متى يكون الصمت حكمة؟ وما أشهر الحكم التي قيلت في الصمت؟ فبالفعل قد يكون الصمت هو الحل الأمثل والأسرع للكثير من المشكلات التي تواجه الشخص في حياته، لكن الحكمة هنا هي دراية الشخص بالوقت الذي يلزمه السكوت والوقت الذي لابد فيه من الحديث، فالصمت حكمة، لكن متى.. هو ما سنتعرف على إجابته من خلال موقع البلد.
متى يكون الصمت حكمة
لقد سمعنا ولا زالت تتردد على مسامعنا الكثير من الحكم والأقوال المأثورة التي تتعلق بالصمت، وكيف أنه حلًا للمشكلات وأنه لا يندم من يسكت، وكما أن الصمت في الكثير من الأقوال هو لغة لا يمكن التحدث بها سوى العظماء، لكم متى يكون الصمت حكمة بالفعل، ومتى يكون من ذهب.
فهل الصمت عن التعبير عن المشاعر الطيبة التي يحملها الناس لبعضهم البعض حكمة، وهل صمت الأم التي ترى من أبنائها من يقوم بفعل مشين حكمة، وهل الصمت عند رؤية المقربين يتعرضون للأذى ومن الممكن أن يساعدهم الحديث هو حكمة، وماذا عن السكوت عن شهادة الحق والتحكيم في خلاف بين اثنين بما هو حق، فهل الصمت حكمة بتلك الحالة من رأيك؟
بالطبع لا، فالصمت الذي يسبب الوقوع في المشكلات ويمنع علاجها والصمت عن الإهانة ليس بحكمة على الإطلاق، ولا يمكن لأي عقلٍ سليم سوي أن يرى الحكمة في الصمت في أيٍ من هذه الحالات، إذًا لماذا قال الناس منذ عصورٍ مضت أن الصمت حكمة؟
ذلك لأنه يكون بالفعل حكمة عندما يكون هو العلاج الأمثل للمشكلة، ويقصد هنا اتباع الصمت عند الغضب بدلًا من الانفعال وقل ما سيشعر صاحبه بالندم فيما بعض، وكذلك الصمت الذي يمنعك من التعدي على حق الآخرين، والصمت عن الكذب وقول شهادة الزور.
نعم، الصمت حكمة عندما يوقف صمتك وقوع الطلاق بين المتزوجين، وعندما يساعد من حولك، وعندما تصمت إلى حين يهدأ غضبك، والصمت عن القول الذي سيجعل صاحبه في صف الباطل لا الحق، أما الكلام في هذه الحالات سيكون عاقبة سوء.
لكن على الجانب الآخر لا يجب أن يعتمد الشخص على أن السكوت دائمًا ما يكون الحل الأمثل، ولا يجب عليه السكوت دائمًا؛ فهناك أيضًا الكثير من المواقف التي تحتاج إلى رأيك وحديثك وكلامك واعتراضك، لكن السر هنا يكمن في القدرة على الموازنة والفهم ومعرفة المواقف التي تتطلب الكلام وتلك التي لا يسع الشخص فيها سوى أن يصمت.
ما نتيجة الصمت الطويل
في إطار الإجابة على متى يكون الصمت حكمة ذكرنا أنه ليس دائمًا الحل الأمثل، لكن في الحالات التي يتخذ صاحب الموقف فيها القرار بالصمت فقط ليس عليه أن يجعل هذا الصمت طويلًا، فقد لا يدري العواقب التي قد تنشأ من صمته هذا ويظن أنه ما دام قرر الصمت وهو على علم أنه الأفضل أن عليه التمادي فيه.
حيث إن طول الصمت عن اللازم بالتأكيد يؤدي إلى زيادة الوضع سوءًا، فتصبح المشكلات أكثر تعقيدًا وتزيد الفجوة عمقًا ويزيد البُعد بين طرفي المشكلة، فمثًلًا خاصمت الأم طفلها وكانت ترى أن هذا هو الحل الأمثل الذي سيجعله يندم على الخطأ الذي فعله ويرجع عنه.
فماذا إذا ظلت الأم صامتة لفترة طويلة وشهور ورفضت الكلام مع ابنها، سيترتب على ذلك خلق الجفاء في المعاملة بين كلا الطرفين، وقد يجد أحدهما صعوبة في التواصل مع الطرف الآخر بشكل كبير فيما بعد، كذلك الأمر في العلاقة الزوجية التي يرى الزوج فيها أنه قادر على تأديب زوجته من خلال مقاطعتها لشعور عدة، ولكن في هذه الحالة قد يصل الأمر بالزوجة إلى أن تطلب الطلاق.
ماذا يجب أن أفعل تجاه سكوت الآخر
إذا كنت في موقف ووجدت أن الشخص الذي أمامك قد طال صمته وبدأ يعاقبك بقسوته وسكوته، فهناك مجموعة من النصائح التي يجب أخذها في الاعتبار للتعامل مع الموقف، والتي تتمثل فيما يلي:
- يجب عليك أن تفكر في أن سكوت هذا الشخص في الغالب سببه هو الشعور بالغضب والإحباط الشديد من الموقف الذي حدث بينكما.
- في هذه الحالة لا يجب أن تلح عليه ليعود لحديثه معك، فربما هو بالفعل بحاجة إلى المزيد من الوقت للتفكير فيما حدث والاستراحة قليلًا، لذا اترك له هذا الوقت وهذه المساحة.
