من هو الشيخ كمال الخطيب، ولماذا قامت إسرائيل باعتقاله؟ هذا ما نود أن نجيب لكم عليه، حيث يعتبر الشيخ كمال الخطيب من أبرز الشخصيات الفلسطينية المؤثرة، لذا فمن خلال موضوعنا هذا وعبر موقع البلد سنعرض لكم إجابة سؤال من هو الشيخ كمال الخطيب؟ كما سنشير إلى بعض التفاصيل حول تلك الشخصية.
من هو الشيخ كمال الخطيب؟
ولد الشيخ كمال الخطيب في الخامس والعشرين من أغسطس عام 1662 في فلسطين، وتحديدًا في قرية العزيز وهي قرية صغيرة من قرى الجليل المحتل لا يزيد عدد سكانها في ذلك الوقت عن 800 شخص، كما أنها تقع بالقرب من كفر كنا.
الجدير بالذكر أنه تلقى تعليمه في المرحلة الابتدائية في مدرسة قرية العزيز، ثم ألتحق بالمدرسة الثانوية “كلية تراسنتة” وهي مدرسة أهلية تبشيرية في مدينة الناصرة، تضم المسيحين والمسلمين وكانت سببًا من أسباب نشأته على مبدأ التعايش السلمي مع الآخر، وتقبل الاختلاف.
كما كانت أسرة الشيخ كمال الخطيب أسرة متواضعة، تعمل في الزراعة والبناء وقد كان والده يعمل أجيرًا في الشركات الإسرائيلية، وفيما يلي سنعرف من هو الشيخ كمال الخطيب؟ بشيءٍ من التفصيل.
بداية نشاط الشيخ كمال الخطيب
بعد أن انتقل الشيخ كمال لخطيب لمدينة الناصرة، رافق ذلك بدأه في نشاط سياسي متواضع وكان بعضًا من أفراد أسرته يشاركون فيه، وذلك عن طريق الحزب الشيوعي الإسرئيلي، والذي كان في ذلك الوقت هو المتنفس الوحيد لعرب إسرائيل، وقد عاش الشيخ كمال الخطيب في تلك الفترة أحداث كبيرة قد أثرت على مسار حياته وتفكير وقلبه ورسخت بعض المبادىء بداخله.
يعتبر يوم الأرض العالمي لسنة 1979 وما حدث به من سقوط عشرات الشهداء والجرحى دفاعًا على الأرض، وكذلك قيام الثورة الإيرانية 1979 وبروز مصطلحات وشعارات إسلامية ودينية، وزيارة الزعيم المصري محمد أنور السادات لإسرائيل وتوقيع معاهدة السلام، من أكثر الأشياء التي أثرت في تفكير وشخصية الشيخ محمد كمال الخطيب.
كما أثرت تلك الأحداث على توجهات الشيخ ـ كمال الخطيب، حيث أتجه لدراسة الشريعة الإسلامية في مصر؛ وذلك لأسباب دينية لا علاقة لها بأي انتماء تنظيمي أو ديني، لكن مع الأسف لم تساعده الظروف في ذلك الوقت للذهاب إلى مصر، الأمر الذي جعله يقرر الالتحاق بكلية الشريعة الإسلامية في جامعة الخليل بالضفة الغربية.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل السعودية طبعت مع إسرائيل وما هي طبيعة علاقتها بالقضية الفلسطينية؟
تأثير الجامعة على شخصية الشيخ كمال الخطيب
بعد أن عرفنا من هو الشيخ كمال الخطيب؟ لا بد أن نذكر بداياته في الجامعة، حيث كانت فترة الجامعة من الفترات الجديدة والمؤثرة في حياة الشيخ كمال الخطيب، حيث سمع فيها عن الشخصيات الطلابية السابقة في الجامعة مثل: الشيخ رائد صلاح والشيخ هاشم عبد الرحمن والشيخ خالد مهنا، كما أنه قابل في تلك المدينة أثناء دراسته في جامعة الخليل بعض الشخصيات الإسلامية المؤثرة مثل: الشيخ عبد الخالق النتشة، والشيخ جمال النتشة.
الجدير بالذكر أنه كانت فترة الثمانينيات وتحديدًا عام 1982 وعام 1983 مليئة بالأحداث الفارقة التي حُفرت في عقل الشيخ كمال الخطيب، حيث إنه في عام 1982 قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي باحتلال بيروت وارتكبوا فيها أسوأ المجازر في مخيمي شاتيلا وصبرا، الأمر الذي شكل حالة من الاختلاف حول إمكانية نجاح خطة التحرير الفلسطيني، وبين اليأس من عدم نجاحها.
أما في عام 1983 فقد وقع فيه حدث آخر، وهو الذي اشتمل على مجموعة من المستوطنين دخلوا حرم جامعة الخليل وقاموا بإطلاق الرصاص والقنابل على الطلاب، وهو ما أدى إلى استشهاد ثلاثة فلسطينيين، وقد كان ذلك الحدث واقعًا أمام مرءى الشيخ كمال الخطيب وشاهد القتل الإسرائيلي للفلسطينيين بدم بارد.
أثر هذا على الشيخ كمال الخطيب؛ مما جعله ينتمي إلى الكتلة الإسلامية التي كانت تنافس الكتلة الوطنية التي تقودها حركة فتح، وخاض الانتخابات الطلابية آنذاك على لوائح الكتلة الإسلامية، وتمكن من الفوز بمقعد في مجلس الطلبة في جامعة الخليل.
زواجه
كي تعرف من هو الشيخ كمال الخطيب؟ لا بد أن تعرف أنه تزوج في عمر صغير، حيث كان حينها في نهاية السنة الثالثة في الجامعة وذلك عام 1983، وهو ما جعله ينشغل عن الجامعة فقد أكمل السنة الرابعة بالانتساب ولم يلتزم بالحضور بسبب الزواج، وتزامنًا مع زواجه كان افتتاح مسجد عمر بن الخطاب قد أوشك على الانتهاء، وبعدها أصبح الشيخ كمال الخطيب إمامًا لمسجد عمر بن الخطاب في قرية كفر كنا.
النشاط الإسلامي
واظب الشيخ كمال الخطيب على العمل في الحركة الإسلامية، بعد أن خرج الشيخ عبد الله نمر درويش والشيخ رائد صلاح من السجن في سنة 1983، وقد بدأ كلًا منهم العمل في منطقته وفقًا لمبادئ المدرسة الأم في الحركة الإسلامية وهي جماعة الإخوان المسلمين، وقد تشكلت بين عام 1984 وعام 1985 لافتة العمل الإسلامي من خلال إقامة بعض المؤسسات مثل: رياض الأطفال وعدد من المراكز البسيطة لتعليم الأطفال في المساجد.
بعد هذه الفعاليات والأنشطة بدأ الواقع الإسلامي يؤثر في عرب إسرائيل، لا سيما مع وجود السلطة المحلية في قرية كفر برا تحت إدارة الحركة الإسلامية من خلال كامل ريان، حينها برز صوت المطالبة بضرورة استغلال هذا النشاط في خوض انتخابات الكنيست الإسرائيلي لعام 1989.
كانت وجهة نظر الحركة الإسلامية عن تلك المطالبة أنها ليست في الوقت المناسب ولأن الحركة الإسلامية لابد لها من أن توطد وتحدد معالم خطتها وطريقة سيرها، كما أنهم اقتنعوا بأن الكنيسيت الإسرائيلي لا ينبغي أن يتم اعتباره المنبر الوحيد الذي تذهب باتجاه الحركة الإسلامية، وحدث في ذلك العام أن الحركة الإسلامية استطلعت أن تمسك مزيدًا من السلطات المحلية وكان من ضمنها بلدية أم الفحم.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ما هي أقدم مدينة سكنها الإنسان في فلسطين؟
الحركة الإسلامية وانتخابات الكنيست
بعد أن عرفنا من هو الشيخ كمال الخطيب، فلا بد من الاطلاع على دوره في الحركة الإسلامية، حيث عادت الحركة الإسلامية للمشاركة مرة أخرى في انتخابات الكنسيت سنة 1992، وكانت تلك القضية تحدث انقسامات في وجهات النظر داخل الحركة الإسلامية، لكن الحركة استطاعت أن تتجاوزها، ثم عادت نفس الفكرة مرة أخرى عام 1996، وكانت الحركة بها فريقين مختلفين في وجهات النظر.
حيث يرى الفريق الأول أنه لا بد من خوض الانتخابات ويصر على ذلك وبالفعل قد خاضعها، والفريق الثاني بزعامة الشيخ رائد صلاح يرى أنه ليس في مصلحة الحركة الإسلامية خوض الانتخابات، وكان هذا العام مهمًا بالنسبة للحركة فقد كان بداية حضورها في قضية المسجد الأقصى، حينما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي ـ بنيامين نتنياهو افتتاح نفق الحشمونائيم تحت المسجد الأقصى المبارك.
أدى هذا القرار لعواقب وخيمة، حيث حدثت الكثير من المواجهات العنيفة التي سقط بسببها عشرات الشهداء، مما جعل الحركة الإسلامية تنظم أول مهرجان لها وسُمي بـ “الأقصى في خطر” وحملت الحركة هم المسجد الأقصى المبارك من خلال مشروع إعمار المصلى المرواني، بالإضافة إلى الاستمرار في مشروع نصرة الأقصى.
رهائن الأقصى والشيخ كمال الخطيب
تعتبر مرحلة اعتقال الشيخ رائد صلاحه وإخوانه الذين أطلق عليهم فيما بعد “رهائن الأقصى” مرحلة بالغة الأهمية عند الشيخ كمال الخطيب خصوصًا والحركة الإسلامية عمومًا، حيث صارت الحركة الإسلامية في مواجهة مباشرة مع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية؛ مما عرض الحركة لحملة قص أجنحة وتقليم أظافر أي محاولات إضعاف كافة قواها.
من ثم فقد قرر وزير الحرب الإسرائيلي ـ شمعون بيريس في الخطة الفعلية لتلك الحملة سنة 1998 إعلان غلق لجنة الإغاثة الإسلامية في مدينة الناصرة بفلسطين، ومنع استمرار دعم مشاريع الأيتام والقيام بالتحقيق، إلى جانب منع كلًا من: الشيخ كمال الخطيب والشيخ رائد صلاح من السفر.
دور الحركة الإسلامية في الانتفاضة
بعد أن عرفنا من هو الشيخ كمال الخطيب؟ فينبغي أن نتعرف على دور الحركة الإسلامية التي ينتمي لها في الانتفاضة الفلسطينية، حيث استطاعت الحركة الإسلامية أن تلعب دور في دعم الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت في شهر سبتمبر من عام 2000، واعتبرت الحركة أن اليوم الذي سقط فيه 13 شهيد داخل الخط الأخضر هو يوم المسجد الأقصى المبارك، كما قامت الحركة بدعم أهالي الجرحى والمغدور بهم.
بعد اجتياح حنين 2002 وأحداث تلك الفترة، رأت إسرائيل أن الحركة لها أبعاد أخرى ومناهج في سيرها وتطلعات، مما جعلهم يقرروا اعتقال الشيخ رائد صلاح وبعضًا من إخوانه، حيث قاموا في يوم 13 من شهر مايو سنة 2003 باعتقال الشيخ رائد صلاح والدكتور سليمان إغباربة والذي كان رئيسًا لبلدية أم الفحم آنذاك، بالإضافة إلى مجموعة من أبناء الحركة الإسلامية.
تجدر الإشارة إلى أنه كان هدف الأمن الإسرائيلي آنذاك هو خلق حالة من القلق والارتباك والخوف داخل أعضاء الحركة الإسلامية بعد أن اعتقلوا قادتها، والتأثير على الناس بإقناعهم أن تلك الحركة خارجة عن القانون وإظهار أنها تتعامل مع مؤسسات دولية إرهابية.
حيث حاول الإعلام الإسرائيلي في عام 2005 تشويه سمعة الحركة الإسلامية ونعتها بأنها حملة تريد الحرب على الدولة وعلى كل ما هو يهودي أو إسرائيلي، لكن الحركة استطاعت أن تتجاوز ذلك المأزق وحطمت الصورة التي رسمها الإعلام الصهيوني عنها، ونمت علاقة قوية بين الشيخ كمال الخطيب والشيخ رائد صلاح، خاصةً بعد أن اعتقل رائد وإخوانه وهو ما دفع الشيخ كمال الخطيب لتحمل المسؤولية مكانهم في كل المستويات والاتجاهات والأنشطة، الأمر الذي أدى إلى منعه من السفر إلى لندن والقيام بالتحقيق معه مرتين، ومنعه من حور مؤتمر حول القضية الفلسطينية.
أهم إنجازات الشيخ كمال الخطيب
كان للشيخ كمال الخطيب دورًا بارزًا ومميزًا في نزع الفتنة التي وقعت بين المسلمين والمسيحين حول بناء مسجد شهاب الجين على قطعة من الأرض قريبة من كنيسة البشارة في مدينة الناصرة الفلسطينية، وأكد على عدم التردد في بناء المسجد لسبب واحد وهو أنه بناء مسجد بجانب كنيسى يمنح صورة جميلة عن الوحدة الوطنية بين شعب فلسطين الواحد الذي يضم المسيحي والمسلم على حد السواء.
اعتقال الشيخ كمال الخطيب
قامت الشركة الإسرائيلية في شهر مايو 2024 أي منذ أيام معدودة باعتقال الشيخ كمال الخطيب والذي يشغل هذه الأيام نائب رئيس الحركة الإسلامية، حيث أوقفت القوات الإسرائيلية الخطيب بعد مصادرة منزله يوم الجمعة في قرية كفر كنا، وقامت بحصار أفراد الوحدات الخاصة داخل المنزل، وأطلقت قنابل صوت وغاز مسيل للدموع عند بيت الأهالي، وسكان الحي.
ارتفعت أصوات أهالي كفر كنا بالاستغاثة من أجل مواجهة القوات الإسرائيلية الخاصة التي اقتحمت المدينة، وتستمر المسيرات الاحتجاجية بينما يواصل الجيش الإسرائيلي قصفه على قطاع غزة، وقد ردت فصائل المقاومة بمزيد من ضربات الصواريخ.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: عدد الفلسطينيين في العالم في الأعوام الأخيرة
هكذا نكون قد عرفنا على من هو الشيخ كمال الخطيب؟، وبقي أن نشير إلى أن اعتقاله ما هو إلا استمرار لسياسة الاحتلال الغاصب، التي تحاول تغييب القيادات الفلسطينية التي لها دور فعال ومؤثر في الأراضي المحتلة منذ عام 1948، وهو محاولة يائسة لعزل الجماهير عن قياداتهم لن تستمر في نجاحها طويلًا فالشعب الفلسطيني لا يعرف معنى الاستسلام.
