هل البكاء على الميت حرام؟ وهل يسبب ألم للميت؟ اختلف العلماء حول مدى حرمانية البكاء على الميت من جوازه، ومع انتشار هذه الظاهرة فتطلب الأمر توضيح إجابة واضحة على هذا السؤال، وذلك حتى يتم الابتعاد عنها إن كانت محرمة.
لذا من خلال هذا الموضوع الذي سيعرضه لكم موقع البلد سنتعرف سويًا على إجابة سؤال هل البكاء على الميت حرام بشيءٍ من التفصيل.
هل البكاء على الميت حرام
يعتبر البكاء هو التعبير الوحيد عن مشاعر الفقد والحزن التي يمر بها الفرد حين موت أحد أحبائه أو والديه أو حتى أصحابه وهو ما يجعلهم يفكرون في نفس اللحظة هل البكاء على الميت حرام حتى لا يكونوا سبب في أذيته وتعذيبه كما يقول البعض.
إن حكم البكاء على الميت في الشرع جائز وليس له علاقة بتعذيب الميت بل هو محبب لتفريغ الشحنة السلبية وكمية الحزن التي يشعر بها أهل وأقارب المتوفى في حالة كان بدون صوت أو نواح، وهو ما يجعل من البكاء ذو النواح فقط هو الغير جائز.
حكم البكاء على الميت
قد أشادت دار الإفتاء في الإجابة عن سؤال هل البكاء على الميت حرام بأن البكاء على الميت جائز وهو أمر خارج إرادة أهل الميت وأحبائه وأولاده شرط أن يكون هذا البكاء دون نواح أو صراخ.
ففي حديث صحيح عن أسامة بن زيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “هذِهِ رَحْمَةٌ يجعلُها اللهُ في قلُوبِ مَنْ يشاءُ مِنْ عبادِهِ، وإِنَّما يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عبادِهِ الرُّحَماءُ“.
إن البكاء على الميت يعتبر صفة رحمة وضعها الله في قلوب الرحماء ولا علاقة له بقلة الصبر أو الجزع ورفض القضاء والقدر فالموت هو سنة الحياة ولله ما أعطى ولله ما أخذ لكنه فقط الفقد والتعلق الذي هو من صفة البشر يجعل من الصعب فراق الأحبة أو الآباء.
كما أن الحزن لفراق الميت ليس حرام أو كفر والعياذ بالله فقد ذكر عن الرسول عليه الصلاة والسلام كذلك بكائه في موت خديجة رضي الله عنها وشدة حزنه إلى أن أطلق على هذا العام “عام الحزن” كما أنه في السيرة النبوية بوفاة ابن الرسول إبراهيم قد دمعت عين النبي.
حيث ذكر عنه محمود بن لبيد الأنصاري في حديث صحيح أنه عليه الصلاة والسلام قال: “إنما أنا بشرٌ، تدمعُ العينُ، ويخشعُ القلبُ، ولا نقولُ ما يُسخِطُ الرَّبَّ، واللهِ يا إبراهيمُ إنا بك لمحزونون“.
صفة الله عز وجل هي الرحمة فليس من الطبيعي أن يتحدث بعض الناس لقلوب يفطرها الحزن ويقلقها الفقد في تلك الحياة بأن يتوقفوا عن البكاء لأنه حرام ويعذب الميت فكيف ورب الكون هو الرحيم، لذا يجب العلم أن إجابة سؤال هل البكاء يعذب الميت هي النفي.
حكم البكاء بصراخ على الميت
إن البكاء على الميت قبل الدفن أو عند القبر وحتى بعد موته هو حرام شرعًا وغير جائز، حيث إنه تم ذكر تحريم الصراخ على الميت أو أن تقوم المرأة بقطع ثيابها أو القيام بالأفعال المتعارف عليها تلك الأيام من شد الشعر أو حتى الكلام بما هو ليس مستحب بنواح.
كل تلك الأفعال حرمها الله ورسوله عليه الصلاة والسلام حيث إنه تم ذكر هذا الأمر في السيرة النبوية فقال أبو موسى الأشعري عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: “أَنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ بَرِئَ منه رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ والحَالِقَةِ والشَّاقَّةِ”.
حقيقة عذاب الميت بالبكاء عليه
بعد العلم بحكم الشرع في سؤال هل البكاء على الميت حرام تأتي الإجابة عن هل يعذب الميت ببكاء أهله عليه، والإجابة هي نعم أن الميت من الممكن أن يتعذب في قبره عند نواح الأشخاص عليه والبكاء بصوت عالي والنحيب فذلك حرمه الله ورسوله عليه الصلاة والسلام.
قد تم ذكر حديث بخصوص هل البكاء على الميت حرام في السيرة النبوية فعن عمر بن الخطاب أن نبينا محمد عليه الصلاة والسلام قال في حديث صحيح: “الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ في قَبْرِهِ بما نِيحَ عليه“ وهو ما يتوافق مع تحريم الشرع للبكاء على الميت بصوت وصراخ ونواح.
كما أن الإسلام قد حرم كذلك اللطم على الوجه بعد وفاة أحد الأشخاص والبكاء عليه بنحيب ونواح حيث ذكر عن عبد الله بن مسعود أن نبينا محمد عليه الصلاة والسلام قال في حديث صحيح: “ليسَ مِنَّا مَن ضَرَبَ الخُدُودَ، أوْ شَقَّ الجُيُوبَ، أوْ دَعا بدَعْوَى الجاهِلِيَّةِ“.
قد اختلف العلماء على تعذيب الميت في قبره بسبب الفعل الشنيع من غيره من الأحياء حيث إن الله تعالى ذكر في كتابه الكريم في سورة فاطر بالآية رقم 18 (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ).
فاتفق جمهور العلماء أن البكاء بنواح على الميت غير ضار به من شيء في حالة أنه أوصى قبل مماته بعدم فعل ذلك وبحالة اتبع الأهل وصيته أم لا فيقع الذنب من عليه.
كما ذهب رأي بعض الفقهاء في أمر هل البكاء على الميت حرام ويعذبه بأن تعذيب الميت ببكاء الأحياء عليه قد يعني تألمه لسماعه ذلك وحزنه عليهم، وليس ذلك معناه أن الله يعاقبه على فعل غيره من الناس.
حيث إن العذاب كلمة أعم وأشمل من العقاب، وعلى كل حال ينبغي اتباع السنة النبوية والبعد عن الأفعال التي حرمها الله للاطمئنان على موتانا.
حكم البكاء على الميت في المقابر
في حالة السؤال عن هل البكاء على الميت حرام في المقابر فالإجابة تتوقف على نوعية البكاء فإن حكم النواح والبكاء وقول ما لا يرضي الله محرم عند المقابر كما هو محرم في المنزل ولا ينبغي اللطم أو قطع الملابس.
بينما زيارة المقابر قد أحلها الله تم ذكر ذلك في سنة رسوله عليه الصلاة والسلام بأن زيارة السيدات والرجال للميت في المقابر جائزة لكنه في حالة شعرت المرأة أنها ستتسبب في السوء للميت أو ستنهار في البكاء والحرقة عليه لا يجوز لها الذهاب.
قد تم ذكر حكم زيارة الميت في المقابر في السنة النبوية حيث تم الذكر عن أبو موسى الأشعري أن نبينا محمد عليه الصلاة والسلام قال في حديث صحيح: “نَهَيْتُكُمْ عن زِيارَةِ القُبُورِ فَزُورُوها“ حيث إنها تذكر الإنسان بآخرته وتمنعه عن التمادي في الفعل المحرم بالدنيا.
كما لزيارة القبور من وقع جيد في نفس الإنسان فإن لها من خير للميت حيث إنه يشعر بآخر قدم ذهبت من عند قبره ويسمع الدعاء ويسلم على من قام بزيارته حيث تم ذكر ذلك في حديث عن أنس بن مالك أن نبينا محمد عليه الصلاة والسلام قال: “إنَّ العبدَ إذا وُضِعَ في قبرِهِ وتولَّى عنهُ أصحابُهُ إنَّهُ ليَسمعُ قرعَ نعالِهِم“.
هل يعتبر البكاء على الميت جزع
إن الموت هو مصيبة كبرى من مصائب الدنيا التي يتعرض لها الأشخاص وقد أجاز الله الحزن برحمته على البشر كما أنه أجاز البكاء كذلك دون أن يصاحبه نواح أو صراخ، لذا فإن تساءلت عن هل البكاء على الميت حرام ويعتبر علامة على ضعف إيمان المؤمن فهذا خاطئ.
إن الحزن لفقد البشر من الطبيعة الفطرية للبشر ولا علاقة له بعدم الرضا بقضاء الله فمن حق كل إنسان أن يشعر بالحزن والضيق كيفما يشاء مع ضرورة التحلي بالصبر وحجب اللسان عن قول ما لا يرضي الله من النواح والعبارات غير الجيدة.
قد ذكر الله عز وجل في كتابه الكريم طريقة الصبر والقول الذي يرضيه عند وقوع المصائب ألا وهو “إنا لله وإنا إليه راجعون” ويجازى الإنسان على صبره من الله خير وهوان الحزن في قلبه.
حيث قال تعالى في كتابه الكريم بسورة الزمر في الآية رقم 10: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) فالصبر على مصيبة الموت هو من أفضل الأعمال في الدنيا.
كما قد ذكر الله عز وجل في كتابه الكريم عن القول الواجب عند الوقوع بمصيبة في الحياة الدنيا مثل الموت بسورة البقرة في الآية رقم 156: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ).
إن الموت هو الحقيقة المصدق بها في تلك الدنيا وتعتبر الوفاة من أشد أنواع الفراق ألمًا وحزنًا للبشر والتي يصاحبها البكاء ويجعل الناس يتساءلون هل البكاء على الميت حرام وهو ليس محرم وجائز دون نواح أو قول ما لا يرضي الله على الميت أو على القدر.