أدعيةاسلاميات

دعاء يريح القلب قصير

إن أي دعاء لله يريح القلب قصير أم طويل فلا فرق فيكفي إدراك العبد بِأن الله يسمعه ويدركه ويشعر به، فمهما كان عاجزًا عن وصف ما بداخله لله وابتهل لله بدعاء بسيط فإن الله يطمئن قلبه به، لذا سنقدم لكم الآن من خلال موقع البلد كل دعاء يريح القلب قصير لكي يتمكن هؤلاء الذين لا يملكون القدرة على نظم الكلمات في الدعاء للتعبير عما بداخلهم.

دعاء يريح القلب قصير

يمر كل منا بضائقة أو أزمة نفسية أو ربما أزمة من نوع آخر دينية أو دنيوية ويشعر جميعنا عندها، بضيق وألم وحزن شديد وغصة قلب لا يمكن وصفها ببساطة ولا نجد شيئًا يحد من ذلك الشعور القاسي غير دعاء يريح القلب قصير مثل:

“اللَّهُمَّ إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضٍ فيِّ حكمك عدلٌ فيِّ قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحد من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حُزني، وذهاب همِّي”

إن هذا الدعاء له شأن خاص لدى المسلم حيث إن هذا الدعاء الجميل قد أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه، ولقد أكد أنه ما نادى عبد ربه بهذا الدعاء وفيه هموم الدنيا إلا وأبدل الله ضيقه بفرج وحزنه بفرحة غامرة.

“اللَّهُمَّ إني أسألك أن ترفع ذكري وتضع وزري وتصلح أمري وتطهر قلبي وتغفر ذنبي وتُحصِّن فرجي وتُنوِّر قلبي وتغفر ذنبي وأسألك الدرجات العلى من الجنة”

إن الله وحده هو من يدركنا ببصره في حين لا تدركه كل الأبصار وهو من يربت على أكتفانا وقت همنا من دون أن نرى ذلك بأعيننا، ولا يصعب على صاحب هذه القدرة العظيمة أن يريح قلوبنا عندما يسمع منا دعاءً له، نرجوه فيه بأن يريح قلوبنا ويُذهب غيظها أن يخفف عنا ما نحن فيه بالفعل، حتى وإن لم تكون صيغة الدعاء منمقة لكن يكفي جدًا أن يكون من القلب.

أفضل أدعية تريح القلب

يجب على المرء أن يدرك حقيقة بالغة الأهمية ألا وهي أن الله لا يغلق باب رحمته وتوبته في وجه عبده مهما فعل، ولقد قال الله سبحانه وتعالى في الآية رقم 116 من سورة النساء (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ۚ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا)

بمعنى آخر مهما أذنبنا في حياتنا وأخطئنا في حق أنفسنا وفي حق الله تعالى فنحن لم نشرك به، ومهما ابتعدنا عنه فهو لا يبتعد أبدًا عنا، ويتيح لنا الفرصة ويوفر لنا المساحة الكافية لكي نرجع إليه بسهولة، فلا يجب أن يظن العبد بربه ظن السوء ولا يتردد في أن يأتي بابه داعيًا إياه بأن يريح قلبه والله لن يتأخر عن إجابته طالما أتاه بقلب صادق.

“اللَّهُمَّ أنت الملك لا إله إلا أنت أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعًا إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت”

لقد قضت سنة الحياة البشرية بأن نأتي إلى هذه الدنيا لكي نذنب ونخطئ ونعصى الله كثيرًا ثم نتوب، ثم نخطئ ونأثم من جديد لنتوب ونرجع إليه مرة أخرى وهكذا الحال حتى تفنى الدنيا، لذا لا يجب على المسلم أن يستنكر عن دعاء ربه بأن يريح قلبه لكونه يعصِيهِ، فإن الله أرحم بنا من أنفسنا ومن أهلنا حتى أكثر مما نتخيل والمعصية لا تمنع الدعاء.

(فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِىٓ أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِىٓ أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَىٰ وَٰلِدَىَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَٰلِحًا تَرْضَىٰهُ وَأَدْخِلْنِى بِرَحْمَتِكَ فِى عِبَادِكَ ٱلصَّٰلِحِينَ)

إن هذه الآية الكريمة هي الآية رقم 19 من سورة النمل وهي تحمل دعاء يريح القلب قصير من أجمل الأدعية على الإطلاق، وهو من الأدعية المحببة إلى حد كبير وذلك لأن نبي الله سليمان عليه السلام، كان يردده بنفسه وكانت تطمئن نفسه بهذا الدعاء.

أدعية الأنبياء لراحة القلب

جميعنا يعلم أن أنبياء الله جميعًا وبلا استثناء هم أكثر وأشد خلقه ابتلاءً وبلاءً، فمن منا لم يعرف بمعاناة نبي الله يعقوب عليه السلام لفقده ولده، ومأساة سيدنا نوح عليه السلام الذي رأى ابنه أمام عينيه وهو يموت كافرًا ويبتلعه الطوفان، وإبراهيم عليه السلام الذي ابتلاه الله بأمر قاسٍ وهو أن يذبح ابنه النبي إسماعيل عليه السلام.

(رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) [يوسف: 101].

الإقرار بفضل الله علينا في الدعاء كان جزءًا لا يتجزأ عن دعاء الأنبياء إلى الله في شتى الظروف والمحن، ولعل هذا الدعاء أو تلك الآية الكريمة من سورة يوسف تحمل في طياتها الكثير والكثير، فبعد أن استدام النبي يوسف عليه السلام في الدعاء رفع الله شأنه وأجلى الهم عن قلبه، فدعا ربه في نهاية المطاف أن يرزقه حسن الختام مقرًا بفضل الله عليه طيلة حياته.

(وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ)

تلك الآيات رقم 87-88 من سورة الأنبياء تحمل دعاءً من أجمل ما يمكن للمسلم أن يدعو ربه به وقت همه لكي يريح قلبه، والذنب والخطأ ليس عيبًا بقدر ما هو عيب ألا نقر به لله ونطلب مغفرته، فإن نبي الله يونس عليه السلام بالرغم من أنه كان نبيًا إلا أنه عصى الله ولكنه رجع إليه مرة أخرى، فاستجاب له وأذهب عنه الهم وطمئن قلبه.

(وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [الأنبياء: 89].

لقد كان نبي الله زكريا عليه السلام يعيش معظم حياته في حزن وهم لا يتحمله القلب فهو كان محرومًا من التمتع بذرية له وكان محرومًا من غريزة الأب الإنسانية، وكان هذا الهم يثقل قلبه إلى حد كبير فنادى الله لكي يزيح عنه هذا الهم فحقق معجزة وأصلح زوجته العقيمة ووهبه نبي الله يحيى عليه السلام بعد أن بلغ من العمر عتيا.

أدعية تطمئن النفس

يجدر بنا الإشارة إلى أن الدعاء أيًا كان يريح القلب بل إن فكرة اللجوء إلى الله والتضرع إليه بالدعاء في حد ذاتها تبعث القلب والنفس على الاطمئنان وتولد فيهما شعورًا ساحرًا بالراحة والهدوء والسكينة، فأي دعاء يريح القلب قصير كان أم طويل فإنه يكون لله تعالى وكل ما هو لله باقِ ودائم بأمره.

(وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ) [الأنبياء: 83].

إن أي حزن يمس قلب الإنسان هو ضر ولكنه بالتأكيد لن يكون مثل الضر الذي أصاب نبي الله أيوب عليه السلام، الذي ابتلاه الله بضياع المال والولد وذهاب الصحة وحلول المرض محلها كل ذلك في آن واحد، وبالرغم من ذلك بمجرد أن تقرب إلى الله وأتى إليه بقلب سليم داعيًا إياه أن يكشف عنه هذا الهم ويريح قلبه، كان الله سميعًا مجيبًا وكشف عنه الهم وأراح قلبه مما كان يعانيه.

(قُلِ اللَّـهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [آل عمران: 26 – 27].

إن أدعية الرسول صلى الله عليه وسلم هي أكثر الأدعية التي تريح القلب وتذهب هم القلب وتطفئ نار غيظه، وتبشره بنصر من الله وفرج من لدنه دون سواه فلا أحد منا قاسى ولو واحد بالمئة فقط مما عانى منه النبي محمد على مدار حياته، ولكن بالدعاء أدخل الله على قلبه الراحة والسكينة وهذا كان مفعول الدعاء وتأثيره على خاتم أنبياء الله، فكيف سوف يكون تأثيره علينا عندما نتخذه دعاء يريح القلب قصير طيلة الوقت!

(إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم ۚ مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [هود: 56].

يجب ألا يخلو أي دعاء يريح القلب قصير كان أم طويل من الإيمان بالله وظن الخير به دومًا مهما بدت الظروف عكس ذلك، فعلى المرء أن يدرك حقيقة أن كل ظلام سينجلي بشق أشعة نور الشمس لأعماقه، ولكل هم فرج ولكل حزن نهاية مهما طال عليه الأمد، وهذا ما كان يؤمن به نبي الله هود عليه السلام في دعائه دومًا ولا يتوانى عن الإقرار به في الدعاء.

دعاء يخفف الحزن ويمحو هم القلب

إن أكثر ما يدفع المسلم إلى البحث عن دعاء يريح القلب هو كثرة الهموم والأحزان والمتاعب التي أرهقت قلبه بالفعل، ولكن ينبغي عليه إدراك حقيقة هامة وهي أن كثرة الذنوب وطيلة المدة التي يقضيها بعيدًا عن الله، تجعل غيمة كثيفة من الهم تسيطر وتغيم على قلبه حتى يفيض ويخر باكيًا من داخله، لكي يرجع صاحبه إلى طريق الله إلى طريق النور مرة أخرى ليجلو تلك الغيمة.

“رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ“

هذا الدعاء كان ينيب به النبي موسى عليه السلام إلى ربه سبحانه وتعالى لكي يذهب الهم والحزن الذي خيم على قلبه، وكان الله سميعًا مجيبًا له لأنه اعترف بذنبه وأقر به وندم عليه، وأكثرنا يحطن الحزن قلبه لأنه ظلم نفسه وعصى ربه كثيرًا وبالرغم من ذلك كله، بمجرد أن نذكر اسم الله وندعوه بأن يغفر لنا ترتاح قلوبنا وتعود سليمة وكأنها لم تعصه أبدًا.

(رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الشعراء: 83 ـ 89].

هذا هو دعاء النبي إبراهيم الخليل عليه السلام الذي كان يردده داعيًا الله به وقت حزنه وهمه وسراءه وضراءه، وكان الله دائمًا ما يصغي إليه ويكشف عنه الضر والحزن الذي يعاني منه قلبه، ولعل السر وراء إجابة الله لهذا الدعاء هو إدراك إبراهيم عليه السلام أنه لا ينفع المرء بعد حين أمام الله إلا قلبه الصادق.

(رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ۖ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ) [هود: 47].

لا شك أن الدعاء يمتلك مفعول السحر على حياتنا ومن شأنه أن يغير تراتيب القضاء والقدر ومن شأنه أن يخلق معجزات كثيرة، وأن نرجو الله أن يرحمنا ويخفف عنا لإدراكنا أننا من دون رحمته ومغفرته سنكون من الخاسرين في الدين والدنيا والآخرة، من شأنه أن يهدئ من روع القلب الذي أثقلته الهموم وأنهكته واستنفذت قواه.

يبقى كل دعاء يريح القلب قصير أو طويل له شأنه ويمتلك مفعولًا ساحرًا ملحوظًا، ويتجلى هذا المفعول أو هذا التأثير على تبدل حالتنا النفسية، بمجرد أن نبدأ في ترديده وتكراره إلى الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى