متى سقط الاتحاد السوفيتي وأسباب انهياره؟ وما هي النتائج التي ترتبت على سقوط هذا الاتحاد؟ فقبل أن يزيد عن الثلاثة عقود توقف نبض الاتحاد السوفييتي وتم إعلان انهيار واحدٍ من أكبر مراكز القوى على مر العصور، وعبر موقع البلد سنُعرفكم على كافة المعلومات المرتبطة بهذا الاتحاد، متى سقط الاتحاد السوفيتي وأسباب انهياره؟ تُجيبكم سطورنا.
متى سقط الاتحاد السوفيتي وأسباب انهياره
في اليوم الأول من شهر يناير كانون الثاني لعام 1991 كان الاتحاد السوفييتي يُعد أكبر دول العالم مساحةً ونفوذًا، فكانت مساحة هذا الاتحاد تُمثل سُدس مساحة كوكب الأرض تقريبًا، حيث شغلت من اليابسة ما يزيد عن 22 مليون كيلومتر مُربع.
ضمت هذه المساحة عددًا مهولًا من البشر يقترب من بلوغ حاجز الـ 300 مليون نسمة، وهو نتاج أكثر من 100 جنسية مُختلفة، فكانت البلد الأكبر في المساحة والتعداد، ناهيك عن مئات آلاف الأسلحة النارية، المُدرعات والطائرات الحربية، وكُل ذلك تحت قُبةٍ من الأسلحة النووية فاق عددها عشرات الآلاف.
كما كان مجال نفوذ هذه الدولة لا يُصدق، فكان الكل يلهث وراء الاتحاد السوفييتي لنيال تحالفه، ولكن كما هو الحال مع الإمبراطورية القيصرية القديمة عُرف الاتحاد السوفييتي بكونه مُتعنتًا، طامعًا ومتغطرسًا، وكانت النهاية واحدة في واقع الأمر، فالإمبراطورية الروسية سقطت، والاتحاد السوفييتي لم يعد له وجود.
لا يُمكن الإجابة عن سؤال متى سقط الاتحاد السوفيتي وأسباب انهياره بشكلٍ مُباشر، فالأمر أكثر تعقيدًا من ذلك، فهذا الاتحاد الذي شغلت دوله سُدس مساحة اليابس في كوكب الأرض كُلِه تفكك في يوم السادس والعشرين من ديسمبر كانون الأول لعام 1991م، ولكن لا يُمكن الوصول إلى سبب واحد ومُباشر للانهيار الذي عانت منه السيادة السوفييتية.
ما يُمكننا بكُل تأكيد قوله في هذا الصدد هو أن يوم الانهيار هذا يُعد من أسعد الأيام التي حظيت بها القارة الأوروبية، فقد كان الاتحاد السوفيتي شوكةً في حلق الأوروبيين ضد التوسع، السيادة وغيرها من الأهداف الاستراتيجية، السياسية، اللوجستية وحتى المادية والاقتصادية.
قبل يومٍ واحدٍ من التفكك الرسمي والنهائي للاتحاد السوفييتي قام آخر رئيس للاتحاد السوفييتي وأكثرهم تخليدًا في التاريخ ميخائيل غورباتشوف بإعلان استقالته من منصب رئاسة الاتحاد عبر خطابٍ قام بتوجيهه لشعبه عبر التليفزيون الرسمي، وكان ذلك مُنعطفًا تاريخيًا غير ملامح كافة العصور التي تلته.
ما قبل الانهيار
في إطار سرد المعلومات التي توضح الإجابة بأكثر شكل دقيق مُمكن على سؤال متى سقط الاتحاد السوفيتي وأسباب انهياره علينا أن نعود بالزمن قليلًا، وبالتحديد إلى يوم الحادي عشر من شهر مارس آذار لعام 1985م، ففي هذا اليوم تم بشكل رسمي تعيين ميخائيل غورباتشوف أمينًا عامًا للاتحاد السوفييتي.
كان السبب في ذلك هو ما يمتلكه الابن البار للحزب الشيوعي من أهدافٍ محلية على الصعيد الاقتصادي، وذلك لتنشيط الاقتصاد السوفييتي الذي كان يلفظ أنفاسه الأخيرة جراء ما عاناه الاتحاد من صرعاتٍ وحروب دامت لعقود.
سُرعان ما باءت مُحاولاته الأولية لتطبيق سياساته بالفشل الذريع، فسعى إلى الانفتاح العالمي وإعادة الهيكلة للمُنظمات والمُنشآت السوفييتية، وأرسى إثر ذلك العديد من السياسات الجديدة التي كان الهدف الانفتاحي منها تعزيز الحوار مع دول الجوار للخروج من دوامة النزاعات التي عانى منها طويلًا.
كما أن إعادة الهيكلة جاءت لتضع قوانين وسياسات لخلق ما هو أشبه بالسوق الحرة للصناعات، ولكنها كانت تحت إدارة الحكومة، وما قام به ميخائيل كان تخلي رسمي عن الفكر الشيوعي وفكرة نهضته التي تُمثل الحلم الأكبر للاتحاد، مما أثار موجة غضب عارمة من أجهزة الاتحاد كافة.
