قررت أن أستعرض لكم تجربتي مع المشي على الريق بعد المردود الطيب الكبير الذي عاد عليَّ من القيام بذلك لسنوات متواصلة بلا كلل أو ملل، وما زاد رغبتي في مشاركة تجربتي هو تزايد هذا الطلب من الأصدقاء المقربين لي بعدما رأوا التغيرات التي طرأت عليَّ، وعبر موقع البلد سأقص عليكم تجربتي مع المشي على الريق وفوائد القيام بهذا الأمر.
تجربتي مع المشي على الريق
قبل أن أبدا بقص تجربتي مع المشي على الريق والحديث عن تفاصيلها ومراحلها وجب عليَّ في بداية الأمر أن أعرفكم بنفسي، أنا سيدة على مشارف الأربعين من عمري، وأنا أُم لفتاتين على أعتاب المرحلة الإعدادية في هذه الأيام، والجدير بالذكر أن الفتاتين هما من كانا السبب في الواقع لبدء تجربتي مع المشي على الريق.
في بداية الأمر علينا أن نتفق أن الأمومة من أصعب المراحل التي من الممكن للأنثى أن تمر بها، ولكن على الرغم من ذلك فهي أجملها، فلا يمكن لأحد أن يُنكر أن هذا الكم الهائل من السعادة والحب بالإضافة إلى العطاء والحنو جاء بعد أن عانى الجسد لشهورٍ طوال، فما أكثر الآلام الجسدية والأعباء النفسية التي تُرافق هذه المرحلة الخاصة بالحمل والولادة.
لكن ما يُمكن أن يُطلق عليه أعراض جانبية للحمل هي أمور لها القدرة على الاستمرار طويلًا والتأثير على المدى القريب والبعيد، فبعد الولادة يتغير شكل الجسم وأسلوب الحياة وتطرأ العديد من التغيرات على كافة الجوانب في الواقع، فالمسؤوليات تتزايد، والتفكير يكثر ويزداد معه الوزن والضغوطات بالإضافة إلى الجهد البدني المطلوب.
كل ذلك تسبب لي بالكثير من الأضرار النفسية والبدنية، ففلذتي كبدي نتج عنهما الكثير من الدهون والترهلات الجلدية التي ترسم بين طياتها وثناياها تاريخ طويل من الإخلاص في التربية والاهتمام وتحمل المسئولية، لا أُخفيكم سرًا استمر الوضع على هذه الحالة لفترة طويلة، ولكن جاء يوم شعرت فيه بالرغبة في تغيير ذلك، وكانت هذه نقطة البداية الحقيقية ل تجربتي مع المشي على الريق.
لحظة أشبه بمنعطف تاريخي شكلت الفارق
في يومٍ من الأيام كنت أتأمل الملاكين الذين رزقني الله بهما ووهبني إياهما وهما يُحضران نفسيهما للذهاب إلى المدرسة، لا أعلم ما الذي كان مختلفًا في هذا اليوم عن غيره، ولكن خالجني شعور جميل مُغطى بالحزن قليلًا، فمع هذا الشعور رأيت كل الفترات التي عشتها مع بناتي في صغرهن وكيف كنت سعيدة للغاية لمجيئهن وإضفاء طعم ونكهة لحياتي، وهذا هو الجزء الجميل من الشعور الذي خالجني.
أما بالنسبة للجزء المُحزن في التفكير فقد شعرت أنني هرمت في الواقع، جسدي لم يعد متماسكًا ممشوق القوام كما كان عليه الأمر طوال حياتي، شعري بدأ في التساقط، وذهني دائمًا وأبدًا شارد يُفكر فيما يجب أن أقوم بتحضيره للغداء، ما هو حال الأبناء، بالإضافة إلى الكثير من المشاكل التي خيمت على حياتنا وأفكر جاهدة لحلها.
في هذه اللحظة شعرت أن طفلتي الصغيرتين لم تعودا طفلتين، فهما قادرتان على تحضير نفسيهما للمدرسة، الدراسة دون إشراف مني، وغيرها من الأمور التي ولدت في داخلي شعور بأنني ووالدهما أحسنا التربية بحق، وهذا ما عزز رغبتي في تغيير نمط حياتي، فبعد أن اهتممت بالفتاتين جاء دور الاهتمام بنفسي بعض الشيء لأستطيع مواكبة الحياة وأكون راضية عن الحالة النفسية والجسدية الخاصة بي.
كنت أعاني من بعض المشاكل المزاجية، بالإضافة إلى الخمول كما أنني كنت أعاني من بعض مشاكل المناعة، وبكل تأكيد حدث ولا حرج عن الأمور النفسية والقلق الذي كان يتسبب في عدم القدرة على النوم والأرق الشديد.
اتخاذ القرار وبعض الخطوات الجدية
شاركت ما أمر به مع بعضٍ من صديقاتي اللواتي يمرون بنفس ما أمر به تقريبًا ويرغبن في تغيير هذا الواقع، وبعد الكثير من النقاشات حول طريقة تغيير هذا النمط الحياتي والدوري توصلنا في نهاية المطاف إلى البدء في ممارسة الرياضة، ولكون الحياة مليئة بالمشاغل لم نجد إلا فترة الصباح لممارسة الرياضية.
لم نكن نعلم ما هي الرياضة التي نرغب في ممارستها، ولكن كل ما استقرينا عليه هو أننا سنمارس الرياضة في الصباح، في إطار تفكيري في الموضوع ليلًا تذكرت أن لي أحدًا من معارفي يعمل أخصائي للتغذية، لذا قررت في صباح اليوم التالي طلب الاستشارة منه.
في الصباح قمت بطلب النصيحة من أخصائي التغذية وقال لي إن المشي في الصباح على معدة خاوية أو ما يُعرف اصطلاحًا بكلمة على الريق كان هو الحل الأمثل الذي يُرضي كافة الأطراف، فالمشي من أهم الرياضات، كما أن توقيت الممارسة الصباحية للرياضة يُلائم حياتنا ومسؤولياتنا اليومية بشكل كبير.
ناهيك بكل تأكيد عن الفوائد الخاصة بالمشي الصباحي على الريق والتي تتمثل في كل ما يلي:
- تقليل الوزن.
- تحسين القدرة على النوم.
- تعزيز القدرة الذهنية.
- تقوية عضلات الجسم والتخلص من الترهلات.
- تحسين الحالة المزاجية.
- مد الجسم بالطاقة اللازمة للنشاطات اليومية.
- تحسين قدرة الجسم على مواجهة الأمراض والحالات الصحية.
بعرض الفكرة على صديقاتي وافقن بالإجماع، وفي السابعة من صباح اليوم التالي كانت أول أيام تجربتي مع المشي على الريق، ولكن الجدير بالذكر أننا اتبعنا بعض التعليمات الهامة التي أوصانا بها أخصائي التغذية، واشتملت هذه النصائح على ما يلي:
- عدم تجاوز فترة المشي 60 دقيقة.
- التأكد من الترطيب الدوري للجسم وشرب المياه لعدم التعرض لخطر الجفاف.
- تجنب شرب المشروبات الغنية بالكافيين أو الحمضيات.
- أمر الجسم بالتوقف يعني التوقف، فأي آلام تُصيبك هي حكم نهائي بانتهاء فترة التمرين قبل وقتها.
أعتقد أن كافة هذه النصائح منطقية وطبيعية، ولكن ما جعلني أشعر بالريبة هو قوله أننا يجب أن نتناول بعض الطعام قبل التمرين، فكنت أخال أن تجربتي مع المشي على الريق سيكون لها من اسمها نصيب، ولكن قال الأخصائي أن هذا مُسمى اصطلاحي فقط.
أصر الأخصائي على أنه يجب تناول وجبة صغيرة لمد الجسم بالطاقة، وفي الواقع أشار أيضًا إلى أن تناول وجبة صغيرة سيعزز من حرق الدهون، فكيف يكون ذلك!!
تناول الطعام لتعزيز حرق الدهون
لعل هذا هو الفصل الأغرب في كل تجربتي مع المشي على الريق، وبسؤالي للأخصائي قال لي أن الجسم بشكل أساسي يعتمد على السكر الموجود في العضلات لتخليق الطاقة، ولا يلجأ للدهون ويحرقها لاستخلاص الطاقة طالما كان هناك سكر في العضلات.
الجسم يلجأ للحل الأسهل والوسيلة المضمونة بشكل كبير وفي هذه الحالة هذه الوسيلة هي السكر الناتج عن النشويات، كما أن الكبد يقوم بإنتاج المزيد من السكريات لاستخدامها في شكل طاقة من خلال تحليل السكر الموجود في أنسجة العضلات.
يمكننا أن نستخلص من ذلك أن عدم تناول الطعام قبل التمرين من دوره أن يهدم العضلات والأنسجة بدلًا من أن يبنيها ويعززها، لذا ينصح الخبراء بتناول كمية قليلة من الطعام، فخير الأمور أوسطها لا يجب التمرين على معدة خاوية ولا بعد تناول وجبة رئيسية مباشرة.
بعد تناول بعض الطعام قبل التمرين يعمل الجسم على حرق الدهون في محاولة لتقليل مخازن الكربوهيدرات، والجدير بالذكر أن الحرق الخاص بالدهون يبدأ بعد فترة تتراوح من 16 وحتى 20 دقيقة من بداية التمرين.
حصاد موسم زراعي استمر طويلًا
بعد أن وصلت تجربتي مع المشي على الريق لشهرها الثالث بدأت هناك بعد التغيرات الجذرية التي تطرأ، فلاحظ زوجي أن قوام جسدي أصبح أفضل، ولاحظ الجميع في الواقع أن مزاجي لم يعد متقلبًا كما كان عليه الأمر، وبمرور الوقت والمواظبة على المشي الصباحي رفقة صديقاتي تزايدت النتائج الإيجابية بشكل ملحوظ.
في يومنا هذا وصلت تجربتي مع المشي على الريق للعام الخامس لها، وفي خلال هذه الأعوام الخمس أشعر أنني ولدت من جديد، فأشعر أنني أصغر على الرغم من تقدمي في العمر سنواتٍ خمس، أصبحت أكثر نشاطًا، التزمت بالحميات الغذائية، أصبح قوام جسدي ممشوق، حتى أن مناعتي ومظهري الخارجي أصبحوا أفضل بكثير.
بلا شك أصبحت بخوض تجربتي مع المشي على الريق شخص جديد أكثر صحة وأفضل على كافة الجهات والأصعدة، أنا الآن أنام جيدًا لأستيقظ وأيقظ فتياتي لممارسة الرياضة سويًا، يمكنكم القول أنني قررت أن اورثهم هذه الخصلة عنوة.
في نهاية سردي لتجربتي مع المشي على الريق أنصحكم بتجربة القيام بذلك، قد يكون الأمر صعب في بدايته أعلم، لكن بجعل هذه الخصلة من الروتين اليومي لك سيكون الأمر ممتع ومُرضي للغاية، وثقوا بي النتائج تستحق التجربة.