الهتيمي وش يرجع
الهتيمي وش يرجع نسبه وأصله؟ وما معنى الهتيم؟ عادةً القبائل العربية تتفاخر فيما بينها بالصفات والنسب والإنجازات الخاصة بكل قبيلة، أضف لذلك اسم قوي أو ذا دلالة جيدة لتجد أن أبناء هذه القبيلة يمشون رافعي رؤوسهم.
فكما لكل امرؤ من اسمه نصيب، يبدو أن القبائل تعامل أسمائها من هذا المنطلق؛ لذا فالهتيمي وش يرجع أصله الذي يُخلف هذا الفخر؟ هذا ما سوف نعرفه عبر موقع البلد.
الهتيمي وش يرجع
إن لفظة الهتيم لم تكن معروفة قبل قرن ونصف من الزمان، وهو اسم يشير إلى معنى يُراد به التقليل من شأن القبيلة؛ فهو لفظ يقوم العرب بإطلاقه على كل عصبة من الناس قل شأنهم وضعف مركزهم، ولكن الهتيمي وش يرجع أصله يجعله فخورًا رغم المعنى السيء لاسم القبيلة.
جدير بالذكر هنا أن الاسم أصله ليس “الهتيم” والذي تم نعت القبيلة به كازدراء، ولكن الأصل هو كلمة “الحطيم” ولكن تم تحويل الاسم لهذا كيدًا بهم، لما لهم من أفعال لم تلقى سوى الرفض والغضب في نفوس العرب، على الرغم من إنجازاتهم.
أما ما يجعل القبيلة إحدى القبائل التي تهيم فخرًا بنفسها هو أنها كانت من القبائل التي تسيطر تمامًا على منطقة نجد، وتحكم قبضتها حولها، وعليه فقد كان لها مكانة سامية، أضف لذلك أنه عند التفكر الهتيمي وش يرجع نسبه؟ نجد إنه يعود إلى “عمرو بن كلاب”.
أما الجدير بالذكر فإن عمرو كان منتميًا في الأصل إلى بني عامر الصعصعة من قبلية هوازن قيس بن عيلان، في منطقة تدعى “مضر” من عدنان.
إن التسلسل الصحيح لأصول هذه القبيلة يتضخم في اسمها وهو: “هتيم من بني عوف بن عمرو بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن” وهو الاسم الكامل الذي يعود إلى أول أصل معروف لهذه القبيلة.
حقيقة نسب الهتيمي إلى قبيلة عبس
إضافة إلى نسب القبيلة إلى بني كلاب فإن جذورهم ضاربة في قبائل أخرى هي “عبس” وآخرين من “قيس علان”؛ هذا ما شاع عنهم.. إلا أن شيوخ القبيلة قاموا بنفي هذا.
قام البعض بإطلاق إشاعة أن الهتيمي يعود أصلهم إلى عبس؛ حيث إن الأخيرة قد هاجرت في القرن الـ 18، وقد آتي على ذكر هذه الهجرة عدد من المؤرخين والكتاب أمثلة:
- القلقشندي
- ابن خلدون
إلا أن شيوخ القبيلة من أمثال الشيخ: “محمد بن رزيقان العويمري الرشيدي” قام بتوضيح حقيقة الأنساب، وقد أرجع أصل القبيلة إلى بني كلاب كما سبق وأشرنا.
نذكر في هذا أنه مهما كان أصل نسب هذه القبيلة فكل الأقاويل التي دارت حول نسبهم تعود إلى قبيلة “هوازن” نفسها، وهي القبيلة الأم التي ينتمون إليها حقًا.
ديار قبيلة الهتيمي
الآن بعد أن ذكرنا الهتيمي وش يرجع أصله؟ نذكر أن هذه القبيلة كان لها انتشار ومنازل في عدة مناطق أمثال:
- الخرمة، الحرار، رنية، نملى، جرب
- كرا، كلاخ، حوضي، تين، ضبع
إلا أن هذه الأماكن لم تكن حكرًا على الهتيمي فقط، بل شاركهم فيها قبائل أخرى على سبيل المثال: “سبيع بن عمر، نمير، البقوم، غامد، زهران”.
من الذي قام بقتل هتييم العامريين؟
لطالما كانت هناك حروب بين القبائل منذ قديم الأزل طمعًا في النفوذ والسلطة وإحكام السيطرة على الأراضي، ورغبة كل قبيلة في فرض قوانينها على الأخرى، ونتيجة لهذا كان التقاتل فيما بينهم أمر شائع فيما سبق، إضافة إلى ذلك فقد كان التقاتل بين الرجال وبعضهم وارد للغاية؛ نزاعًا على أمر أو آخر.
قام أحد الشعراء آنذاك بقتل بني هتيم العامريين، واسم هذا الشخص بالكامل هو: “الحنتف بن السجف بن بشير بن الأدهم بن صفوان بن صباح بن عبد الحارث بن ظريف بن عمرو بن عامر بن ربيعة بن كعب بن ثعلبة بن سعد بن ضبة بن طابخة بن الياس بم مضر بن نزار“.
