مال وأعمال

ما الفرق بين الرأسمالية والاشتراكية والشيوعية؟

ما الفرق بين الرأسمالية والاشتراكية والشيوعية؟ وما عيوب ومميزات كل نظام منهم؟ فقد تصدرت العالم أجمع أحداث متوالية في النصف الثاني من القرن العشرين، وما كان يسمى بالحرب الباردة بين دولة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها والذين كانوا يمثلون الكتلة الرأسمالية، وبين دولة الاتحاد السوفيتي وحلفائها والذين كانوا يمثلون الكتلة الشيوعية.

كانت نتيجة تلك الأحداث اهتمام الكثيرين بتلك الأنظمة الاقتصادية والمفاضلة بينهم، لذا ومن خلال موقع البلد سنحاول أن نطرح مفاهيم مبسطة بشكل سلس توضح لكل من سيقرأ ما الفرق بين الرأسمالية والاشتراكية والشيوعية.

ما الفرق بين الرأسمالية والاشتراكية والشيوعية؟

بداية يجب أن نعرف أن كل من تلك المصطلحات الثلاثة مرتبط بشكل أساسي بالاقتصاد وطريقة تعاطي البشر على اختلاف ثقافاتهم ومواقعهم الجغرافية مع المال، وما يترتب على ذلك من وجهات سياسية مختلفة، كما أن كل مصطلح منهم ينعكس على نظرة البشر إلى الأشياء والموارد المختلفة.

لذا فيجب علينا استعراض كل مصطلح على حدة مع كل ما يدور حوله من خصائص وصفات وعيوب؛ فتكون بذلك الإجابة على سؤال “ما الفرق بين الرأسمالية والاشتراكية والشيوعية؟” وافية تمامًا.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: النظام الرأسمالي والاشتراكي والمختلط في الاقتصاد

النظم الرأسمالية

نشأت الرأسمالية كصدى لحركة الإصلاح الديني التي سادت أوروبا في القرن السادس عشر في محاولة لكسر سطوة الكنيسة وتدخلها في حياة الناس ومعاداتها للعلماء.

فكان أساس الحركة هو المناداة بحرية الفرد ورفع وصاية المؤسسات عنه وبالتبعية طالت تلك الحرية الممارسات الاقتصادية، وبشكل مبسط تقسم الرأسمالية المجتمعات إلى قسمين هما:

  • ملاك أدوات الإنتاج، وهم الأغنياء الذين لديهم الأموال لبناء المصانع والمشروعات التجارية.
  • العمال، وهم البقية التي لا تملك إلا قوة سواعدها.
  • يقوم النظام الرأسمالي على العلاقة بين هذين القسمين.

    عوامل نشأة النظام الرأسمالي

    هنالك بعض العوامل التي ساعدت على نشأة هذا النظام وميلاده، وتلك العوامل هي:

    • تضخم الثروات في حقبة زمنية معينة، ونتيجة لاستعمار الدول الأوروبية لمناطق واسعة من العالم تزخر بالثروات الطبيعية من ذهب وماس وفضة، تدفقت الأموال إلى جيوب كثير من تجار أوروبا، إضافة إلى اشتغال عديد من الأغنياء باستثمار أموالهم في الربا.
    • الثورة الصناعية والتقنية، ففي القرن الثامن عشر بات الاعتماد على الآلة أساسيا لإنجاز الأعمال بدلًا من الاعتماد على العمل اليدوي، أدى ذلك إلى وجوب استثمار الأموال في تصنيع مخترعات حديثة لتوفير الوقت والجهد، فازدهرت الصناعات وتضاعفت المكاسب المالية.
    • حركات التحرر السياسية والاجتماعية، فمع انتهاء عصور الظلام في أوروبا، انتشرت الأفكار التحررية في شتى مناحي الحياة، برزت حركة الإصلاح الديني بهدف رفع قبضة الكنيسة عن حياة الناس.

    إضافة إلى بعض الأفكار التي أدت إلى تغيير نظرة المجتمع إلى التجارة والربح ونتج عن ذلك القضاء على النظام الإقطاعي، وأعيد توزيع الأراضي واعطيت قطع من الأرض لمن لديه القدرة على زراعتها واستثمارها.

