كم يستغرق خروج الروح من الجسد؟ وكيف يُمكن حساب وقت خروجها من الجسد؟ إن خروج الروح من الجسد من الأمور العظيمة التي يخفى على الإنسان أمرها، ولكن العلماء يحاولون إيجاد إجابة لتلك الأمور من خلال الآيات القرآنية التي أنزلها الله علينا، ومن خلال الحديث النبوي الشريف أيضًا، ونحن هنا من خلال موقع البلد سنجيب عن سؤال كم يستغرق خروج الروح من الجسد.
كم يستغرق خروج الروح من الجسد
إن الوقت الذي تستغرقه الروح للخروج من الجسد لا يُمكن حسابه بالضبط، لأن الله وحده هو الذي يعلم بهذا الأمر، فأمر خروج الروح من الجسد يُعد من أعظم الأمور على الإطلاق، كما خلقنا الله مختلفين في كل شيء، فهو أيضًا يجعل خروج أرواحنا من أجسادنا أمر مُختَلَفٌ فيه، ولكننا ما زلنا نريد أن نعلم كم يستغرق خروج الروح من الجسد.
يختلف كل إنسان عن الآخر في طول مدة خروج الروح من الجسد، فمن الممكن أن تستغرق مدة انتزاع الروح من الجسد دقائق قليلة، ومن الممكن أن تستغرق ساعات، ويُمكن أيضًا أن تستغرق أيام والعلم عند الله.
لكن لا بد لنا أن نعلم أن مدة خروج الروح من الجسد لا تُقاس بطريقة واحدة، فالوقت الذي يمر علينا في الدنيا ونقوم بحسابه عن طريق الثواني والدقائق والساعات، يختلف عن الوقت الإلهي…
بمعنى أنه يمكن أن تخرج الروح في دقيقة بحساباتنا نحن، ولكن صاحب هذه الروح يشعر وكأنها استغرقت وقتًا طويلًا جدًّا في الخروج، وهذا الوقت الذي يشعر به يكون حقيقي وليس توهمًا منه ولكن هذا الوقت يكون بالحساب الإلهي لا الدنيوي.
لا يوجد دليل ثابت على مدة قبض الروح في آيات القرآن الكريم
كما ذكرنا لكم من قبل أن مدة انتزاع الروح من جسد الإنسان تتفاوت، وذلك يرجع لاختلاف الأشخاص بحسب إن كانوا مؤمنين أم كانوا كافرين، فالمؤمن تخرج روحه بكل يُسر وفي وقت قليل، أما الكفار فيتعذب عند خروج روحه ويشعر وكأنها أخذت وقت طويل جدًّا.
لكن ما زلنا نريد أن نعرف كم يستغرق خروج الروح من الجسد، وكيف يتحدد ذلك الأمر.
يتحدد ذلك الأمر عندما يأتي ملك الموت لكي يقبض روح الإنسان، فتسكن تلك الروح ويربط اللسان، ويصبح البصر حديد، ففي هذا الوقت ينسى الإنسان أمور الدنيا، وينشغل بما سيقدم عليه من حساب الله على ما فعله في حياته، فيقول الله تعالى:
(فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَٰكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85) فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (87) فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (89) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96)) [الواقعة: 83 – 96]
يتضح لنا من خلال تلك الآيات الكريمة، أن الروح تخرج من منطقة الحلقوم بأكملها، وعند خروج تلك الروح من الجسد تذهب إلى المكان الذي تستحقه، فإن كان صاحب تلك الروح مؤمن صادق، فستذهب روحه إلى جنات النعيم، وإن كان صاحب تلك الروح كافر كاذب مُضل، فستذهب روحه إلى الجحيم، لذلك يجب علينا أن نكون من الصادقين المؤمنين حتى تسكن روحنا في جنات النعيم.
كم يستغرق خروج الروح من الجسد إن كان الإنسان مؤمن؟
إن الإنسان المؤمن الصالح تخرج روحه وهو مرتاح، وتخرج بيُسرٍ وسهولة، وتحملها الملائكة إلى الرحمن، وتبشر الملائكة صاحب تلك الروح برحمة ورضوان الله، وتبشره أيضًا بجنات النعيم، وكل ذلك يحدث في وقت قليل جدًّا، ونستدل على كل ذلك من خلال الحديث الشريف الآتي:
يروي البراء بن عازب عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أنه قال في قصَّةِ قبضِ روحِ المؤمنِ: فيقولُ أيَّتُها النَّفسُ الطَّيِّبةُ المطمئنَّةُ اخرُجي إلى مغفرةٍ من اللهِ ورِضوانٍ، قال: فتخرجُ تسيلُ كما تسيلُ القطرةُ من السِّقاءِ لا يتركونها في يدِه طرفةَ عينٍ فيصعدون بها إلى السَّماءِ…”
“… فلا يمُرُّون بها على جُندٍ من الملائكةِ إلَّا قالوا: ما هذه الرُّوحُ الطَّيِّبةُ؟ فيقولون فلانٌ بأحسنِ أسمائِه، فإذا انتهَى به إلى السَّماءِ فُتِحتْ له أبوابُ السَّماءِ، ثمَّ شيَّعه من كلِّ سماءٍ مُقرَّبوها من السَّماءِ الَّتي تليها حتَّى ينتهيَ بها إلى السَّماءِ السَّابعةِ، ثمَّ يُقالُ: اكتُبوا كتابَه في علِّيِّين“.
