الأم والطفلصحة الطفل

تجربتي في علاج ابني من التوحد

تجربتي في علاج ابني من التوحد كانت من التجارب الممتعة رغم صعوبتها وطول وقتها والجهد المبذول فيها إلا أنني استطعت أن اتجاوز كل هذه العوائق، فأنا أعلم أن تجربة التوحد من أصعب التجارب التي يمكن أن تعيشها الأم، لذلك اردت لكم الاستفادة من تجربتي وذلك من خلال مشاركتكم بها عبر موقع البلد.

تجربتي في علاج ابني من التوحد

في بداية الأمر لم استطيع اكتشاف المرض أو إعاقة الطفل واختلافه، وذلك لأن أعراض المرض تكون طفيفة للغاية ويُمكن أن تتخيل الأم أن هذا طبيعي وسائد بين الأطفال وبعد ذلك تبدأ الأعراض في الازدياد حتى تتم الملاحظة.

كما أن الأعراض تختلف من طفل إلى آخر ولا يُمكن حسم هذه الأعراض في البداية بنقاط واضحة، فمثلًا ابني ظهر عليه في البداية أعراض فرط الحركة عن طريق نشاطه بشكل كبير وبعد ذلك بدأت أعراض أخرى في الزيادة والوضوح.

بعد معرفتي بمرض ابني بدأت رحلة تجربتي في علاج ابني من التوحد، كنت في البداية أشعر بإحباط مُدمر ولكن من خلال دعم زوجي لي وإيمانه بالله وبعزيمتنا في قدرتنا على علاج الطفل تغلبتُ على إحباطي وبدأت التجربة الممتعة.

وكانت أول قراراتي خلال تجربتي في علاج ابني من التوحد، هي أن أضعه دائمًا أمام عيني، واكتشفت أن دعمي لطفلي ليس لإعطائه هو القوة، ولكن لمنحي أنا القوة حتى أتمكن من المواصلة في الحياة.

طرق التعامل مع الابن المتوحد

بالنسبة لتعاملي مع طفلي المتوحد كُنت أحرص بشكل كبير منذ البداية على التعامل مع حالته بطريقة تربوية سليمة وصحية، وحاولت إدخاله مركز تربية خاصة بهذه الحالات.

كما أنني تخصصت في التربية الخاصة، وحصلت فيها على درجة علمية عالية، وحصلتُ على دبلومة في السلوك التربوي الحديث بالتوحد، حتى أقوم برعاية طفلي وأطفال غيري من ذوي الاحتياجات الخاصة.

في هذه الفترة كنت أواصل متابعة الطبيب بشكل مستمر ومنتظم، وكان العلاج جزء منه يعتمد على الأدوية والعقاقير الطبية، وكنت أحرص دائمًا على أن أعطي له هذه الأدوية في مواعيدها وبصورة منضبطة، حتى يتماثل للشفاء بشكل أسرع بجانب العلاج النفسي والتربوي.

صعوبات واجهتني خلال تجربتي

كان أكثر ما يُرهقني في تجربتي هي النظرة المجتمعية من الناس لمريض التوحد، فالثقافة عن مرض التوحد كانت محدودة للغاية وما يعرفه الناس عن المرض على غير الحقيقي.

فمرض التوحد ليس له أدني علاقة بمتلازمة داون أو توقف نمو العقل، كل ما في الأمر أنه مرض مثل باقي الأمراض الذهنية والتي يُمكن أن تُعالج ويتم الشفاء منها ولكن بطرق خاصة وسلوكيات معينة.

بدأت لا أشغل تفكيري بكلام من حولي حتى لا اتراجع في خطواتي خلال رحلة العلاج، ومن ناحية أخرى لا يتأثر ابني بمن حوله من خلال نظرات الشفقة أو غيرها، لذلك قررت أن اتجنب الناس المحبطة حتى وإن كانوا أقاربي.

رأيت أن الأسلوب الفعال البديل للعلاج الطبي هو العلاج بالود والحب، فهذه هي الوصفة السحرية التي توصلت إليها فعليًا من خلال تجربتي مع ابني، والتي استطعت من خلالها تحسين حالته بشكل كبير.

أساليب خاصة للتعامل مع التوحد

كما ذكرت أن الحنان والدعم كانوا عوامل أساسية في علاج هذه الحالة وتطورها بشكل ملحوظ، هذا فضلًا عن الأساليب الخاصة للأطفال المُصابون من التوحد مثل توفير فرص للتدريب على لغة الإشارة وغيرها من الطرق التي تمكنه من التواصل مع الأشخاص الأخرين.

وهو ما حرصت على توفيره له قدر المستطاع، إذ ألحقته بجهات معينة للتدريب على رياضات مثل السباحة والفروسية، وقد كان أول طفل التحق بتدريب الأطفال من ذوي التوحد، وبالفعل حقق درجات متقدمة.

أمور يجب الالتفات لها عند التعامل مع المتوحد

هناك بعض الأمور الهامة التي يجب أن تكون دائمًا في خطة علاجك مع ابنك المتوحد، مثل النوم ومشاهدة التلفاز وطريقة اللعب وغيرها فمثلًا بالنسبة لي..

جعلته يعتاد على النوم مبكرًا وهذا صعب جدًا بالنسبة إليه، فكنت أمنعه من النوم خلال ساعات النهار، وعند المساء (بعد صلاة العشاء مباشرة) اخبره أنه قد جاء وقت النوم لذلك يجب الذهاب مباشرة إلى السرير والنوم.

هذا لم يكن سهلًا فقد كان يأخذ نومه احيانًا ساعة ونصف واحيانًا أكثر، ولكن كان بالتدريج يتحسن حتى تعود على النوم مبكرًا، فالآن حمدًا لله أقول له اذهب للنوم فينام خلال ربع ساعة في سريره.

هناك شيء مهم جدًا وهو ابعاده عن التلفاز، ففي البداية لم نعد نفتح التلفاز وهو مستيقظ ابدًا مهما كانت الظروف وهذا الأمر استمر لمدة عام، وهذا له أثر كبير، لأن التلفاز يشتته ويقلل تركيزه وهو أمر ضروري بشكل كبير للطفل الطبيعي فكيف بطفل التوحد!

من الأمور التي فعلتها وكانت في غاية الأهمية وضعه في الحضانة وهي حضانة عادية للأطفال لمدة عام، وقد كان هذا صعب بالنسبة له فقد كان يصرخ ويبكي كل يوم لمدة طويلة جدًا ولكن كانت مدة بكائه تقل يومًا بعد يوم.

ثم أخذت القرار بوضعه في الروضة في العام التالي فبدأ تدريجيًا أن يعتاد على الانفصال عنا والاندماج مع غيره من الأطفال بالتدريج ولا يمكن أن أجزم بأنه لا يلهو بشكل مستمر وسط زملائه ولكن بطريقة في مجملها  مقبولة خلال تواجده في الروضة، وكذلك فهو الآن يكون مسرورًا كثيرًا عند ذهابنا لزيارة أحد وخصوصًا الأقارب الذين تعود عليهم ويلعب مع أطفالهم، وعند زيارة أحد لنا يرحب به ويلعب مع الأطفال وهو الان يذهب الى الروضة برغبته كل يوم.

تعليم الطفل المتوحد

يختلف الطفل المتوحد في تعليمه الأساسيات من حوله عن الطفل الطبيعي، فعند جميع الأطفال يجب أن نربط لهم ما نود أن يتعلموه بأشياء مادية أو صور يرونها، بالنسبة للطفل المتوحد يكون هذا الأمر بشكل مضاعف في الجهد والوقت والطريقة.

لذلك كنت استفيد من كل اللحظات معه حتى أُعلمه شيء جديد كما كنت أقوم بعرض الصور عليه مثل (ألوان، حيوانات، قلم، حقيبة، وغيرهم…) من الكتب أو المجلات المصورة وأضعها أمام عيناه بشكل مستمر خاصةً في غرفته.

وكذلك معرفة الأشكال مثل المربع، المثلث، الدائرة، وتعليمه بعض الألوان عن طريق ملابسه أو من الطبيعة وقبل النوم اقصص عليه الحكايات التي تُعلق في ذهنه حتى يستفيد منها.

