماء الطاقة النووية في العالم بشكل عام والصين بشكل خاص، إن مفاعل توكاماك هو مستقبل الطاقة النظيفة المستدامة، من خلال تفاعلات غازي الهيدروجين والديوتريوم فيما بينهم.
كما يعد هذا المشروع الذي يسمى EAST)) جزءً من المفاعل النووي الدولي التجريبي ITER))، وهو ما يتم تحضيره ليصبح أكبر مفاعل اندماج نووي في العالم، وسيبدأ تشغيله في 2035 بمشاركة عدة دول منها: كوريا الجنوبية واليابان وورسيا والهند والولايات المتحدة إضافة للصين بكل تأكيد على رأس القائمة.
يعتبر هذا التعاون في حالة اكتماله الأكبر من نوعه، حيث يصنف أنه أكبر تعاون علمي عالمي منذ أن تم إنشاء المحطة الفضائية الدولية، وقد تصل تكلفته إلى ما يقارب 22.5 مليار دولار، وهذا ما قد يزيد من صعوبات وتحديات تحقيق الحلم الأكبر للطاقة النظيفة وبدائل الطاقة الخضراء الطبيعية.
تعتبر الشمس الاصطناعية في الصين من الأهداف التي طالما سعى لها علماء الصين، فإن اول نسخة لمفاعل توكاماك كانت في عام 1958، وبدأت نسخ المفاعل النووي الاندماجي في التطور لشكلها الحالي في عام 2006 من قبل بعض علماء بشكل مصغر، حتى بدأت فكرة إنشاءه بشكله الحالي ووضع حجر الأساس له في أواخر عام 2024، وتحديدا في شهر نوفمبر.
تم الانتهاء من الشكل النهائي له في أواخر العام الماضي، وقد أعلن عنه العلماء في معاهد (هيفي) لعلوم الفيزياء التابعة لأكاديمية الصين للعلوم، والتي تقع في مقاطعه (أنهوي).
حسب ما ذكرته المصادر الصينية فإن المتوقع هو تمتع البشرية بالطاقة المستدامة النظيفة سيكون واقعاً في منتصف القرن الحالي، وسيتم عند الاستخدام التجاري لشمس الصين وباقي المفاعلات التي تساهم في المشروع.
ترجع الرغبة في نشر هذا النوع من المفاعلات والطاقة التي يصدرها إلى سهولة التحكم به وأمانه، لذا فإن العلماء يسعون لجعله المصدر الأول للطاقة في المستقبل، والبحث مستمر عن تطبيقه بأفضل طريقة اقتصادية وعملية.
كيفية عمل الشمس الاصطناعية في الصين
شمس الصين الاصطناعية تعمل على إنشاء اندماج نووي يشابه ما يحدث في الشمس، تعمل فيه الحرارة الشديدة والضغط على إنتاج البلازما، التي تتمكن فيها الطاقة النووية الذرية على الاندماج بسرعة خيالية.
من خلال غاز الهيدروجين والديوتريوم لإنتاج وقود صديق للبيئة، والديوتريوم هو أحد النظائر المستقرة للهيدروجين، ويمكن الحصول على الديوتريوم من مياه البحار والمحيطات وهو ما يعرف بالماء الثقيل، وتشير الدراسات إلى أنه من الممكن أن ينتج الديوتريوم من لتر واحد من مياه البحار والمحيطات طاقة تعادل 300 لتر من البنزين عن طريق الاندماج النووي.
يستخدم في هذا المفعل أكبر جهاز بحثي تدريبي للاندماج النووي ويعتبر هذا الجهاز الأكثر تطورا في الصين والذي يحتوي على مجال مغناطيسي قوي يمكن من خلاله دمج البلازما الساخنة، وحصرها على شكل قرص دائري، ويعتبر هذا المفعل جهاز محاكاة لعملية الاندماج النووي التي تحدث بشكل طبيعي في الشمس والنجوم، والتي باستطاعتها أن توفر طاقة نظيفة غير محدودة تقريبا.
لا تسعى هذه التجارب لإنتاج أو اختراع مصدر كهرباء قابلة للاستخدام، ولكن لدخولها في تطوير مجال الفيزياء النووية الاندماجية، مثل جهاز ITER)) النووي العالمي.
الفرق بين الانشطار النووي والاندماج النووي
لعل أكثر ما يميز الاندماج النووي عن الانشطار النووي المستخدم في الأسلحة الذرية والمحطات النووية، هو كون الاندماج النووي أكثر أماناً، ولا ينتج عنه نفايات نووية كما الحال في الانشطار النووي، لأنه في المحطات الانصهارية يتطلب التفاعل نواة ثقيلة باستخدام نواتي ذرتين.
أما في حالة الانشطار فإن الذرة تنقسم، مما ينتج عنه نفايات ومخلفات سامة قد يدون أثرها لعشرات آلاف السنين، إضافة لتوفير تكاليف انتاج الطاقة على المدى البعيد عن طريق استخدام الاندماج النووي مقارنة بالانشطار النووي.
إضافة لأن الانشطار النووي يستخدم الانشطار الذري للمعادن الثقيلة مثل البلوتونيوم واليورانيوم، وهو ما يتسبب بتلوث بيئي وإشعاعي هائل، إضافة لعدم إمكانية تجديد تلك المعادن الثقيلة في كوكبنا، مما يتسبب في خلل وكوارث بيئية عدة، وهو على عكس الاندماج النووي تماما فهو يحتاج لمياه البحر فقط، وهو مصدر قابل للتجدد.
أكثر ما يميز الاندماج النووي عن الانشطار النووي هو القدرة على التحكم في مفاعل الانصهار، وإمكانية التوقف عن إمداد المفاعل بالطاقة في أي وقت، وهذا لتفادي أي كارثة قد تحدث، فهو بكل تأكيد أكثر أمانا من نظائره مثل الانشطار النووي.
شمس الصين في الفضاء
تداول العديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في شهر ابريل الماضي مقطع فيديو يُظهر جسماً دائرياً في طريقه للفضاء، وتم وصف الفيديو انه إقلاع شمس الصين للفضاء الخارجي لتكن بديلة للشمس الحقيقة، وهذا غير صحيح ولا يمت ليس ليه علاقة بالشمس الاصطناعية في الصين، حيث إن اسم الشمس تم إطلاقه اصطلاحا لشدة حرارة المفاعل الاندماجي.
أما عن حقيقة الفيديو فإنه يعود لإطلاق صاروخ (Space X) التابع لمركز كيندي للفضاء بولاية فلوريدا الأمريكية.
نهايةً قد يتبادر إلى ذهنك بعض الأسئلة، فدعني أطرحها عليك لعلها تضئ أفكارك، ما هي النظرة الصحيحة لهذا المشروع؟ فهل حقًا الشمس الاصطناعية في الصين هي مستقبل الطاقة لنظيفة المستدامة لكوكبنا؟ فكر في الإجابة فلعل في تفكيرك النجاح.