في هذا الحديث يتضح لنا أن الإنسان المؤمن الذي عمل في حياته عملًا صالحًا طيبًا، ستستغرق روحه في الخروج من جسده وقتًا قليلًا، وليس ذلك فقط بل ستخرج إلى مغفرة ورضوان من الله عز وجل، وستصعد هذه الروح إلى السماء بسرعة فائقة، وتمر تلك الروح من سماء إلى أخرى مع ترحيب الملائكة بها حتى تصل إلى السماء السابعة.
هناك حديثٌ آخر رواه لنا أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال:
“الميِّتُ تحضرُهُ الملائِكَةُ، فإذا كانَ الرَّجلُ صالحًا، قالوا: اخرجي أيَّتُها النَّفسُ الطَّيِّبةُ، كانت في الجسدِ الطَّيِّبِ، اخرجي حميدةً، وأبشري برَوحٍ ورَيحانٍ، وربٍّ غيرِ غضبانَ، فلا يزالُ يقالُ لَها ذلِك حتَّى تخرُجَ، ثمَّ يُعرَجُ بِها إلى السَّماءِ….”
هذا الحديث الشريف دليل قوي على النعيم الذي ستنعم به روح الإنسان المؤمن الصالح، جعلنا الله وإياكم من المؤمنين.
كم يستغرق خروج الروح من الجسد إن كان الإنسان كافر؟
إن كان الإنسان كافر، أو كان من الفاسدين في الأرض، فذلك سيجعل روحه تستغرق وقت طويل في الخروج يُمكن أن يصل إلى عدة ساعات أو عدة أيام، كما أن روحة ستخرج بصعوبة كبيرة، وذلك سيسبب له الشعور بالألم الشديد والخوف.
قد علمنا من النبي (صلى الله عليه وسلم) أن للموت سكرات، وتلك سكرات سيمر بها الجميع، ولكنا ندعو الله عز وجل أن يُخفف علينا صعوبة تلك السكرات ويهونها علينا.
هناك حديث صحيح رواه لنا أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:
“… وإذا كانَ الرَّجلُ السُّوءُ، قالَ: اخرُجي أيَّتُها النَّفسُ الخبيثَةُ، كانَت في الجسدِ الخبيثِ، اخرُجي ذميمةً، وأبشري بحَميمٍ، وغسَّاقٍ، وآخرَ من شَكْلِهِ أزواجٌ، فلا يزالُ يقالُ لَها ذلِكَ حتَّى تخرجَ، ثمَّ يعرجُ بِها إلى السَّماءِ، فلا يفتحُ لَها، فيقالُ: من هذا؟ فيقالُ: فلانٌ، فيقالُ: لا مرحبًا بالنَّفسِ الخبيثةِ، كانت في الجسدِ الخبيثِ، ارجعي ذميمةً، فإنَّها لا تفتحُ لَكِ أبوابُ السَّماءِ، فيرسلُ بِها منَ السَّماءِ، ثُمَّ تصيرُ إلى القَبرِ“
في هذا الحديث الشريف يتضح لنا ما سيُلاقي الروح الخبيثة ـ التي كانت تسكن في جسد الإنسان الكافر الفاسد ـ من مذلة وهوان وتبشير بالعذاب في جهنم، وستعود تلك الروح إلى قبرها تتعذب حتى يأتي يوم الحساب، كفانا الله وإياكم شر الكفر والفساد والظلم، وأنعم علينا بالتوبة والمغفرة.
من الملاحظ أن سؤال كم يستغرق خروج الروح من الجسد يحتوي في باطنه على العديد من الإجابات، ولكن العلم عند الله وحده في ذلك الأمر، ولكن يجب علينا أن نعمل عملًا صالحًا في حياتنا حتى يرضى الله علينا ويجعل روحنا تخرج بسلام وفي وقت قليل.