إعادة الهيكلة التي قام بها الرئيس السوفييتي أظهرت أسوأ النتائج والأنظمة الرأسمالية والشيوعية التي عرفها التاريخ، فكان هذا النظام مُفككًا، ونتيجةً للهجوم البالغ الذي لاقته هذه الأنظمة من قبل وسائل الإعلام والرأي العام تركت العديد من الهياكل البيروقراطية مكانها، مما أتاح الفرصة للمسؤولين الشيوعيين للتراجع عن السياسات الجديدة التي لم تصب في مصلحتهم.
لم يرى الشعب هذه الاستراتيجية إلا تخلي عن عقيدة بريجنف، وهو ما يراه المؤرخون من الأسباب التي عجلت في انهيار الاتحاد السوفييتي وزواله.
ثورة استقلال دول الاتحاد السوفييتي
وجدت العديد من الدول التي كانت خاضعةً لعقود طويلة للحُكم السوفييتي ضالتها في فُرصةٍ للهرب من هذه القبضة، فالصراعات الداخلية للاتحاد صبت في صالحهم، وما زاد الطين بلة هي حالة الزعزعة التي كان يقوم بها المسؤولون والشعب الاتحادي على حدٍ سواء اعتراضًا على سياسية ميخائيل.
بشكلٍ رسمي فتح الرئيس الأخير للاتحاد السوفييتي أبواب الجحيم على مصراعيها في وجهه، فبحلول نهاية عام 1989م قامت المجر بطرق المسمار الأول في نعش الاتحاد السوفييتي المُتهالك، وذلك عندما قامت بتفكيك السياج الحدودي الكهربائي الحاجز بينها وبين النمسا.
أشعلت هذه الحركة لهيب الثورة الاستقلالية التي انتشرت كالنار في الهشيم بين باقي دول الاتحاد السوفييتي، فحركة التضامن وصلت إلى بولندا ودول البلطيق التي اتخذ كل منها خطوات صريحة ورسمية نحو الحصول على حريتها واستقلالها.
كما شكل سقوط جدار برلين ليفتح الأبواب للمُهاجرين ضربة قوية للاتحاد الذي بدأ في السقوط شيئًا فشيئًا، وكانت الضربة الأقوى التي بشرت ومهدت بزوال الاتحاد عن بكرة أبيه هي سقوط الستار الحديدي، وهو من أعتى الاستراتيجيات التي كان يقوم بها السوفييتيون لعزل بلادهم عن أوروبا وخاصة الوسطى منها.
السقوط الاقتصادي أنهى آمال البقاء
في إطار التطرق إلى الإجابة عن سؤال متى سقط الاتحاد السوفيتي وأسباب انهياره علينا ذكر الجانب الاقتصادي، فهو الجانب الذي تُبنى عليه الدول وتُهدم الإمبراطوريات، وتقول مصادر عِدة إنه في عام 1990 كان الاتحاد السوفييتي يُعتبر صاحب ثاني أقوى اقتصاد في العالم.
لكن كان النقص في السلع الاستهلاكية الأساسية أمرًا شائًعا وسائدًا حينها، فكان التُجار يكتنزون السلع، ما جعل مبيعات السوق السوداء السوفييتية تبلغ أرقامًا غير مسبوقة لتُعادل ما يتراوح من 10-20% من الناتج المحلي.
أدى ذلك إلى ركود أضعف البلاد لعقودٍ بعدها، وفي محاولة الإصلاحات التي حملت اسم إعادة هيكلة القوانين قامت الحكومة بطباعة أوراق نقدية في محاولة بائسة لدعم الأجور، فلم يتسبب ذلك إلى في زيادة الفجوة التضخمية للاتحاد السوفييتي، وسوء التعامل مع الأزمات جعل الاقتصاد الشيوعي يتأثر بعوامل خارجية لأول مرة في تاريخه.
فانخفاض سعر برميل النفط من 120 دولار أمريكي في عام 1980 حتى وصل إلى 24 دولار فقط في 1986 كان بمثابة قطع شريان الإمداد الأول للحكومة ماديًا، وذلك على الرغم من ارتفاع سعره فيما بعد بشكل مؤقت في أعقاب الغزو العراقي للكويت، ولكن لم يُفد ذلك الاتحاد الذي تداعى بالفعل.
كثرت على إثر تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية في الاتحاد السوفييتي المُظاهرات في كافة البُلدان التي مثلت الاتحاد، وكان التمرد في بلاد القوقاز أكثر ما عانت منه الحكومة السوفييتية، وقد بلغت هذه المُظاهرات في العاصمة الأرمينية بريفان أقصى مستوياتها عندما وصل عدد المُتظاهرين إلى مليون مُتظاهر.
كما خرجت العديد من المُظاهرات في تبليسي عاصمة جورجيا مُطالبة باستقلالها وعدم سيادة إستونيا، واستمر الأمر حتى تم الإعلان عن استقلال كافة دول الاتحاد السوفييتي وإعلانها دول مُستقلة السيادة، وانقسم الاتحاد السوفييتي إلى خمسة عشر دولة في 19 أغسطس 1991 واشتملت على جمهوريات البلطيق، الأتراك، القوقاز والسلاف وهم الروس والأوكران.
في تمام الساعة 7:32 دقيقة بتوقيت موسكو ليوم السادس والعشرين من ديسمبر 1991 أُسدل الستار عن الاتحاد السوفييتي للأبد، بإنزال علمه ورفع علم روسيا الاتحادية على الكرملين.