- عندما يعود إليك كن متفهمًا أكثر لوجهة نظره التي يحاول الدفاع عنها، وإذا اشتكى من تصرفك وأنت تعلم أنك قد أخطأت اعتذر له على الفور، أما في حال لم تخطئ فلا تعتذر ودافع عن نفسك.
- في حال كان هذا الشخص الذي قرر الصمت يملك طبعًا انطوائيًا لا يحب الكلام، فبالنسبة له يكون قرار الصمت هو القرار الأمثل لأنه يطابق طباعه، لذا حاول تفهمه ولا تقسى على شخصيته التي لا يسعه تغييرها بسهولة.
- أما الشخص الاجتماعي فدائمًا ما يميل إلى علاج المشكلات التي تواجهه والوقوف أمامها، وفي كلا الحالتين يجب عليه اتخاذ موقف من صمته الطويل، ووضع قواعد للعلاقة فيما بعد.
- تكون من أهم هذه القواعد أنه في حال شعور الشخص بالغضب منك فهو لن يتبع نفس سلوك الصمت مجددًا، فالصمت حكمة لكنه قد يكون قاتل في الكثير من الأحيان.
حكم عن الصمت
في إطار الإجابة على متى يكون الصمت حكمة ومعرفة المواقف التي يمكن امتثال الصمت بها وما لا يمكن، فمن الجدير بالذكر أن هناك الكثير من الحكم والأقوال المتوارثة منذ عصور حول الصبر، ومن أشهر هذه الحكم ما يلي:
- من قام بكتمان سره أصبح قراره بيده.
- خير الكلام ما قل ودل.
- خير الحديث أن تحفظ لسانك.
- إياك وأن تترك لسانك يضرب عنقك.
- الصمت من علامات الرضا.
- تعثر الأقدام أسلم من تعثر اللسان.
- الصمت زينة الجهلاء.
- يسلم الإنسان حين يحفظ لسانه.
- اعمل في صمت لكن لا تجعل الصمت هو عملك.
- لا تجب السفيه.
- من يلزم الصمت شخصٌ خطير.
- لا تأمن من تراه صامتًا دائمًا.
- عندما يألف أقرب الناس إلينا بعدهم عنا، فيكون الصمت أبلغ من الحديث.
- صمتك هو صديقك الوحيد الذي لن يجرؤ على خيانتك أبدًا.
- الوحدة والصمت هما الشيئان الوحيدان اللذان يخلو منهما الكذب.
- مقتل الرجال يكون بين فكوكهم.
- الصمت التعبير الوحيد عما يشعر به الشخص.
- صدرك هو المكان الوحيد الذي يسع سرك.
- ربما يكون سكوتنا أبلغ من ألف حديث.
شعر عن الصمت
يوجد بعض البيوت الشعرية التي عبَّر كاتبها فيها عن الصمت وهو الأديب العظيم فاروق جويدة، وهو شاعر مصري ولد في كفر الشيخ وعاش طفولته كاملةً في محافظة البحيرة، وقد تخرج من كلية الآداب عام 1968 م، وبالفعل بدأ حياته بالعمل في المجال الذي تخصص فيه وهو مجال الصحافة.
حيث عمل بقسم التحرير الاقتصادي بجريدة الأهرام ولا زال إلى الآن يعمل بهذه الجريدة إلى جانب ممارسة هوايته وهي الشعر، في أحد البيوت الشعرية تحدث فاروق جويدة باستفاضة عن الصمت بأبيات غاية في الجمال، فكانت من أجمل هذه الأبيات الشعرية:
خبرني ماذا قد يحكي صمت الأموات ماذا في رأسك خبرني..
أزمان عبرت.. وملوك سجدت..
وعروش سقطت وأنا مسجون في صمتك
أطلال العمر على وجهي نفس الأطلال على وجهك
الكون تشكل من زمن في الدنيا موتى.. أو أحياء
لكنك شيء أجهله لا حي أنت.. ولا ميت
وكلانا في الصمت سواء أنطق
كي أنطق أصحيح أنك في يوم طفت الآفاق وأخذت تدور على الدنيا
وأخذت تدور مع الأعماق تبحث عن سر الأرض..
وسر الخلق.. وسر الحب وسر الدمعة والأشواق..
وعرفت السر ولم تنطق ماذا في قلبك خبرني.. ماذا أخفيت؟
هل كنت مليكا وطغيت.. هل كنت تقيا وعصيت
ظلموك جهارا صلبوك لتبقى تذكارا
قل لي من أنت..؟ دعني كي أدخل في رأسك
ويلي من صمتي.. من صمتك سأحطم رأسك كي تنطق..
سأهجم صمتك كي أنطق.. أحجارك صوت يتوارى
يتساقط مني في الأعماق والدمعة في قلبي نار
تشتعل حريقا في الأحداق رجل البوليس يقيدني
والناس تصيح: هذا المجنون حطم تمثال أبي الهول لم أنطق شيئا بالمرة
ماذا.. سأقول ماذا سأقول
متى يكون الصمت حكمة سؤال يجب على كل شخص أن يكون على دراية تامة بالمعنى الجوهري له ولإجابته، فالصمت لغة لا يعرفها سوى الحكماء، وهم من يعرفون جيدًا متى يمكنهم الحديث، ومتى يكون الصمت هو الحل الأفضل.
