حكم من قال لزوجته تحرمين علي لو فعلت كذا من التساؤلات التي كثرت في الآونة الأخيرة، وذلك نتيجة تزايد الخلافات بين الزوجين والتي على أثرها يقوم الزوج بالحلف على زوجته بأنها إذا فعلت هذا الأمر سوف تُحرَّم عليه مثل أمه أو أخته، وسنوضح لكم الإجابة في السطور القادمة عبر موقع البلد.
حكم من قال لزوجته تحرمين علي لو فعلت كذا
إن الحياة الزوجية ليست مجرد فردين اجتمعا على إنجاب الأبناء وحسب، ولكنها حياة تحمل المودة والرحمة والتآلف والحب، وما إلى ذلك من حُسن الصفات والمعاني بين الزوجين لاستمرار الزواج وتقليل الخلافات قدر الإمكان.
وفيما إن حدث خلاف بينهما على أمر ما وقام حينها الزوج بالحلف على زوجته بعدم فعل الشيء ولكن نتيجة العناد وتفاقم المشكلة لم تلتزم الزوجة لأمر المنع، حتى أن ذلك أوقعها في مسألة مُعقدة كانت قد تسببت في أن الزوج حرّمها على نفسه كَأخته أو أيًّ من محارمهِ.
وسنجد أن مثل هذه الأمور قد أصبحت منتشرة في مجتمعنا، وقد أوضح العلماء بأن مثل هذا الحكم هو كناية في الظَّهار، فإذا كان غاضبًا فإن اليمين معلق على المقصود منه وهو ترك فعل الشيء.
أما إذا قال الزوج لزوجته تحرمين عليَّ كأختي وأمي، فهنا أصبح اليمين ظهَار ووجب عليه كفَّارة صيام 60 يوم أو إطعام 60 مسكين او تحرير رقبة مؤمنة، حتى وإن قال تحرمين عليَّ ولم يذكر الأخت والأم فهو يمين لغو.
أما إذا حلف على زوجته بأنها تحرُّم عليه بالطلاق إذا فعلت الشيء وبعدها عاد إلى رُشدهِ، فالحكم هنا يكون بأداء كفَّارة يمين وهو صوم 3 أيام أو بإطعام 10 مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، لأن هذا يمين لغو وليس طلاق.
أما من يقول تحرمين عليَّ بالثلاثة فهذا راجع لنيّة الزوج، فإذا كانت نيته ظهار كانت ذلك أما إذا كانت نيته طلاق فهو طلاق، وإذا كان ينوي يمين فهو يمين.
آراء العلماء في حكم من قال لزوجته تحرمين علي لو فعلت كذا
- جاء في قول أهل العلم ومنهم ابن قدامة رحمه الله وعن أحمد
“فيمن قال لزوجته أنت علي حرام أنه إذا نوى الطلاق كان طلاقا، فكأنه جعله من كنايات الطلاق، يقع به الطلاق إذا نواه، فإذا لم ينوي الطلاق، فلا يكون طلاقا بحال، لأنه ليس بصريح في الطلاق، فإذا لم ينوي معه، لم يقع به طلاق كسائر الكنايات” انتهى مختصرا بتصرف يسير من “المغني” (318/7).
كما قال أيضًا: “إذا قال: أنت عليَّ حرام، فإذا نوى به ظهار فكان ظهار، في قول عامتهم وبه يقول أو حنيفة والشافعي” انتهى من “المغني” (8/8).
وهنا في هذا الرأي فإن أهل العلم جعلوا نتيجة اليمين موقوفة على نية الزوج وقت الحلف به، فإذا كان الزوج ينوي الطلاق فعليا فإن الطلاق يقع، وإن كان يقصد حمل الزوجة على فعل معين ولا يقصد الطلاق، فإن الطلاق لا يقع.
- أما في قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في كتاب “الشرح الممتع” (153/15) جاء فيه:
“صار الذي يقول لزوجته (أنت عليَّ حرام) له 4 حالات:
الحالة الأولى: أن ينوي الظهار.
الحالة الثانية: أن ينوي الطلاق.
الحالة الثالثة: أن ينوي اليمين.
والحالة الرابعة: أن لا ينوي شيئًا.
فإذا نوى الظهار فظهار، أو الطلاق فطلاق، أو اليمين فيمين، وهذا استنادًا على قول النبي صل الله عليه وسلم: “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى”.
فإذا لم ينوِ شيئًا صار يمينًا، والدليل على ذلك في قول الله تعالى: “يَا أَيُّهَا النَبيُّ لَمَ تُحَرَّمْ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبتَغِي مَرْضَاةَ أَزوَاجِكَ وَالله غَفُورٌ رَحِيمٌ* قَد فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكَمْ” انتهى.
- وعلينا أن نعلم بأن الحلف ليس إلّا بالله فقط، وأن دون ذلك فهو لغو وأمر خطير قد يدفع إلى الكثير من العقبات، خاصة إذا كان الحلف بالطلاق الذي يتسبب في انهيار البيت وتفكك الأسرة.
وبذلك نكون قد انتهينا من تقديم حكم من قال لزوجته تحرمين علي لو فعلت كذا، وتوضيح الفرق بين ما إذا كان الحلف عليها بأنها كأمه وأخته أو لم يذكرهما، وإن كل حلف له كفَّارة يمين تستلزم الإتمام تجنُبًا للشبهات، إلى جانب آراء بعض أهل العلم في تلك المسألة والله تعالى ولي التوفيق.