بعد أن قام بقتله عمل على تأليف شعرًا يخلد الواقعة مزهوًا بما فعله، وقد كتب ما يلي:
“فرقت بين بني هتيم بطعنةً.. لها عاند كسو الكلابي إزار
ووجدت بنفس لإيجاد بمثلها.. وقد كان نبح النابحاتِ هرارُ
حفاظًا وذبًا عن حريمي ونصرة.. ولم أتحمل في المواطنِ عار“
سبب تغيير اسم قبيلة الهتيمي
إن الهتيمي وصمت بالعار؛ وعليه فقد قاطع هذه القبلية كل قبائل العرب المجاورة؛ بسبب قيامهم باتخاذ أعداء المسلمين أخلاء ومناصرتهم على آباء العرب المسلمين.. فقد ناصرت هذه القبيلة “القرامطة”، مما جعلها وصمة عار دفعتها لتغيير اسمها علها تتخلص من ذنب أجدادهم.
على إثر ذلك وفي عام 1379هـ، قامت القبيلة بالتخلي عن اسمها “الهتيمي” وأصبح يُطلق عليها بنو رشيد، وعلى الرغم من هذا لا تزال معروفة في “الحجاز، نجد” باسمها القديم إلى وقتنا هذا.
لكن القبيلة كقبيلة قد تفرقت وتشتت؛ لاختلاط نسبهم بنسب قبائل أخرى، واكتسبوا أسماء حديثة تجعل من العسير معرفة نسبهم إلا من قِبل المهتمين بعلم الأنساب.
حادثة تأييد الهتيمي للقرامطة
كان موقع هذه القبيلة قديمًا في منطقة يُطلق عليها اسم “الخرمة”، وهي منطقة واقعة بين (رنية، بيشة).
قد استمر هذا الوضع إلى مجيء القرامطة لإحدى المناطق التي تقيم بها الهتيمي وهي منطقة “بيشة” وحدث ذلك في عام 420هـ، جماعة القرامطة كانت إحدى أكثر الفرق دموية ووحشية، وقد جاءوا بمعتقدات هدامة أباحت سفك دماء أعدائهم وإن كانوا على مثل ملتهم.
انضمت لهم قبيلة الهتيمي مديرة ظهرها إلى إخوانها وجيرانها، الامر الذي لن يغفره الآخرون قط.
عندما توسعت هذه الجماعة الدموية وامتدت إلى “عسير” التقى بهم أمير هذه المنطقة في منطقة تدعى “مهرة”، وقد كان له اليد العليا في هذا النزال فتمت هزيمة القرامطة، وتم أسر ما يزيد عن 1000 رجل من قبيلة الهتيمي، وتم تجريدهم من كل ما يملكونه والتشهير بهم وإهانتهم.
جدير بالذكر أن أرجح القول حول حقيقة اسم أمير عسير آنذاك هو “محمد بن عبد الله بن سعيد بن هاشم“، إلا أن الأحداث بشكل دقيق تدخل في علم الغيب حيث كُثرت التكهنات حول هذه الحادثة.
التبرؤ من اسم الهتيمي
هناك حديث صحيح تم ذكره في “صحيح الجامع” عن الرسول (ص): “منِ انتسبَ إلى غيرِ أبيهِ، أوْ توَلَّى غيرَ موالِيهِ، فعلَيْهِ لعنةُ اللهِ والملائِكَةِ والناسِ أجمعينَ“.. وعليه فلا يجب أن يتبرأ المرء من أفعال أجداده بنسب نفسه إلى آخرون فقط قال الله -تعالى-:
- “وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ” سورة فاطر الآية 18.
لذا على الشخص أن يهتم بنفسه، وأن يحسن في اختباره الدنيوي، دون العيش في ظل أخطاء من سبقوا.
الأشعار التي قيلت في قبيلة الهتيمي
كعادة العرب في التفاخر والتباري بالأشعار.. فكل قبيلة كانت قوية يومًا كان يُكتب فيها شعرًا، حيث يقوم الشعراء بتأليف القصائد والنثر والشعر حول عزة القبيلة وشجاعتها وإنجازاتها، ومن الأشعار التي غزلت حول الهتيمي هي:
“هتيمً هيا السماءُ هتيما.. من عمرو من كِلابً كالموج تسطليم
من استطالت بالقبائل بعزِ جائشها.. وذرأتهم يومَ الوغى ذرءَ الهشيما
وهم من ناصروا ابن قرمطا.. وهو فرسان الضحى والليل العتيما
وهم من ملكوا البلاد من بعد عزً.. وهم من نزحوا عنا الظليم“
هناك شعر آخر قد حولهم، وهو مذكور في كتاب “النقائض”، نذكر لكم منه البيت الآتي:
“ونحنُ قَتلنا ابنَيْ هُتَيْم وأَدْرَكْتَ.. بُجيرًا بِنا رَكْضُ الذُّكُورِ الصَّلادِمِ“
نزيدكم من الأشعار التي نُسجت حول هذه القبيلة:
“لا تهج ضبة يا جرير فانهم.. قتلوا من الرؤساء ما لم تقتل
قتلوا شتيرًا يوم غول وابنه.. وبني هتيم يوم دار مأسل“
علم الأنساب وأصول القبائل لا يزال موضع تفاخر بين العرب وبعضهم لهذا اليوم، وعليه وضحنا الهتيمي وش يرجع أصله؟ أملين لكم الإفادة.