    يمكنك أيضًا الاضطلاع على: بحث عن الرأسمالية مع المراجع كامل

    خصائص النظام الرأسمالي

    أما عن الخصائص التي يتصف بها النظام الرأسمالي والتي تصف النظام بشكل أوضح فهي:

    • الملكية الخاصة: حيث يعتمد النظام الرأسمالي في المقام الأول على حماية الملكية الخاصة لأفراد المجتمع وصيانتها وما يترتب على ذلك من حريتهم في سبل استغلال تلك الملكية، والتي ربما تكون أصولًا ثابتة (أراضي وبيوت مثلًا) أو أموالًا سائلة أو عوائد تجارية.
    • حافز الربح: هو المحرك الأساسي لأفراد المجتمع الرأسمالي للتطور والتقدم وزيادة الإنتاج، حيث يسعى ملاك أدوات الإنتاج إلى ذلك وفق ما تمليه عليهم مصلحتهم الشخصية وبما يتفق مع أهدافهم.
    • المنافسة: يتنافس البائعون والمشترون في سوق السلع الاستهلاكية لكي يحصل كل منهم على أفضل المزايا للسلعة سواء كان يبيعها أو يشتريها، ومن هنا يسعى البائعون إلى تحسين ظروف بيع سلعهم سواء عن طريق زيادة جودتها أو محاولة تقليل سعرها لبيع أكبر كمية منها.

    هذا التنافس بين البائعين يضمن مستوى معقول من الجودة مع سعر ثابت إلى حد ما وهو ما يصب في النهاية في مصلحة كل من البائع والمشتري.

    • آلية الأسعار: في النظام الرأسمالي تتحدد الأسعار وفق قانون العرض والطلب وقدرة كل من البائع والمشتري على المساومة دون أي تدخل من جانب الحكومة.

    عيوب النظام الرأسمالي

    بالرغم من الخصائص التي يمكنها أن تغسل أعين البعض فيعتقدون بأن لا يوجد لهذا النظام أية عيوب، فإن هناك أكثر من عيب بنظام الرأسمالية، ومنها:

    • الاحتكار: وهو أن يقوم شخص ما أو مؤسسة ما بالتحكم في إنتاج سلعة ما وفي تحديد أسعارها والسيطرة تمامًا على سوق تجارتها .
    • التوزيع غير العادل للثروات: يقوم النظام الرأسمالي على ملكية أدوات الإنتاج، ولما كانت أدوات الإنتاج قليلة بالنسبة لعدد السكان، فإن أدوات الإنتاج تتركز ف يد فئة قليلة بينما يصبح باقي الناس عمال بالأجرة يكسبون دخولهم من بيع جهدهم.

    يؤدي ذلك إلى أن يزداد الملاك غنى نتيجة ادخارهم لعوائد أرباحهم المكتسبة من تأجيرهم قوة عمل الأجراء، بينما يزداد العامل فقرًا أو في أحسن الظروف يبقى مستوى معيشته ثابتًا في وضع الانخفاض.

    الشيوعية

    إكمالًا للإجابة على سؤال “ما الفرق بين الرأسمالية والاشتراكية والشيوعية؟” يجب إيضاح الجوانب الخاصة بالشيوعية إيضاحًا سريعًا، فهي مذهب سياسي يجعل من أدوات الإنتاج ملكًا عاما للشعب على المشاع، بمعنى آخر هدفت الشيوعية إلى تحقيق المساواة الاجتماعية عبر القضاء على الملكية الفردية، وتركيز الملكية في يد الدولة.

    أسباب قيام النظم الشيوعية

    نشأت الشيوعية كرد فعل لمساوئ النظام الرأسمالي من احتكار الأغنياء لأدوات الإنتاج وبالتالي استغلالهم للطبقات الكادحة من عمال وفلاحين.

    خصائص النظام الشيوعي

    من الخصائص التي يتصف بها النظام الشيوعي:

    • تهدف الشيوعية إلى التوزيع العادل للسلع على أفراد المجتمع حسب حاجاتهم، بمعنى أن يأخذ كل فرد ما يكفيه لا أكثر ولا أقل.
    • تدعو الشيوعية إلى سيطرة حزب واحد على الحكم بعد ثورة شيوعية تطيح بأركان النظام الرأسمالي يقوم بعدها ما يعرف بديكتاتورية البروليتاريا.
    • تتبنى الشيوعية فكرة ضرورة التخلص الفوري من سيطرة رأس المال على أدوات الإنتاج عبر إجراءات فورية وجذرية.
    • هيمنة الدولة الكاملة دون الأفراد على كل مناحي الحياة الاقتصادية.

