هل يجوز للخاطب رؤية شعر خطيبته؟ وما حكم الدين في ذلك؟ فقد ترددت الأقاويل حول هذا الأمر، وقد أصبح ساحة واسعة للجدال في الفترة الماضية، فمن خلال هذا الموضوع عبر موقع البلد، سنجيب بالتفصيل عن مدى أحقية الخطيب في رؤية شعر خطيبته من عدمها، بالإضافة إلى الحدود القويمة الصحيحة للخطوبة.
هل يجوز للخاطب رؤية شعر خطيبته
الإجابة عن سؤال هل يجوز للخاطب رؤية شعر خطيبته هي لا، ولا يمكن الجدال في حقيقة هذا الأمر، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، موضحًا بأن كل جسد المرأة عورة فيما عدا الوجه واليدين.
صرح الشيخ عبد الحميد الأطرش الرئيس الأسبق للجنة الفتوى بالأزهر، بأن رؤية الخاطب لشعر خطيبته حتى ولو لمرة واحدة يعد كارثة تقوم بها الفتاة، ويسمح بها الأهل في حقها وفي حق أنفسهم.
كما يلقي الأطرش باللوم على الأهل وخصوصًا الأب والأخ؛ لكونهم يقبلون بوضع كهذا على ابنتهم تتعدد فيه التجاوزات، وأشار كذلك إلى أن الخطوبة ما هي إلا وعد بالزواج، وأنها من الممكن أن تفسخ في أي لحظة بعد أن يتم استغلال البنت.
الجدال حول رؤية الخاطب لشعر خطيبته
اختلف جمهرة من العلماء حول إصدار فتوى في مسألة هل يجوز للخاطب رؤية شعر خطيبته، فهناك من رفض تمامًا هذا الأمر، ومنهم من قال بأنه جائز، ومنهم من ضل الطريق تمامًا وأجاز أن يرى الخطيب لرؤية شعر خطيبته باستمرار.
بينما ذهب فريق آخر من هؤلاء، إلى أن الخطيب يجوز له أن يرى من خطيبته ويفعل معها أكثر من ذلك.
قد زيف منهم حديثًا للنبي صلى الله عليه وسلم، وادعوا أنه قال (إذا خطب أحدكم امرأة، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل) من أجل أن يفسروه بطريقة مغلوطة ليرضوا به أهوائهم.
أما بالنسبة للحديث الصحيح فقد عنى به الرسول الكريم، أن ينظر الرجل إلى وجه المرأة ويديها وخلقها وأخلاقها، فإن رضاها لنفسه تزوجها بأمر بالله؛ لأن على الرجل قبل أن يقدم على الزواج من امرأة، أن يفعل ذلك وهو على بصيرة.
ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم أن يفتري على الله الكذب، أو يقول ما ليس له به من علم، فهو كان أحرص على نساء المسلمين من أهلهم…
فقد روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (دخلتْ أسماءُ بنتُ أبي بكرٍ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعليها ثيابٌ شاميَّةٌ رِقاقٌ فأعرض عنها وقال: ما هذا يا أسماءُ؟ إنَّ المرأةَ إذا بلغت المحيضَ لم يصلُحْ أن يُرَى منها إلَّا هذا وأشار إلى وجهِه وكفَّيْه)
الحجاب في الإسلام
لا يمكن ذكر سؤال هل يجوز للخاطب رؤية شعر خطيبته دون أن نتطرق إلى كيفية نظرة الإسلام للمرأة لفرضه الحجاب عليها، وهذا حفاظًا عليها من الفتنة وقد ذكر الله تعالى الحجاب في عدة مواضع من القرآن ومنها:
(فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا) سورة مريم، الآية رقم 17.
(وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) سورة النور الآية رقم 31
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) سورة الأحزاب الآية رقم 55
المشايخ وحجاب الخطيبة أمام خطيبها
تعمق مشايخ وعلماء الأزهر الشريف في تناول سؤال هل يجوز للخاطب رؤية شعر خطيبته، وبالخصوص الدكتور علي جمعة المفتي الأسبق لجمهورية مصر العربية، الذي أكد على أنه لا يجوز للخاطب أن يرى من خطيبته غير وجهيها وكفيها.
كما أضاف الشيخ محمود شلبي أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، إن الشرع لم يبيح للشاب الخاطب أن يرى شعر خطيبته، ولكنه أباح للخاطب أن يرى وجه الفتاة التي تقدم لخطبتها إذا كانت منتقبة.
التجاوزات الغير شرعية في الخطوبة
الذي دفع الناس إلى السؤال هل يجوز للخاطب رؤية شعر خطيبته، هو ببساطة ما تشهده البلاد العربية والإسلامية من انفتاح غير منضبط وغير واعي على عالم الغرب، والتقليد الأعمى من دون النظر إلى تعاليم الدين وشرعه.
هذا بجانب وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الفاسد، والمستوى المتدني للذوق العام الذي أباح وأجاز كل ما هو محرم، فأصبحت التجاوزات في التعامل بين الناس عمومًا أمرًا عاديًا ومألوفًا، فأصبحنا لا نميز بين الحرام والحلال.
استكمالًا لحديثنا عن سؤال هل يجوز للخاطب رؤية شعر خطيبته، نرى الآن الخطيب يهم بالخروج مع خطيبته على انفراد، ويجلس معها منفردين ونرى كليهما يلتقطان الصور معًا وهما في وضع متقارب، وللأسف يكون هذا كله بعلم الأهل.
لم يفرض الإسلام الحجاب على المرأة لكبت حريتها، وإنما ليعطيها القيمة التي تستحقها، وللحفاظ عليها وصيانة جمالها من أي تعدٍ قد تتعرض له، ولكن يوجد نوع من الرجال لا يخشى الله في قرارة نفسه ولا في أفعاله.
نجد الشاب الشهواني يستتر وراء حجاب الحب والعشق، من أجل أن يصل إلى مبتغاه الدنيء، فيقوم باستغلال براءة وسذاجة الفتاة عابثًا بمشاعرها مستغلًا حبها له، فيبدأ بطلبه لرؤية شعرها وبعدها يطلب رؤية وفعل ما هو أكبر وأكثر حرامًا.
شروط الخطوبة في الإسلام
أتى الإسلام متممًا لما سبقه من أديان سماوية، فقد كان مسك ختام الأديان وأتمها وأشملها وأكملها، فلم يترك جانبًا ولا أمرًا إلى وتطرق إليه، ورسم حدودًا لكل شيء في الحياة، وأيضًا قام بتحديد هل يجوز للخاطب رؤية شعر خطيبته أم لا.
لقد وضع الإسلام شروطًا وضوابطًا للخطوبة بين الرجل والمرأة وهي كالآتي:
- لا يجوز للخاطب أن يتفوه بكلمات الحب والهيام للخطيبة؛ لأن الميل القلبي يلحقه الميل الجسدي مما قد يوقعهم في الحرام.
- لا يجوز للخاطب أن يمسك بيدي خطيبته.
- لا يجوز للخاطب أن يرى خطيبته في ملابس البيت أو من دون حجاب.
- لا يجوز للخطيبة أن تجلس مع خطيبها من دون وجود أحد محارمها.
- لا يجوز للفتاة أن تجلس مع خطيبها وهي في كامل زينتها وعطرها الفواح فهذا يستثير غرائزه.
- لا يحل للشاب الخاطب أن يطلب من خطيبته أن تبدي له شيئًا من زينتها من دون أن يعلم أحد أهلها.
من خلال الإجابة عن سؤال هل يجوز للخاطب رؤية شعر خطيبته، يبقى على الشاب والفتاة أن يلزما حدود الله، وألا يتخطوها ليبارك لهما في حياتهما.