البدل في اللغة العربية هو أحد أنواع التوابع، وتقسم التوابع إلى أربع أقسام وهي النعت، والبدل، والعطف، والتوكيد، وللبدل أنواع متعددة، مثل بدل الكل من الكل، والبعض من الكل وغيرها، وفيما يلي سنعرض لكم من خلال موقع النيل كل ما يتعلق بالبدل في اللغة العربية بداية من تعريفه وأقسامه والإعراب الخاص به مع بعض الملاحظات الهامة.
البدل في اللغة العربية
يعد البدل قسم من أقسام التوابع في اللغة العربية، حيث إن التوابع من الأقسام المستقلة نحويًا، ويعد بابًا مميزًا من أبواب علم النحو.
أولًا: تعريف البدل
يُعرف البدل في اللغة العربية أنه التابع الذي يعبر عن الحكم، ولا يوجد بين البدل ومتبوعه أي المبدل منه واسطة، أو هو اللفظ الجامد الذي يكون غالبًا دالًا على الحكم المنسوب إلى اللفظ السابق له، ويسمى ذلك اللفظ بالمبدل منه، مثالًا على ذلك:
“الرسولُ محمدُ صادقُ”: فإن كلمة محمد بدل من الرسول؛ لذلك يسمى تابعًا والرسول يسمى متبوعًا، نأتي بعد ذلك إلى الحكم الذي تم إصداره وهو صادق فنجد أن محمد هو المقصود به وليس الرسول، ولا نجد واسطة بين الرسول وبين محمد؛ أي لا يوجد أي رابط لفظي بين البدل والمبدل منه، والإعراب يكون كالتالي:
- الرسول: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره (متبوع).
- محمد: بدل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره (تابع).
- صادق: خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
ثانياً: أنواع البدل
في إطار حديثنا عن البدل في اللغة العربية، نذكر لكم أنواع البدل، حيث إنه يتكون من أربعة أنواع سنقدمها لكم من خلال الفقرات التالية:
1 – بدل الكل من الكل
يعد بدل الكل من الكل أول أنواع البدل في اللغة العربية والذي يسمى أيضًا بـ “البدل المطابق”؛ لأنه يطابق المبدل منه ويتساوى معه في المعنى.
علامة بدل الكل من الكل: أن يكون بدل متماثل تمامًا مع المبدل منه أي: يطابقه في المعنى، ولا يطابقه في اللفظ.
أمثلة على البدل المطابق
مثال1: قول الله تعالى: (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ*صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) [الفاتحة: 6-7].
صراط: بدل من الصراط الأولى، وهي منصوبة وعلامة النصب الفاتحة.
مثال2: قال الله تعالى: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ* صِرَاطِ اللَّهِ) [الشورى: 52-53].
صراط الثانية بدل من صراط الأولى.
مثال3: قول الله تعالى: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا*حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً) [النبأ: 31-32].
حدائق وأعنابا بدل من مفازًا
مثال4: قول الشاعر: “إن النجوم نجوم الأفق أصغرها *** في العين أذهبها في الجو إصعاداً”
نجوم: بدل من النجوم الأولى، وهو بدل منصوب وعلامة نصبه الفتحة، وهو مضاف.
2 – بدل البعض من الكل
بدل البعض من الكل هو النوع الثاني من أنواع البدل في اللغة العربية، ويكون البدل فيه عبارة عن جزء من المبدل منه، وفي أغلب الأحيان يرتبط هذا النوع بضمير مستتر يربطه بالمبدل منه.
الأمثلة الدالة على بدل البعض من الكل
مثال1: قول الله تعالى: (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) [آل عمران:97].
من: اسم موصول بمعنى الذي مبني على السكون وحرك السكون على الكسر تبعًا لقاعدة عدم التقاء ساكنين، وهو في محل جر بدل، و(الناس) مبدل منه.
مثال2: قول الله تعالى: (ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ)[المائدة:71].
البدل هنا: كثير منهم.
مثال3: كأن تقول أيضًا: “أكل الرغيف نصفه”
نصفه: نصف بدل منصوب وعلامة نصبه الفتحة، وهو مضاف والهاء مضاف إليه ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف إليه.
مثال4: كما تقول أيضًا: “أُقبّل يد الوالدة كل صباح”
يد: بدل منصوب وعلامة نصبه الفتحة، والمبدل منه الوالدة.
مثال5: قول الشاعر: أُدَاوِي جُحُودَ الْقَلْبِ بِالْبِرِّ … وَلَا يَسْتَوِي الْقلَبَانِ قَاسٍ ورَاحِمٌ
قاس: بدل مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة، منع من ظهورها الثقل على الياء المحذوفة، والمبدل منه هو (القلبان).
3 – بدل الاشتمال
بدل الاشتمال هو النوع الثالث من أنواع البدل في اللغة العربية، وهو يأتي ليدل على معنى معين في المبدل منه.
أمثلة على بدل الاشتمال
مثال1: قول الله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) [البقرة: 217].
قتال: بدل مجرور وعلامة جره الكسرة والمبدل منه هو الشهر الحرام.
مثال2: كذلك قول الله تعالى: (قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ*النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ) [البروج: 4-5].
النار: بدل مجرور، وعلامة جره الكسرة، والمبدل منه كلمة الأخدود؛ بمعنى أن النار فيه.
المقصود أيضًا ببدل الاشتمال هو أن يدل البدل على شيء مما يشتمل عليه، بشرط ألا يكون جزءً منه، مثل:
- (أفادني المعلم علمه): علمه بدل اشتمال، فالمعلم يشتمل على العلم.