    يمكنك أيضًا الاضطلاع على: تعريف الشيوعية والاشتراكية وسر العداء القديم بينهما وبين الدين

    عيوب النظام الشيوعي

    بالرغم من كون هذا النظام نصيرًا للفقراء على عكس الرأسمالية، إلا أن به أيضًا بعض العيوب، والتي تتمثل في:

    • تبقى أفكار كارل ماركس وفريدريك انجلز – وهما كبار منظري الشيوعية – محض أفكار مثالية صعبة التطبيق بالواقع، لأنه حسب القانون الكوني لا يمكن القضاء على كل الطبقات الاجتماعية والإبقاء على طبقة واحدة.
    • ديكتاتورية الحزب الواحد وتركيز السلطة في يد حفنة من الأفراد أدى إلى نشوء أنظمة قمعية بوليسية، يمتلئ تاريخ أوروبا الشرقية بعمليات سجن وتصفية المعارضين، وهو خير دليل على ذلك.

    الاشتراكية

    إكمالًا للإجابة على سؤال “ما الفرق بين الرأسمالية والاشتراكية والشيوعية؟” يجب إيضاح الجوانب الخاصة بالاشتراكية إيضاحًا سريعًا، فالاشتراكية هي نظام سياسي واقتصادي يهدف إلى الملكية الجماعية لأدوات الإنتاج بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية عبر تقليص الفوارق بين الطبقات.

    خصائص النظام الاشتراكي

    قد يرى البعض تشابهًا بين هذا النظام والنظام الشيوعي، ولكن بالرغم من حقيقة هذا التشابه إلا أن هناك بعض الاختلافات بينهما، وخصائص النظام الاشتراكي توضح ذلك جليًا، والتي هي:

    • في مسألة توزيع الموارد والسلع على الشعب تضمن الاشتراكية توزيع عادل لكل فرد حسب حاجته وعلى قدر مساهمته في الإنتاج.
    • لا تهدف الاشتراكية للقضاء على رأس المال، بل يمكنها أن تتعايش معه شريطة أن يخضع لسلطة الدولة وأن يتم الاستفادة منه لخير كل أفراد المجتمع.
    • الملكية الخاصة مصانة في ظل الدولة الاشتراكية.
    • لا تسعى الدولة الاشتراكية للهيمنة الكاملة على الاقتصاد، إذ يمكن للأفراد أن يكونوا ذوي تأثير في اقتصاد الدولة الاقتصادية بشرط خضوعهم لرقابة القوانين الاشتراكية.

    عيوب النظام الاشتراكي

    بالرغم من محاولة هذا النظام الخلط بين النظامين السابقين، إلا أنه أيضًا وقع في بعض العيوب التي لا تجعله مثاليًا، ومن تلك العيوب:

    • المركزية وتركيز السلطة في يد فئة معينة أدت إلى وقوع عديد من الأخطاء على الصعيد الإداري والتنظيمي أدت إلى تدني الكفاءة الاقتصادية والسياسية وتمهد لدكتاتورية مطلقة.
    • البيروقراطية والتعقيدات المكتبية واللجان المنبثقة التي تؤدي إلى عرقلة سير العمل وتراجع معدلات الإنتاج.
    • الإدارة المركزية للاقتصاد القومي تؤدي إلى خلل إنتاجي وتعقيدات بيروقراطية تؤثر على أداء العمال وجودة الإنتاج، خاصة وأنه غالبًا ما تكون الإدارة التي تخطط جاهلة بالمعلومات اللازمة لتخطيط سليم.
    • لا تعرف الأنظمة الاشتراكية ما يعرف بالحوافز لتشجيع العمال على التفاني في العمل، وبالتالي مع مرور الوقت يتراخى العمال في أداء وظائفهم يتراجع الإنتاج، وهنا تضطر السلطات لإنشاء أجهزة إدارية مهمتها رقابية لرفع كفاءة الإنتاج مرة أخرى، وتبدأ دوامة من التعقيدات البيروقراطية التي لا تنتهي.

    يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ما هي الشيوعية والاشتراكية والفرق بينهما بالنسبة للفرد والمجتمع

    خلاصة القول أنه لا يوجد نظام متكامل وهذا ثابت على طول التجربة البشرية، وأن ما يصلح لمجتمع ليس بالضرورة أن يصلح لمجتمع آخر، وعلى هذا فربما قد يكون الأصوب أن يأخذ كل مجتمع من كل نظام ما يناسبه وما يتلاءم مع أفراده على أمل أن تتحقق العدالة للشعوب يومًا ما.

    مقالات ذات صلة

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    زر الذهاب إلى الأعلى