علاقات

هل التصالح في الجنحة يسقط حق المجني عليه في التعويض المدني

هل التصالح في الجنحة يسقط حق المجني عليه في التعويض المدني؟ وما هو الفرق بين التصالح والتنازل؟ في الواقع تعتبر الأمور القانونية والمسائل الجنائية من الأمور التي يكثر فيها اللبس وتختلط فيها الأمور، فهناك الكثير من القوانين ونصوص المواد التي تختلف باختلاف بعض المعطيات والحالات، وعبر موقع البلد سنجيب عن سؤال هل التصالح في الجنحة يسقط حق المجني عليه في التعويض المدني أم لا.

هل التصالح في الجنحة يسقط حق المجني عليه في التعويض المدني؟

الصلح من الوسائل التي شرعها القانون في إنهاء الدعوى الجنائية، والجدير بالذكر أن التصالح يسري على الجرائم التي من الممكن أن يتوقف تحريك الدعوى فيها والبت في قضاياها على رغبة المجني عليه والشكوى الخاصة به، ولا يتم فيها الرجوع إلى المتهم وطلب موافقته للقيام بذلك.

يعني ذلك أنه في حال ما رغب المتهم في استكمال التحقيق لبيان براءته لن يتمكن من ذلك إذا ما قرر المجني عليه عقد جلسة للصلح، يتم وصف الصلح بكونه من صور الوسائل التي تقوم بتسريع إنهاء الإجراءات الخاصة بالدعاوى الجنائية.

السبب في ذلك هو كون المجني عليه يعتبر الشخص الوحيد الذي بإمكانه تقدير مدى الفائدة التي تعود عليه في حال استمرار الإجراءات القضائية أو توقيفها وانقضائها.

فالصلح يحسم موقف القضية من خلال بعض الخطوات اليسيرة التي تعد أسهل بكثير من إجراءات الدعوى والنزاع في ساحات القضاء العالي التي قد تستغرق شهور وربما سنوات في الكثير من الحالات، ولكن هل التصالح في الجنحة يسقط حق المجني عليه في التعويض المدني؟

في الواقع الإجابة على هذا السؤال هي نعم، فصلح المجني عليه والشاكي مع الجاني تتضمن في بنودها المخفية التنازل التام عن الحق الجنائي والمدني، ولا يجوز للمجني عليه المطالبة بأي تعويض عما تسبب فيه الجاني له من أضرار، فالتصالح يتشابه مع صدور حكم البراءة للجاني عليه، وليس من المنطقي أن يتم إسقاط التهمة بشكل تام عن الجاني والمطالبة بالتعويض في الوقت ذاته.

وبعد أن أجبنا عن سؤال هل التصالح في الجنحة يسقط حق المجني عليه في التعويض المدني أم لا، نستعرض لكم فيما يلي من سطور الفرق بين الصلح والتنازل في المفهوم الخاص بكل منهما وما جاء فيهما في نصوص المواد الخاصة بالقانون الجنائي، كما أننا سنعرفكم على الجرائم التي يمكن انهاؤها وحلها بالتصالح والتنازل.

ما افرق بين التنازل والتصالح عن الدعوى؟

في الواقع تعد الإجابة عن سؤال هل التصالح في الجنحة يسقط حق المجني عليه في التعويض المدني هي الفرق المحوري بين التنازل والتصالح، فالتصالح كما ذكرنا أعلاه يتم على أثره التنازل عن الحق المدني في التعويض عن أي أضرار وتلفيات تسبب بها الجاني، ولا يحق للمجني عليه المطالبة بها على الإطلاق، فهل يختلف الأمر في حالة التنازل؟

التنازل من الوسائل التي تعمل على إنهاء الدعوى والقضية التي يقوم المجني عليه بتحريكها ضد الجاني بهدف ملاحقته قانونيًا، والتنازل حسبما تم تشريعه يقتصر فقط على الجرائم التي يتطلب القانون عدم تحريكها إلا بشكوى، وهذا حسبما جاء في المادة رقم 312 من قانون العقوبات الخاص بجمهورية مصر العربية، والذي نص في بيانه على ما يلي:

“لا تجوز محاكمة من يرتكب سرقة إضرارًا بزوجه، أو زوجته، أو أصوله، أو فروعه إلا بناءً على طلب المجني عليه، وللمجني عليه أن يتنازل عـن دعواه بذلك في أية حالة كانت عليها، كما أن يقف تنفيذ الحكم النهائي على الجاني في أي وقت شاء.

في المادة أعلاه توضيح للحالات التي لا يتم فيها محاكمة مرتكب جريمة السرقة التي ينتج عنها أضرار لأحد الزوجين بسبب الآخر، كما أن هذه الحالة تشمل جرائم السرقة التي يتم فيها سرقة الجاني لأصوله أو فروعه من أفراد العائلة، فطلب المجني عليه هو المحرك الأول والأخير للقضية والدعوى، وهو من يمتلك الحق الأوحد في التنازل عنها متى شاء.

الفرق الجوهري بين التصالح والتنازل يكمن في كون التنازل عن قضية ما يعمل على إسقاط الحق الجنائي فقط دون الحق المدني، فالتنازل ليس له أي تأثير على سير القضية والدعوى في جانبها المدني، فيحق للمجني عليه المطالبة بتعويضٍ عما لحق به من أضرار وهذا عكس ما نصت عليه القوانين الخاصة بالصلح.

كما أنه بإجابتنا عن سؤال هل التصالح في الجنحة يسقط حق المجني عليه في التعويض المدني قلنا لكم أن التصالح من صور البراءة النهائية للمتهم عما بدر منه فيما يخص شقي الدعوى الجنائي والمدني، أما التنازل عن الشكوى لا يتم على أثره تبرئة المتهم.

لكن ما يتم هو مجرد شطب وإلغاء للإجراءات وانقضاء للدعوى الجنائية، ويبقى في عين العدالة ووجهة نظر الدولة مذنب.

نصوص المواد القانونية للتنازل والتصالح

في قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية وردت الكثير من المواد والنصوص التي اختصت بتوضيح كافة الجوانب الخاصة بالتصالح والتنازل، ومن صور هذه المواد كل مما يلي:

التنازل عن الدعوى في قانون الإجراءات الجنائية

جاء في المادة العاشرة من قانون الإجراءات الجنائية توضيح لبعض جوانب التنازل عن الدعوى المقدمة ضد الجاني من قبل المجني عليه، وعددت هذه المادة بعض الحالات والإجراءات المتخذة فيها، ونصت هذه المادة على ما يلي:

” لمن قدم الشكوى أو الطلب في الأحوال المشار إليها في المواد السابقة وللمجني عليه في الجريمة المنصوص عليها في المادة 185 من قانون العقوبات وفي الجرائم المنصوص عليها في المواد 303 و306 و307 و308 من القانون المذكور إذا كان موظفاً عاماً أو شخصاً ذا صفة نيابية عامة أو مكلفاً بخدمة عامة وكان ارتكاب الجريمة بسبب أداء الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة أن يتنازل عن الشكوى أو الطلب في أي وقت إلى أن يصدر في الدعوى حكم نهائي وتنقضي الدعوى الجنائية بالتنازل.

وفي حالة تعدد المجني عليهم لا يعتبر التنازل صحيحاً إلا إذا صدر من جميع من قدموا الشكوى، والتنازل بالنسبة لأحد المتهمين يعد تنازلاً بالنسبة للباقين، أما إذا توفي الشاكي، فلا ينتقل حقه في التنازل إلى ورثته إلا في دعوى الزنا، فلكل واحد من أولاد الزوج الشاكي من الزوج المشكو منه أن يتنازل عن الشكوى وتنقضي الدعوى.

في المادة أعلاه يُشار إلى أنه من الممكن التناول عن القضايا والشكاوي المقدمة في أي وقت حتى صدور الحكم النهائي للدعوى، فصدور الحكم النهائي يتسبب في انقضاء الدعوى الجنائية بشكل تام وتطبيق القرار الذي أسفر عنه التقدم بالشكوى وما تم النطق به في الحكم النهائي.

كما عددت المادة أعلاه بعض الحالات التي أثارت اللبس واللغط عند التنازل، فتعدد المجني عليهم مثلًا لا يصح في حالتهم التنازل بتنازل شخص واحد فقط، فالتنازل يجب أن يكون من كافة الأطراف، والجدير بالذكر أن التنازل عن تقديم الشكوى في جانٍ واحد هو تنازل عن الدعوى الجنائية ضد كافة الجناة.

نصت المادة أيضًا على كون وفاة الشاكي تتسبب في سقوط الحق في التنازل فلا يتوارث الحق إلا في حالة دعوى الزنا، ففي مثل هذه الدعاوي لكل واحد من أولاد الزوج الشاكي الحق في التنازل عن الدعوى والشكوى لانقضائها أو الاستمرار فيها.

ما جاء في قانون الإجراءات الجنائية عن التصالح

اختصت المادة 18 من قانون الإجراءات الجنائية بالحديث عن الصلح والتصالح بشكل تفصيلي، والحديث عن التصالح جاء في ثلاثة مواد تابعة للمادة 18 وهي المادة 18 مكرر أ، والمادة 18 مكرر ب، بالإضافة إلى المادة 18 مكرر، وجاء في نصوص هذه المواد ما يلي:

“يكون التصالح بموجب تسوية بمعرفة لجنة من الخبراء يصدر بتشكيلها قرار من رئيس مجلس الوزراء ويحرر محضر يوقعه أطرافه ويعرض على مجلس الوزراء لاعتماده ولا يكون التصالح نافذاً إلا بهذا الاعتماد ويعد اعتماد مجلس الوزراء توثيقاً له وبدون رسوم ويكون لمحضر التصالح في هذه الحالة قوة السند التنفيذي”

تنص هذه الفقرة من المادة 18 مكرر ب على أن التصالح يتم بمعرفة لجنة من الخبراء، ولا يتم تشكيل هذه اللجنة إلا من قبل رئيس مجلس الوزراء بشخصه، ويتم تحرير محضر موقع من أطراف التصالح كافة ليتم عرضه على رئيس مجلس الوزراء لاعتماده والتصديق عليه، ولا يكون هذا التصالح مقبولًا أو جائزًا إلا بالتصديق والاعتماد.

” فإذا تم التصالح بعد صيرورة الحكم باتاً وكان المحكوم عليه محبوساً نفاذاً لهذا الحكم جاز له أو وكيله الخاص أن يتقدم إلى النائب العام بطلب لوقف التنفيذ مشفوعاً بالمستندات المؤيدة له، ويرفع النائب العام الطلب إلى محكمة النقض مشفوعاً بهذه المستندات ومذكرة برأي النيابة العامة وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ تقديمه”

في هذا الجزء من المادة رقم 18 مكرر ب من قانون الإجراءات الجنائية نص القانون على أن التصالح يتسبب في وقف تنفيذ الأحكام النهائية التي يُحبس على أثرها الجاني، وهذا لا يتشابه مع التنازل، فالتنازل لا ليس له قيمة بعد صدور الحكم النهائي والبت في القضية.

” إذا تحققت من إتمام التصالح واستيفائه كافة الشروط والإجراءات المنصوص عليها في هذه المادة ويكون الفصل في الطلب خلال خمسة عشر يوماً منذ تاريخ عرضه وبعد سماع أقوال النيابة العامة والمحكوم عليه”

بعد تقديم طلب التصالح بعد تنفيذ الحكم تتحقق اللجان المعنية من صحة التصالح لوقف تنفيذ الأحكام النهائية، والفصل في طلب التصالح يتم خلال خمسة عشر يومًا وبعد الاستماع لأقوال النيابة العامة في القضية ورأي المحكوم عليه.

الجرائم بين جواز التصالح وعدمه

بعد أن قمنا بالإجابة عن سؤال هل التصالح في الجنحة يسقط حق المجني عليه في التعويض المدني أم لا وعرفنا أن الحق المدني يسقط بالتصالح على عكس التنازل، وجب علينا أن نستعرض لكم الجرائم التي يجوز فيها التصالح والجرائم التي لا يتم فيها ذلك، وفي البداية نذكر القضايا التي يجوز فيها التصالح، وتشتمل هذه القضايا على كل ما يلي:

يجوز التصالح في بعض الجنح من أمثلة:

  • القتل الخطأ.
  • النصب والخداع.
  • خيانة الأمانة في ورقة موقعة على بياض.
  • انتهاك حرمة ملك الغير.

أما صور المخالفات التي يجوز فيها التصالح فهي تتمثل فيما يلي:

  • المشاجرات والإيذاء الخفيف.
  • إتلاف المنقولات بإهمال.
  • التسبب في موت الدواب والبهائم بإهمال.
  • السب غير العلني.
  • الدخول والمرور في الأراضي المزروعة.

بالانتقال إلى الجرائم التي لا صلح فيها نجد أنها تتمثل في كل من الترويع وانتهاك الأعراض بالإضافة إلى خطف الأطفال وغير الأطفال وفرض السيطرة بالإضافة إلى الاغتصاب، فالقانون هنا ينص على كون هذه الجرائم تمس المجتمع ككل وليس المجني عليه فقط.

الجدير بالذكر أن كل من التصالح والتنازل يكون فيهم الطرف المسؤول عن استكمال الشكوى من عدمها هو المجني عليه، ولكن التصالح قد يتم فيه تقديم الجاني لطلب يتم من خلاله تشكيل لجنة للحديث ومعرفة ما إذا كان هناك إمكانية لعقد صلح من عدمه، أما التنازل فليس للجاني فيه شأن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى