قصة فرعون
قصة فرعون تعد أكثر القصص التي ذكرت في القرآن الكريم، لنأخذ منها العبر عن واحد من أكثر العصاة الجبارين الذين عرفتهم البشرية، وجعل الله سبحانه وتعالى موته عبرة لكل ظالم جبار.
لذلك في السطور القادمة عبر موقع البلد سنعرض لكم قصة فرعون وملئه الذين ظلموا بني إسرائيل، وتوضيح قصته التي وردت في القرآن الكريم، وفي كتب قصص الأنبياء وسيرهم.
قصة فرعون
قال رب العزة تبارك وتعالى في سورة الأعراف الآية الثالثة بعد المائة (ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)، قيل عن فرعون أنه أعتى طاغية في العالم.
فهو الوحيد الذي حاج الله سبحانه وتعالى وعارضه في ألوهيته سبحانه وتعالى (فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ) “الآية الرابعة والعشرين من سورة النازعات”، فرعون هو أحد أكثر الأسماء ذكرًا في القرآن الكريم.
فورد ذكره في سبعة وستين آية مختلفة بداية من سورة البقرة حتى سورة الفجر، بينما ذكر نبي الله موسى في مائة وثلاث عشرة آية معظمها في قصة فرعون، قيل عن فرعون أنه رمسيس الثاني، وقيل إنه من نسل عربي لأنه جاء بعد فرعون يوسف.
الذين قالوا هذا الرأي استندوا في أدلتهم التاريخية إلى اسم زوجته آسية، فاسمها آسية بنت مزاحم بن الريان بن الوليد، والريان هو عزيز مصر في قصة يوسف، والشاهد الثاني أن الملك الذي حكم مصر بعد الريان هو قابوس بن مصعب وكان حاكمًا ظالمًا ظلم بني إسرائيل.
ثم أنجب قابوس هذا فرعون موسى، واختلفوا على اسمه فقيل رمسيس الثاني، وقيل إنه الوليد بن قابوس بن مصعب، كان الوليد بن قابوس أو رمسيس أشد ظلمًا من الحاكم الذي سبقه لبني إسرائيل.
فكان فرعون يترك رجال بني إسرائيل، ويقتل أبناءهم بأشنع الطرق، فقيل كان يقطع رؤوسهم ويلقيها إلى أمهاتهم صغارًا، أو يغرقهم في النيل، وكان يغتصب النساء ويستعبدهن، ولا يمس الرجل بسوء جسدي.
فقتل الرجل أهون عليه من أن يرى ابنه يقتل أمام عينه، أو تنتهك حرمته أمام عينه، وكان يتلذذ فرعون بهذا فيترك الرجال مقهورين لا حول لهم ولا قوة.
لقاء فرعون بكليم الله موسى
لم يرد لنا نحن المسلمين خبر فرعون لولا لقائه مع نبي الله موسى بن عِمران عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، لذلك في هذا الفصل من قصة فرعون سنعرض لكم لقائه مع نبي الله موسى.
ولد كليم الله موسى في عامٍ أمر فيه فرعون بقتل كافة أبناء بني إسرائيل من الذكور، فألهم الله سبحانه وتعالى أم موسى أن تضعه في تابوت ثم تضعه في النهر، فتتبعت أثره أخته حتى وصلت إلى بيت فرعون.
فأخذته السيدة آسية بنت مزاحم، وتبنته، وكان اللقاء الأول لموسى في بيت فرعون، على الرغم من نية فرعون على قتله خوفًا على ملكه، وجاء في البداية والنهاية لابن كثير عندما كبر موسى قليلًا فإذا بفرعون يداعبه فلطمه على وجهه فأوجعته.
فأمر فرعون بجمر وتمر، فإن أخذ موسى التمر يقتل وإن أخذ الجمر يترك، وكان موسى في مهده، فأخذ بالجمر فأحرق لسانه، أما اللقاء الثاني لموسى مع فرعون كان بعد عودة موسى من أرض فلسطين ليبلغ فرعون رسالة الله عز وجل ويدعوه للإيمان.
(وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ قَوْمَ فِرْعَوْنَ ۚ أَلَا يَتَّقُونَ) سورة الشعراء الآيتين العاشرة والحادية عشر، وقابل فرعون موسى بالكذب والنكران والتعالي في الطغيان والكفر.
فرعون مع السحرة في يوم الزينة
من أهم الفصول في ذكر قصص فرعون وموسى، هو ما حدث في يوم الزينة، فحدث في هذا اليوم ما لم يخطر على قلب هذا الطاغية، وفي هذه السطور سنعرض لكم ما ورد في هذه القصة.
قال الله سبحانه وتعالى في الآية التاسعة والخمسين من سورة طه (قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى)، يوم الزينة هو أحد الأعياد عند المصريين القدماء، فبعد أن جاء موسى إلى فرعون ليدعوه إلى عبادة الله أراه من الآيات.
فأخرج يده من جيبه فخرج بيضاء “وكان موسى أسمر اللون”، وألقى عصاه فإذا هي ثعبان عظيم (فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ) “الآية 107 من سورة الأعراف”، فقال فرعون لموسى إنه لساحر، وأخذ في جمع السحرة من أنحاء مصر ليوم الزينة.
جاء السحرة واتخذوا من فرعون وليًا وعزيزًا، وسألوا موسى من يُلقِ في البداية فقال لهم موسى أن يلقوا، فخُيِّل للناس أن الحبال والعصي أفاعٍ وحيات (قَالَ بَلْ أَلْقُوا ۖ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ) الآية السادسة والستين من سورة طه.
ثم ألقى موسى العصا فأكلت الحبال والعصي، فما كان من السحرة إلا أن خرّوا سجدًا لله سبحانه وتعالى مؤمنين برب موسى وكفروا بفرعون مما أثار الغضب فيه، بل وازداد في كفره متعجبًا كيف آمنوا بالله قبل إذنه لهم.
قال الحافظ ابن كثير في الجزء الثاني من كتاب البداية والنهاية، إن فرعون كان أول من قام بالتعذيب بقطع الأيدي والأرجل والسلب في النخل.
مما جاء في طغيان فرعون
في كل السطور السابقة ذكرنا لكم أن فرعون كان من أعتى ملوك الأرض في الطغيان، ولم نذكر لكم أيٍ من صور الطغيان، لذلك في تلك السطور سنعرض لكم ما جاء في قصة فرعون من طغيان.
لفرعون قصتين توضح طغيانه وعلوه في الأرض الأولى في قتله لماشطة شعر ابنته، كان لدى فرعون بنات وكان لكلٍ منهن ماشطة، فبينما هي تمشط شعر ابنة فرعون إذا بالمشط يقع، فأتت تعيده قائلة باسم الله.
فاستفسرت ابنة فرعون عن معنى ذلك فقالت الماشطة إن الله هو الذي خلق كل شيء، فنفرت ابنة فرعون، وذهبت تقص لأبيها ما حدث، فإذا بفرعون يحضر بقرة من نحاس ويحمى عليها ثم ألقى الماشطة وأبنائها في النار.
حادثة قتل الماشطة ترتب عليها قتل السيدة آسية، تلك التي لم ترضَ لقتل الماشطة لإيمانها، وكانت آسية مؤمنة بالله، فقالت له: “الويل لك ما أجرأك على الله”.
فأمر فرعون بأوتاد تضرب في الأرض وتشد أطراف آسية ويوضع على ظهرها صخرة وقالت (رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) “التحريم الآية 11”.
فأراها الله بيتها في الجنة فضحكت لما رأت وماتت، وجاء قول الله في فرعون الآية العاشرة من سورة الفجر (وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ).
هلاك فرعون
لعل آخر ما يذكر في القصص النهاية، لذلك في سطور هذه الفقرة سنعرض لكم من قصة فرعون هلاكه، ولماذا أغرقه الله سبحانه وتعالى بالغرق.
أخذ موسى بالمؤمنين معه من بني إسرائيل ويريدون الهرب من بني إسرائيل، وجنود فرعون من ورائهم، حتى إذا بلغوا البحر أمر الله موسى أن يضرب البحر بعصاه فأصبح البحر جبلين وبنيهما وادٍ جاف، فإذا بموسى يمر وقومه وتبعهم فرعون.
ثم أمر الله جانبي البحر أن ينطبقا على فرعون وهامان فغرقوا هم وجنودهم، وقال الشيخ بدر بن نادر المشاري إن الله سبحانه وتعالى أهلك فرعون غرقًا جزاءً لما فعله بأبناء بني إسرائيل، الجزاء كان من جنس العمل.
جعل الله لنا القصص في القرآن الكريم لأخذ العبرة منها، وبيان قدرة الله سبحانه وتعالى على القوم الظالمين، ورحمته بمن آمن من عباده.