فن التجاهل في علم النفس
فن التجاهل في علم النفس هو أحد الفنون التي تعتبر سلاحًا ذو حدين، ولكنه أحد الآليات والأدوات الهامة التي يحتاج الفرد أن يتمتع بقدرة فعلية على ممارستها في حال الحاجة لذلك، حيث إنه هناك العديد من المواقف التي تحتاج إلى قدرة نفسية عالية على التعامل معها، وللحصول على المزيد تابع مقال موقع البلد التالي.
فن التجاهل في علم النفس
فن التجاهل هو استراتيجية رائعة يتمتع بالعديد من فوائدها من يجيدها ويعرف متى يستخدمها، والذي تناوله علم النفس من خلال الدراسة والملاحظة وإجراء بعض التجارب التي تكشف لنا عن هذا الجانب من الفنون، والقدرة التي تتحلى بها النفس في تطبيقه وممارسته ببراعة.
تزيد قدرة النفس على إتقان مثل تلك الفنون كلما زاد اطلاعنا حولها، وادراكنا بها وبالطاقات النفسية التي تتمكن منها كل نفس واعية بذاتها وعالمة بالكيفية الصحية التي تمارس من خلالها تلك الإمكانيات.
يسمى فن التجاهل في علم النفس بعلم النفس الذكي أو علم النفس المتعمد، وهو عبارة عن آلية مضادة لما يعرف بحالات لفت الانتباه، وهي أداة يلجأ لها الشخص المتقن لها في بعض الظروف التي تحتاج إلى التجاهل، سمي بالتجاهل الذكي حيث إن هناك نوع من التجاهل الذي يكون غير مقصود أو سلبي أكثر منه إيجابي، يضر بكلا الطرفين.
كثيرًا ما يقع الأشخاص فريسة إلى حيل تلاعبية مؤذية نفسيًا والتي تحتاج إلى ردود فعل دفاعية من النفس، والذي يجعلك غير عاجزًا في تلك الحالات هو قدرتك على ممارسة فن التجاهل الذكي.
تتنوع قدرة الأفراد على التعامل مع تلك الظروف فإتقان هذا الفن عبارة عن درجات، كما أن هناك أنواع من التجاهل والتي يختص كل منها بحالات معينة.
أنواع التجاهل
تناول بعض علماء النفس أن التجاهل من الممكن له أن يكون له عدد من الأشكال، بعضها سلبي جدًا ومرضي، وبعضها هو نوع من الفنون المحمودة والإيجابية، نتعرف عليها من خلال الآتي:
- تجاهل كامل وعزل النفس عن كل ما يحدث حول الشخص، وهو عبارة عن رفض كامل لكافة المؤثرات الخارجية، ويعد هذا أحد أنواع التجاهل السلبية والمرضية التي تنم عن مشكلة كبيرة لدى ذلك الشخص.
- التجاهل الذي يختص بجانب معين من الحياة والذي يتمثل في المشكلات مثلًا، حيث يقوم الفرد بعزل نفسه عن مشكلة ما ومحاولة التغاضي عن أسبابها، هذا النوع من التجاهل هو أحد آليات الهروب من المواجهة وبالتالي فهو سلبي جدًا وضار بصاحبه، كما أنه يحتاج إلى معالجة.
- التجاهل المتعمد أو ما يعرف بالتجاهل الذكي، هو نوع من الممارسات التي يقوم بها صاحبها عن وعي كامل بأنه يفعلها، والتي تكون من خلال التغاضي عن حقائق معينة أو مواقف كأنها ليست موجودة أو التصرف كما لو كانت غير واقعة، وتعمد إيجابية أو سلبية ذلك النوع حسب أسلوب الفاعل.
أساليب التجاهل الذكي
في حال كنت ترغب في ممارسة فن التجاهل الذكي، يجب أن تكون على دراية بأساليبه وتعمل على إتقانها بشكل جيد لتتمكّن من ممارستها من خلالها، وهي تتمثل في الآتي:
- الإرادة: إن ما يسمح لنفسك بالقيام بأي سلوك هو إرادتك في فعل ذلك، وعن وعي ورغبة كاملة منك تدعم موقفك وتساعدك على النجاح فيه.
- الثقة في النفس: الباب الذي يمكنك من كثير من الممارسات والفنون النفسية هو الثقة في نفسك، والتصديق فيها وأنك ما دمت على حق لا يردعك عن مواقفك شيء.
- التمحيص والنقد: حتى تتمكن من ممارسة فن التجاهل الذكي، أنت بحاجة إلى قدرة جيدة في تمحيص ومراجعة كافة المواقف التي تمر عليك، ونقد الغير مناسب أو السلبي منها وبالتالي تحديد الهدف الذي يقع عليه التجاهل.
- الوعي: كلما كان الشخص واعيًا ومطلعًا على نفسه وعلى الأخرين كلما أدرك أهداف من حوله وتمكن من حماية نفسه منها، كما استطاع تمييز نوايا من يريد إيذاءه وتجاهله بشكل تام.
- التحكم في النفس: لا يمكن لشخص أن ينجح في استخدام فن التجاهل الذكي إلى لو كان متمكنًا من السيطرة على نفسه، والتحكم في انفعالاته وردود أفعاله، ليتجنب الوقوع في العديد من الأزمات.
- القدرة على الاستمرارية: كثير من الأشخاص قد ينجحون في بدء التجاهل ولكن نادرًا ما يتمكنون من الاستمرار عليه نتيجة الضعف أمام بعض المؤثرات، وبالتالي تفشل عملية التجاهل في إتمام النتائج المرجوة منها.
- اختيار رد الفعل المناسب: المساحة التي يتركها لك التجاهل، تمنحك وقت كافي لتحديد الرد الأنسب للموقف الذي تواجهه.
- الحكمة والذكاء: هما الأسلوبان اللذان يكسباك أفضل وسيلة للقيام بالتجاهل على أتم وجه وبالتالي تحصل على الإيجابيات الكاملة منه، وتتجنب السلبيات بالكامل.
- إجادة الفن والقدرة على ردعه: من خلال تمكنك من الأساليب السابقة فأنت قادر بالفعل على إجادة فن التجاهل الذكي، كما أنك تعرف تمامًا كيفية الإقلاع عنه وتوظيفه في محله أما غير ذلك فلا.
مجالات التجاهل
فن التجاهل في علم النفس، يحدد بعض المجالات الرئيسية التي يحتاج الشخص المتجاهل التعرف عليها لإيقاع هذا النوع من الفن في مكانه الصحيح، والتي منها ما يلي:
- تجاهل المخاوف: من أهم المجالات التي على الفرد ان ينمي مهارة التجاهل فيها، ويصبها تحديدًا عليها هي تجاهل المخاوف، حيث إن تأثيرها على النفس بشكل سلبي يعد بالغ، والذي يحتاج إلى آلية دفاعية من الشخص تجعله يعمل على التخلص من سلبياتها، ولا يكون ذلك إلا من خلال إتقانك لتجاهل مخاوفك.
- تجاهل النقد: على الرغم من أن هذا المجال يحتاج إلى تمييز واضح من الشخص بين النقد الإيجابي الذي عليه تقبله والعمل على تحقيق الفائدة المرجوة منه لتطوير الذات، والنقد الأخر المستحق لإيقاع التجاهل عليه والذي هو صورة لنقد سلبي يهدف الطرف المقابل بإلحاق الضرر على الأخر وهز ثقته بنفسه، وبالتالي يكون المكان الأنسب لممارسة هذا الفن الرائع.
- تجاهل الكراهية: من أهم مجالات وأسباب حاجة الفرد إلى التجاهل الذكي هي الكراهية، والتي تعد أسوء ما قد يوقع به طرف، طرف أخر، والرد الأنسب في بعض تلك الحالات هو ممارسة التجاهل الصحي الذي يعزل فيه الشخص نفسه عن المشاعر السلبية الناجمة عن الأخرين.
- تجاهل عوامل الضيق: العوامل المسببة لعدم الراحة قد تتمثل في هيئة شخص أو حتى شيء مثل مكان أو عمل، مما يجعلك بحاجة إلى أداة تسمح لك من خلالها بتجاوز تلك العوامل التي تسبب لك الضيق وبالتالي التخلص من الأثار السلبية لها.
- تجاهل الأفكار السلبية: أحد الأشكال التي يحتاج فيها الشخص إلى القدرة على التجاهل هي حاجته الماسة في شيء يسمح له بالتخلص من التساؤلات والأفكار المؤذية التي تلاحقه.
إيجابيات التجاهل
يتم تناول فن التجاهل في علم النفس لعدد من الأسباب، والتي منها الفوائد التي يحظى بها من يتمكن من هذا الفن، والتي يتمثل بعضها فيما يلي:
- العمل على توفير مساحة للشخص يتمكن من خلالها تجاوز بعض المشكلات التي تواجهه.
- الترفع عن الخوض في الأمور التافه أو استنزاف الطاقة في محاولات الرد على إساءات الأخرين.
- زيادة القدرة على حماية النفس والإبقاء على الصحة النفسية للفرد.
- عدم السماح للآخرين بالتحكم في الحالة المزاجية للشخص.
- ترك مجال للتفكير الجيد قبل إبداء أي رد فعل، وبالتالي القدرة على اختيار رد الفعل المناسب للموقف أو الترفع عن الرد أصلًا.
- كسب احترام الأخرين وإلحاق الحرج ببعض من يرغبون في إثارة الشغب بعدم الرد عليهم.
- تجنب أذية النفس واستهلاكها في محاولات التفاعل مع كل حدث أو موقف يتعرض له الشخص.
- منح الشخص القدرة على تطوير الكثير من المهارات منها مهارات التفكير والسمع وكذلك الإقناع.
- الحد من فرص التعرض لمسببات الاكتئاب والقلق والضيق.
- التغلب على التهديد الواقع على الثقة بالنفس إثر الدفاع عن النفس المستمر.
- تعد أحد الآليات التي يمكن استخدامها لترهيب وردع الأشخاص الذين يتعمدون إيذاء الغير.
- يزيد من الصلابة النفسية للشخص والقوة العاطفية وتجنب الارتباك الذي ينجم عن هجوم الأخرين.
- التمتع بصحة جسدية جيدة بانعكاس الحالة النفسية الصحية على الجسد.
سلبيات التجاهل
بشكل عام يعد التجاهل ذا طابع سلبي أكثر منه إيجابي، وخاصة عند إساءة استخدامه حيث إنه في كثير من الأحيان يتسبب في العديد من النتائج السلبية على كل أطراف التجاهل، ونتعرف على بعض منها من خلال الآتي:
- الإجهاد النفسي: في حال عدم القدرة على ممارسة فن التجاهل بالشكل الصحيح، والاضطرار إلى تخزين المشاعر السلبية داخليًا.
- التعرض إلى الكثير من الضغوط النفسية، الناتجة عن الكبت الدائم لردود الأفعال بغرض التجاهل، أو الترفع عن الرد.
- التعب الجسدي: في حالات الاستخدام الخاطئ لذلك الفن ينعكس العديد من الأثار السلبية على الجسد والتي قد تتسبب في الإصابة بأحد الأمراض الخطيرة أو المزمنة.
- تخريب العلاقات: حيث إن التجاهل حالة من حالات الرد السلبي على أفعال الأخرين والتي إن تكررت باستمرار قد تنفر المحيطين من الشخص وبالتالي انقطاع التعامل بينهم وتدمر العلاقات.
- خسارة الحياة الاجتماعية السليمة: على كل شخص أن يوازن بين مختلف جوانب الحياة، وأن لا يطغى جانب على الآخر، وبالتالي إن تزايد الشخص في ممارسة التجاهل بشكل سلبي ودائم، فإن ذلك يعرض الجانب الاجتماعي من حياته إلى الخطر.
- الانعزال والوحدة: وهي شكل من أشكال النتائج الغير مرغوبة نتيجة استخدام التجاهل بشكل غير ذكي، والذي يجعل الشخص ينقطع تمامًا عن التفاعل مع المؤثرات الخارجية وبالتالي الانعزال التام والانغلاق على النفس.
- التغيرات السلوكية: كثيرًا ما يتعرض الشخص الذي يفقد السيطرة على آلية التجاهل إلى التأثر بشكل بالغ ينعكس على السلوكيات الطبيعية له، واكتساب طابع سلبي يخمد حيوية هذا الشخص وقدرته على التجاوب مع باقي الأمور بشكل طبيعي.
فن التجاهل في علم النفس باب واسع جدًا كما أنه به العديد من التشعبات والتي كلما كنت على وعي بها كلما تمكنت من الحصول على نفسية تتمتع بالكثير من المهارات التي توفر لك حياة مريحة وسعيدة على كل الأصعدة.