تأثير ملوحة التربة على نمو النبات
تأثير ملوحة التربة على نمو النبات يكون على الأغلب سلبيًا، فمن المتعارف إليه أن تلك المشكلة من أبرز المشكلات التي يعاني منها بشدة قطاع الزراعة وكذلك البيئة في مختلف أنحاء العالم لا سيما المناطق الجافة وشبه الجافة، فمن خلال موقع البلد سوف نوضح لكم تأثير ملوحة التربة على نمو النبات.
تأثير ملوحة التربة على نمو النبات
إن ظاهرة ملوحة التربة تعد من الظواهر المعرقلة لتطور المحاصيل الزراعية، وهي تحدث نتيجة لزيادة نسبة الأملاح التي تتواجد في الجذور والقابلة للذوبان في الماء بشكل يؤدي إلى إعاقة النمو الطبيعي لتلك المحاصيل.
فلقد أشارت الدراسات إلى أن تأثير ملوحة التربة على نمو النبات يظهر من خلال فقد العالم نحو ما لا يقل عن 3 هكتارات من المساحات الصالحة للزراعة تقريبًا كل دقيقة، وإليكم فيما يلي تأثيرات تملح التربة:
- تؤدي التربة المالحة إلى فشل قدرة البذور على الإنبات، وذلك لأن ارتفاع مستوى الضغط الاسموزي في محلول تلك التربة يمنع النباتات من امتصاص الماء الضروري لفاعليته ونموه.
- تحدث ظاهرة التقزم للنباتات، حيث تؤدي نسبة الملح الزائدة إلى التأثير على حجم النبات بشكل مباشر من خلال تقليل الوزن الجاف لها أي الأوراق والسيقان، وكذلك تقليل وزن الجزء السفلي أي الجذور.
- حدوث اختلال في التوازن الغذائي داخل التربة، ويُعرف ذلك الأمر باسم ظاهرة التفضيل، حيث تقوم النباتات بامتصاص عناصر غذائية لا تحتاجها مما يترتب عليه إصابتها بالضرر والحروق.
- انخفاض نسبة الكالسيوم والفسفور في النباتات وتراكم المواد العضوية فيها، وبالتالي التأثير على قيمتها الغذائية.
- بعض التغيرات المورفولوجية، مثل زيادة سمك ورقة النبات إلى جانب صغر فتحات الثغور، وزيادة الأزهار الذكرية وقلة الأنثوية، مع تغير لون الورق ليصبح لونه أخضر مزرق.
تصنيف النباتات تبعًا لتأثرها بالملوحة
في حقيقة الأمر إن تأثير ملوحة التربة على نمو النبات ليس طوال الوقت سلبيًا، فهناك مجموعة من النباتات تُعرف باسم النباتات الملحية وهي التي تستطيع تحمل الملوحة دون إصابتها بأي ضرر حيث إنها تختلف على النباتات غير الملحية.
ففي السطور التالية سوف نوضح لكم بالتفصيل تصنيفات النباتات وفقًا لتأثيرها بملوحة التربة:
1- نباتات الهالوفيت الملحية
نباتات الهالوفيت من النباتات التي يمكنها النمو بشكل طبيعي في الظروف الملحية للتربة، حيث إنها تمتلك خصائص تشريحية ومورفولوجية تساهم في جعلها قادرة على العيش في تلك الظروف.
كما أنها تستطيع بتلك الخصائص هزيمة الضغط الاسموزي المرتفع نتيجة ارتفاع تركيز الأملاح في التربة، ومن الجدير بالذكر أن نباتات الهالوفيت تنقسم إلى عدة أنواع وفقًا لطريقة تأقلمها على الملوحة وهم كالآتي:
- النباتات المجمعة للأملاح: وهي من أكثر الأنواع مقاومة لتملح التربة، حيث تتميز خلاياها بقدرتها على جذب الكميات الكبيرة من الأملاح إلى داخل جسمها دون حدوث أي ضرر.
- النباتات المتخلصة من الأملاح: فإن البروتوبلازم التابع لخلايا تلك النباتات يسمح بنفاذ الأملاح داخلها ولكن التمدد المتواجد على سطح أوراقها يؤدي إلى لفظ تلك الأملاح.
- النباتات غير النفاذة للأملاح: هي نوع ينمو في ظروف بيئية غير عالية للملوحة، لهذا تكون نسبة مرور الأملاح إليها قليلة، كما أنها تقاوم المستويات المرتفعة للضغط الاسموزي بفعل رفعها لذلك الضغط داخل جسمها بالاستعانة بعمليات التمثيل الغذائي المتعلقة بالكربوهيدرات.
- النباتات المجمعة موقعيًا للأملاح: وهي التي تجمع الأملاح في أجزاء محددة من جسمها لا سيما الشعيرات المتواجدة في السطح العلوي والسفلي للأوراق.
2- نباتات الكلايكوفايت غير الملحية
يظهر تأثير ملوحة التربة على نمو النبات الغير ملحي لا سيما نباتات الكلايكوفايت بفاعلية نظرًا لعدم قدرتها على التطور في الظروف الملحية، حيث إنه وكما أسلفنا الذكر قد يؤدي إلى حرقها أو قصر حجمها أو ازرقاق أوراقها.
مسببات ملوحة التربة
سوف نتطرق بشكل أكثر في موضوعنا الذي يوضح لكم تأثير ملوحة التربة على نمو النبات، وذلك من خلال ذكرنا لكم الأسباب المؤدية إلى حدوث تلك المشكلة:
الأسباب الطبيعية
بعض العوامل الطبيعية تلعب دورًا كبيرًا في تملح التربة، ومن هذه العوامل ما يلي:
1- تجوية الصخور
إن عملية تجوية الصخور هي العملية التي يتحرر فيها الأملاح والمعادن من فوق الصخور الأساسية لكي تذوب بواسطة المياه السطحية والجوفية وتنتقل إلى مناطق أخرى لكي تتكون الصخور الرسوبية.
ففي كثير من الأحيان تلك العملية لا تتم بشكل مثالي وذلك نظرًا لنقص عمليات الترسيب وكذلك عمليات الرشح داخل باطن الأرض، إلى جانب ارتفاع معدلات التبخر، حيث تؤدي تلك الأمور إلى زيادة نسبة ملوحة التربة.
2- نقل الأنهار للأملاح
تساهم الأنهار في نقل الأملاح المترسبة من المنابع الأساسية لها إلى السهول لكي تترسب هناك بجوار المواد الأخرى لا سيما المواد الغرينية والطينة، مما يترتب عليه زيادة ملوحة التربة.
3- الأملاح الأحفورية
تتكون الأملاح الأحفورية نتيجة لإذابة الرواسب البحرية ورواسب البحيرية الملحية التي تتواجد في المناطق القاحلة داخل المياه المخزنة في تجويف وباطن الأرض.
4- عوامل الطقس
استكمالًا لموضوعنا تأثير ملوحة التربة على نمو النبات، فإنه من الجدير بالذكر الإشارة إلى أن عوامل الطقس تعد من أبرز أسباب تملح التربة.
حيث يؤدي كُلًا من الرياح والأمطار إلى حمل جزيئات الملح من البحار المتواجدة في المناطق الساحلية ومن ثم ترسيبها على التربة مما يترتب عليه زيادة ملوحتها.
الأسباب البشرية
أما الأسباب الثانوية والتي تؤدي إلى زيادة ملوحة التربة فإنها تعتمد على الأنشطة البشرية وهي تكون كالآتي:
- ري النباتات بمياه مالحة: فإن جميع مياه الري على الأغلب لا سيما مياه الصرف الصحي التي يتم إعادة تدويرها تحتوي على كمية من الأملاح، ففي حالة ري النباتات بها سوف تتراكم على التربة وكذلك في المياه الجوفية ومياه الجريان السطحي.
- الري بواسطة المياه الجوفية: فلقد اتجه العديد من المزارعين إلى استخدام المياه الجوفية لري النباتات دون أخذهم في عين الاعتبار أن تلك المياه تحمل الأملاح من باطن الأرض لتخرجها إلى السطح.
- الأسمدة الكيمياوية: فهي تعمل على زيادة تملح التربة لا سيما في الأراضي المنخفضة النفاذية نظرًا لزراعتها بالنباتات الكثيفة.
- تلوث التربة: فبعض الأنشطة البشرية قد تؤدي إلى تلوث التربة مثل المخلفات الصناعية والذي بدوره يسبب زيادة ملوحتها.
علامات زيادة تملح التربة
هناك مجموعة من العلامات يمكن الاستدلال بواسطتها على حدوث ملوحة التربة، ومن أبرزها ظهور طبقة لونها بيضاء على سطحها ثم تتطور تلك الطبقة للتحول إلى بلورات ملحية، إلى جانب ذلك تظهر العلامات الآتية:
- ضعف نمو النباتات وذبولها.
- تراكم مياه الري فوق سطح التربة وكذلك في شقوقها وفراغاتها.
- تنخفض إنتاجية النباتات، إلى جانب يقل التنوع البيولوجي.
- نمو نباتات أخرى جديدة تتحمل ملوحة التربة وتؤدي إلى السيطرة على المكان.
- ترفض الحيوانات شرب الماء المتراكم على التربة نظرًا لطعمه المالح.
- تدهور المنشآت والمباني.
- تجرد التربة.
- ظهور قشور بيضاء حول المسطحات المائية، وقد تكون داكنة اللون.
طرق التغلب على تملح التربة
لكي يتم إعادة تأهيل التربة حتى تصبح صالحة لزراعة مختلف النباتات ينبغي التخلص من الملوحة بها، وذلك عبر تطبيق الطرق الآتية:
- ينبغي استمرار ري النباتات لكي يتم المحافظة على بقاء مستويات الأملاح عند مستوى منخفض من منطقة الجذور داخل التربة.
- الحذر من القيام بالحرث للتربة بعمق، حيث إن ذلك الأمر يترتب عليه خروج الأملاح المتراكمة من الأعماق إلى السطح.
- يُفضل زراعة المحاصيل التي تستطيع تحمل الملوحة، فهي تعمل على استخدام رطوبة التربة وملوحتها المتاحة للنمو.
- الاتجاه نحو استعمال السماد الطبيعي ويمكن استعمال الفضلات الحية باعتبارها بمثابة بقايا المحاصيل الزراعية.
فذلك الأمر أفضل بكثير من استخدام السماد الكيماوي، كما أنه يساهم في زيادة تخزين المياه داخل التربة وبالتالي تقليل ملوحتها.
- يجب وضع أنظمة صرف صناعي في الأراضي الزراعية المتضررة بشدة بفعل ملوحة التربة، وذلك للمساهمة في عدم تسرب المياه العادمة إلى داخل التربة.
النباتات التي لا تستطيع تحمل الملوحة يتأثر نموها بالسلب نظرًا لتسبب الأملاح في عجزها عن امتصاص الماء إلى جانب تسببها في تراكم المواد العضوية فيها مؤدية إلى إصابتها بالحروق والتلف.