حكم النفقة على الأولاد من الأحكام الموضحة في القرآن الكريم والسنة النبوية وأجمع عليها كبار العلماء والفقهاء، فالنفقة على الأولاد هي تولي الأب مسؤولية النفقة على أولاده، وهذا الأمر من الأمور الغاية الأهمية على المستوى الديني والاجتماعي ونظرًا إلى ذلك فسنوضح اليوم من خلال موقع البلد حكم النفقة على الأولاد.
حكم النفقة على الأولاد
اجتمع العلماء على أن النفقة واجبة على الوالد وذلك كما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية، وهناك بعض النقاط الأخرى التي اتفق عليها العلماء بما يخص هذا الأمر وكانت أبرز هذه الأحكام ما يلي:
- وجوب النفقة على الأبناء العجزة سواء كانوا هؤلاء الأبناء كبار أو صغار.
- ليس شرطًا أن ينفق الوالد على ولده في حالة إن كان هذا الولد له مال ينفق منه، حتى لو كان هذا الولد صغيرًا.
- لا يلزم الوالد بالنفقة على ولده الذكر بمجرد بلوغه ومقدرته على الحصول على الأموال.
- هناك بعض العلماء الذين أجمعوا أنه لا يلزم النفقة على الابن الفقير البالغ الذي يستطيع كسب الأموال، وهناك علماء آخرون أجمعوا على أن الوالد يُلزم بالنفقة عليه.
- أما بالنسبة للبنت فيلزم على الأب أن ينفق عليها حتى تتزوج وهذا بإجماع جميع العلماء.
أدلة النفقة على الأولاد
في الدين لا يتم الإلزام بشيء دون أن يكون له أساس من القرآن والسنة النبوية، فالدين لما يترك شيء لم يوضحه، فكل شيء موضوع له القوانين والأحكام، وبناءً على هذا تكون الأدلة الخاصة بوجوب النفقة على الأولاد هي:
1- الأدلة من القرآن الكريم
جاءت آيات في القرآن الكريم التي تشير إلى وجوب النفقة على الأولاد وهذه الآيات تتمثل فيما يلي:
- قول الله تعالي: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [سورة البقرة، الآية 233].
يكون وجه الدلالة عنا هو أن الأب يجب عليه أن يكسو ويطعم ولده بالمعروف.
- قول الله عز وجل: (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجورَهُنَّ) [سورة الطلاق، الآية 6].
الدلالة هنا هي أن الله عز وجل أوجب أجرة أن يتم إرضاع الولد وهذه الأجرة يتكفل بها الأب، وبالتالي وجوب نفقته على الولد.
2- الأدلة من السنة النبوية
لم تغيب عن السنة النبوية أدلة النفقة على الأولاد، فجاءت الأدلة كالآتي:
- عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ هِندًا قالت: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أبا سُفيانَ رَجُلٌ شَحيحٌ، وليس لي إلَّا ما يدخُلُ بيتي، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “خُذِي ما يكفيكِ ووَلَدَك بالمعروفِ” حديث صحيح، روته عائشة أم المؤمنين.
في هذا الحديث نص صريح بوجوب النفقة على الأولاد.
- عن أبي هُرَيرةَ قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “أفضَلُ الصَّدَقةِ ما ترك غِنًى، واليدُ العُلْيا خيرٌ من اليَدِ السُّفلى، وابدأْ بمن تعولُ” حديث صحيح، رواه أبو هريرة.
هذا الحديث يشير إلى وجوب نفقة الآباء على أولادهم.
- في رواية أخرى للحديث: “…، وابْدَأْ بمَن تَعُولُ. تَقُولُ المَرْأَةُ: إمَّا أنْ تُطْعِمَنِي، وإمَّا أنْ تُطَلِّقَنِي، ويقولُ العَبْدُ: أطْعِمْنِي واسْتَعْمِلْنِي، ويقولُ الِابنُ: أطْعِمْنِي، إلى مَن تَدَعُنِي؟! فَقالوا: يا أبَا هُرَيْرَةَ، سَمِعْتَ هذا مِن رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ قالَ: لَا، هذا مِن كِيسِ أبِي هُرَيْرَةَ” حديث صحيح، رواه أبو هريرة.
نفقة الوالد على أولاده وبناته بعد البلوغ
تنقسم هذه المسألة إلى أكثر من فرع، وسنوضح تفصيلًا أحكام كل فرع فيما يلي:
1- نفقة الوالد على الأبناء الذكور (القادرين على التكسب)
الجدير بالذكر هنا أن الأولاد التي يكون لها القدرة على التكسب نفقة الأب عليهم لا تكون واجبة، وذلك باتفاق جميع الأئمة، وهذا يرجع إلى الأسباب الآتية:
- الشخص المقتدر على التكسب يكون مستغني عن النفقة بما يكسبه.
- وجوب النفقة في حالة المواساة والمساعدة وهذا الشخص لا يحتاج إلى ذلك.
2- نفقة الوالد على الأبناء الذكور (غير القادرين على التكسب)
في حالة إذا كان الأبناء الذكور ليس لديهم المقدرة على التكسب فيجب على الوالد في هذه الحالة أن ينفق عليهم وذلك بالإجماع من الأئمة الأربعة الحنفية، والشافعية والمالكية بالإضافة إلى الحنابلة، وهذا الوجوب يرجع إلى الأسباب التالية:
- فقر الأولاد يستحق النفقة من والدهم (القادر على النفقة عليهم).
- عجز الأولاد عن كفالة أنفسهم.
3- نفقة الوالد على بناته
بإجماع الأئمة الأربعة فقد وجب إنفاق الأب على بنته مالم تتزوج وذلك، وذلك للأسباب التالية:
- لأن الأب عليه الولاية على الأنثى حتى تتزوج، فيجب أن ينفق عليها كالفتاة الصغيرة فلا فارق في السن أو وصولها للبلوغ من عدمه.
- عجز الفتاة على الاكتساب وذلك في حالة ألا تكون متزوجة، فتكون النفقة عليها كنفقة الوالد عليها في صغرها لحاجتها إلى ذلك.
شروط وجوب النفقة
في ضوء التعرف إلى حكم النفقة على الأولاد سنجد أن هناك بعض الشروط التي يجب أن تتحقق لكي تكون النفقة واجبة، وهذه الشروط تتمثل في التالي:
- يجب أن تكون الأولاد فقراء وغير قادرون على جني المال لكي يستلزم على الأب الإنفاق عليهم.
- يجب ألا يكون للأبناء مصدر لكسب المال يمكنهم الاستغناء به عن نفقة الغير.
- في حالة أن يكون لهم مصدر لكسب المال فتكون نفقة الأب على الأولاد غير واجبة.
فضل النفقة على الأولاد
بكل تأكيد كل عمل خير يفعله الإنسان في حياته يثاب عليه من الله عز وجل، ولذلك فإن نفقة الأب على أولاده وزوجته يكون لها فضل كبير، وهذا الفضل يمكن تمثيله في النقاط التالية:
- تعتبر نفقة الأب على الزوجة والأولاد من الأعمال الطيبة التي يتقرب بها الرجل إلى ربه.
- هناك الكثير من الحسنات التي يجنيها الرجل بسبب فعله لذلك، وفي كل الأحوال النفقة تجب عليه في إطار ما يستطيع فعله، فلا يُطلب منه فعل شيء غير قادر عليه.
- النية الحسنة التي ينويها الشخص وهو ينفق على أسرته تجعله يحصل على الثواب والأجر من الله عز وجل.
- من الذنوب الكبيرة التي يجنيها الرجل هي ألا ينفق الرجل على أسرته على الرغم من قدرته على فعل ذلك، وفي هذه الحالة فقد أباح الدين فيها أن تأخذ الزوجة من مال الزوج لتكفي احتياجات أسرتها ويكون ذلك في المتوسط دون الإسراف والمبالغة.
حكم النفقة على الأولاد من الأمور التي يجب اللجوء إلى الدين فيها للتعرف على أصل الحكم وإذا كان واجب أم لا فالدين الإسلامي لم يترك شيئًا إلا وقد وضع له الضوابط والقوانين، فالكون لم يترك كالهباء المنثور.