حكم خروج المذي بشهوة والتفكير قد تحدث فيه الفقهاء باختلاف مذاهبهم مطولًا وفصلوا بين أنواع السوائل التي تخرج من الرجل والمرأة وكيفية التفرقة بينهم والأحكام المترتبة على كل نوع منهم.
فالرجل أو المرأة في بعض الأحيان بعد التفكير في الأمور الجنسية طويلًا أو المرور بأي شيء قد يثيرهم جنسيًا قد يخرج سائل من العضو التناسلي، وهنا يجب تحديد هذا السائل ما نوعه وبالتالي تحديد هل يجب الغسل أم لا.
في هذا الموضوع على موقع البلد سنتناول أقوال الفقهاء في حكم خروج المذي بشهوة والتفكير وتفصيلهم لأنواع السوائل.
حكم خروج المذي بشهوة والتفكير
في العدد رقم 10708 من (جريدة البلاد) المنشور في يوم الأحد الموافق 16/5/1413 هـ قال الإمام الباز رحمه الله أن حكم خروج المذي بشهوة والتفكير أو دون شهوة هو الوضوء بعد غسل الذكر والأنثتين فقط ولا غسل عليه.
ذلك لحديث سهل بن حنيف أنه قال:
“كنتُ ألقى منَ المَذيِ شدَّةً، وَكُنتُ أُكْثرُ منَ الاغتِسالِ، فسألتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عن ذلِكَ، فقالَ: إنَّما يجزيكَ من ذلِكَ الوضوءُ، قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، فَكَيفَ بما يصيبُ ثوبي منهُ؟ قالَ: يَكْفيكَ بأن تأخذَ كفًّا من ماءٍ، فتنضَحَ بِها من ثوبِكَ، حيثُ ترى أنَّهُ أصابَهُ” (صحيح أبي داود 210)
فالحمد لله تعالى أن الإسلام هو دين الرحمة والتيسير على العباد؛ كما انه الغسل من المني واجب لرفع الجنابة فإن من هذا التيسير على عباد الله قد شرع لنا أن المذي الخفيف الذي يخرج من التفكير في الشهوة أو بعد المني فينزل بعد أن يغتسل المسلم، هذا لا غسل فيه.
ففي الحديث السابق يقول سهيل بن الأحنف أنه كان كثيرًا ما يخرج منه مذي وكان هذا يجعله كثيرًا ما يغتسل وهذا يشق عليه فكان يعتقد أنه يجب فيه الغسل، لما سأل رسول صلى الله عليه وسلم عن هذا (أي الغسل من المذي) قال له النبي صلى الله عليه وسلم: “إنَّما يجزيكَ من ذلِكَ الوضوءُ” أي أنه يجب فقط أن يتوضئ إذا أرد الصلاة.
بعد ذلك سأل سهيل النبي صلى الله عليه وسلم مذا يفعل إذا أصاب ملابسه هذا المذي؛ فقال له النبي: “يَكْفيكَ بأن تأخذَ كفًّا من ماءٍ، فتنضَحَ بِها من ثوبِكَ، حيثُ ترى أنَّهُ أصابَهُ” أي مجرد رش الموضع بالماء وإزالة الأثر يكفي.
في هذا المعنى يضًا يروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: ” كُنتُ رجلًا مذَّاءً وكنتُ أستَحي أن أسألَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لمكانِ ابنتِهِ فأمَرتُ المقدادَ فسألَه فقال: يغسِلُ ذَكرَه وأُنثَييهِ ويتوضَّأُ” (مسند أحمد 218/2)
الفرق بين المذي والمني
بعد أن عرفنا أقوال الفقهاء في حكم خروج المذي بشهوة والتفكير يجب الانتباه إلى أنه هناك فرق بين المني والمذي ويجب الانتباه بشدة إلى نوع السائل النازل وصفاته لأن نوع السائل يترتب عليه الحكم الشرعي.
في المجوع فرق الإمام النووي رحمه الله بين المني والمذي فقال: “… وَأَمَّا الْمَذْيُ: فَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ رَقِيقٌ لَزِجٌ يَخْرُجَ عِنْدَ شَهْوَةٍ لَا بِشَهْوَةٍ وَلَا دَفْقٍ وَلَا يَعْقُبُهُ فُتُورٌ وَرُبَّمَا لَا يَحُسُّ بِخُرُوجِهِ، وَيَشْتَرِك الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِيهِ، قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَإِذَا هَاجَتْ الْمَرْأَةُ خَرَجَ مِنْهَا الْمَذْيُ، قَالَ وَهُوَ أُغْلَبُ فِيهِنَّ مِنْهُ فِي الرِّجَالِ”
على هذا فإن المني هو الذي يوجب فيه الغسل والمذي لا يوجب فيه غسل وتفصيلهم:
- مني الرجل: سائل أبيض ثقيل (ثخين) يخرج باندفاع بشهوة ويعقب خروجه فتور وله رائحة مميزة.
- مني المرأة سائل مائل إلى الأصفر يخرج بشهوة ويتبعه فتور في الجسم، وله رائحه تشبه مني الرجل قليلًا.
- المذي: يشترك فيه المرأة والرجل وهو سائل أبيض شفاف لزج خفيف يخرج من الأعضاء التناسلية عند تذكر الجماع أو المداعبة أوالنظر إلى المثيرات وما إلى ذلك.
هذا التفريق ورد في “فتاوى اللجنة الدائمة” (5/418)
بهذا نكون قد تناولنا أقوال الفقهاء في حكم خروج المذي بشهوة والتفكير بالأدلة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما تناولنا الفرق بين المني والحكم الشرعي المترتب على تلك التفرقة، نرجو أن نكون قد وفقنا الله لما يحبه ويرضاه.