- (أحببت خالدًا شجاعته): شجاعته بدل من خالد، فخالد يشتمل على الشجاعة.
- (أعجبن بمحمد خلقه الكريم): خلقه، فمحمد يشتمل على الخلق.
العلم والشجاعة والخلق ليست أجزاء ممن يشتمل عليه، بمعنى إذا قلت: (أحببت الوردة رائحتها)، رائحتها بدل من الوردة، ولكن الرائحة ليست شرطًا لبقاء الوردة.
اشترط العلماء في بدل الاشتمال أن يصل بضمير يعود على المبدل منه، كذلك في بدل البعض من الكل اشترطوا وجود ضمير به يعود على المبدل منه ليصل بعضه بكله.
4 – البدل المباين
هو النوع الرابع من أنواع البدل في اللغة العربية ويطلق عليه ” بدل المباينة” وهو بدل الشيء مما يخالفه، فلا يكون مماثلًا له كما في بدل الكل من الكل، ولا يكون بعضًا منه كما في بدل البعض من الكل، ولا يكون المبدل منه مشتملًا عليه كما في بدل الاشتمال، وهذا النوع ينقسم إلى قسمين، هما:
1 ـ بدل الغلط
المقصود به الغلط اللفظي حيث إن اللسان يذكر شيئًا خطًأ ثم يذكر بعده المراد ليصحح هذا الغلط ويكون هو البدل، ولعلماء النحو قول مشهور في هذا النوع، هو: (هذا زيدٌ حمارٌ).
فالأصل أنه أراد أن يقول هذا حمار ولكن سبقه لسانه بذكر كلمة زيد فذكر حمارٌ ليرفع الغلط، وسماه النحاة بهذا الاسم؛ لأنه بدل الاسم الذي تم ذكره بالغلط.
في الإعراب نقول:
- هذا: (ها) حرف للتنبيه مبني على السكون، و(ذا) اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
- زيد: خبر مرفوع وعلامة رفع الضمة.
- حمار: بدل غلط مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
مثال آخر: (أعظم الخلفاء العباسيين المأمون بن المنصور الرشيد) فالمراد هو قول (أعظم الخلفاء العباسيين المأمون بن الرشيد)
في الإعراب نقول:
- المنصور: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة.
- الرشيد: بدل الغلط مجرور وعلامة جره الكسرة.
2 ـ بدل النسيان
هو أن يتم ذكر المُبدل منه قصدًا، ويوضح فساد قصده؛ فيصححه، ويذكر فيه البدل الذي هو الصواب، مثل أن تقول: صليت المغرب العشاء في الحقل.
المغرب: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
العشاء: بدل نسيان منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
فالمراد هو أنه صلى العشاء في الحقل ولكنه غفل عن الوقت حينما كان يتحدث، وعندما أدرك ذلك بارد بذكر الصلاة المقصودة وهي العشاء.
5 – بدل الإضراب
منه قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “إن الرَّجُلَ لَيُصَلِّي الصَّلاةَ ولعلَّهُ لا يَكونُ له مِنها إلا عُشرُها أو تُسعُها أو ثُمُنُها أو سُبعُها أو سُدسُها حتَّى أتَى علَى الصَّلاةِ” [حديث صحيح: رواه عمار بن ياسر].
الأفصح في هذا الحديث أن يتم الفصل بين الكلمات عشرها وتسعها بكلمة بل.
ملاحظات عن البدل
هناك بعض الملاحظات التي يجب الانتباه إليها حول البدل، وهذه الملاحظات هي:
1 – قام النحاة بإضافة نوع خامس لأنواع البدل وأطلقوا عليه اسم (بدل الكل من البعض)، وظهر هذا النوع:
- في قول الله تعالى: (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئاً*جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً) [مريم:61].
كلمة جنات بدل من الجنة منصوب وعلامة نصبه الكسرة؛ لأنه جمع مذكر سالم؛ ولأن الجنة مفردة وجنات جمع لذلك أطلقوا عليه بدل الكل من البعض.
- قال الشاعر أمرؤ القيس: كأني غَداة َ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَلّوا *** لدى سَمُراتِ الحَيّ ناقِفُ حنظلِ
كلمة (يوم)ى بدل من (غداة)؛ ولأن اليوم كل و(غداة) بعض منه؛ لذلك سمي الكل من البعض.
2 – ليس شرطًا أن يطابق البدل المبدل منه في التعريف أو التنكير، وذلك مثل:
- قول الله تعالى: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ* صِرَاطِ اللَّهِ) [الشورى: 52-53].
صراط الثانية بدل من صراط الأولى مجرورة وعلامة الجر الكسرة وهو مضاف.
الله: لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة.
فكلمة (صراط) الثانية معرفة بالإضافة(البدل)، و(صراط مستقيم) نكرة.
- قال الله تعالى: (كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ*نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ) [العلق:16]
كلمة ناصية الثانية بدل من (الناصية) الأولى مجرورة وعلامة الجر الكسرة، وهي هنا معرة ب(أل).
3 – جائز أن تقوم بإبدال جملة من جملة، مثل قوله تعالى: (وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ* أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ* وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) [الشعراء: 133-135]، أمدكم الثانية بدل من جملة أمدكم الأولى.
كما أن البدل يستخدم في مواطن كثيرة من القرآن الكريم، فيعمل في بعض الجمل على اكتمال المعنى، وفي البعض الآخر على تفصيل المعاني المبهمة، وننصح كل من يهتم بمجالات اللغة العربية أن يقوم بدراسة هذا الموضوع وتطبيقه على آيات القرآن الكريم.
