متى يشبه الجنين أمه ومتى يشبه أباه
متى يشبه الجنين أمه ومتى يشبه أباه؟ وما هو رأي الدين في تلك المسألة؟ لقد انتشرت الكثير من الشائعات والأقاويل التي تتعلق بالحمل وكل ما يخصه وأيضًا بشكل الجنين والشبه الذي ولد به، وتلك الأسئلة دليلًا على انتشار مثل هذه المعتقدات، وسوف نتعرف إلى مدى صحتها من بطلانها بالتفصيل من خلال موقع البلد.
متى يشبه الجنين أمه ومتى يشبه أباه
إن الإجابة عن سؤال متى يشبه الجنين أمه ومتى يشبه أباه لا وجود لها تقريبًا ولا أساس لهذا السؤال من صحة، فإن الطفل بطبيعة الحال يشبه كلا والديه عن طريق الجينات الوراثية التي حملها عنهم خلال فترة الحمل به.
لذلك لا يمكن لأي شخص مهما كان متخصصًا وخبيرًا في مجال الطب وعلم الأجنة، أن يحدد متى يشبه الجنين أمه ومتى يشبه أباه، فإن الله وحده هو خالقه وهو الأعلم بمدى صحة هذا الأمر من عدمه لذلك لا يجوز ذكر تعليلًا مناسبًا لهذا السؤال.
إن الجنين يتحدد شكله ربانيًا وفقًا للجينات الوراثية أو الكروموسومات التي يحملها من أمه وأبيه، حيث إنه يخلق في الأساس نتيجة تلقيح بويضة الأم الناضجة بالحيوان المنوي من الرجل.
البويضة تحتوي على نصف عدد الكروموسومات الوراثية، بينما يحتوي الحيوان المنوي على النصف الآخر منها، لذا من الطبيعي أن يكون الطفل قريب الشبه إلى كلا والديه معًا.
رأي الإسلام في مدى شبه الجنين لوالديه
من الطبيعي أن يكون الطفل قريب الشبه من حيث الشكل والطباع إلى والديه، ولا يمكن كما سلف وذكرنا أن نحدد وقتًا أو ظرفًا محددًا بعينه يمكن القول فيه بأن الطفل هنا يجب أن يشبه والده أكثر من أمه أو العكس.
يدعي البعض أن النبي صلى الله عليه وسلم سبق وأخبر وأوضح بأن هناك حالة واحدة يكون فيها الطفل إما شبيهًا إلى والده أكثر أو شبيهًا لأمه، إلا أن هذا غير صحيح بالمرة ولقد فسر هؤلاء الحديث حسب هواهم ليثبتوا لأنفسهم صحة ادعائهم.
“عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سَمِعَ عبدُ اللَّهِ بنُ سَلَامٍ، بقُدُومِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهْوَ في أرْضٍ يَخْتَرِفُ، فأتَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: إنِّي سَائِلُكَ عن ثَلَاثٍ لا يَعْلَمُهُنَّ إلَّا نَبِيٌّ: فَما أوَّلُ أشْرَاطِ السَّاعَةِ؟ وما أوَّلُ طَعَامِ أهْلِ الجَنَّةِ؟ وما يَنْزِعُ الوَلَدُ إلى أبِيهِ أوْ إلى أُمِّهِ؟ قالَ: أخْبَرَنِي بهِنَّ جِبْرِيلُ آنِفًا قالَ: جِبْرِيلُ؟: قالَ: نَعَمْ، قالَ: ذَاكَ عَدُوُّ اليَهُودِ مِنَ المَلَائِكَةِ، فَقَرَأَ هذِه الآيَةَ: {مَن كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فإنَّه نَزَّلَهُ علَى قَلْبِكَ بإذْنِ اللَّهِ}. أمَّا أوَّلُ أشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ المَشْرِقِ إلى المَغْرِبِ، وأَمَّا أوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أهْلُ الجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ، وإذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ المَرْأَةِ نَزَعَ الوَلَدَ، وإذَا سَبَقَ مَاءُ المَرْأَةِ نَزَعَتْ، قالَ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَشْهَدُ أنَّكَ رَسولُ اللَّهِ، يا رَسولَ اللَّهِ”
رواه أنس بن مالك، وحدثه البخاري، المصدر: صحيح البخاري، حكم الحديث: صحيح قوي الإسناد.
إن شرح هذا الحديث باختصار أن أحد الأشخاص الغير مسلمين أتى للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان يريد أن يتأكد من صدق نبوة محمد، فسأله عن ثلاثة أسئلة لا يعرف إجابتها إلا نبي فقط.
من بين تلك الأسئلة الثلاثة وهو محور حديثنا في هذا الموضوع، هو ما الذي يجعل الطفل يشبه أباه أو أبويه عامة، ولم يقصد بالمرة هنا متى يشبه الجنين أمه ومتى يشبه أباه، بل يسأل ما السبب وراء كون الابن يكون شبيهًا من حيث الشكل لأبويه.
أجابه النبي عن ذلك بقوله إن الرجل عندما يجامع زوجته فيسبقها بمائه يكون الشبه الأول له، أما إذا كان ماؤها هو الذي سبق، فإن الطفل يكون شبيهًا لها ولأخواله.
هذا هو الأمر مشترك هنا في خلق الله للجنين، لأن لماء الرجل وماء المرأة صفات وخصائص متباينة كل التباين عن الآخر، والشبه في النهاية يكون مقتسمًا بين الأب والأم لأن الطفل يحمل صفات من كليهما.
ضرورة زيادة الوعي وإنكار الخرافات
لقد انتشرت الكثير من المعتقدات الواهية التي تخص الحمل والإنجاب، مثل أن الطفل الأول يكون شبيهًا بأبوه أما الثاني فيشبه أمه، والمرأة التي تحمل في توأم مرة تحمل في توأم كل مرة، وأن الرجل ذو الشهوة الجنسية المرتفعة هو الأكثر إنجابًا للذكور، وغيرها من الترهات والبدع التي لا أساس لها من الصحة.
يجب علينا جميعًا أن نزرع في نفوس وعقول أبنائنا الوعي منذ طفولتهم، وخاصةً في تلك الأشياء التي تتعلق بأشكال الآخرين، موضحين أن كل تلك الأمور تحدث بأمر من الله فقط ويحدثها في خلقه لحكمة عنده لم يدركها البشر بعد.
كما ولا يصح للأشخاص التصديق والأخذ بكل ما هو متداول من معتقدات وعادات وتقاليد وأقاويل متوارثة عن الأجيال السابقة، فإن كثيرًا من هذه المعتقدات تؤدي إلى هدم البيوت وتدمير العلاقات الزوجية وإفساد الحياة المعيشية إذا أخذنا وعملنا بها، فهذا لا يليق بالإنسان لما عرف به من عقل ولا يليق بالمسلم وهو يتنعم بنعمة الإسلام.
لابد وأن يطلع الأزواج جميعهم على المقالات والدراسات العلمية، التي تتناول مثل هذه الأمور وينظروا فيها من الناحية العلمية أو التطبيقية، ثم يتبينوا منها عن طريق الدين والاطلاع على مبادئه وأحكامه وتعاليمه العظيمة، التي تنكر الجهل والرجعية والتأخر والإيمان بكل ما يصل إلى الأذهان أو الأسماع من دون تفكير أو إعمال للعقل.
بعد الإجابة عن سؤال متى يشبه الجنين أمه ومتى يشبه أباه، يمكننا ملاحظة أنه مهما تطور العلم فإن له حدود لا يمكنه أبدًا تخطيها، فإن كان بمقدوره معرفة نوع الجنين، سيبقى الله وحده هو الأعلم ببواطن الأمور التي عجز عن فهمها.