وكذلك خلال تجربتي في علاج ابني المتوحد كنت أطلب منه أن يُشير إلى الألوان والأشكال التي يعرفها من حوله وفي بادئ الأمر لم يكن مهتمًا، ولكن كان هذا يتبدل بشكل تدريجي وكذلك كنت استخدم الالعاب والأشكال في تعليمه كل شيء وكنت استفيد كثيرًا من وجود أخيه الذي يكبره فقط بعاميين بتطبيق ما اود أن يتعلمه مع أخيه اولًا.

وكنت من خلال اللعب احاول تنمية عضلات جسمه الصغيرة والكبيرة بالقفز والشقلبة وكل شيء يمكن أن يلعبه الأطفال.

النطق بالنسبة لطفل التوحد

بالنسبة للنطق ففي خلال تجربتي في علاج ابني من التوحد كان من الصعب عليه  كثيرًا  أن ينطق كلمة واحدة نستطيع فهمها وادراكها، واستمر ذلك حتى وصل إلى عمر العامين ونصف أو حتى أكثر، و في هذا العمر بدأ بمحاولة النطق للتعبير عن الأشياء وكان يستخدم كلمة واحدة فقط للإشارة إلى أي شيء كلمة (ماه).

هي كلمة غير مفهومة وليس لها أساس ولكن هي التي استطع أن ينطق بها، كذلك جميع أطفال التوحد قد يستطيعون فقط نطق كلمة أو أكثر من الكلمات الغير مفهومة لشرح كل الأشياء من حولهم.

من أجل ذلك كنت اركز على أن يرى الشفاه خلال النطق وحاولت الحديث معه وتكرار الكلمة أكثر من مرة والإشارة للفم حتى يتعلم كيف ينطق كل كلمة.

مع بداية تعلمه النطق ببضع كلمات بسيطة للغاية كنت أقوم بجعله ينطق ما يريد الحصول عليه قبل أن أعطيه له، كذلك محاولة أن يقوم بتسمية الألعاب وأعضاء جسمه وكنت أحرص على ترديد أناشيد الروضة معه طوال فترة جلوسه في البيت.

وأهم شيء تعلمته خلال تجربتي في علاج ابني من التوحد هي أن نقوم بمعاملته كشخص طبيعي للغاية ولا يختلف عن غيره من الأطفال.

على جانب آخر لا يجب التسليم لبكائه وصرخاته فإن ذلك يُزيد الأمر سوء ويجعله يُعاند ويستمر، ولكن بطريقة تدريجية يتعود ويبدأ في التعامل كغيره من الأطفال، و خلال تجربتي لم يختفي العند تمامًا فلازال يقوم بالعناد عند رفضي لما يريد وكذلك يلجأ إلى الغضب والانفعال والعصبية، ولكن يحدث هذا الان في حدود ضيقة للغاية عما سبق.

النظافة الشخصية لطفل التوحد

بالنسبة للنظافة الشخصية كانت من أصعب الأمور التي واجهتني في تجربتي في علاج ابني من التوحد، ولكنني تغلبت عليها عن طريق أسلوب التقليد، بمعنى تطبيق ما أريد أن يفعله ابني على شيء آخر فقد كنت أحاول تمثيل ما أود أن يفعله مع الدمى الخاصة به أو مع أخيه سواء في دخول الحمام، أو تعليق ملابسه، أو تنظيف أسنانه وغيرها من الأمور التي يجب أن يتعلمها الطفل وتخص نظافته الشخصية.

يجب أن أوضح أن طفل التوحد عندما يبدأ بالتحسن، فإن ذلك يستمر إن شاء الله حتى يكون طفل طبيعي، وأيضًا هناك شيء آخر مهم وهو أنه يجب على الأم أن تبحث عن الحلول من خلال معرفتها لابنها عن قرب أكثر.

كانت هذه خلاصة تجربتي في علاج ابني من مرض التوحد، وعلى الرغم من صعوبة التجربة إلا إنكِ يُمكنك التغلب عليها، وذلك لأنه حسب اعتقادي وتجربتي الأم هي الوحيدة القادرة على التعامل مع ابنها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى